لم يطٌل القرار المفاجئ للحكومة الموريتانية، الصادر أواخر الشهر الماضي، والقاضي بمنع استيراد مجموعة من الخضروات القادمة بالأساس من المغرب أو تقليص كمياتها، (لم يطل) كثيرا بعدما عانت أسواق البلاد من شح في التموين وارتفاع في الأسعار تزامنا مع اقتراب شهر رمضان، ما دفعها إلى التراجع عنه رسميا أمس الخميس. ووفق ما جاء في مراسلة من وزيرة التجارة والصناعة والسياحة الموريتانية، موجهة إلى وزير المالية، فقد تقرر إلغاء جميع الإجراءات الحمائية المتخذة "بدافع تشجيع المنتوج الوطني من الخضار"، وطالبت المراسلة من مصالح المالية التوقف عن تنفيذ الإجراءات المعلن عنها يوم 30 مارس 2021، وبالتالي التوقف عن إعاقة توريد الجزر والطماطم إلى الأسواق الموريتانية، وفق منطوق الوثيقة. وكانت الحكومة الموريتانية قد قررت منع المستوردين المحليين من جلب الجزر بشكل نهائي، إلى جانب تحديد الكمية اليومية المسموح بولوجها أسواق البلاد من الطماطم في 30 طنا يوميا تدخلُ البلاد خلال 5 أيام في الأسبوع ما بين الأربعاء والأحد، الأمر الذي استهدف بالأساس الصادرات المغربية التي تغطي ما بين 70 و80 في المائة من المواد الغذائية التي تحتاجها موريتانيا. مراسلة من وزيرة التجارة والصناعة والسياحة الموريتانية وأتى قرار الحكومة الموريتانية بعد معاناة الأسواق المحلية من خصاص كبير في المواد الغذائية ومن تضخم في الأسعار تراوح ما بين 300 و600 في المائة ما بين أكتوبر ونونبر من العام الماضي، وذلك بعد قيام مناصرين لجبهة "البوليساريو" الانفصالية بقطع المعبر الحدودي الرابط بين المغرب وموريتانيا على مستوى المنطقة العازلة في الكركارات، ما أدى آنذاك إلى وقف تدفق الشاحنات المغربية، قبل أن ينجح التدخل الميداني للقوات المسلحة الملكية في إعادة فتح المعبر يوم 13 نونبر 2020. ورغم التأثير المطروح على موردي المواد الغذائية الفلاحية جراء القرار الموريتاني الملغى، إلا أن التأثير الإجمالي على الصادرات المغربية يبقى محدودا بالنظر لأن المواد الغذائية إجمالا، الفلاحية منها والمصنعة، لا تمثل سوى 13 في المائة من إجمالي الصادرات الموجهة لموريتانيا، وفق أرقام كشفت عنها السفارة المغربية في نواكشوط في دجنبر 2020، علما أن الرباط تحتكر أكثر من 50 في المائة من إجمالي الصادرات الإفريقية نحو هذا البلد. وتظل النسبة الأكبر من المنتجات التي تمر من الطريق البري في الكركارات نحو موريتانيا هي تلك التي تكمل طريقها نحو باقي بلدان منطقة غرب إفريقيا، علما أن الحجم الإجمالي لهذه الصادرات وصل إلى 66,67 مليار طن سنة 2019 حسب أرقام إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، وهو ما كان أحد دوافع المغرب لاستثمار 10 مليارات درهم في إنشاء ميناء تجاري كبير في مدينة الداخلة لضمان وصول 70 في المائة من تلك البضائع عبر البحر عوض الطريق البري.