يشهد المغرب، في الآونة الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد يفوق ألف حالة جديدة يوميا، بالإضافة إلى ارتفاع عدد الوفيات، ورافق ذلك عدة انتقادات لظروف التكفل بالمصابين في بعض مستشفيات المملكة، وكيفية تعامل وزارة الصحة مع الأزمة الوبائية. والأسبوع المنصرم، حذرت منظمة الصحة العالمية، من المنحى التصاعدي للإصابات في المغرب، داعية إلى إجراءات أكثر حزما في مواجهة الوباء. واعتبر مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، أن عدد الإصابات والوفيات في المغرب "يظل ضعيفا بالمقارنة مع عدة بلدان لكنه في منحى متصاعد"، محذرا من "أن يصير الوضع أكثر جدية إذا استمر هذا المنحى التصاعدي". وحث غيبرييسوس، السلطات المغربية، خلال مؤتمر صحافي عن بعد من مقر المنظمة بجنيف "بأن تكون أكثر حزما في الإجراءات التي تتخذها" لمواجهة هذا الوضع. وعلى خلفية تواصل ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات بسبب وباء كوفيد-19 في المغرب متجاوزا الألف إصابة جديدة يوميا منذ عدة أيام، عبر عدد من مختصين عن قلقهم من هذا الارتفاع، داعيين السلطات إلى اتخاذ إجراءات أكثر جرأة لمواجهة الوضع. وفي هذا الصدد، يرى عبد الحفيظ ولعلو، الدكتور المتخصص في العلوم البيولوجية والطفيليات والعلوم الوبائية، إن قراءة الأرقام الحالية فيما يخص الوضعية الوبائية، والتي جعلت المغرب يتجاوز عتبة 1000 حالة جديدة يوميا، تبعث عن القلق. وأضاف ولعلو، في تصريح ل"الأيام24″، "أن هناك تخوف من وثيرة الانتشار الخطير لفيروس كورونا المستجد منذ بداية شهر غشت أي بعد عيد الأضحى، معتبرا أن هذه الوضعية جد مقلقة وخطيرة بعد أن كنا نتحكم في هذه الوضعية، حيث أن الأرقام الحالية تتحدث عن هذه الخطورة فكل المؤشرات الوبائية مرتفعة بالنسبة للشهور الماضية، سواء مؤشر الفتك أي قوة الانتشار الفيروسي من شخص إلى آخر أو مؤشر الوفيات وما يبعث عن القلق بالنسبة للمختصين في هذه الوضعية الوبائية وفي كل ما يتعلق بالحجر الصحي، هو ارتفاع معدل الوفيات في صفوف المصابين بفيروس كورونا، بالإضافة إلى ارتفاع الحالات المؤكدة المخبرية. وعن أسباب ارتفاع نسبة الإصابات والوفيات في المغرب، أوضح ولعلو الدكتور المتخصص في العلوم الوبائية، أنه "منذ بداية هذا الشهر، الحصيلة اليومية للحالات المؤكدة بالمغرب، تسجل أكثر من 1000 حالة وقد وصلنا إلى 1500 في اليوم، وهذا مؤشر يقلقنا كمتتابعين للوضعية الوبائية، وممكن أن نقول أن هذه الوضعية هي نتيجة لعدة عوامل، أولها التراخي لا من حيث سلوك المواطن عدم احترام كل الإجراءات الوقائية، في مقدمتهم الزامية وضع الكمامة، ثم التباعد ثم غلس الأيدي وعدم التجمهر والتجمعات بين الأشخاص. واعتبر ولعلو، أن " مشكل التراخي، لاحظناه منذ أسابيع وكذلك حتى بالنسبة للسلطات شعرنا بأن هناك تراخي وعدم نهج السلوك الذي كان يطبعها منذ بداية الوضعية الوبائية من صرامة وتطبيق القانون وكل ما يتعلق بالعقوبات القانونية لكل من لا يحترم تلك الإجراءات التي اتخذت في إطار حالة الطوارئ الصحية لمكافحة فيروس كورونا". وأكد ولعلو الدكتور المتخصص في العلوم الوبائية، أن "هذا عامل أساسي، فهناك مسؤولية فردية، كما أن هناك مسؤولية جماعية تهم كل أفراد المجتمع وفي جميع مناطق المملكة، ناهيك عن العامل الثاني هو زيادة في عدد التحاليل للكشف المبكر عن فيروس كورونا، الآن وصلنا إلى 23 ألف يوميا، وهذا في نظري رقم غير كاف وقلنا في عدة مناسبات سابقة، يجب توسيع الكشوفات لا من حيث في بعض المدن التي عرفت بؤر وبائية كجهة طنجة، وجهة مراكش، وجهة الدارالبيضاء، وجهة فاسمكناس، ثم جهة الرباطسلاالقنيطرة، ثم كذلك تأمين تلك التحاليل في كثير من الأوساط، لا في المقاولات والمقاهي والفنادق والتجمعات