الحرب تمنع المغرب من دخول الاتحاد الإفريقي، والعمليات العسكرية توسعت في اتجاه “العركوبي” بعد (الكركرات)، وناقشت الدورة الثامنة عشر للجنة المشتركة الموريتانية الجزائرية إغلاق “الكركرات”، المعبر البري الوحيد بين المغرب ودول جنوب الصحراء، واستبداله بمعبر جزائري إثر توقيع عبد المالك سلال، عن الطرف الجزائري والوزير الأول الموريتاني، يحيى ولد حدمين 16 اتفاقية ضمنها 4 اقتصادية. وتواجه البوليساريو، بمناوراتها الأخيرة، سيناريو صد اجتياح المغرب لكل المناطق العازلة، والوصول إلى آخر نقطة حدودية مع الجزائر وموريتانيا، بما يعيد سيناريو 1979 الذي اعتبره الأمين العام للأمم المتحدة، بان كيمون “احتلالا” لتجاوزه “اتفاق مدريد” الذي دخل المغرب بموجبه إلى الصحراء، وقبل بتقسيمها مع موريتانيا، وتتشبث جهة البوليساريو بقولها أن المغرب يتوسع، لتجاوزه خط وقف إطلاق النار، ويخرق البند الأول من “اتفاق 1991”. وأرادت الرباط، من خلال انضمام المملكة إلى الاتحاد الإفريقي، ترسيما جديدا لوقف إطلاق النار، ويعرض الموضوع على الاتحاد وليس على الأممالمتحدة، ولا تهتم القوى الكبرى بهذه التطورات بعد حادثة الكركرات، وتحالفت الجزائر وموريتانيا والبوليساريو لرفض تغيير الخارطة التي صمدت من 1991 إلى 2015، وتمنع الحرب الخاطفة أو المحدودة المغرب من دخول الاتحاد الإفريقي، وقد تسمح له بإدارة لكويرة، بعد انسحاب الحسن الثاني منها عام 1989 ثمنا لقبول موريتانيا وقف إطلاق النار، وبدأ بتوافق إقليمي عام 1991. وأجل تصريح بان كيمون، وطلب المغرب انضمامه إلى الاتحاد الإفريقي الحرب “الشاملة” التي توقعها في تقريره الذي سمح لمجلس الأمن بتمديد مهمة “المينورسو” في الصحراء إلى أبريل 2017 بعد طرد القسم المدني من البعثة الأممية التي تراقب حاليا وقف إطلاق النار على أقل من 120 مترا بين الجانبين. وعزز الغرب، والطرف الفرنسي تحديدا، رفضه أي حرب إقليمية، بتوشيح كل من الملك المغربي ورؤساء السنغال ومالي والنيجر بجائزة “مانديلا”، متفاعلا مع سياسة باريس وأقطابها في المنطقة قبل دخول دونالد ترامب البيت الأبيض. المغرب في مواجهة ثلاث جيوش لن يتمكن الجيش المغربي في ظل تواجد “المينورسو” من تكرار سيناريو 1979 مع لكويرة، وتجاوز التفاهمات التي قبلت بموجبها موريتانيا وقف إطلاق النار، وفي الكركرات تراقب الأممالمتحدة ومجلس الأمن، ويتصدى الاتحاد الإفريقي في شبه جزيرة لكويرة. تقول مصادر خاصة، أن البوليساريو، باعتبارها “دولة” تعترف بها نواكشوط، اتفقتا على ما سميتاه “استمرار الوضع القائم في لكويرة بعد أي تسوية نهائية لمشكل الصحراء”. والوثيقة المعتمدة تحت رقم 1603 لدى الحرس الرئاسي، تضمن للكويرة وضعها الخاص والدائم، حيث جعلتها خارج أي سيطرة منذ انسحاب الجيش المغربي منها عام 1989، بعد إدارته لها لمدة 9 سنوات و253 يوما، وانسحاب البوليساريو من أي مطالبة بخصوصها في 2016، وذكرت الوثيقة لفظ “شبه جزيرة لكويرة”، بمدلولها الاستراتيجي الواسع الذي دفع إلى اتفاقيتين في 1904 و1912، وبمساحة محددة في 110 آلاف متر مربع، ونزلت إدارة إسبانيا للأراضي خارج أوروبا، فور انسحابها من لكويرة إلى 80.580 ميل مربع، من أصل 243.890 ميل مربع. ولا تعتبر لكويرة امتدادا ترابيا إلى النقطة البركانية “تيريس” (ساحل الساقية الحمراء) من الشمال، وفي الجنوب توجد كثبان (أزفل) المميزة بين إقليم الصحراء وموريتانيا، وتعد السمارة، 160 كلم، داخل خارطة المبشر ورئيس البعثة الإسبانية، س. جوبي، لكن الصيادين من أولاد دليم وأصدقائهم من الركيبات حسب الوثيقة الموجودة في المكتبة الوطنية بمدريد، ” لم يكونوا تحت السيطرة “. وفي مؤتمر برلين 1885، أعلنت إسبانيا حمايتها من “كابو” أو رأس “بوجدور” إلى الرأس الأبيض (كابو بلانكو) التي تعني شبه جزيرة (لكويرة)، أي الخط 20.50.00 شمالا و17.05.22 غربا، ويطلق عليه محليا “بير الذئب” على الطرف الغربي لشبه جزيرة رأس نواذيبو، بتعبير الموريتانيين، وهي متلاصقة مع هذه المدينة من الشرق ولا تفلصهما سوى 15 كيلومتر، من 1570 كيلومتر بين موريتانيا والصحراء الغربية / المغربية منها 50 كيلومترا من طريق الحديد الذي يصل إلى 85 في المائة من صادرات موريتانيا. واستعانة العاصمة نواكشوط بقوات البوليساريو يرفع القدرة القتالية للكويرة إلى 300 في المائة، وفيما يحشد المغرب قواته، تنفذ الجزائر “الدرع الواقي”، وتمكنت البوليساريو من أسلحة متطورة ضد الدروع بعدما صوبت الدبابات المغربية مدافعها نحو مقاتلي الجبهة. وأعلنت البوليساريو “مناورات كبرى” بعد اختتام مناورات بالذخيرة الحية في 20 و21 مارس الماضي شاركت فيها “الناحية المدرعة السابعة”. وتكون هذه المناورات تأكيدا على تنسيق الجيوش الثلاثة، الموريتاني، لأي مواجهة عن جزيرة “لكويرة”، وقوات البوليساريو في المناطق العازلة، والجيش الجزائري على حدوده، ويجمع الجيوش المغربية والموريتانية وقوات البوليساريو خطأ ناري متصاعد من 3 آلاف كيلومتر على صعيد النقط الرئيسية في الانتشار وعلى صعيد التعزيزات واللوجستيك أيضا. واختارت موريتانيا، من الآن، إغلاق الحدود في وجه المغرب، مع بداية أي نزاع مسلح بين البوليساريو والمملكة، لحماية لكويرة، ونواذيبو تحديدا، وتبعا ل”اتفاقية مدريد” في 1912، رسم الجانبان الفرنسي والإسباني الحدود، وفي 1924، انضمت “لكويرة” إلى وادي الذهب بعد مرحلة تباعدت فيها إدارتها عن إقليم الصحراء بين 1920 و1924، قبل أن تضمها إسبانيا إلى وادي الذهب في نهاية 1924، وبقيت القاعدة الإسبانية الجوية في لكويرة على قدم القاعدة الجوية الفرنسية “إيتيان” محمية من طرف السنغاليين تحت قيادة العقيد بريز بيريز. وظلت فيلا “سيرنوس” عاصمة مستعمرة الصحراء، كما تقول تعليقات صور ابن العقيد الإسباني، خيسوس فلورس تييس، وضم كتابه صور الطيار الأسترالي، فيكتور سميث والطائرة البريطانية “إيغل” في حينها(1)، بل هناك من يعتقد أن قوة القاعدة في لكويرة خلقت كيانا لشبه الجزيرة، صدرت بموجبها “طوابع بريدية”، والصور إلى الآن تستعيد حفريات هذه المدينة المهجورة التي عادت إليها عجول البحر وحيوانات بحرية نادرة. ويحاول الإسبان، إلى الآن، تعزيز “الطابع الصحراوي” للكويرة، كي لا تبقى موريتانية بحكم الأمر الواقع، وعلى هذا الأساس، قاموا بتوأمة للاسم، ولو كان في المخيمات، مع مدن إسبانية، منها مدينة إيغل(2)، والقادس(3)، ومورسيا(4) وغيرها، بل هناك كتاب صدر يربط الحاضر بالقاعدة الجوية من خلال 7 آلاف لاجئ (5) ودخل المغرب إلى لكويرة وفيها 816 قاطنا فقط (6). وتبقى لمدينة لكويرة الأهمية الجيوسياسية والقتالية الحاسمة، لإدارة إقليم الصحراء، ويحافظ الجنرالات الإسبان على وضعها، بدعم حق تقرير مصير الصحراويين، لكن الإدارة السياسية، تفضل التعاون مع المغرب لسماحه بوجود بحري كامل في سواحل الإقليم، ويفضل إبراهيم غالي إبعاد الورقة الإسبانية والتحالف مع موريتانيا، لأن لكويرة ستكون لمدريد في المستقبل، فأقر الوضع الموجود، وترغب نواكشوط في استمرار وضعها القائم في لكويرة دون إثارة المغرب وإسبانيا الراغبتين في العودة إليها. دعم بريطاني وأمريكي لبحرية موريتانيا في وجه المغرب وإسبانيا المقتسمتين لمياه إقليم الصحراء أدار المغرب من 1979 إلى 1989 مدينة