يوم بيوم الصحراء في مجلس الأمن: 10 حجج نور الدين مفتاح نشر في 12 نوفمبر 2021 الساعة 12 و 14 دقيقة بالنسبة لمجلس الأمن اليوم، مسلسل التسوية السلمية قائم، وأسلوبه هو الموائد المستديرة، وليس هناك أي أخذ بعين الاعتبار لتحلل البوليساريو من اتفاق 1991، ولا أخذ بعين الاعتبار لأي تحلل للجزائر من حضور هذه الموائد التفاوضيّة بحيث تظل الجارة المشاكسة بالنسبة للأمم المتحدة طرفا قائم الذات، وإعلانها رفض الحضور للمفاوضات هو خروج لها عن الشرعية الدولية كما هو حال محضونتها البوليساريو التي تعتبر حالة الحرب المعلنة من طرفها خرقاً في منطوق قرار مجلس الأمن. نور الدين مفتاح [email protected] هناك قراءتان محتملتان لقرار مجلس الأمن 2602 الصادر في 29 أكتوبر بخصوص قضية الصحراء المغربية. الأولى هي أنه قرار عادي لا يدبج جديداً مبهراً، بل قد يجر نوعا من التساؤل حول بصمة الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء في قرار كتبت مسودته الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها! وهناك قراءة ثانية ترنو إلى أن هذا القرار الأممي بالضبط له طعم خاص، ووقع خاص، ومعنى سياسي مختلف. ومن البداية أصرح أنني مع القراءة الثانية للأسباب التالية: 1- الولاياتالمتحدةالأمريكية هي حاملة القلم في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، إلا أن هناك فرقا واضحاً بين مواقف الدول الخاصة مهما كان وزنها، وبين وضعها في المؤسسات الأممية. فلا ديكتاتورية في مجلس الأمن، والمغرب نفسه لم يقل إن اعتراف أي دولة بمغربية الصحراء هو بديل عن مسلسل التسوية الأممي. 2- إن الحرب مع البوليساريو ووراءها الجزائر لا توجد في الميدان عبر مناوشات ما بعد تحرير الكركرات، بل إنها حرب حامية الوطيس ديبلوماسيا واقتصاديا وقضائيا وقد استعملت فيها الجزائر والبوليساريو منذ سنوات «الاعتراف» كورقة مواجهة. ومن هذه الزاوية يجب أن ينظر إلى اعتراف الولاياتالمتحدة بمغربية الصحراء من حيث وزن الدولة الأولى في ميزان القوى العالمي. أمّا مجلس الأمن فله آلياته ومنطقه وصيرورته التي لا تفسد لمكسب الاعتراف الأمريكي قضية. 3- لا يمكن قراءة قرار مجلس الأمن الأخير خارج السياق الذي جاء فيه، وإلا ستكون القراءة متعسفة، وهذا السياق متسم بأمرين خطيرين وهما تحلل البوليساريو من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991، والتصعيد الجزائري غير المسبوق ضد المغرب الذي وصل إلى حد قطع العلاقات الديبلوماسية والتلويح بالمواجهة العسكرية. 4- لنفهم قوة ما جاء في قرار مجلس الأمن، يكفي الرجوع إلى رد الفعل الجزائري اتجاهه وهو يحبل بعنف غير مسبوق، حيث وصفته خارجية رمطان العمامرة ب: «الافتقار بشدة إلى المسؤولية والتبصر جراء الضغوط المؤسفة الممارسة من قبل بعض الأعضاء المؤثرين في المجلس» وب«القرار المتحيز الذي من شأنه تشجيع المواقف الابتزازية للدولة المحتلة – ولنلاحظ المصطلح المستعمل من طرف جزائر تدعي أنها محايدة، مع أن الاحتلال صفة غير واردة على الإطلاق في أدبيات الأممالمتحدة. 5- مرجعية قرار مجلس الأمن تعود في منطوقه إلى 2006، أي إنه بصريح العبارة يعتبر أن ما قبل هذا التاريخ، عندما كان مطروحا على الطاولة خيار الاستفتاء كصيغة لتقرير المصير، صفحة قد طويت لاستحالة إجراء هذا الاستحقاق. ولهذا نفهم لماذا عادت الجزائر في بيان خارجيتها إلى ضرورة الانطلاق من قرار مجلس الأمن 960 لسنة 1991. وهذه سوريالية لا تصدر إلا عن من أسكره الغضب وأعماه الحقد. 