يبدو أن "اللقاء العابر" الأخير، بين رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، جو بايدن، ورئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، والذي لم يتجاوز لمدة أقل من دقيقة، كان مناسبة لمدريد، لجس نبض الإدارة الأمريكية، بشأن معرفة مصير القاعدتين الأمريكيتين في روتا (قادس) وفي مورون دي لا فرونتيرا (إشبيلية). ورغم نفي مدريد سابقا، وجود مفاوضات لنقل أحد فروع القيادة العسكرية الأمريكية من إسبانيا إلى الصحراء المغربية في الأقاليم الجنوبية، فإن مصادر إسبانية، اعتبرت أن حكومة مدريد، قلقة من إمكانية نقل قاعدة عسكرية من إسبانيا إلى المغرب، خاصة أن دور القواعد العسكرية الأمريكية في المملكة الإيبيرية، لم يعد يحظى بالأهمية، في ظل ارتفاع التهديدات التي تعرفها منطقة الساحل والصحراء، وبالتالين فإن وجود عسكري أمريكي، بالصحراء المغربية، يساعد واشنطن، على محاربة التنظيمات الإرهابية، بالتعاون مع القوات المسلحة الملكية، وبلدان المنطقة.
وما يشير إلى وجود مخاوف لدى الجانب الإسباني، من احتمالية نقل قاعدة عسكرية من إسبانيا إلى المغرب، ما جاء على لسان سانشيز عقب لقائه بايدن، عن تعزيز اتفاقية الدفاع الثنائي، والتي تشمل القاعدتين الأمريكيتين في روتا (قادس) وفي مورون دي لا فرونتيرا (إشبيلية)، ومشاكل الهجرة.
وفي هذا الصدد، يعتبر محمد أكضيض، الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، أن احتمالية نقل قاعدة عسكرية أمريكية من إسبانيا إلى المغرب، غير مستبعد، في ظل التطورات الراهنة التي أضحت تعرفها المنطقة، من بينها التقارب العسكري بين المغرب والولاياتالمتحدة، الذي يتجسد بصورة أكبر في الأسد الإفريقي، في نسختها الأخيرة، حيث كانت أضخم مناورات تجريها واشنطن هذه السنة، بالصحراء المغربية بمشاركة عدد كبير من الدول الصديقة للمملكة.
وأضاف المحلل السياسي، في تصريح ل"الأيام24″، أن المتغيرات السياسية والجيوسياسية والعسكرية، التي تعرفها بعض مناطق العالم، خاصة منطقة البحر الأبيض المتوسط ولا المحيط الأطلسي ستشهد متغيرات هامة من حيث القوة العسكرية".
وأوضح أكضيض، أن "اعتراف أمريكا في مناورات الأسد الإفريقي بقوة القوات المسلحة الملكية وهذا الرأي ليس من فراغ بل مبني على اتفاقية التسليح لمدة عشر سنوات، حيث سيحصل المغرب على إف35 وهي أحدث طراز للطائرات الحربية في العالم اليوم في القرن الواحد والعشرين، وهذا يعني أننا لنا الكفاءة في استعمال التكنولوجيا ولا يكفي أن نتسلم تكنولوجيا حربية عالية دون أن تكون لنا كفاءات بشرية في تدبيرها وتسييرها".
واعتبر أكضيض، أن "تكرار مناورات الأسد الأفريقي، من سنوات يعطي نظرة استشرافية لدى حلف الناتو والولاياتالمتحدةالأمريكية بأن تغير معالم أو مواقع قواعدهما العسكرية في مناطق من العالم مهم، لأن هناك متغيرات على الساحة الدولية من حيث الإستراتيجية العسكرية وهو مكافحة الإرهاب بالدرجة الأولى الذي يتحول إلى دول الساحل والصحراء وهذا يعطي كذلك على أن القاعدتين الأمريكيتين المتواجدتين بإسبانيا، منذ الحرب الباردة والحرب العالمية الثانية أصبحتا غير ذي جدوى على التراب الإسباني ونحن نعلم القيمة الاقتصادية للقواعد الأمريكية بإسبانيا فهي كانت أحد الأسباب الدافعة إلى نهضة مدريد.
وتسأل الخبير الأمني، بالقول "هل يمكن أن تعطي مناورات الأسد الإفريقي شهية للقوات المسلحة الأمريكية أو البنتاغون بتحويل تمركزاتها أو على الأقل نقل قاعدة عسكرية أمريكية من إسبانيا إلى المغرب وخاصة في بوابة الصحراء حيث الإرهاب القادم من دول جنوب الساحل والصحراء، ناهيك على أن فرنسا اليوم غير قادرة على مجراة الإرهاب من خلال عملية برخان بمالي فهي أعلنت انسحابها من هذه العملية وبالتالي أصبحت غير قادرة على مواجهتها وبالتالي تطالب بالدعم ومواجهة هذا الإرهاب الذي أصبح خطرا قادما سواء للدول الإفريقية".