لكويرة، وجاءت مناهضة هذا التواجد العسكري من روسيا وإسبانيا وبريطانيا وأمريكا، قبل أن تتوصل فرنسا مع نواكشوطوالرباط إلى “اتفاق” ينسحب بموجبه الجيش المغربي إلى “الجدار السادس” الذي خلق مشكلا في تحديده، لأن حدود وقف إطلاق النار، لا يمكن أن تطابق الحدود الموروثة، واعتبر المجتمع الدولي أن المغرب لا يثق بالحدود الموروثة إلا كحدود مؤقتة، ويعطي الانطباع على توسعه، فقررت الرباط سحب الجيش المغربي ثمنا لقبول الموريتانيين وقف إطلاق النار، وأصبحت موريتانيا تدير “لكويرة” كما يدير المغرب باقي الصحراء، وخدمت هذه الصفقة إسبانيا كي لا يموت “اتفاق مدريد” الموقع في 1975، وقد قسم الصحراويين المغرب وموريتانيا، وربحت نواكشوط “درعا جغرافيا” لنواذيبو، وربحت الجزائر والبوليساريو عدم مطابقة الجدار على الواجهة الأطلسية للحدود. واستقر الوضع على تقسيم مياه الإقليم بين إسبانيا والمغرب، لكن باندلاع أزمة الكركرات، تأكد عدم التزام فرنسا ب”اتفاق 1989 السري” الذي قاده الحسن الثاني، وكادت الرباط في نظر نواكشوط، أن تبتلع نواذيبو اقتصاديا، فدفعت بقوات البوليساريو إلى قطع الطريق على هذا الوضع، كي لا يمر مشروع “المغرب” في دول جنوب الصحراء دون موريتانيا، وفي الواقع حاصرت الرباط المجال الحيوي لموريتانيا في غرب إفريقيا (السنغال وساحل العاج ومالي). وسعى المغرب، منذ عهد الرئيس السابق، ولد الطايع، إلى علاقات جيدة مع موريتانيا، ونما التبادل التجاري السنة الماضية ب41 في المائة، أي ب25 مليون أورو مع 2.5 مليون نسمة، عدد سكان موريتانيا، وبدأت بشراء شركة “اتصالات المغرب” لحصة من “موريتيل” ب84 مليون دولار عام 2001، وامتلك المكتب المغربي للتنقيب والاستغلال المنجمي 2.3 في المائة من حصة الشركة المصدرة للحديد(7)، وأشرفت “داربور” على ميناء نواكشوط، وفي موضوع الطريق الذي سبب أزمة في الكركرات، شاركت الرباط في تمويل الخط الرابط بين نواذيبو ونواكشوط البالغ 470 كيلومتر، وأراد بقرار منفرد بناء الطريق الفاصل في الكركرات لوصل نواذيبو بمدينة الداخلة، واعتبر ولد عبد العزيز ما حدث مناورة لابتلاع شمال بلاده، لأن أربع شركات مغربية تعاقدت لدراسة بناء هذا الطريق ب39 مليون دولار لتسهيل مهمة المملكة في هذا الربط، بل أن المملكة شاركت في بناء 14 كيلومتر ب2.6 مليون دولار تمكنه من بناء شطر آخر يصل الداخلة بنواذيبو. واعتبر المغرب موافقة السلطات الموريتانية على بناء الطريق بين نواكشوط ونواذيبو موافقة على ربط الداخلة بنواذيبو، لكن نظام ولد عبد العزيز لا يرغب في ابتلاع عاصمة بلاده الاقتصادية من جهة الداخلة المغربية. ويشكل ما حدث، سر الصراع الحادث والمستحكم حاليا بين نواكشوطوالرباط، دون أن ينتقل إلى البحر، لأن إسبانيا تمنع وصول التوتر إلى المياه، والبحرية المغربية قوية إلى حد كبير، إذ يمكن أن يعصف بالبحرية الموريتانية، لكن هناك خطا أحمر ترسمه باريس ومدريد في مياه الأطلسي، وتدعم بريطانيا وأمريكا ميدانيا البحرية الموريتانية لحفظ “أمنها” في الشمال. ولا يريد الإسبان تغيير الوضع القائم، رغم طموحهم في العودة إلى لكويرة بديلا عن الموريتانيين، بعد تنازل المغرب عن إدارة شبه الجزيرة من 1989 إلى الآن، وتخوفت نواكشوط من إضعاف نواذيبو، كما حاولت المملكة في شمالها، وتحديدا في محيط سبتة ومليلية. وإن سعت المملكة الشريفة في احتواء إسبانيا في شمالها، فيمكن حسب خبرائها النجاح في قتل 85 من صادرات موريتانيا التي تخرج من نواذيبو، كما يمكن هضم موريتانيا كجزء لا يتجزأ من المملكة، حديقة خلفية لها، ضمن استراتيجية العاصمة الرباط في غرب إفريقيا، المنطقة