والأحياء الشعبية التي للأسف فيها تراخي وعدم احترام للتدابير الإحترازية والوقائية"، حسب تعبيره. وأوضح ولعلو أن "العامل الأخر والذي كان متوقعا وقد سبق أن صرحنا به بأن موعد عيد الأضحى، كان مناسبة لفتح كل ما يتعلق بالتنقلات عبر الحافلات والسكك الحديدية وهناك تنقل من جهة إلى أخرى، وهذا أدى إلى انتشار الفيروس في كثير من المناطق حيث الآن لاحظنا أن ليس هناك جهة لم تعرف الفيروس، فبعدما كانت الأقاليم الجنوبية للمملكة، محمية من الجائحة، أصبحنا الآن نتكلم عن العيون والداخلة وكلميم، وكل المناطق الجنوبية التي كانت في منأى عن الانتشار الخطير لفيروس كورونا المستجد، وهذا العامل الأخير قد أدى إلى تسجيل أرقام مخيفة، والتي نقول أنها موجة ثانية بأرقام مقلقة وخطيرة، أخطر من الأرقام التي كنا نعرفها في الشهور الماضية أي بداية انتشار فيروس كورونا شهر ماي وأبريل ويونيو. وأبرز ولعلو، أن "هذه قراءة أولية ويمكن أن نرجع إلى مدى الوضعية الخطيرة لأن هناك مشاكل ومن بينها، كيف يتم تحمل هذه الحالات بالنسبة لأشخاص الذين لم تكن لديهم أعراض، وهم يشكلون أكثر حوالي 85 في المئة من مجموع حاملي الفيروس المستجد، وهؤلاء يشكلون خزانا لكورونا، وهم لا يدركون أنهم يحملون الفيروس، وبما أنهم يتنقلون ويتصلون بسهولة، فإن ذلك يساهم في انتشار فيروس كورونا. وشدد الدكتور المتخصص في العلوم البيولوجية، أن "هناك مشاكل كبيرة تطرح على المنظومة الصحية بكاملها، وهذا تحدي أكبر للفيروس، وهو كيف تواجه المنظومة الصحية الحالية بمشاكلها وبعجزها من موارد بشرية وأسرة وخاصة أسرة الإنعاش، لأنه لا يعقل أن يكون المغرب يتوفر على ما يقارب من 1600 سرير إنعاش في جل المدن الكبرى، والأكيد أن الملك محمد السادس، أخذ إجراءات احترازية سابقة، أدت إلى نتائج مهمة، جعلتنا نقول أننا نتحكم في الوضعية الوبائية، وكذلك التعاون ما بين القطاع العمومي والعسكري والخاص، كان شيء إيجابي ومهم، وله تأثير واضح في بداية الجائحة، لكن الآن بعد شهور، نلاحظ أن هناك عياء حتى بالنسبة للأطر الصحية، لا بالنسبة للأطباء أو الممرضين أو الممرضات أو الصيادلة، وهناك تجاوز هذه المنظومة الصحية بالنسبة لعدد الوفيات، وكذلك بالنسبة لعدد الحالات الحرجة التي تؤدي إلى التنفس الاصطناعي". ولفت ولعلو، في هذا الصدد، إلى "أن الإحصائيات التي تتوفر من المستشفى الجامعي بالدارالبيضاء فإن 80 في المئة من الحالات الحرجة والتي تدخل أقسام الإنعاش فهي تؤدي إلى الوفاة، وهذا شيء خطير، لأننا الآن أمام وضعية جديدة، الشيء الذي دفع بوزارة الصحة، أن تنادي المواطنين بأن يخضعوا للكشف المبكر عن فيروس كورونا، قبل أن يصلوا إلى مرحلة متقدمة، وتظهر عليهم أعراض الفيروس المستجد. وأشار ولعلو، إلى أن "الوضعية الآن خطيرة ويجب الحذر واليقظة والتضامن وتوفير كل الإمكانيات البشرية والمادية من أجل تجهيز المنظومة الصحية بكل ما يلزم ومن أجل أن يكون لدينا الموارد البشرية الكافية التي هي معبئة ولكن غير كافية من أجل مواجهة الطلب بالنسبة لهذه الوضعية الوبائية الخطيرة التي فاجأت الجميع، لكن لم تفاجأ المختصين والباحثين في العلوم الوبائية حيث سبق أن حذروا من أن المغرب يمكن أن يعيش موجة جديدة ثانية، إذ كان تراخي وعدم الإجراءات الاحترازية والوقائية، لكن بعض العمالات والجهات أصبحت تراجع تدابير الوضعية الحالية، وتطبق إجراءات وقائية وحجر صحي، وعزل بعض الأحياء وبعض المدن. وبدأ المغرب برفع الحجر في يونيو عقب ثلاثة أشهر من الإغلاق الصارم، لكن السلطات عادت لتقيد التنقل من وإلى ثماني مدن كبرى ومتوسطة أواخر يوليوز. ومددت حال الطوارئ الصحية حتى 10 شتنبر، بينما لا تزال حدود البلد مغلقة حتى إشعار آخر، ما أدى إلى أزمة غير مسبوقة في قطاع السياحة الحيوي.