في الحرب وأيامها السوداء، يخرج الإنسان الأفضل والأسوء مافيه، خلالها تطل العنصرية برأسها، إذ باتت واضحة كعلامة فارقة لتبعات الحرب العسكرية التي تدور رحاها بين روسياوأوكرانيا، وما لذلك من أعراض جانبية تتجاوز النقاط السياسية أو المصالح الاستراتيجية لموسكو أو بروسكل إلى تداعيات تفاقم الأزمة الإنسانية. جنسيات تحت المجهر
أزمة إنسانية تتفاقم وتتصدر واجهات النقاش العالمي، إذ وثقت عدسات الكاميرا وتقارير صحفية أو مواقف سياسية معلنة، عما كان مستترا وأزاحت عنه ويلات الحرب الستار، بعد اللجوء إلى سياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع موجات النازحين الفارين من الصواريخ والدبابات إلى الحدود الأوكرانية البولندية أو على مستوى باقي الحدود البرية.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر حشودا من النازحين من أصول افريقية تقوم قوات الأمن الأوكرانية بصدهم ومنعهم من صعود القطار هربا من جحيم الحرب وليال من البرد القارس تحت درجات حرارة منخفضة تشل الحركة، علاوة عن المعاملة "اللاانسانية" وفق تصريحات مجموعة من الفارين، حيث اعتبروها أنها تكتسي صبغة عنصرية.
الأمر لم يقف عند حدود الصد والمنع بل تجاوزه إلى التعرض للضرب وتوجيه أسلحة أتوماتيكية عليهم بغاية منعهم من ركوب القطارات حتى يصعد الجميع من ذوي البشرة البيضاء، وذلك وفق ما نقلته صحيفة أورونيوز.
"اللامساواة" حتى في الحرب
المعاملة التي حظي بها الأفارقة في الحدود الأوكرانية البولندية، ارتداداتها تعدت الحدود البرية إلأى رداهات المؤسسات الدولية، إذ عبرت المبعوثة الخاصة لدى منظمة الصحة العالمية د.أيودي ألاكيجا عن غضبها جراء ما تعرض له الأفارقة من "عنصرية وعدم احترام".
وكتبت على صفحتها في توتير "الأفارقة السود يتعرضون للعنصرية والازدراء في أوكرانيا وبولندا، وإن الغرب لا يمكنه أن يطلب من إفريقيا الوقوف معه وقفة تضامن، إذا لم يبد أدنى احترام للأفارقة، حتى وإن كان الظرف يتعلق بالحرب" وأضافت قولها: "تجاهلونا زمن الجائحة وتركونا نموت زمن الحرب".
مغربي على القطار
كالنار في الهشيم تداول رواد مواقع الرسائط الاجتماعية فيديو لطالب مغربي يقف أمام بوابة القطار الذي يقل الطلبة الفارين من الحرب في اتجاه الحدود البرية لأوكرانيا بغاية اللجوء إلى إحدى الدول المجاورة.
وأظهر شريط الفيديو المذكور الطالب المغربي وهو يحمل "سلاح أبيض" يساعد به الطلبة المغاربة في الصعود على المتن القطار اولا قبل الجميع. وعن هذا قال المعني بالأمر في توضيح مفصل للحادث إن ماقام به لا يحمل أي نوع من العنصرية بل تدخل لحماية الطلبة والطالبات المغاربة بعدما تعرضوا لمضايقات ومنع من صعود القطار.
وأكد في فيديو على صفحته على "انستغرام" أن دفاعه كان جراء ما تعرضت له طالبة مغربية بعدما ألقي بها من القطار، قبل أن يشدد أنه بعدما صعد المغاربة ترك المجال للجميع للصعود ما ينفي بحسبه تهمة العنصرية.
وخلفت الواقعة ردود فعل متباينة بين من اعتبرها "حق طبيعي في العيش والدفاع عن أبناء البلد خاصة بعد تعرضهم للعنصرية"، وقول اخر يذهب في اتجاه أنه الحادثة سلوك مرفوض لاسيما وأن الجميع به غريزة البقاء فما كان عليه انتهاج هذا السلوك المشين".
يذكر أن أوكرانيا بها أعداد كبيرة من الطلبة من القارة الافريقية، ويتحدر معظمهم من المغرب ونيجيريا ومصر، ويقارب عددهم 16 ألف شخص وفق وزارة التربية الأوكرانية، وهم يدرسون الطب الهندسة والشؤون العسكرية.