هي تحركات مريبة للطرف الموريتاني بمنطقة لكويرة، تحمل بين طياتها بصمة جزائرية لأجل استفزاز المغرب ومحاولة جرّه إلى خانة الحرب، وهو الأمر الذي لا يمكن استبعاده في أي لحظة على الرغم من أن المغرب يحاول إتباع سياسة ضبط النفس التي قد لا تدوم طويلا، وهذا ما فسرته التحركات العسكرية المغربية الأخيرة في اتجاه منطقة الكركرات، والذي يوازيه أيضا إنزال عسكري موريتاني مرفوقا بإقامة مقاتلي جبهة "البوليساريو" لموقع عسكري بالمنطقة. كل هذه التحركات العسكرية وعلى أكثر من جبهة تحيل على تدهور الوضع الأمني في المنطقة، لكن هل تسعى الجزائروموريتانيا إلى إعلان الحرب بالمنطقة من خلال هذه الاستفزازات؟ وهل الجزائر تدفع بموريتانيا للظهور في الواجهة لأجل الدخول في مناوشات مع المغرب وبالتالي إعطاء الشرعية لتدخلها دفاعا عنها، والدخول في مواجهة مباشرة مع المغرب؟ تاج الدين الحسيني، المحلل السياسي و أستاذ القانون الدولي، يكشف من خلال تصريح خص ل "الأيام 24" أبعاد هذه الاستفزازات والمخاطر المحدقة بالمغرب في تلك المنطقة وسر تحركاته العسكرية. و أكد الحسيني أن "التحركات الاستفزازية الأخيرة لموريتانيا، ترتبط بمحاولة الإخلال بتوازن القوى الإقليمية لهذه المنطقة من العالم والتي يقودها بالتأكيد النظام الجزائري، حيث يظهر جليا أن النظام الجزائري استطاع أن يستقطب نظام محمد عبد العزيز في موريتانيا إلى جانبه بشكل أصبح يستقبل معه مبعوثي البوليساريو بشكل متواصل، وهناك ربما حتى بعض التوقعات تشير إلى كون موريتانيا قد تذهب إلى التخلي عن منطقة لكويرة لصالح البوليساريو، وهذه من بين الأشياء التي قد تكون مطروحة في المستقبل". وتابع المحلل السياسي في حديثه ل "الأيام 24"، أن الآلة العسكرية المغربية تقوم بتنظيف هذه المنطقة من المهربين والإرهابيين الذين ينشطون بالمنطقة، خاصة أن المغرب له دور أساسي في تحقيق الاستقرار. واسترسل: موريتانيا كما نعلم كانت طرفا في اتفاقية مدريد الثلاثية التي وقعت سنة 1975 بين كل من المغرب واسبانيا وموريتانيا، ثم تحت ضغوط البوليساريو والجزائر انسحبت من المنطقة الجنوبية من الصحراء، وبالتالي بدت موريتانيا و قد تنصلت من التزامها بخصوص اتفاقية مدريد". لكن لكويرة التي تعد جزءا لا يتجزأ من إقليم الصحراء - يضيف الحسيني- ظلت تحت المراقبة الموريتانية بكيفية تكاد تكون رمزية، إلا أن هذا الطابع الرمزي للمراقبة الموريتانية تم تحويله خلال الأشهر القليلة الماضية إلى نوع من الوجود العسكري في الميدان، وهو ما يعطي بعض المؤشرات التي يرفضها المغرب. وأضاف ذات المحلل السياسي، بأن المغرب لا يريد أن يدخل في معركة مع موريتانيا، مستبعدا قيام حرب وشيكة بين المغرب وموريتانيا، حيث قال: " .. شخصيا لا أعتقد أن تكون هناك حرب مع موريتانيا، لأن التوازنات الهشة للمنطقة تحتم اتخاذ الحيطة والحذر من قبل جميع الأطراف، وليس من مصلحة أي طرف أن يدخل الحرب، والوحيد الذي يمكن أن الدخول معه في الحرب هو الجزائر، لأن موريتانيا ليست لها الإمكانيات اللوجستيكية للدخول في أي مواجهة عسكرية محتملة، إلا إذا كانت موريتانيا ستوظف كمطية من طرف النظام الجزائري لتحقيق هذه الأهداف، و التدخل في الوقت المناسب للدفاع عنها، وهذا كذلك أمر مطروح في الساحة ..". لكن في الوقت نفسه يؤكد أستاذ القانون الدولي، بأن "حالة الاستنفار العسكري في المنطقة، وعمليات تجميع الأسلحة وانتقال القوات العسكرية المغربية، يدخل في باب الاحتياطات التي تمارسها الدول عادة عندما تشعر بأن الأوضاع الإقليمية فيها نوع من الخطورة". وشدد الحسيني على أن المغرب يقوم بعمل مشروع داخل التراب الوطني بالكركرات فيما يتعلق بترصيف الطريق وتطهير المنطقة من المهربين الذين يستقدمون سيارات مسروقة وبدون ترقيم ويتم تسويقها في هذه المنطقة التي يسميها الكثيرون بقندهار، قد تستغلها الجماعات الإرهابية المنتمية إلى حركة جزائرية متطرفة وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي".