يبحث الرئيس الأمريكي جو بايدن تدشين "مرحلة جديدة" من مراحل الوجود العسكري في العراق، بحسب ما يتوقع مراقبون. وتضع هذه الخطوة نهاية رسمية للمهام القتالية للقوات الأمريكية في العراق، لكنها لا ترتقي إلى إعلان انسحاب هذه القوات بشكل كامل. ومن المقرر أن يلتقي بايدن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي اليوم الاثنين، على أن يكون وجود القوات الأمريكية في العراق محور الحديث في هذا اللقاء. ويواجه الكاظمي ضغوطا كبيرة من فصائل مسلحة عراقية موالية لإيران تطالب بانسحاب 2500 جندي أمريكي في العراق. لكن يبقى السؤال عما إذا كانت بغداد تمتلك ما يمكّنها من التصدي لفلول ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في البلاد، والذي لم يمض أسبوع على إعلانه المسؤولية عن عملية تفجير انتحارية في سوق ببغداد مما أودى بحياة 30 شخصا. ويأتي ذلك على الرغم من إعلان مسؤولين عراقيين قبل ثلاث سنوات القضاء على التنظيم الإرهابي. وقال مسؤول بارز في إدارة بايدن اليوم الاثنين: "نتحدث عن انتقال لمرحلة جديدة في الحملة التي أكملنا فيها بدرجة كبيرة جدا المهمة القتالية ضد تنظيم الدولة الإسلامية والتحوّل من ذلك إلى مهمة إشرافية وتدريبية بنهاية العام الجاري". وتوقع المسؤول الأمريكي "تعديلات إضافية" يمكن إدخالها بنهاية 2021. وأضاف المسؤول: "العراقيون يطالبون، ونحن جدا موافقون، أنهم بحاجة إلى مواصلة التدريب والدعم بمواد لوجستية ومعلومات مخابراتية، فضلا عن العمليات الاستشارية - والتي ستستمر جميعا". ولا يوجد على الأرض في الوقت الراهن قوات قتالية في العراق، حيث يكتفي الجيش الأمريكي بنشر عناصر استشارية وتدريبية. ولم يعطِ المسؤول الأمريكي أعدادا محددة لهذه العناصر، لكنه قال إن التغيير "ذو دلالة أعمق". شدّ وجذب Getty Images لا يزال هناك نحو 2500 جندي أمريكي في العراق كجزء من تحالف مضاد لتنظيم الدولة الإسلامية. وعلى رأس هذه القوات، توجد قوات خاصة إضافية بأعداد غير معلنة. ويشهد العراق بعد ثلاثة أشهر إجراء انتخابات تشريعية، ويسعى الكاظمي في ظل ذلك لاكتساب أرضية مع الفصائل القوية الموالية لإيران، والتي ترفض الوجود الأمريكي في العراق الذي يعاني ثالوث العنف، والفقر، والفساد. وتمثل القوات الأمريكية في العراق هدفا لهجمات متواترة من جانب ميليشيات موالية لإيران، والتي تواجه في المقابل انتقامات عسكرية تشنها واشنطن. وتعتبر واشنطن علاقاتها ببغداد استراتيجية، ومن غير المطروح في الولاياتالمتحدة ترك العراقلإيران في ظل تردي العلاقات بين طهرانوواشنطن رغم تلميح بايدن باستعداده للعودة إلى اتفاق إيران النووي. وفي ظل موقف الشد والجذب هذا يُستبعد أن يكون خفض واشنطن لقواتها في العراق كبيرا، بحسب ما يرى حمدي مالك من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى. أما رمزي مارديني، المتخصص في الشأن العراقي بجامعة شيكاغو، فيعتقد أن لقاء بايدن-الكاظمي ربما يتخذ منحى تجميليا؛ فيخفف الضغوط الداخلية الواقعة على كاهل رئيس الوزراء العراقي، دون أن يغير في شيءٍ الواقع على الأرض من حيث استمرار وجود القوات الأمريكية. لكن أكثر ما يخشاه المراقبون مع ذلك هو استمرار، إنْ لم يكن تكثيف، الهجمات التي تشنها فصائل موالية لإيران. وتعرضت يوم الجمعة قاعدة عكسرية في كردستان العراق تضم قوات أمريكية لهجوم بطائرة مسيرة، دون وقوع ضحايا. وهددت تنسيقية المقاومة العراقية يوم الجمعة بمواصلة الهجمات ما لم تسحب الولاياتالمتحدة كل قواتها وتنهي "الاحتلال". وأصبح وجود القوات الأمريكية قضية كبرى في العراق، بعد مقتل القائد الإيراني الجنرال قاسم سليماني في غارة بطائرة مسيرة في بغداد في يناير/كانون الثاني 2020، في حادثة وافق البرلمان العراقي على إثرها على مشروع قرار موجّه للحكومة بإنهاء العمليات التي تتولاها قوات أجنبية على أرض العراق.