صادق مجلس الوزراء الإسباني، الأسبوع الماضي، على قرار يقضي بالموافقة الكاملة لتحويل قاعدته العسكرية الجوية «مورون دي لا فرونتير» بإقليم إشبيلية إلى قاعدة عسكرية أمريكية تابعة للقيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط «أفريكوم». وبعد عدة محاولات فاشلة من قبل الجانب الأمريكي، استغرقت أكثر من 10 سنوات، ليجد لنفسه مكانا على أرض إفريقية سواء في المغرب، الجزائر أو نيجيريا؛ وبعد ضغط كبير على الحكومة الإسبانية، رضخت مدريد يوم الجمعة الماضي لواشنطن، حيث سمحت لها باستقرار قواتها بالقاعدة الأندلسية. 3500 عنصر من قوات المارينز انطلق التواجد العسكري الأمريكي تدريجيا، فوق التراب الإسباني الأندلسي، منذ سنة2011، حين وافق رئيس الحكومة الإسباني، خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو، على تواجد قوات من الجيش الأمريكي بقاعدة «روتا» العسكرية التي لا تبعد عن مدينة سبتة والفنيدق سوى ب 170 كيلومتر. بدأت الولاياتالمتحدةالأمريكية في نشر أربع بوارج بحرية في إطار منظومة الدرع الصاروخي التابع للحلف الأطلسي في أوربا. وبعد تولي اليمين الإسباني مقاليد الحكم بإسبانيا، استخدمت إدارة أوباما ضغوطات مماثلة على مدريد، لتنتهي بقبول رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي، بتواجد 500 عنصر من قوات مشاة «المارينز»» الأمريكية، وثمان طائرات حربية بقاعدة مورون، بمبرر التدخل العسكري في حال نشوب أزمات طارئة في شمال إفريقيا، وتقديم خدمات لوجستية محدودة النطاق لحماية منشآتها والعاملين بها، وللمواطنين في مناطق عمليات البعثة الأمريكية بشمال وغرب أفريقيا. الموافقة الإسبانية على تحويل قاعدة مورون الإسبانية إلى قاعدة عسكرية أمريكية له ما يبرره، حسب قول ألكاراث، وهو سياسي من حزب اليسار الموحد الإسباني. فهذا الأخير يعزو ذلك إلى «التخوف الكبير الذي يسود «البتاغون» وقصر المونكلوا الرئاسي من نتائج الانتخابات التشريعية الإسبانية المزمع عقدها في شهر نونبر المقبل»، والتي قد تزيح اليمين عن الحكم، في ظل صعود حزب «بوديموس» المناهض للتواجد الأمريكي فوق ترابه. وقبل قرار الحكومة الإسبانية يوم الجمعة الماضي بقبول «أفريكوم» فوق ترابها، كانت مدريد قد سمحت خلال شهر مارس 2014 بتجديد مؤقت للجيش الأمريكي وقبول زيادة عدد من مشاة البحرية الأمريكية التي بلغت 850 عنصرا من المارينز، وهو عدد وصل أحيانا إلى 1100 و17 طائرة عسكرية، شاركت حينها في التدريبات الثنائية والمتعددة الأطراف في أوربا وأفريقيا، ليرتفع العدد حاليا إلى 3500 جندي و40 طائرة، فيما كشف مصدر عسكري ل»المساء» أن الغلاف المالي للقاعدة العسكرية الأمريكية سيبلغ 29 مليون دولار في البنية التحتية». «القاعدة ستكون مسؤولة عن دعم حماية الأفراد والمنشآت والمصالح الأمريكية في شمال إفريقيا، وبعثاتها الدبلوماسية ولمواجهة جميع المخاطر التي تشكل تهديدا كبيرا لواشنطن»، يقول المتحدث، مضيفا بأن «القوة الأمريكية تتكون من عناصر من الجيش الجوية المثبتة في جيبوتي، وهي تابعة لسلاح الجو من مشاة البحرية وفرق أمنية، وأسطول مكافحة الإرهاب الذي يوجد مقره بإسبانيا أيضا مع عناصر أخرى لمواجهة الأزمات. كسر ساق جون كيري كان من المرتقب أن يقوم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بزيارة إلى مدريد يوم السبت الماضي، يوما بعد المصادقة على قرار حكومي يقضي بالقبول بالتواجد العسكري الأمريكي الكبير بإسبانيا، للاحتفال والتنويه بتشييد القاعدة العسكرية، إلا أن إصابته بكسر في ساقه في حادث عرضي وقع خلال قيادته لدراجة هوائية في فرنسا، أجل ذلك إلى موعد لاحق، فيما أشاد الجنرال الأمريكي دافيد رودريغيز، بما وصفه ب»التعاون الكبير في المجال العسكري بين البلدين، حيث شاركت وحدات مختلفة من القوات المسلحة الإسبانية في التدريبات العسكرية بقيادة افريكوم، وهو التعاون، الذي وفق قول الجنرال الأمريكي يمتد إلى برامج الأمن مثل «الشراكة الأفريقية، وممارسة العمليات الخاصة مثل «فلينتلوك «وتدريبات «كسربيس» الصحراء وغيرها، كما كشف