خطر العطش يقترب شيئا فشيئا، بوادره ومعطياته واضحة لاتغفلها العين، فرغم الخطط الحكومية والسياسيات العمومية في هذا الإطار لم تحقق النتائج المرجوة وضيعت سنوات حتى تراكم المشكل وأضحى أبرز تحد يواجه المغرب سواء في الشعر سنوات الماضية أو العشرين سنة المقبلة، فالأرقام تؤكد دخول المغرب بقوة دائرة الدول المهددة بالعطش إذ بلغت نذرة المياه مستويات خطيرة وغير مسبوقة. وفي ظل الوضع الحالي المتأزم، حملت حكومة عزيز أخنوش، المسؤولية الكاملة للحكومة السابقة التي قادها حزب العدالة والتنمية، إذ اعتبرت أنه تم تسجيل تراخي كبير جدا في هذا المعطى وحل إشكالية الماء، حتى أضحت كلفته صعبة ومهددة للسلم الاجتماعي.
نذرة المياه، تؤكد الحكومة بخصوصها أن الخوف كل الخوف في المساهمة العكسية باتجاه انقطاع الماء على المواطنين، مايعني كارثة حقيقة قد تضرب الماء في حال لم يتم الحفاظ على الماء وفق مخططات محكمة تروم تقنين استعمال الماء.
واعترفت الحكومة على لسان الناطق الرسمي، مصطفى بايتاس، بالورطة التي وقع بها المغرب، جراء عدم نجاعة الاستراتيجيات الموضوعة سلفا في حل المشكل وتركه قائما وفي تفاقم مستمر، مؤكدا أنه "أن الاستراتيجية الموضوعة تعتبر طموحة ومهمة رصدت لها إمكانيات مالية مهمة، لكنها لم تحقق نتائج تذكر".
دليل مصطفى بايتاس الذي استند عيله خلال تصريحه إبان الندوة الصحافية التي أعقبت المجلس الحكومي، اليوم الخميس، أن الحلول لم تتضح فمازال الغموض يسود مشاريع تحلية مياه البحر ومحطات التصفية على غرار محطة الدارالبيضاء، التي لم تخرج إلى حيز الوجود، وبالتالي يقول بايتاس، "علينا أولا أن نتفاهم مع بعض الناس هل توجد المحطة حقا، لقد عاينوها هم وأنا لم أر شيئا بعد".
وتعد الموارد المائية بالمغرب من بين أضعف الموارد في العالم، حيث يعد من بين البلدان التي تتوفر فيها أقل نسبة من الماء لكل نسمة، وفق بيانات رسمية لوزارة التجهيز والماء، وتقدر الموارد المائية في المغرب ب22 مليار متر مكعب في السنة.
وتقدر الموارد المائية السطحية بمجموع التراب الوطني في السنة المتوسطة ب18 مليار متر مكعب، وتتراوح وفق السنوات من 5 مليارات متر مكعب إلى 50 مليار متر مكعب. وتمثل المياه الجوفية حوالي 20% من الموارد المائية التي تتوفر في المملكة، ويبلغ حاليا مخزون المياه الجوفية القابلة للاستغلال 4.2 مليارات متر مكعب في السنة. وفي المغرب حاليا 149 سدا كبيرا بسعة تخزينية تفوق 19 مليار متر مكعب وسدود متوسطة وصغيرة ومشاريع لتحلية مياه البحر في 9 محطات تعبئ 147 مليون متر مكعب في السنة، بالإضافة إلى آلاف الآبار والأثقاب لتعبئة المياه الجوفية.
بيد أن هذا الموسم المطبوع بالجفاف أثر على هذه الموارد المائية، فقد وصل المخزون المائي للسدود مثلا حتى الثاني من مارس/آذار الجاري حوالي 5.3 مليارات متر مكعب، أي ما يعادل 32.8% كنسبة ملء إجمالي مقابل 49.6% سجلت في نفس التاريخ من السنة الماضية.
ودق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في تقرير سابق ناققوس الخطر، من أن حالة ندرة المياه في المغرب مقلقة، لأن مواردها المائية تقدر حاليا بأقل من 650 مترا مكعبا للفرد سنويا، مقابل 2500 متر مكعب في سنة 1960، وستنخفض عن 500 متر مكعب بحلول سنة 2030. ما يعني تتسبب في اختفاء 80% من موارد المياه المتاحة في المملكة خلال ال25 سنة القادمة.