6- لقد أمن المغرب في 13 نونبر 2020 معبر الكركرات وبنى جدارا رمليا طوله 20 كلم، ويقول تقرير الأمين العام الذي سبق قرار مجلس الأمن: «إن الجيش الملكي المغربي عزز وجوده عبر مساحة تناهز 40 كلم مربعا من الأراضي في المنطقة العازلة» ولننتبه للمصطلحات وخصوصا «تعزيز الوجود». وبما أن تقرير مجلس الأمن صدر هذه السنة بنفس النبرة والمضمون الذي يدعو للحل السياسي المتوافق عليه، فإن الشرعية الأممية على ما قام به المغرب قد أعطيت لما سبق ولما قد يأتي في إطار دفاع المملكة عن نفسها. 7- على الرغم من أن مجلس الأمن أخذ علما من خلال تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بتحلل البوليساريو من وقف إطلاق النار، وبمناوشات قال الجيش المغربي إنها وصلت إلى 1099 حادث إطلاق نار من مسافة بعيدة، وأفادت البوليساريو باستهداف مواقع عسكرية مغربية من خلال بلاغات منتظمة، فإن لا شيء تغير في القرار الأممي ولا اعتراف بحالة حرب في الصحراء ولا إدانة مشتهاة من طرف الجزائر، بل إن خصوم المغرب الذين يتهمونه بخرق وقف إطلاق النار، صدموا قبل قرار مجلس الأمن بأن الذي خرق وقف إطلاق النار أولا هي البوليساريو ما بين 22 و29 أكتوبر 2020 – أي قبل عملية الكركرات – حيث قال تقرير الأمين العام: «رصدت المينورسو وجود 12 فردا مسلحا من أفراد الجبهة بالزي العسكري، وما يصل إلى ثماني مركبات خفيفة ذات طراز عسكري... وأبْلغَ ممثلي الخاص جبهة البوليساريو بأن نشر تلك العناصر يشكل مع ذلك انتهاكات للاتفاق العسكري رقم 1». 8- بالنسبة لمجلس الأمن اليوم، مسلسل التسوية السلمية قائم، وأسلوبه هو الموائد المستديرة، وليس هناك أي أخذ بعين الاعتبار لتحلل البوليساريو من اتفاق 1991، ولا أخذ بعين الاعتبار لأي تحلل للجزائر من حضور هذه الموائد التفاوضيّة بحيث تظل الجارة المشاكسة بالنسبة للأمم المتحدة طرفا قائم الذات، وإعلانها رفض الحضور للمفاوضات هو خروج لها عن الشرعية الدولية كما هو حال محضونتها البوليساريو التي تعتبر حالة الحرب المعلنة من طرفها خرقاً في منطوق قرار مجلس الأمن. 9- أعاد قرار مجلس الأمن التأكيد على أن خيار الحكم الذاتي هو الأرجح، وكان هذا دأبه منذ تقديم هذا المقترح في 2007 على الرغم من أن البوليساريو قدمت مقترحا مضادا، وهذا يعني في نهاية المطاف تغيير مهمة المينورسو حتى وإن ظل اسمها يحيل على مهمة طوتها السنون بفعل استحالة تطبيق الاستفتاء. وإذا كان هناك في الجزائر من قال إن «المخزن» يخدع المغاربة لأن «المينورسو» أصلا تعني (بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية) فإن الخداع الفاضح هو ما تفعله الجزائر التي تصدح بأن لا ناقة لها ولا جمل في الموضوع، والواقع أن لا جمال ولا نوق إلا جمالها ونوقها في الصحراء والبعثة احتفظت باسمها ولكن مضمون المهمة تغير إلى الأبد بمنطوق القرارات الأممية منذ 15 سنة بالتمام والكمال. 10- إن التمديد للمنورسو لمدة سنة كاملة هو رسالة قصمت ظهر البوليساريو والجزائر وجعلتهما يعيشان نكبة عبرا عنها بغضب في بلاغين هائجين، لأنهما كانا يعتقدان أن مجلس الأمن سيرفع يده عن الموضوع بدعوى الحرب، وأنه سيدين المغرب وأنه – في أحلامهم – قد يتحول إلى البند السابع ليؤدب المملكة بالقوة! والأنكى على خصوم وحدتنا الترابية أنهما أصبحا في عزلة قاتلة، فحتى أصدقاؤهم في مجلس الأمن، وفي أقصى حالة، امتنعوا عن التصويت وروسيا لم تستعمل حق الفيتو وانتهى الموضوع. عموما هذه 10 أسباب من ضمن أخرى تجعل المغرب محقا بإعلان انتصار ديبلوماسي آخر في المنتظم الأممي. واليوم، كل حرب محتلمة من طرف البوليساريو ووراءها الجزائر، هي كارثة إنسانية مدمرة، ولكنها إن فرضت علينا ستكون فرصة لاسترجاع كل تلك الأراضي الشاسعة التي تركها الحسن الثاني رحمه الله لتجنب الاحتكاك مع التراب الجزائري. وغدا من يدري، قد تجدنا إن شاء الله في بئر لحلو وتيفاريتي والميجك وأكوانيت وغيرهم، وتحية عالية للقوات المسلحة الملكية.