التي طرق المسؤولون المغاربة كل عواصمها إلا نواكشوط. واستعمل ولد عبد العزيز ذكاء تكتيكيا أعاد الوضع إلى سؤال “الجدار السادس” الذي يقابل موريتانيا من الجهة الأطلسية، بوضع قوات البوليساريو بين المغرب وموريتانيا، وتقول “ماروك وورلد نيوز” الشبه رسمية الناطقة بالإنجليزية، “إن الطاقة العسكرية لموريتانيا محدودة وتستعين بالجزائر والبوليساريو”(8). الجنرال عروب باشر عملية دخول “لكويرة” في 1979، والدرك البحري يمكن أن يحسم المعركة في 75 ساعة، لكن قيادة المنطقة الأولى في الجيش الموريتاني، من نواذيبو، تعمل على خيار الحرب الشاملة زادت قوة موريتانيا 300 في المائة بفضل تعاونها مع البوليساريو، ودخل المغرب “لكويرة” عندما كان الجيش الموريتاني ب8300 عنصر “فاعل وقوي” حسب استخبارات البنتاغون “دي. آي. إي”، كما في الوثيقة تحت الرقم “دي. دي. بي 2680 104 _85 آي” بتاريخ 15 أكتوبر 1984(9) من رسالة تسربت في 29 أبريل 2014. ولم تتغير نواذيبو كمنطقة أو ناحية أولى في الخطاطة السابقة والحالية، إلى جانب الزويرات (الناحية الثانية) وأطار (الثالثة) والرابعة (تيد جيكجا)، وتأكد من نفس المصدر الأمريكي أنها لم تكن موجودة، والنعمة (الناحية الخامسة) ونواكشوط (الناحية السادسة) وروسو (السابعة) مع فيلق مستقل في العاصمة، وفيلقان فوق الجمال، والفيلق “تي 54 وتي 55” من الدبابات، أما حاليا فالمنطقة السابعة في (إليغ). ويؤكد المراقبون أن ولد عبد العزيز يعرف، نظرا لتكوينه في المملكة، التكتيك المغربي، ولذلك ينتهج تقديرات تضمن أن تبقى “لكويرة” موريتانية بحكم الواقع. يقول والي “داخلت نواذيبو” أو “مدخل نواذيبو”، محمد فال ولد أحمد يوره، في مقابلة أخيرة له مع وكالة الأخبار الموريتانية المستقلة: “لن أقول لك هل هي (لكويرة) تابعة للمغرب أم لموريتانيا أم للصحراء، المهم أنها منطقة يوجد فيها الجيش الموريتاني، هذه هي وضعيتها، ولا أظن حالتها مطروحة، لأنه ليس بها سكان، وأنا لا أريد الحديث إلا عن المناطق التي بها سكان”. ولم ترغب العاصمة نواكشوط في ابتلاع المغرب “الاقتصادي” أو “العسكري” لشبه جزيرة لكويرة، أو 40 ميلا من الشاطئ الأطلسي، ومنذ 1884 وهي في قلب رسم الخرائط. وحاليا تعيش لكويرة أرضا خالية سوى من بعض الصيادين، وباحثين تمولهم الحكومة الهولندية تابعين للمعهد الموريتاني لبحوث المحيطات في شبه الجزيرة بالشطر الموريتاني، فيما يوجد مقر عمالة الكويرة في مقرها بالداخلة، وقد فصلتها السلطات الموريتانية عبر جدار رملي غير معلن، وتتهيأ البحرية وقيادة “الناحية الأولى” من أجل الدفاع عن “الوضع القائم”، وفضل ولد عبد العزيز التواجد على أرض غير موريتانية وجار غير المغرب لحماية نواذيبو. وكل تقدم للقوات المغربية، سيكون خرقا لوقف إطلاق النار حسب البند الأول من “اتفاق 1991″، وأيضا “احتلالا” حسب الأمين العام للأمم المتحدة المنتهية ولايته، لأن أراضي وادي الذهب لا يشملها “اتفاق مدريد 1975” الذي نقل الشطر الشمالي في الصحراء إلى الإدارة المغربية، وتعبير بان كيمون أصبح مألوفا في الأوساط الدولية، ويتجه الوضع إلى عدم تصويت جيران المغرب على دخول المملكة إلى الاتحاد الإفريقي، بل تسكت دول (إسبانيا وبريطانيا) على صدام مسلح يضعف قوة الجيش المغربي ويوقف استراتيجية الرباط في محيط سبتة ومليلية. ويستسيغ الجيش الموريتاني الدفاع عن أرض يعتبرها “صحراوية”، لأن تقديره أن الكويرة تحت الحماية الموريتانية “حتى تستقل الصحراء”، ولا يضمن الاستفتاء هذا الخيار وحده، ولذلك قرر ولد عبد العزيز الدخول في اتفاق مع البوليساريو يضمن بقاء الوضع القائم في