1- حينما نقرأ منطوق الفصل 49 من دستور 2011 نجده ينص في فقرته الأخيرة ضمن ما يتداوله المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك على: "التعيين باقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من الوزير المعني، في الوظائف المدنية التالية: والي بنك المغرب، والسفراء والولاة والعمال، والمسؤولين عن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي، والمسؤولين عن المؤسسات والمقاولات العمومية الإستراتيجية. وتحدد بقانون تنظيمي لائحة هذه المؤسسات والمقاولات الاستراتيجية". 2- وحينما نقرأ منطوق الفصل 92 من دستور 2011 نجده ينص في فقرته قبل الأخيرة ضمن مايتداوله مجلس الحكومة ما يلي: "تعيين الكتاب العامين، ومديري الإدارات المركزية بالإدارات العمومية، ورؤساء الجامعات والعمداء، ومديري المدارس والمؤسسات العليا. وللقانون التنظيمي المشار إليه في الفصل 49 من هذا الدستور، أن يتمم لائحة الوظائف التي يتم التعيين فيها في مجلس الحكومة. ويحدد هذا القانون التنظيمي، على وجه الخصوص، مبادئ ومعايير التعيين في هذه الوظائف، لا سيما منها مبادئ تكافؤ الفرص والاستحقاق والكفاءة والشفافية". 3- الملاحظة هي أنه في الفصل 49، مناصب التعيين في المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك لا تقتضي التنصيص، بخصوصها في القانون التنظيمي على مبادئ تكافؤ الفرص والاستحقاق والكفاءة والشفافية، بينما في الفصل 92، مناصب التعيين في مجلس الحكومة الذي يترأسه رئيس الحكومة تقتضي التنصيص بخصوصها عل مبادئ تكافؤ الفرص والاستحقاق والكفاءة والشفافية. 4-لماذا جردت مناصب التعيين في المجلس الوزاري من سياج ضرورة انضباطها لتلك المبادئ؟ هل تلك المناصب شكلية لا علاقة لها بمسؤولية تدبير الشأن العام التي تستتبعها محاسبة والتي تتطلب حرصا على اختيار الأصلح لها؟ ألا تقتضي هي أيضا إعمالا لتلك المبادئ؟ كما المناصب التي يتم تعيينها في مجلس الحكومة؟ 5- الجواب أن تلك المناصب لها أثرها في تدبير الشأن العام ومسؤولية ترأسها تقتضي حرصا مؤطرا بمبادئ تكافؤ الفرص التي نص عليها دستور 2011 في تصديره، وإذن التنصيص على التعيين فيها بدون الانضباط لهذه المبادئ المنصوص عليها دستوريا يعد قفزا على الدستور وتجاوزا له وسموا عليه. 6- تخلص بنا نتيجة هذا الفحص الدستوري لهذين الفصلين أننا أمام ظاهرة "الفوق دستورية" التي تستدعي الدستور لتسمو عليه في إطار نظام الملكية التنفيذية المتجاوزة للدستور الذي أطرها.