الإسم محمد السادس.. المهنة: "ملك"، وهذه المهنة تتناقض تماما مع الظل، وجزء من واجباتها هو الحضور الدائم المتواصل، وتعامل الملك محمد السادس كان مختلفا مع الأضواء، بحيث آثر أن يستبدل القول بالفعل في استراتيجيته التواصلية، وأن يعبر بالصورة أكثر من تعبيره بالكلمة. في هذا الملف سبر لأغوار التواصل الملكي الرسمي والخاص ذي البعد العمومي، فكيف يتواصل محمد السادس؟ ومن هم رجالات القصر في التواصل و الإعلام الملكي؟
عبد الحق المريني.. لسان حال القصر أياما قليلة بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني نصَّب وريث سره ناطقا رسميا باسم البلاط. هي أول مرة يستحدث فيها هذا المنصب الذي عكس جانبا من الطريقة التي يريد محمد السادس ان يسير بها البلاد. انفتاح وتواصل ومؤسسة مكلفة بهذا الغرض والهدف المعلن: إنهاء التعتيم حول القصر الملكي، تك كانت الرسالة وحسن أوريد يجلس في يوليوز 1999 على كرسي رجل التواصل الأول في تاريخ المملكة. سيستمر العمل بهذه المؤسسة، التي عبرت عن انفتاح القصر الملكي الذي يفترض أن يكون متواصلا باعتباره فاعلا سياسيا، إلى حدود يونيو 2005 تاريخ إنهاء علاقة ابن مدينة الرشيدية بهذه المؤسسة التي ركنت بعد هذا التاريخ الى الانزواء والصمت، ولعل اختفاءها دفع بالقول إنه تراجع من قبل المؤسسة الملكية عن مؤسسة الاتصال المرتبطة بها، ولعل ما قوى فرضية التراجع السنين التي قضاها القصر الملكي بدون مسؤول عن هذا المنصب المستحدث مع بداية العهد الجديد. في العام 2012، شهورا بعد تصويت المغاربة على أول دستور في عهد الملك الحالي، ستعود مؤسسة الناطق الرسمي باسم القصر الملكي إلى الواجهة عندما عين محمد السادس الرجل المخضرم بالقصر الملكي عبد الحق المريني ناطقا رسميا باسمه، ويعود النقاش حول أسلوب حكم محمد السادس الذي يريده منفتحا على التواصل عكس والده الذي لم يخلق هذا المنصب على عهده. عبد الحق المريني رجل القصر بامتياز، فعن سن التاسعة والسبعين مازال ابن مدينة الرباط يمارس مهمتين حساستين ويشرف على منصبين ساميين، هما مؤرخ المملكة والناطق الرسمي باسم بلاطها. المريني الحاصل على شهادة الدكتوراه في الآداب من جامعة ستراسبورغ الفرنسية وأخرى من جامعة محمد بن عبد الله بفاس، عمل أستاذا للغة العربية بالمحمدية والرباط قبل أن يعين ملحقا بمديرية التشريفات و الأوسمة ما بين 1965 و 1972، ومكلفا بمهمة بوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة الى غاية سنة 1998، التي سيصبح فيها مديرا للتشريفات الملكية والأوسمة. وبعد سبع سنوات من فراغ منصب الناطق الرسمي سيتم تعيين المريني في أكتوبر 2012 مسؤولا عن هذه المؤسسة.
فيصل العرايشي.. حارس قنوات تصريف الصورة الملكية
يمكن القول إن القناة «الأولى»، التي يشرف على تسييرها المباشر ابن مدينة مكناس فيصل العرايشي، تعتبر حلقة أساسية في تواصل الملك محمد السادس مع المغاربة. هي نقطة اللقاء في المناسبات التي تستدعي التوجه بخطاب إلى الأمة وجسر التواصل والتعريف المفصل بما يقوم به الملك من أنشطة عمومية غالبا ما تكون يومية. ولعل هذه الأنشطة الملكية وما تتضمنه الفقرات التي عبر البعض عن ضرورة تغييرها، تجعل من النشرة المسائية أكثر ما يشاهد على هذه القناة المغربية الأولى. وحكاية التلفزيون المغربي بالغة التعقيد، ففي حين كانت المعارضة القوية أحزاب الحركة الوطنية هي من تمتلك الصحافة المكتوبة ذات التأثير القوي، ظل القصر يحتفظ بسلاح التلفزيون، ووصل الأمر إلى حد تكليف إدريس البصري، وزير الداخلية القوي على عهد الراحل الحسن الثاني، بالإعلام، وقد عين البصري واليا من وزارة الداخلية على رأس التلفزيون وعاملا على رأس الإذاعة وصارت أولى مطالب المعارضة والمجتمع المدني لمدة عقد من الزمان تقريبا هي: فصل الإعلام عن الداخلية. وقد تم تعيين الشاب فيصل العرايشي في هذا العهد الذي كان فيه الوالي اطريشة مديرا عاما للإذاعة والتلفزيون وأصبح العرايشي مديرا للتلفزيون، واستطاع العرايشي القادم من عالم الإشهار وصاحب العلاقات الواسعة مع محيط الملك محمد السادس أن يصبح مديرا عاما للإذاعة والتلفزيون وأن يواكب كل التحولات الكبرى على القطاع السمعي البصري بالمغرب من «تأميم» القناة الثانية إلى تأسيس الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون إلى خلق القطب العمومي، الذي أصبح العرايشي بدون منازع هو عرّابه. إن دور التلفزيون بالخصوص حساس، وهو الوسيلة الأولى والأهم في رقعة الاستراتيجية التواصلية للقصر، ولذلك كانت هناك دائما صعوبات جمَّة في اقتحام قلعته، ولا أدل على ذلك مما جرى لوزير الإعلام في أول حكومة تناوب ذ. العربي المساري الذي رفض مدراء الإذاعة والتلفزيون تنفيذ قرار له بإعفائهم، وكذا المعركة التي سميت على عهد الحكومة الحالية بمعركة «دفتر التحملات». وإذا كانت مطالب المهنيين عموما تنصب حول تطوير الأداء الاحترافي للتلفزيون العمومي، فإن جناح المحافظة يظل يلوح دائما بدفع أن هذه المطالب المهنية إنما تستهدف مباشرة الملك وتتوخى الحد من تغطية أنشطته، وربما هذا هو ما يدفع لحد الآن إلى الحذر المبالغ فيه في الترخيص لتلفزات خاصة. شكيب العروسي.. متتبع كل الأضواء من الظل هو رجل الظل بامتياز، مهني عريق، ولكن احترف تتبع الأضواء دون أن يفارقه حب التكتم والانزواء. شكيب العروسي المكلف بالصحافة في الديوان الملكي يقوم بمهام متعددة كلها تصب في الإعلام وتدخل في صلب التواصل السياسي للقصر الملكي، يشرف على اللوجستيك ويتابع الصحافة، ينظم التغطيات والمواكبات، ولكن لا يظهر أبدا في الصورة. وشكيب العروسي الذي تخرج من جامعة السربون بفرنسا، قضى إلى حدود اليوم أربعين سنة في المهنة، بدأها بالإذاعة والتلفزة الفرنسية منتصف السبعينيات، والتحق بعدها بوكالة المغرب العربي للأنباء ليطبع مكتبها بباريس مراسلا ومديرا لأزيد من عقد ونصف من الزمان، قبل أن يلتحق بمقر الوكالة المركزي نائبا لمدير الأخبار وليعين في 1993 مديرا للإعلام بوزارة الإعلام، حيث سيظل فيه إلى غاية 2003، تاريخ تعيينه مكلفا بمهمة في الديوان الملكي. سميرة سيطايل.. المرأة الحديدية في حقل التواصل الرسمي في القناة الثانية قليلون من يتحدثون عن المدير العام سليم الشيخ وكثيرون يعرفون اسم مديرة الأخبار سميرة سيطايل ويرددونه أكثر مما يرددون اسم المسؤول الأول في بناية عين السبع. يسميها البعض ب «المرأة الحديدية» في «دوزيم»، ويصفها آخرون بأنها الماسكة بزمام أمور القناة، التي قال رئيس القطب العمومي إنه لا يتدخل فيها، وتنعت بالمقربة من المحيط الملكي… استطاعت سميرة سيطايل أن تجعل من مديرية الأخبار قلعة محمية وسط القناة الثانية، وأن تطور الأداء الإخباري لدوزيم مقارنة مع القناة الأولى، وجعلت من التنمية الاجتماعية في المحطات الإخبارية والسياسية في البرامج الحوارية نقطة ضوء على أثير القناة التي تأسست نهاية ثمانينيات القرن الماضي. سميرة سيطايل، القابضة بيد من حديد على القناة الثانية، ولدت في ضواحي العاصمة الفرنسية باريس وقضت مسيرتها الدراسية ببلاد موليير قبل أن تحصل على شهادة الإجازة في اللغة الإنجليزية وتقرر العودة للعمل في المغرب. قبل عودتها استفادت سيطايل، الحاملة للجنسيتين الفرنسية والمغربية، من دورتين تكوينيتين في عالم الإعلام بكل من «TF1» و«كانال بلوس» الفرنسيتين، وبعد فترة تدريب ثالثة في الإذاعة والتلفزة المغربية هذه المرة، ستتمكن مديرة الأخبار الحالية لدوزيم من الاستقرار في هذه المؤسسة كصحفية، وانطلق مشوارها المهني بالمغرب. بعد أن قام الهولدينغ الملكي «أونا» بإنشاء «دوزيم» اختارت سيطايل مغادرة الإذاعة والتلفزة صوب تجربة تلفزية شاءت الأقدار أن تعود إلى خانة العمومية، واستطاعت الصحفية الفرنكفونية الشابة أن تظهر كفاءتها وتتسلق سلم المسؤولية تباعا في القناة الثانية. وهي اليوم في سن الخمسين تدرجت سيطايل من العمل الصحفي في «دوزيم» إلى المسؤولية ورئاسة التحرير، ثم عينت نائبة لمدير الأخبار ثم مديرة للأخبار. عرف عن سيطايل التي عبرت عن فكرها في مناسبات عدة اختلافها مع الفاعلين الإسلاميين في المغرب، وأبدت في وقت سابق تخوفها من الحزب الذي يقود الحكومة الحالية، العدالة والتنمية. ولعل الاختلاف بين نائبة المدير العام للقناة الثانية وقيادة الحزب الإسلامي مازال قائما، والعدالة والتنمية تتهم «دوزيم» بمعاداتها ونصب الفخاخ الإعلامية لها، وكان آخر الحوادث امتناع عبد الله بوانو، رئيس فريق المصباح بمجلس النواب، عن حضور حلقة «مباشرة معكم» التي كانت مخصصة لمناقشة الدخول السياسي المقبل.