لكويرة دون تعديل تحت أي ظرف، والتقسيم الموجود (المياه في لكويرة للمغرب والأرض لموريتانيا) وستدوم إلا في حال شن حرب جديدة. والواقع أن المغرب لا يريد ابتلاع نواذيبو أو موريتانيا في مشروعه الاقتصادي ذي الطابع الإقليمي، وإن لم يسمح للفرقة العاشرة للقوات الخاصة الموريتانية بانتقالها إلى الكركرات لمرافقة المغاربة لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، وهي المكلفة منذ يناير 2004 بحماية الحدود، وعلى ضوء توصياتها تعمل الرئاسة الموريتانية بخصوص “لكويرة”. وقررت نواكشوط نقل كل الصلاحيات من قطاع الطرق إلى الجمارك، وبإشراف الجيش الموريتاني، فضاعفت رسوم دخول المواد المغربية لخفضها، وانتقال الثقل إلى المعبر الحدودي مع الجزائر من جهة أولى. من جهة ثانية، نسف المغرب بقوله أنه يحارب “الإرهاب” في الكركرات، كل مبرر لنظام ولد عبد العزيز، ومن جهة ثالثة، يقول بايكار جوستان ينادي، في افتتاحيته الموسومة ب”لايزر يوم الإثنين”، في الأول من غشت الماضي: “إن حكاية 50 مليون أورو التي سلمها المغرب إلى السنغال لطرد الموريتانيين من لوغا وماتام، يكشف إن صحت الرواية أو طعنا فيها، أن موريتانيا تعيش جمودا ديمقراطيا وبرودا متفاقما مع المغرب، قبل أن يمشط المغرب الكركرات، في إطار مسلسل التصعيد الذي وصل إلى لكويرة “(10). وما قالت عنه وثائق الاتحاد الأوروبي ب”حياد الغموض الكامل” أو “الحياد بطعم الغموض الكامل”(11) لموريتانيا، يكشف أن مثلث المحاور، بتعبير السنغاليين، يذهب بعيدا نحو الانزلاق، وقد ينتهي إلى مواجهة لن تكون أبدا لحماية نظام ولد عبد العزيز كما وقع في عملية “لاماتان” التي أطلقتها فرنسا جيسكار ديستان لحماية موريتانيا. والمعركة حول لكويرة، ستسحق البحرية الموريتانية بشكل نهائي، فأحدث آلية بحرية تعود إلى عام 2000 “أركان” وأقدمها، داخل الخدمة، يعود إلى 1964 (فوم ليكليتا) وبينهما سفن بحرية: “أبو بكر بن عامر 1994″ و”أوسي 54” ونمادي “جور 1974” والنصر “باتر 1981”. ولا تحمي هذه القوات ما بين 12 إلى 30 ميلا بحريا فقط، بل تتواجد 90 في المائة منها لحماية نواذيبو التي تعتبر “لكويرة” ضمن غلافها الحي، وتمتلك موريتانيا قاعدة بحرية في نواذيبو وأخرى في نواكشوط(12). وفي الخمس سنوات الأخيرة، دخلت موريتانيا خطة لتطوير بحريتها، ومن نواذيبو، قال الأدميرال ولد الشيخ الوالي، بشراء فرقاطتين من 60 مترا وأخرى في طور البناء. وأي معركة حول لكويرة ستكون “مجزرة بحرية” وقوات البوليساريو على الأرض، ومشاركة البحرية الموريتانية ستزيد صعوبة أي معركة. وأكد تقرير المخابرات الأمريكية، في 20 يونيو 2010، على شيخوخة الجيش الموريتاني، ويغطي شباب البوليساريو على هذه النقطة بشكل شبه كامل ومندفع. ويبدو تدخل المغرب البري غير كاف لحسم المعركة، فيما ستكون المواجهة البحرية معقدة، لأن لكويرة هي نواذيبو في الترتيبات العسكرية الجديدة. وتدعم واشنطن ولندن البحرية الموريتانية بشكل واسع للحفاظ على الوضع القائم، دون أن ننسى الدعم التركي لهذه البحرية، وهناك صناعة تركية عسكرية في موريتانيا منذ 25 يناير 2010، وبدأت في الصيانة التي ضمت إليها الطائرات حسب تقرير مركز “أوساك” الصادر في يونيو 2013(13) منبها إلى “اتفاق 28 يونيو 2002” الخاص بتدريب الموريتانيين. وفي كل الأحوال، فإن معركة لكويرة لن تكون “محدودة”، بل شاملة لأن المساس بنواذيبو “خط أحمر” عند قوى دولية وإقليمية ولدى الاتحاد الإفريقي. وتحاول الرباط، من الآن، التأكيد أن الأممالمتحدة لم تجد أي دليل عسكري للمغرب على الحدود الموريتانية(14)، لأن المملكة تتخوف من أي