دخلت العلاقات بين المغرب ومنظمة الأممالمتحدة منعطفا جديدا، بعدما شعر المغرب الرسمي و غير الرسمي أن مشاعره وكبريائه تم المساس بها من طرف الأمين العام بان كي مون خلال زيارته الأخيرة لمخيمات تندوف، قبل أن تصدر وزارة الخارجية مساء أمس الثلاثاء بلاغا شديد اللهجة، وتعلن الرباط كرد على تصريحات بان تقليص جزء كبير من المكون المدني وخصوصا السياسي لبعثة "المينورسو" في الصحراء، و إلغاء المساهمة الطوعية التي يقدمها المغرب لبعثة الأممالمتحدة، إضافة إلى بحثه لصيغ لسحب قواته المشاركة في بعثات السلام الأممية بمجموعة من الدول. القرار الذي وصفه الكثير من المراقبين ب "غير المسبوق"، يعيد إلى الأذهان صراع المغرب ومنظمة الوحدة الإفريقية في بداية ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن يعلن الملك الراحل الحسن الثاني أثناء حضوره قمة منظمة الوحدة الإفريقية بنيروبي سنة 1984 انسحاب المغرب من المنظمة، كرد فعل على اعترافها بما يسمى جبهة "البوليساريو" كعضو في المنظمة. ورغم أن السياقان يختلفان بين سنة 1984 و 2016، إلا أن القرارات "غير المسبوقة" التي اتخذتها الرباط كانت قوية جدا بعدما زاغ الأمين العام للأمم المتحدة عن سكة الحياد، وهو ما يعني أن العلاقة المتشنجة بين المغرب و الأمين العام للأمم المتحدة مرشحة للمزيد من التصعيد في الأيام القليلة المقبلة، وقد تصل إلى حد إعلان انسحاب المغرب من ال UN، على غرار انسحابه من منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1984. وبالعودة إلى لغة التاريخ، فالموقف الذي اتخذه الراحل الحسن الثاني في قمة نايروبي، أتى بعدما اختارت مجموعة من الدول المشكلة للمنظمة التي أصبح اسمها في وقت لاحق "الإتحاد الإفريقي" (اختارت) معاداة المغرب من خلال إصدار مواقف مناهضة لملف الصحراء، بقيادة كل من جنوب إفريقيا ونيجيريا والجزائر داخل المنظمة الإفريقية والتي اعتبرها الحسن الثاني سببا واضحا لتبني موقف الانسحاب، خاصة أن هذه الدول انخرطت في صراع تاريخي بسبب قضية الصحراء نفسها ضد المغرب ولا زالت. انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية سبقه إقرار الراحل الحسن الثاني بإجراء استفتاء شعبي في مناطق الصحراء، غير أن القرار لم يتم الاعتماد عليه في ظل وجود مجموعة من النقاط الخلافية بين المغرب وجبهة "البوليساريو" بخصوص من سيسمح له بالتصويت، وهو ما زكته الأممالمتحدة في وقت سابق و اعترف مبعوثها الخاص لحل نزاع الصحراء استحالة إجراء "استفتاء" لإنهاء النزاع. لغة الحاضر والواقع تؤكدان اليوم أن أزيد من 70 في المائة من الدول الإفريقية لا تعترف ب "الجمهورية الصحراوية الوهمية"، 53 دولة إفريقية لا تعترف ب "دولة عبد العزيز المراكشي" منها 17 لم تعترف قط بها و 12 سحبت إعترافها، و 6 جمدت اعترافها، غير أن المغرب الرسمي ما زال يقر أن أسباب انسحاب ارباط من الإتحاد الإفريقي مازال قائما. فهل يكرر المغرب نفس الخطوة ويعلن انسحابه من منظمة الأممالمتحدة في قرار غير مسبوق على المستوى العالمي؟