عندما تنازعت الفرق النيابية حول انتخاب كريم غلاب رئيسا لمجلس النواب، وذلك بالنظر لكونه وزيرا في حكومة ينص الدستور الجديد على أنها تواصل مهامها إلى حين تنصيب حكومة جديدة، ومع اشتداد الخصام والتأويل والتأويل المضاد للنصوص القانونية رجع الجميع إلى لا زمة واحدة ألا وهي ضرورة التنزيل السليم للدستور. وبمناسبة عودة النقاش حول التنزيل السليم للدستور لابد من أن يتم في كل شيء وخصوصا في تلك التي يمتلك فيها رئيس الحكومة سلطا مطلقة حيث ينص الفصل 91 من الدستور على أن "رئيس الحكومة يعين في الوظائف المدنية في الإدارات العمومية، وفي الوظائف السامية في المؤسسات والمقاولات العمومية، دون إخلال بأحكام الفصل49 من هذا الدستور، الذي ينص في إحدى فقراته على أن المجلس الوزاري يتداول في "التعيين باقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من الوزير المعني، في الوظائف المدنية لوالي بنك المغرب، والسفراء والولاة والعمال، والمسؤولين عن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي ، والمسؤولين عن المؤسسات والمقاولات العمومية الاستراتيجية" و يمكن لرئيس الحكومة تفويض هذه السلطة. أما الفصل 92 من الدستور فإنه ينص على أن مجلس الحكومة يتداول في "تعيين الكتاب العامين، ومديري الإدارات المركزية بالإدارات العمومية، ورؤساء الجامعات والعمداء، ومديري المدارس والمؤسسات العليا.. ويحدد القانون التنظيمي، على وجه الخصوص، مبادئ ومعايير التعيين في هذه الوظائف، لاسيما منها مبادئ تكافؤ الفرص والاستحقاق والكفاءة والشفافية". فالدستور كان واضحا في هذا الشأن، فبالقدر الذي منح رئيس الحكومة صلاحيات التعيين في بعض المسؤوليات بقدر ما قيده بضرورة أن يخضع ذلك لقوانين تنظيمية تحدد المعايير للاختيار وتضمن تكافؤ الفرص والاستحقاق والكفاءة والشفافية. فهذه التقييدات الهدف منها ضمان تنزيل سليم للدستور وتجاوز الاعتبارات التي كانت تتحكم في التعيين في هذه المناصب، والتي كانت تتحكم فيها الولاءات للشخصيات المحورية في الحزب بدل الكفاءات، وكانت بمثابة تعويض عن الخدمات التي قدمها البعض للحزب. والآن بعد أن تم تعيين بنكيران رئيسا للحكومة بشعارات رنانة بدأت تشرئب الأعناق للمسؤوليات خصوصا الكتابات العامة والمديريات. التنزيل السليم للدستور يفرض اختيار الأكفأ حتى لو كان ابن الحزب ولا عيب في ذلك لكن ليس من حق الحزب أن يعتمد صفة الانتماء والولاء في التعيين حتى لا تحيلنا الحكومة الجديدة على الأحزاب التي ترى في الحكومة كعكة ينبغي اقتسامها أو زاوية يرضي فيها الشيخ مريديه.