كشفت التحقيقات الأولية التي تعرفها قضية التفجيرات الإرهابية التي كانت باريس مسرحا لها الجمعة الماضي أن خمسة إرهابيين من سبعة شاركوا في العمليات الإرهابية قاموا بتفجير أنفسهم بعد أن كانوا مطوقين بأحزمة ناسفة تحوي مادة مركزة جدا لثاني أوكسيد الآزوت الشديد الإنفجار. وقال المدعي العام الفرنسي المكلف بقضايا الإرهاب "فرانسوا مولان" إن الكوموندو المسلح الذي نفذ التفجيرات الدامية كان مقسما إلى ثلاثة مجموعات، وأن جميع المتفجرات المستخدمة في الأحزمة الناسفة كانت تحوي مادة ثاني أكسيد الآزوت ومواد أخرى شديدة الإنفجار تم تفجيرها بآلية واحدة.
وقالت مصادرنا إن الطريقة التي نفذ بها إرهابيو باريس عملياتهم تتقاطع إلى حد كبير بالعمليات الإرهابية التي تهز العديد من المواقع في سوريا والعراق وأنها شبيهة إلى حد كبير بالعملية التي كانت بيروت مسرحا لها قبل أسبوع، وتحمل في طياتها بصمة الدولة الإسلامية المعروفة اختصارا ب "داعش" والتي تراهن على مواد تفجيرية قليلة وشديدة المفعول في صناعة الأحزمة الناسفة.
وقالت مصادرنا إن الأحزمة الناسفة التي استعملها الإنتحاريون في أحداث باريس الدموية الأخيرة كانت أحزمة تحوي أزرارا للتحكم في التفجير، إذ تحكم الإنتحاريون في التوقيت والمكان إبان إقدامهم على عملهم الإجرامي، عكس الأحزمة الناسفة التي استعملها انتحاريو 16 ماي في الدارالبيضاء سنة 2003 والتي كانت مقيدة بتوقيت زمني يجب الوصول فيه إلى الأهداف قبل التفجير المبرمج سلفا وأنها أحزمة تفجر تلقائيا بمجرد محاولة نزعها، وهذا ما وقع في حالة الإنتحاري الذي انفجر في "الميعارة" بالمدينة القديمة قبل وصوله إلى الهدف المفترض والذي كان مطعم "ريزيتانيا" المعروف بارتياد الجالية اليهودية .
وزادت مصادرنا أن احتواء الحزام الناسف لانتحاري باريس على مادة ثاني أوكسيد الآزوت زاد من قوة الإنفجار وارتفاع عدد الضحايا، وأضافت مصادرنا أن الإرهابيين الداعشيين يعملون على صناعة أحزمة ناسفة سهلة الاستعمال ولا تحوي العديد من المركبات الكيميائية والمواد المتفجرة لكن لها مفعول قوي في إسقاط عدد كبير من الضحايا.
وكانت المواد المكونة للحزام الناسف الذي استعمله الإنتحاري عبد الفتاح الرايضي والأخوان مها وانتحاريو 16 ماي تحوي تراكيب كثيرة، إذ أن كل حزام هو عبارة عن أنبوب يحوي أحماض نترات الفضة والكبريت وسائل الديناميت القابل للتفجير، كما كان يضم حزام الانتحاريين المغاربة وخاصة منفذي أحداث الدارالبيضاء الإرهابية بقايا بطاريات مستعملة وكريات نحاسية صغيرة ومسامير، وقد تم إيصال الأنبوب الذي يضم هذه المكونات بخيط كهربائي موصول ببطارية صغيرة تنتهي بزر يدوي سهل الإستعمال، وبمجرد الضغط على الزر تمر الحرارة عبر الخيط الكهربائي إلى الأنبوب لينفجر مباشرة بعد ذلك.
وتعرض الخليط المنجز بأنبوب الحزام الناسف لدرجة حرارة عالية يجعله ينفجر تلقائيا، حسب مصادرنا، وهذا ما يدفع العديد من الانتحاريين إلى اختيار الساعات الأولى للصباح للتفجير كما حالة الأخوان مها بشارع مولاي يوسف والرايضي بحي سيدي مومن أو اختيار الليل كما الحال في تفجيرات الدارالبيضاء 16 ماي 2003 الإرهابية. .