تظلم توجهه موريتانيا إلى الاتحاد الإفريقي، وهو ما يفيد رفض طلب انضمام المغرب إلى هذه المنظمة، والواقع أن ولد عبد العزيز استطاع بمشاركة جيشه ب500 عنصر(15) في حرب اليمن الوصول إلى نقطتين: أ فصل سيناريو حرب المغرب على البوليساريو عن حرب الخليجيين ضد الحوثيين. ب تخفيف الدعم الخليجي في أي معركة يخوضها الجيش المغربي في لكويرة. ولم تتخلف واشنطن عن دعم موريتانيا من خلال ناقلات “كوبرا”(16)، ودعم استخباري وخطة متكاملة لحماية نواذيبو تضم في مقدمة عملياتها، شبه جزيرة لكويرة. وتحاول الولاياتالمتحدة الأمريكية رؤية موريتانيا والسنغال منطقة عمليات واحدة، حسب روح مناورات “فلينت لوك” وحركة الفرق الخاصة عام 2016، وهو ما تذهب إليه الشركات الأمريكية والبريطانية، حيث وقعت “كوسموس إنيرجي” و”بي. بي” الإنجليزية بروتوكولا يضخ مليار دولار لتنمية حقل الغاز في السنغال وموريتانيا (31.51 لكوسموس و39.49 للشركة الإنجليزية). وتقطع سياسة الولاياتالمتحدة الأمريكية مع الرباط على مستوى مشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي، أو أي مساس بالوضع القائم في الكركرات ولكويرة. وزاد الدعم العسكري الجزائري إلى موريتانيا، مع اندلاع الأزمة، بما يهيئ الوضع إلى حرب شاملة، ومعركة (لكويرة) لن تكون معزولة. قناعة موريتانيا، أن دخول الجيش المغربي إلى لكويرة تقسيم ل”نواذيبو” و”كانسادو” مع المغرب، فيما يعلن ولد عبد العزيز “تحالفا عسكريا جديدا” تكاد المدينة التي أسسها العقيد الإسباني، بينس، قاعدة جوية في مقابل القاعدة الفرنسية في نواذيبو المسماة تحت الاستعمار الفرنسي، بور إيتان أن تكون مركز ثقل المنطقة مجددا، وتحاول فرنسا منع التصعيد حول “لكويرة”، ويصعب تحريك المدمرات المغربية عبر البحر وأولها “الفريم” وغيرها في أي حرب، لعدم تجاوز الخط الأحمر الذي رسمه الحسن الثاني في المياه، وتنازل الملك الراحل، على مستوى البر، لرغبة أبدتها فرنسا، وانسحب من المدينة كي لا تثير باريس أو مدريد مشكلة “أراضي1979” التي دخلها دون اتفاق، وبدهائه، التزم بما كان عليه موقع لكويرة في “اتفاقية مدريد الأولى 1912″ تعزيزا ل”اتفاقية مدريد الثانية 1975”. تقول الوثائق التاريخية أن العقيد، فرانسيسكو بينس، تسلم عام 1916، من أعيان الركيبات موافقتهم على تسليم إسبانيا أرضا من أجل قاعدة جوية في بير الذئب لمواجهة الفرنسيين، وسمحت الاتفاقية مع باريس، في نفس السنة، للفرنسيين بالدخول إلى وسط شبه الجزيرة الصغيرة على أن تضمن إسبانيا حماية نواذيبو وغلافها. ووافق الحسن الثاني على مجموع الاتفاقيات الموروثة، لضمان بقائه في الجزء الذي تنازلت عنه موريتانيا من الصحراء، حسب “اتفاق مدريد 1975″، وقرر جيشه الانسحاب من المدينة كي تقبل موريتانيا بوقف إطلاق النار، وقرر بعدها بناء جدار سادس إلى المحيط الأطلسي لإبقاء الخارطة محكومة بوقف إطلاق النار تضمنه الأممالمتحدة. ويصعب تجاوز هذه التقديرات المتداخلة، وإن في فترة انتقالية في البيت الأبيض (من أوباما إلى ترامب) والأممالمتحدة بذهاب بان كيمون، ونهاية فترة السيدة الجنوب إفريقية (زوما) على رأس مفوضية الاتحاد الإفريقي. وبدا أن لا شيء يتحرك دون حرب، والقناعة السائدة، أن انتصار المغرب في معركة “لكويرة” تقسيم لنواذيبو مع الجار الشمالي لموريتانيا. والواقع، أن تحولا طرأ في نواكشوط، لأن المخابرات الأمريكية “السي. آي. إي” منذ 2001، أضافت إلى التنظيمات الشبه عسكرية: الشرطة الوطنية والحرس الرئاسي الذي يقود البلاد اليوم، وتوقعت واشنطن بفعل هذه التحولات، تقديرات وسياسات مختلفة. وحاليا، كلما زاد تعاون المغرب