منذ أزيد من شهر اختفت شاحنة محملة بمادة «نيترات الأمونيوم»، وبعد كل هذه المدة لم يحدد إلى حد الساعة وجهتها ولا مصيرها رغم الأخبار التي راجت حول اعتقال سائقها والتي سرعان ما كذبتها مصالح الأمن. المعروف أن نترات الأمونيوم تستخدم بشكل كبير في الأسمدة بسبب تضمنها للآزوت لكنها في الوقت ذاته وبسبب تركيبتها فهي مسببة للحرائق لذلك تعتبر مادة أساسية في تصنيع المتفجرات. منذ اختفاء الشاحنة من الجرف الأصفر، لم نشعر بوجود قلق كبير لدى الأجهزة الأمنية المنوط بها سلامة البلاد والمواطنين، خاصة إذا علمنا أن نفس هذه المصالح كانت حازمة وقامت بالدور المنوط بها خلال أيام «الأحزمة الناسفة» التي كانت قد صنعتها بشكل تقليدي خلايا إرهابية اعتقل جل عناصرها ونفذ آخرون عمليات انتحارية سواء في سيدي مومن (الرايضي في مقهى الانترنت) أو في حي فرح (محمد رشيدي ومحمد مانطالا) أو في شارع مولاي يوسف قرب القنصلية الأمريكية (الأخوان مها). على امتداد سنوات خاضت مصالح الأمن (منذ التفجيرات الارهابية 2003) حربا استطاعت خلالها أن تصل باستمرار إلى عناصر إرهابية وهي في طور صنعها أو تجريبها لقنابل تقليدية حيث تم حجز مواد كيماوية مختلفة تدخل في صنع المتفجرات تم الحصول عليها بطرق مختلفة، ويسهل استخدامها انطلاقا مما ينشر على الانترنت في المواقع «الجهادية». المشكلة تكمن في أن الأفكار المتطرفة المغذية للعقول التي تعمل على صنع المتفجرات لتنفيذ مخططاتها الارهابية عادت لتروج بشكل أشد داخل مجتمعنا. ومادام هذا الفكر رائجا فإن التهديد يظل قائما خاصة في ظل تنامي التطرف بالدول المحيطة بالمغرب وما يشهده شمال مالي والنداء الأخير لما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي الذي دعا إلى سفك المزيد من الدم. إن حادث الشاحنة المختفية جاء متزامنا مع اعتقال شخص متطرف يعمل على مداهمة عيادات طبية بعينها بحثا عن مادة الزئبق التي تستعمل في صناعة أدوات قياس الحرارة، هي مادة تدخل أيضا في صناعة المتفجرات. هذه المؤشرات إذا تم تجميعها وربطها بالنداء الأخير للقاعدة فإنها تفضي إلى استنتاج وحيد يدعو إلى القلق، لكنه ينبه إلى المزيد من الحذر.