تتجه الحكومة الموريتانية إلى تقليص وارداتها من المنتجات الفلاحية، في سياق إعلانها المضي قدما في استغلال كل مساحات أراضيها القابلة للزراعة بالمناطق المطرية والواحاتية على أمل تحقيق البلاد الاكتفاء الذاتي في عدد من المواد. وحددت الحكومة الموريتانية عبر إصدار ألزمت بموجبه ولاة الولايات باتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لاستغلال المساحات القابلة الزراعية، وعليه فثماني مواد من المنتجات الفلاحية ستسعى البلاد إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي منها، وعلى رأسها الخضر، في وقت ما تزال فيه سوق نواكشط تعتمد بشكل أساسي على وارداتها من الخضر المغربية.
وتستورد موريتانيا من المغرب ما يقارب 660 ألف طن سنويا من مختلف السلع، تشكل الخضر والفواكه نسبة مهمة منها، كما أن موريتانيا هي بوابة المنتوجات الفلاحية المغربية نحو السوق الإفريقية.
في السياق، أكد الوزير الأول الموريتاني، محمد ولد بلال، أن بلاده تتوفر على المقدرات والإرادة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في هذه المواد، محددا المواد الثماني الأولى التي تسعى الحكومة لتحقيق الاكتفاء الذاتي فيها، وهي الأرز، والقمح، والخضروات، والتمور، واللحوم الحمراء والبيضاء، والسمك ومشتقاته، مشيرا إلى أنه تم التواصل مع القطاع الخاص بخصوص هذه الخطة، وسيدعم الحكومة في هذا المجال.
وبهذا تكون موريتانيا، قد أرسلت إشارات ضمنية حول تخليها عن الخضر المغربية، إذد سبق أن قررت قبل سنة، وقف استيراد مادة الجزر، والسماح باستيراد فقط، حمولة شاحنتين، يوميا، من الطماطم، لا تتجاوز كل منهما 30 طنا بدافع تشجيع المنتوج الوطني من الخضر، إلا أن القرار تم التراجع عنه بشكل سريع، بسبب احتجاجات التجار، وقلة الإنتاج المحلي.
قرار الحكومة الموريتانية، يأتي كذلك بعد معاناة الأسواق المحلية من خصاص كبير في المواد الغذائية ومن تضخم في الأسعار تراوح ما بين 300 و600 في المائة ما بين أكتوبر ونونبر من العام الماضي، وذلك بعد قيام مناصرين لجبهة "البوليساريو" بقطع المعبر الحدودي الرابط بين المغرب وموريتانيا على مستوى المنطقة العازلة في الكركارات، ما أدى آنذاك إلى وقف تدفق الشاحنات المغربية، قبل أن ينجح التدخل الميداني للقوات المسلحة الملكية في إعادة فتح المعبر يوم 13 نونبر 2020.
ورغم التأثير المطروح على موردي المواد الغذائية الفلاحية جراء القرار الموريتاني الملغى، إلا أن التأثير الإجمالي على الصادرات المغربية يبقى محدودا بالنظر لأن المواد الغذائية إجمالا، الفلاحية منها والمصنعة، لا تمثل سوى 13 في المائة من إجمالي الصادرات الموجهة لموريتانيا، وفق أرقام كشفت عنها السفارة المغربية في نواكشوط في دجنبر 2020، علما أن الرباط تحتكر أكثر من 50 في المائة من إجمالي الصادرات الإفريقية نحو هذا البلد.
ووفق أرقام إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، تظل النسبة الأكبر من المنتجات التي تمر من الطريق البري في الكركرات نحو موريتانيا هي تلك التي تكمل طريقها نحو باقي بلدان منطقة غرب إفريقيا، علما أن الحجم الإجمالي لهذه الصادرات وصل إلى 66,67 مليار طن سنة 2019.