إن النفس المتحكم في هيكلة حكومة بنكيران يتلخص بشكل أساسي في سعيها لخلق نوع من التناغم والانسجام مع سياق التحول الذي يعرفه المغرب، إذ يتضح أن عدد من الرهانات والتحديات التي أفرزها الحراك العربي( وظلاله المغربي، الذي ميز سنة 2011) انعكس بشكل جلي على هيكلة الحكومة. حراك أفضى مغربيا إلى إقرار دستور جديد، وإجراء انتخابات تشريعية أكثر شفافية من سابقاتها، وأفرزت وصول الإسلاميين إلى قيادة تدبير الشأن العام. كما تميز الحراك المغربي برفع مطالب تتلخص في محاربة الفساد، وتكريس قيم المحاسبة والمسائلة والشفافية، و مطلب تحقيق العدالة الإجتماعية وبناء اقتصاد تنافسي. من الناحية الدستورية، رعت هيكلة الحكومة طبيعة الصلاحيات الدستورية الممنوحة، وفق الدستورالجديد، لمؤسسة الحكومة، إذ يشيرالفصل92 من دستور 2011، على « أن مجلس الحكومة، يتداول تحت رئاسة رئيس الحكومة، في القضايا والنصوص التالية : السياسة العامة للدولة قبل عرضها على المجلس الوزاري، السياسات العمومية، السياسات القطاعية، طلب الثقة من مجلس النواب، قصد مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، القضايا الراهنة المرتبطة بحقوق الإنسان وبالنظام العام، مشاريع القوانين، ومن بينها مشروع قانون المالية، قبل إيداعها بمكتب مجلس النواب دون إخلال بالأحكام الواردة في الفصل 49 من هذا الدستور، مراسيم القوانين، مشاريع المراسيم التنظيمية، مشاريع المراسيم المشار إليها في الفصول 65 (الفقرة الثانية) 66و70 (الفقرة الثالثة) من هذا الدستور، المعاهدات والاتفاقيات الدولية قبل عرضها على المجلس الوزاري تعيين الكتاب العامين، ومديري الإدارات المركزية بالإدارات العمومية، ورؤساء الجامعات والعمداء، ومديري المدارس والمؤسسات العليا. وللقانون التنظيمي المشار إليه في الفصل 49 من هذا الدستور، أن يتمم لائحة الوظائف التي يتم التعيين فيها في مجلس الحكومة. ويحدد هذا القانون التنظيمي، على وجه الخصوص، مبادئ ومعايير التعيين في هذه الوظائف، لاسيما منها مبادئ تكافؤ الفرص والاستحقاق والكفاءة والشفافية». هكذا إن فإن فلسفة هيكلة حكومة بنكيران سعت إلى الاجتهاد في إطار الدستور، من أجل تجسيد روح الدستور ومتطلبات المرحلة التي تتطلبها تدبير السياسات العمومية وخلق عناصر النجاعة والمردودية والإبداع داخل الحكومة، في سياق يسعى لربط المسؤولية بالمحاسبة.