خليل الهاشمي الإدريسي.. الوسيط الاتصالاتي بين القصر والصحافة بامتياز شهر ماي من سنة 1959، أسس المهدي بنونة وكالة إخبارية خاصة أطلق عليها وكالة المغرب العربي للأنباء. استطاعت الوكالة المغربية، أن تجد لها موطئ قدم في الساحة العربية والدولية كوكالة تعكس وجهات النظر المغربية في مختلف القضايا وتغطي الأحداث في مختلف ربوع المملكة. وبعد أن أصبحت مملوكة للدولة، أضحت الوكالة أيضاً القناة الأولى لتصريف المواقف الرسمية وبث القصاصات المتعلقة بما يحيط بالملك والقصر الملكي من أنشطة وقضايا، وهي كذلك المورد الوحيد لصور الأنشطة الملكية والأميرية... وأصبحت تمتلك قصاصات وصورا حصرية جعلت الاهتمام بمنتوج الوكالة في تزايد مستمر. وكالة المغرب العربي للأنباء واحدة من قنوات الاتصال التي تستعملها مؤسسة القصر الملكي وهي السباقة لبث ما يراد نشره حول محمد السادس ومواقفه وردود أفعاله في ما يجري من أحداث في الساحة الدولية، وبالتالي فهي وسيط اتصالات ملكي - صحفي بامتياز. ولعل أهميتها بالنسبة لأهل القرار بالغة، وقد يعكسها حجم وثقل المدراء العامين الذين تعاقبوا عليها، ولعل أبرزهم على الإطلاق رفيق دراسة الملك محمد السادس ياسين المنصوري الذي يشرف اليوم على جهاز إدارة المستندات المعروف اختصارا ب «لادجيد». تتوفر الوكالة اليوم على إمكانات بشرية مهمة، فهي تضم 26 مكتبا جهويا يغطي مختلف جهات وأقاليم المملكة ومثلها تقريبا من المكاتب الدولية، تعمل على نقل وصياغة الأخبار في عواصم تواجدها، مع التركيز على ما يهم المملكة من أخبار وعلاقات وقضايا، وتخصص لهذا الغرض طاقما بشريا يبلغ عدده اليوم 585 صحفيا وإداريا وتقنيا. وكالة المغرب العربي للأنباء «لاماب» يقودها اليوم خليل الهاشمي الإدريسي الذي خلف علي بوزردة، مدير مديرية الإعلام السابق بالتلفزة المغربية، الذي سبق أن خلف بدوره محمد الخشبي الذي عين بعد ذلك عاملا بوزارة الداخلية. خليل الهاشمي الذي يوجد على رأس الهرم المسير للوكالة بدأ مسيرته المهنية في فرنسا، حيث بدأ مساره الصحفي بعد دراساته العليا ببلاد موليير في بداية ثمانينيات القرن الماضي لينخرط بعد ذلك في ميدان الإعلام والصحافة في المجال الإذاعي. اختار خليل بعد هذه التجربة المهنية العودة في بداية التسعينيات إلى المغرب. بدأ الهاشمي العمل في المغرب رئيساً للتحرير في أسبوعية «ماروك إيبدو» التي يديرها محمد السلهامي، وحاول خليل الإدريسي رفقة هذا الأخير الاشتغال على نموذج الأسبوعية المغربية الفرنسية التي راكم فيها الرجلان تجربة مهنية. بعد ذلك سيتوقف خليل الهاشمي عن العمل في أسبوعية السلهامي سنة كاملة قبل أن يلتحق مديرا للنشر بتجربة جديدة سنة 2001 أطلق عليها «أجور دوي لوماروك»، وخلال مسيرته المهنية بهذه اليومية الناطقة بالفرنسية ترأس الهاشمي الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، قبل أن يقدم استقالته منها إثر تعيينه في السابع والعشرين من يونيو سنة 2011 مديرا عاما لوكالة الأنباء المغربية.