نجحت الولاياتالمتحدة في أن تستثمر الخوف المتزايد، لدى حكومات الدول الأوروبية من الإرهاب، وجعلت منه المنصة الملائمة لنقل قاعدة عملياتها العسكرية في إفريقيا (أفريكوم) من مدينة شتوتغارت بألمانيا إلى مدينة إشبيلية بإسبانيا، لتصبح أقرب إلى منطقة العمليات المستهدف منها تشكيل لواء (أفريكوم) في بداية الأمر، بعدما عجزت طيلة سبع سنوات، عن إقناع الدولة نفسها، والدول الإفريقية المعنية بعمليات هذه القوات بما فيها المغرب، بتخصيص قاعدة على شكل مقر دائم لقوات (أفريكوم) فوق أراضيها. ووافقت إسبانيا مبدئيا، البارحة، على مشروع خطة لنقل قوات (أفريكوم) إلى قاعدة عسكرية بمدينة إشبيلية (جنوب) تسمى مورون دي لا فرونتيرا، وتحويلها إلى مقر دائم لقيادة (أفريكوم). وأذن مجلس الوزراء الإسباني لمصالح الشؤون الخارجية، ووزارة الدفاع بالتفاوض مع الإدارة الأمريكية بشأن التفاصيل التقنية لتحويل قاعدة إشبيلية إلى مقر لقيادة قوات البنتاغون، والهدف، كما نقلت صحيفة "إلباييس" في عدد البارحة، هو وقف انتشار الجهاديين في منطقة الساحل والمغرب العربي. ويشمل قرار الحكومة، وفق ما ستخلص إليه المفاوضات، الموافقة المبدئية على طلب وجهه وزير الدفاع الأمريكي، تشاك هاكل، في دجنبر الفائت، إلى نظيره الإسباني بيدرو مورينيس، بجعل الوجود المؤقت لوحدة من قوات البحرية (المارينز) في قاعدة إشبيلية، وتعدادها 850 عنصرا، وجودا دائما، ثم الرفع من القوات الموجودة إلى الآلاف، بحسب حالات الضرورة. وسيؤدي الاتفاق النهائي إلى التوقيع على البروتوكول المعدل للاتفاق الثنائي حول الدفاع لعام 1988. وسوف يكون الثالث من نوعه، إذ اعتمد التعديل الأول في عام 2002 على إضفاء الشرعية بخصوص وجود المخابرات البحرية والقوات الجوية الأمريكية فوق التراب الاسباني؛ وفي عام 2012، تم إجراء تعديل آخر للسماح بنشر أربع مدمرات مدمجة في مشروع الدرع الصاروخي لحلف الأطلسي (الناتو) في قاعدة روتا (مدينة قادس). التعديل الجديد لاتفاق الدفاع سيحول قاعدة إشبيلية، إلى مقر دائم للقوات الخاصة أرض- جوية للتصدي للأزمات، من مُشاة البحرية (SP-MAGTF الاستجابة للأزمات)، والتي أنشئت بعد الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي (ليبيا) في شتنبر من عام 2012، وهو الحادث الذي أقنع وزارة الدفاع الأمريكية بالحاجة إلى وحدة قادرة على التدخل بسرعة في حالة الأزمات في منطقة شمال إفريقيا. ووصلت هذه الوحدة إلى إسبانيا في عام 2013 مع ترخيص مؤقت لمدة عام. وفي عام 2014 تم تمديد وجودها سنة أخرى، كما جرت زيادة عدد قوات مشاة البحرية من 500 رجل إلى 850 (1100 في حالات الاستنفار)، كما وضعت 6 إلى 12 طائرة عمودية الإقلاع من نوع MV-22 أوسبري في القاعدة نفسها. وأخيرا، أعطت وزارة الدفاع الأمريكية الضوء الأخضر للبحث عن موقع بديل للخيار الأول لمشاة البحرية، فقد اتضح منذ بداية الأمر أن الخيار لم يكن واقعيا، ولذلك طلبت الإذن بجعل قواتها منتشرة بصفة نهائية فوق الأراضي الإسبانية. لكن المشكلة، بحسب ما نقلته مصادر عسكرية لصحيفة (إلباييس) هي أن هذا التفويض الدائم، لا يمكن أن يُعطى ببساطة من قبل الحكومة الإسبانية، يتطلب تعديل الاتفاق الثنائي حول الدفاع بين البلدين لأن مدريد يفرض عليها أن تتعامل مع هذا الاتفاق بوصفه معاهدة دولية وجب التصديق عليها لاحقا من قبل البرلمان، وهو ليس الحال بالنسبة إلى واشنطن. ينتهي التفويض الحالي لوجود القوات الأمريكية في 19 أبريل المقبل، ومن غير المرجح أن تنتهي عملية تعديل الاتفاق – المفاوضات وتبادل التقارير، والمصادقة على الاتفاق من لدن البرلمان- بحلول ذلك التاريخ، بحيث تعتزم الحكومة منح تمديد آخر لقوات المارينز لكسب مزيد من الوقت قبل إقرار الاتفاق. ولا تريد لا مدريد ولا واشنطن المخاطرة بالتواريخ حاليا لاسيما أن الأغلبية البرلمانية غير مستقرة بالشكل الملائم لفرض تصويت سلس على الاتفاق، وبالأحرى، تأخيره حتى بعد الانتخابات.