والسنغال، الداعمة لزنوج موريتانيا، يتقدم تعاون “البيضان”، بين شمال موريتانيا والبوليساريو، لأن الوضع يتحول إلى “صراع عرقي” تبعا لإحداثيات المنطقة المتفجرة، وحاليا يمكن القول أن بير الذئب “بيضانية”. والتكتل حول لكويرة “بيضاني” وعرقي، ولا يهتم لمفهوم الدولة الذي تراجع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. واختلفت الدولة المحتضنة لضغط “السود الأفارقة” بتعبير “هيومان رايتس” عام 1994(17)، لكن هذا الوجه لم يعد اجتماعيا، بل جيوسياسيا، لأن موريتانيا بين أزمة المياه مع نهر السنغال(18) وأزمة المياه المالحة في الشمال، وفي أزمة مع رأسمال المملكة، من الاتصالات إلى الأبناك (التجاري وفا بنك)(19)، ومع السنغال لتواصل الخلاف حول حقل الغاز الساحلي وقطاع الأسماك الذي يعود فيه الاتفاق مع دكار إلى 1974 (250 ألف أورو ل50 طن). وبفعل مشكلتي “لكويرة” و”اتفاق 1974″، تعود الأمور مع ولد عبد العزيز إلى ما قبل حرب الصحراء، أي أننا أمام حرب ثانية تؤكد الأممالمتحدة، أنها شاملة ولن تقف عند حدود مشكل بعينه، وستطلب تسوية نهائية لكل القضايا العالقة. الجزائر دافعت عن لكويرة في حضن موريتانيا منذ 1971، ولم تقبل بوقف إطلاق النار في الصحراء، إلا بعد انسحاب الجنود المغاربة منها تقول “لوموند الفرنسية” في 28 نونبر 1971، “إن الجزائر سلمت ما قيمته 300 مليون فرنك فرنسي من الآليات العسكرية كي تكون لموريتانيا إدارة لكويرة”. وطرح مصير القاعدة الجوية في لكويرة مشكلا رئيسيا في قضية الصحراء قبل تسويتها، وساعدت باريس الجزائر في هذا المسعى، من أجل إضعاف إسبانيا، ودعم عملها انطلاقا من موريتانيا، وحرصت فرنسا على هذه الوديعة، وسحب الملك الحسن الثاني الجيش المغربي من لكويرة قبل وقف إطلاق النار. واليوم تتكتل الجزائر وموريتانيا والبوليساريو، في ظل صمت فرنسي ضد تعديل الوضع القائم، لأن الملك الراحل لم يجد بدا من تراجع الجيش المغربي لبناء “الجدار السادس” وأخلى لكويرة التي حافظ عليها لسنوات، وهيأ استفتاء للساكنة تعود به الصحراء بكل حدودها إلى المغرب، فيعود المغرب إلى لكويرة. ولا يمكن صمود وقف إطلاق النار، إن أعلنت المملكة المغربية المس بالوضع القائم في “لكويرة “، ومن خلال تسوية هذا المشكل، توصلت الأطراف إلى وقف إطلاق النار، ويمكن صناعة خارطة جديدة لتعديل المنطقة، فلا علاقة للأمر بدخول سلاح البحرية الأول في المملكة “الفريم” إلى قلب لكويرة، ولكن له علاقة بالتسوية الدولية التي لم تنضج “الأحوال” لعقدها. وتزودت البوليساريو بأسلحة متطورة ضد الدروع، لوقف اجتياح “المناطق العازلة”، لأن السيناريو المعول عليه في تندوف والجزائر ونواكشوط، هو أن الجيش المغربي سيقف في معركته القادمة على الحدود الدولية مع الجزائر وموريتانيا، وفي ظل هذا الوضع وحده يمكنه دخول “لكويرة”. اجتياح المناطق العازلة للوقوف على الحدود الدولية للجزائر وموريتانيا يضمن دخول “لكويره” ضمن نفس الاعتبار لا يمكن للمغرب دخول “لكويرة”، إلا في حال وصول الجيش المغربي إلى الحدود الدولية لموريتانيا والجزائر، ولذلك يدفع البوليساريو بمقاتليه لوقف هذا السيناريو في المناورات الأخيرة، وبدعم موريتاني وجزائري، يضمن للدولة المعترف بها من نواكشوط والجزائر العاصمة “الدفاع عن نفسها “، وعرقلة تعديل الخارطة الحالية. وإن بقي الوضع القائم دون حل سياسي لقضية الصحراء، ستكون التطورات الأخيرة في الكركرات مدعاة لتعزيز وجود “الدولة” المعلنة من جانب واحد في المناطق العازلة. وتؤكد الأمانة العامة للأمم المتحدة، قبل خروج بان كيمون، أن خلاف الكبار في الصحراء انتقل