شرع المغرب منذ مدة في نهج سياسة دينامية لتزويد المغرب ببنية تحتية مائية مهمة وتحسين الولوج إلى الماء الصالح للشرب، وتلبية حاجيات الصناعات والسياحة وتطوير السقي على نطاق واسع. وقد مكنت هذه الجهود من تطوير خبرة عالية تعد مرجعا عالميا في مجال إدارة وتدبير الموارد المائية، وقد كان من وراء هذا النجاح سياسة التحكم في الموارد المائية عن طريق تعبئتها وذلك من خلال إنشاء منشآت كبرى لتخزين المياه ونقلها من مناطق الوفرة إلى أماكن الاستعمال.
النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي في مداخلة قدمتها خلال اليوم الدراسي حول "السياسة المائية بالمغرب: التحديات والآفاق" الذي نظمتها لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، أكدت أن سياسة التخطيط مكنت على المدى البعيد التي أطلقت مع بداية الثمانينات متخذي القرار من تدبير استباقي لندرة المياه.
مقابل ذلك نبهت الفتحاوي إلى أن الاستراتيجيات المستقبلية تبقى غير دقيقة نظرا للتغيرات المناخية. بين سنتي 1990 و2000 انخفضت حصة كل فرد من الماء من 1200 متر مكعب في السنة إلى 950 متر مكعب، وتشير التوقعات أن هذا الرقم سينخفض إلى 632 متر مكعب في السنة (منظمة اليونيسكو) وهذا الرقم يقارب عتبة أزمة الماء التي تقدر ب 500 متر مكعب لكل ساكن في السنة.
وأشارت إلى أن المغرب يتوفر على موارد مائية نسبيا مهمة، ويصل حجم المياه المستغلة إلى حوالي 21 مليار متر مكعب، 16 مليار متر مكعب منها سطحية والباقي عبارة عن مياه جوفية.
فيما دعت في مداخلتها أصحاب الضيعات الكبرى لترشيد استعمال الماء والاعتماد على تقنيات حديثة للسقي لأن القطاع الفلاحي يستهلك لوحده 80 في المئة من المياه، مع إنشاء المرصد الوطني للماء، فضلا عن تشجيع مؤسسات البحث العلمي المتعلقة بموضوع الماء.
بالإضافة إلى تطوير الكفاءات التقنية والبحث العلمي، فضلا عن الإطار التشريعي الملائم المصحوب بترسانة قانونية مهمة مما مكَّن من تطوير السقي على نطاق واسع وتزويد السكان بالماء الصالح للشرب والحماية من الفيضانات وإنتاج الطاقة الكهرومائية.
الإكراهات والتحديات
النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي شددت على أنه بالرغم من المنجزات التي حققتها البلاد في قطاع الماء، فإن هذا القطاع مازال يواجه عدة إكراهات تتمثل في انخفاض الواردات المائية، وتوالي سنوات الجفاف نتيجة التغيرات المناخية، مقابل ارتفاع الطلب والاستغلال المفرط للمياه الجوفية بالإضافة إلى ضعف تثمين المياه المعبأة، وضعف استغلال المياه العادمة.
واستشهدت بتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي أكد أن أربعة أخماس موارد البلاد من المياه قد تختفي على مدار ال 25 عاماً المقبلة، ولابد من التوقف عند هذا الرقم لما يمثله من مخاطر على السلم الاجتماعي بسبب شح المياه ونقص التساقطات.
كما أنه في مجال التجهيزات المائية المخصصة لتعبئة الموارد المائية، يتوفر المغرب حاليا على139 سدا كبيرا بسعة تخزينية تفوق 17.6 مليار م3 وآلاف الآبار والأثقاب لتعبئة المياه الجوفية.
فيما تمثل المياه الجوفية حوالي 20 بالمئة من الموارد المائية التي يتوفر عليها المغرب، إذ يقدر متوسط التساقطات في منطقة سوس-ماسة ب 300 ملم سنويا، لكن بالكاد نصل في السنوات الأخيرة الى 70 ملم، بينما تتجاوز 800 ملم في مناطق الشمال.
كما أن كميات المياه السطحية الجارية في حوض سوس- ماسة تقدر ب 135 مليون م3 من أصل 731 مليون م3، أي بنسبة % 18,46. بينما تقدر الموارد المائية السطحية بمجموع التراب الوطني في السنة المتوسطة ب18 مليار م3 وتتراوح حسب السنوات من 5 مليار م3 إلى 50 مليار م3.
ويعتبر المغرب من بين أضعف الدول من حيث الموارد المائية في العالم، إذ تقدر الموارد المائية بالمغرب ب 22 مليار م3 في السنة، أي ما يعادل 700 م3/ نسمة/ سنة، فيما تعد الموارد المائية بالمغرب من بين أضعف الموارد في العالم، حيث يعد من بين البلدان التي تتوفر فيها أقل نسبة من الماء لكل نسمة، وفق بيانات رسمية لوزارة التجهيز والماء، وتقدر الموارد المائية في المغرب ب 22 مليار متر مكعب في السنة.
وفي مقترحات لإيجاد حلول حول إشكاليات السياسة المائية، أكدت نعيمة الفتحاوي أن المغرب يتوفر على إمكانيات حقيقية للحفاظ على الموارد المائية تتجلى في إطلاق برامج ترشيد استعمال المياه، وإعادة جرد الموارد المتوفرة وتقييم إمكانياتها، مع مراجعة كيفية توزيع الثروات المائية وتصريفها، ومواكبة التشريع وتفاعله السريع مع السياسة المائية.
وأوضحت أن جوانب النقص ترتبط بالقانون رقم 10.95 المتعلق بالماء على الخصوص بالفراغ القانوني فيما يخص تحلية مياه البحر وضعف المقتضيات المنظمة لاستعمال المياه المستعملة وتثمين مياه الأمطار الشيء الذي لا يمكن من إنجاز مشاريع التحلية واستعمال المياه المستعملة وتثمين مياه الأمطار بناء على إطار قانوني شامل وواضح.
وخلصت النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي إلى أن الماء مادة غير كافية مقارنة مع الحاجة المتزايدة والسريعة لها، بحيث تبين المؤشرات المستنتجة من دراسات أجريت في المغرب أن استغلال الماء سيبلغ أقصاه في حدود سنة 2013 ويعزى ذلك إلى النمو الديموغرافي المتزايد الذي يعرفه البلد.