كل إنسان له اختيارات في الحياة، ولكل اختيار من هذه الاختيارات حكاية يتداخل فيها الذاتي والموضوعي، ويحضر فيها أشخاص ووقائع وكتب ومواقف... وتغيب تفاصيلها عن الناس حتى يعتقد بعضهم أن الكاتب أو المبدع ولد بكامل الوعي والإبداع الذي عرفه به الناس، أو أن الإسلامي ولد إسلاميا واليساري يساريا... مع عبد الله زعزاع (الحلقة 2) إنجاز: علي جوات كيف أصبحت ملحداً؟ في سن 18 سنة، كنت أعيش البطالة وأبحث عن عمل، وأذكر أنني حاولت ذات يوم أن أصلي، لكني لم أفعل ذلك لأني تحرجت من أن أسأل عن طريقة الوضوء التي كنت أجهلها. حتى هذا الوقت كنت أصوم بشكل تلقائي. لكن، انطلاقا من نهاية الستينات راجعت أفكاري وحسمت في اختياراتي الدينية والعقدية، وأصبحت مسلما ثقافياً، لا علاقة له بالإيمان وممارسة الشعائر. كيف أصبحت تتعامل مع عائلتك ومحيطك في العمل خلال شهر رمضان مثلاً؟ في العمل، لم يكن هناك مشكل. كنا، أصدقائي وأنا، نأكل بشكل عادي. أما في المنزل، فرغم أنني كنت أتناول وجباتي نهارا، فقد كنت أحرص على أن يكون ذلك بعيدا عن أنظار أقاربي. مع أنني لا استبعد أنهم كانوا يعرفون بأنني لا أصوم، لأنني كنت أترك بقايا الأكل حيثما اتفق. هل اعترفت يوما أمام أفراد عائلتك بأنك أصبحت ملحداً؟ موضوع قناعاتي الدينية وإلحادي، أصبحت أناقشه مع أخي ومع أمي. أخي لم يكن في البداية يصلي، وعندما التزم بالصلاة، فاجأني يوما بالقول: أنا أصلي "باش مانتصيدش"، فربما تكون هناك آخرة وجنة وجهنم (يضحك). أما أمي فأذكر أن الحديث ساقني وإياها، مرتين، إلى مسالة موقفي من الدين. مرة، عندما أخبرتها أنني لست مؤمناً، وكنت أنتظر أن تنفجر في وجهي، لكنها أجابتني ببساطة: "يا ولدي غير ما تشهدش على راسك". ومرة أخرى تطرقت معها لمسألة المساواة في الإرث، فاكتشفت أنها تربط بين هذه المسألة وبين التقاليد والأعراف المجتمعية، ولا تربط المساواة بالدين، لكني شرحت لها الأمر وقلت إن مسألة الإرث ذكرها القرآن والنبي محمد، فأجابتني: كيف يكون الرسول هو من شرع عدم المساواة بين النساء والرجال؟. ورغم أنني ملحد، فإنني أتوفر على الكتب المقدسة الثلاثة: التوراة والإنجيل والقرآن، كما أحتفظ في منزلي بسجادة صلاة لضيوفي المؤمنين. حلقة الغد.. عمر إحرشان: استشرت أستاذي اليساري قبل الانتماء للعدل والإحسان