إلى السودان، وسيترك التطورات تذهب نحو “الصدام العسكري”، وسيعود العالم إلى حرب ساخنة من سوريا وإلى باقي بؤر التوتر. ولا يريد الكبار سلاما في إفريقيا، يسرع من تطورها وشراكتها، لأن بعض القوى الإفريقية استعملت مناورة الدول العظمى. ومن الطبيعي أن يسهر الكبار على قتل “الاستراتيجية الوقائية” لبعض الدول الفاعلة والشريكة في قرار القارة السمراء، وقد أعلن مستشار الملك، أندري أزولاي، المعتمد وحده ضمن دوائر القرار الغربي، “أن إفريقيا أي 1.5 في المائة من ساكنة العالم ب3 في المائة من التجارة و4 في المائة من الثروة، مدعاة لإغراق البحر المتوسط والمتوسطية وأوروبا واتحادها، ولا تجد روسيا مانعا من خلط الأوراق في إفريقيا، لإضعاف الاتحاد الأوروبي للقبول بشروط بوتين، ولا يمانع دونالد ترامب من ضرب مصالح الصين في إفريقيا عبر الفوضى”. وتتفق التوجهات الدولية على الشروع في حرب إقليمية شاملة، وتريد أطراف عدة تغيير المواقع، لكنها لا تدرك الخسائر، فالبوليساريو ستحارب مع إبراهيم غالي، الذي يعرف كيف يقود الجبهة في الحرب وليس في حالة السلم. وتعول نواكشوط على إغلاق الحدود مع المغرب، على شاكلة الحدود المغلقة مع الجزائر، للقول ب”الحدود الموجودة واستمرار الوضع القائم”، وتتهيأ الظروف لسيناريو الحرب بنفس الدرجة التي قررت فيها نواكشوط إغلاق الحدود، كي لا تسمح للبوليساريو بختم الجوازات، ولا تمنعها عن ذلك كي لا تمس بقيمتها ك”دولة”. ويتوقف الوضع على ما هو عليه، لرغبتها في أن تكون الكركرات منطقة خلاء مثل لكويرة، والسؤال، هل يستدعي غلق معبر “الكركرات” مع موريتانيا حربا؟ تقول الجزائر: “إن هذه الحالة تمنح الفرصة لمنع دخول المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، والخسارة ستكون استراتيجية قد تقلب الخارطة، لأن التهديد بإغلاق الحدود الموريتانية المغربية، إعلان حرب”. هوامش 1_ «el ultimo testigo la aguera» (sur net). 2_ (eguilas y la guera se hermanan, aguila snoticias.com) (8/7/2005). 3_ «protocolo de cooperacion entre el ayan tamiento de alaquas y la daira, la guera» (r. 20/12/2016). 4_ «gemellaggie pattidiamiciea, consiglio regionale, la verdad» 16/5/2016. 5_ «la guera, sahara» (le ganes.org). 6_ «sahara occidental, un conflicto des grandes repercusiones para espana», domingo delpino.com (leviatan magazine) 13/8/1985. 7_ national industriel and minining corporation . 8_ by hassan masiky, morocco world news.com (7/1/2016). 9_ «DDB 2680- 104 – 85 ICOD», 15 octobre 1984 (publiée 29 avril 2014). 10_ «laser du lundi», Dakar actu (1/8/1016). 11_ «ec.europa.eu.courrier 191» (mars – avril 2002). 12_ (contrydata.com 8591). 13_ turkey – Mauritania military: African calculations or transatlantic calculations? international strategic research organization, USAK center n° 13-02 july 2013. 14_ UN finds no evidence of Moroccan military activity in Mauritania bordrs, by Barret bilali (morocco world news 19/8/2016). 15_ (north africa post.com) (16/10/2016). 16_ mauritania has received otokar cobra armoured vehicules , web (20/1/2016) 17_ «Mauritania's compaign of terror, state sponsord repression of black Africans», «human rights watch», Africa 1994. 18_ Mauritania handbook, public intelligence.net 19_ Maroc – Mauritanie: «la crise s'étends vers le domaine bancaire», Ciden ( 22/6/2016