الجنرال الأمريكي أنه من المحتمل أن يتم دمج ضابط عسكري إسباني ابتداء من 15 يوليوز في مقر مركز عمليات «أفريكوم» المتواجد بمدينة شتوتجارت الألمانية. من جهتهم أعرب سياسيون يساريون إسبان عن تخوفهم من أن تصبح قاعدة «مورون» «عينا كبيرة للتجسس الأمريكي»، معربين عن شكوكهم بخصوص الاتفاقية التي، حسب مدريد، ستوفر فرص شغل بمدينة إشبيلية. مدريد تحمي نفسها قبل ثلاث سنوات وقعت اللجنة التوجيهية الإسبانية الأمريكية على أربع اتفاقيات إدارية تنسيقية تقضي بالسماح لأربع مدمرات بحرية أمريكية بالتواجد بقاعدة روتا العسكرية بإقليم قادس من أجل «حماية إسبانيا» ودول الاتحاد الأوربي. وكشفت مصادرنا الإسبانية أن الأمر يتعلق بالبوارج البحرية»يو إس إس روس» و USS» دونالد كوك»، و»يو إس إس بورتر» و»يو إس إس كارني»، مضيفة بالقول بأن إقامتها بالقاعدة العسكرية الإسبانية يأتي بهدف حمايتها لكونها شريكا في برنامج حلف الناتو ضد الصواريخ الباليستية. وتم توقيع الاتفاقية من طرف الأميرال العسكري روبيو إغناسيو أوركادا، مساعد المدير العام في التخطيط والعلاقات الدولية التابع لوزارة الدفاع، والأميرال مونتغمري، ممثل قسم خطط القيادة العسكرية الأميركية في أوربا. وجاء التوقيع على الاتفاقيات الأربع بعد مصادقة مجلس الوزراء الإسباني عليها يوم 7 أكتوبر من سنة 2011، والذي يأذن بنشر مدمرات «أجيس» الأربعة للبحرية الأمريكية في القاعدة البحرية روتا ومنحها المرافق التي تسمح بتمركز دائم لها ولطواقمها. ووضعت فرق العمل الأربعة الخاصة بهذا الاتفاق بموجب لجنة التوجيه، والمتخصصة في مجالات التدريب والبنية التحتية والعمليات، والصيانة، ووثائق نقل التكنولوجيا إطارا لتنسيق الإجراءات التي تؤدي إلى نشر سفن. بعد توقيع هذه الاتفاقيات يوم 13 نوفمبر الجاري، كما أنهت اللجنة التوجيهية هذه المرحلة، للانطلاق في الأعمال التحضيرية اللازمة، حتى وصول المدمرات الأمريكية إلى قاعدة روتا سنة 2014. ويعتبر المراقبون أن فتح إسبانيا أذرعها للتواجد الأمريكي العسكري فوق ترابها يأتي تماشيا مع اتفاقية وقعتها مدريد سنة 1988 مع الولاياتالمتحدةالأمريكية تسمح لها بتمركز مؤقت ل 2285 جندي أمريكي بكل من قاعدة روتا الإسبانية ومورون حيث تم نشرها بالفعل، كما سمحت بتواجد 7035 جندي أمريكي آخر، حيث سيجري تعديل على هذا العدد من الجنود بعد وصول 1100 جندي أمريكي آخر من العاملين ضمن البوارج البحرية الأمريكية الأربع سنة 2014. ولا تعرف الأهداف الحقيقية وراء تلك الاتفاقية ، كما أن هذا التواجد العسكري الأمريكي المكثف سيكون بقاعدة عسكرية لا تبعد عن مدينة تطوان سوى ب 140 كيلومترا. الإرهاب ومخاوف واشنطنومدريد كشفت مصادر إسبانية أن مهندسين من البنتاغون قدموا إلى القاعدة لوضع اللمسات الأخيرة على القاعدة التي يوجد مقرها الدائم في غولبورت بولاية ميتسوري، والتي يتم تغيير أعضائها كل ستة أشهر إلى القاعدة الإسبانية الأمريكية بروطا في إقليم قادس جنوب إسبانيا. وحسب تقارير عسكرية إسبانية، فإن جنرال البحرية الأمريكي جيمس جونس المكلف بأوربا وإسرائيل والمشرف على القارة الإفريقية كان هو من وضع اللمسات الأولى على هذا المشروع الإسباني الأمريكي الذي يدخل في سياق الحرب على الإرهاب، على حد قوله، ولرصد وتتبع ما أسماهم «الجهاديين» الذين هم على صلة بعناصر إرهابية في منطقة شمال موريتانيا والساحل. ومن المتوقع أن تتحول قاعدة «مورون» في مدة قصيرة إلى قاعدة لاستقبال القوات العسكرية في طريقها من وإلى أفغانستان والعراق وأمريكا، كمحطة استراحة. وكذا للقيام بعدة عمليات لوجيستية تسمح للولايات المتحدةالأمريكية بأن تكون لها قاعدة أخرى بديلة عن قاعدة روطا في قادس الإسبانية. وكان البنتاغون قد وضع خطة استراتيجية لإنزال قواته في منطقة الساحل لمحاربة الإرهاب وكذلك لمراقبة الثروات الطاقية وبسط وجوده العسكري في المنطقة، سيما وأنه فشل في إقامة مركز لإدارة العمليات في محيط «تامانراسيت» كانت تعتزم تعزيزه بقاعدة للتنصت الإلكتروني وللاتصالات في أقصى جنوبالجزائر، وذلك لموقعها الجغرافي.