زوار معرض مراكش الدولي للطيران يتعرفون على قدرات الجيش المغربي    الملتقى الدولي للتمر بالمغرب يكرم المتميزين في عمليات الإنتاج والتسويق    قضية الصحراء المغربية تحت المجهر .. اندحار البوليساريو وهشاشة الجزائر    النيابة العامة تشرّح جثة ممرضة    الفتح يستقبل الوداد في "ملعب البشير"    إنييستا: نسخة مونديال 2030 فريدة    المغرب يرحب باعتماد مجلس الأمن "القرار 2756" بخصوص الصحراء    الحبس النافذ لمتهم بالابتزاز والشعوذة    هيكلة جديدة لوزارة الشؤون الخارجية    مالك صحيفة "هآريتس" العبرية يصف الفلسطينيين ب"مقاتلي الحرية" ويدعو إلى فرض عقوبات على إسرائيل    فيضانات إسبانيا.. ارتفاع حصيلة القتلى إلى 158    الصحراء المغربية.. الرباط ترحب بقرار مجلس الأمن بتمديد ولاية المينورسو    توقيع اتفاقيات خلال "مراكش إيرشو"    مهنيو النقل الطرقي عبر القارات يعلقون إضرابهم    انخفاض طفيف لأسعار المحروقات.. الغازوال يتراجع ب20 سنتيمًا والبنزين يستقر    الصحراء.. مجلس الأمن يمدد مهمة المينورسو سنة جديدة ويؤكد مجددا على عودة الجزائر إلى طاولة المفاوضات    فيضانات إسبانيا.. ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 158 قتيلاً واستمرار البحث عن المفقودين    السيد السكوري: الوزارة منفتحة على جميع التعديلات التي ستتقدم بها الفرق البرلمانية بشأن القانون التنظيمي للإضراب    بنسعيد.. الوزارة تعمل على سن برامج تروم تقوية الرابط الاجتماعي،تثمين الفضاء العمومي وتعزيز مكانة وسائل الإعلام    فيضانات إسبانيا.. وزارة الخارجية تعلن استعدادها لتقديم المساعدة للمغاربة بالمناطق المتضررة    الإيرادات السياحية.. تقدم المغرب 10 مراتب في التصنيف العالمي    جماهير اتحاد طنجة تتوجه بنداء لوالي الجهة لإنهاء حرمانها من حضور المباريات    المغرب يتابع أوضاع مواطنيه في إسبانيا ويسجل حالة وفاة واحدة    نشر أخبار كاذبة والتبليغ عن جريمة غير واقعية يجر شخصاً للاعتقال    7 نوفمبر بالمسرح البلدي بتونس "كلنا نغني" موعد العودة إلى الزمن الجميل        ائتلاف مكون من 20 هيئة حقوقية مغربية يطالب ب "الإفراج الفوري وغير المشروط" عن فؤاد عبد المومني        المنتخب المغربي للفوتسال يواجه فرنسا وديا يوم 5 نونبر القادم    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يُكرم الراحلة نعيمة المشرقي، والممثل الأمريكي شون بين، والمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ    المحكمة تقرر تأجيل محاكمة "الستريمر" إلياس المالكي    الكاتب المغربي عبد الله الطايع يفوز بجائزة "ديسمبر" الأدبية    مريم كرودي توثق رحلتها في ورشات الشعر بكتاب "الأطفال وكتابة الأشعار.. مخاض تجربة"    حماس ترفض فكرة وقف مؤقت لإطلاق النار وتؤيد اتفاقا دائما    الشرطة الألمانية تطلق عملية بحث مكثفة عن رجل فرّ من شرطة برلين    موسم أصيلة يحتفي بمحمد الأشعري، سيرة قلم لأديب بأوجه متعددة    "ماكدونالدز" تواجه أزمة صحية .. شرائح البصل وراء حالات التسمم    طقس الخميس.. امطار ضعيفة بالريف الغرب وغرب الواجهة المتوسطية    موقع "نارسا" يتعرض للاختراق قبل المؤتمر العالمي الوزاري للسلامة الطرقية بمراكش    مولودية وجدة ينتظر رفع المنع وتأهيل لاعبيه المنتدبين بعد من تسوية ملفاته النزاعية    الانخفاض يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    اعتقال ومتابعة صناع محتوى بتهمة "التجاهر بما ينافي الحياء"    "فيفا" يعلن عن أول راع لكأس العالم للأندية 2025    مانشستر سيتي وتشيلسي يودعان كأس الرابطة الإنجليزية    توقيف شخص بسلا يشتبه تورطه في جريمة قتل    دراسة: الفئران الأفريقية تستخدم في مكافحة تهريب الحيوانات    إسرائيل تدعو لإقالة خبيرة أممية اتهمتها بشن حملة "إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين    وزير: الإنتاج المتوقع للتمور يقدر ب 103 آلاف طن في الموسم الفلاحي 2024-2025    التحكيم يحرم آسفي من ضربة جزاء    متحف قطر الوطني يعرض "الأزياء النسائية المنحوتة" للمغربي بنشلال    دراسة: اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    إطلاق حملة وطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفيزازي: أنا مالكي ولست سلفيا وشاشية المخزن حلوة والحاكم الفعلي هو أمير المؤمنين
قال إن إدريس لشكر لا يحارب الإسلام لكن دعوته إلى المساواة في الإرث خطيرة جدا
نشر في المساء يوم 13 - 04 - 2014

يعترف الشيخ محمد الفيزازي بأن خطبته أمام الملك كانت حدثا استثنائيا بكل المقاييس. الرجل، الذي كان محكوما عليه ب30 سنة سجنا قضى منها ثمان سنوات قبل أن يخرج بعفو ملكي، لم يعد يميزه عن «فقهاء السلطان» سوى شيئين: اللحية الطويلة والشارب المحفوف.
في هذا الحوار المثير للجدل يتحدث الفيزازي قليلا عن ماضيه، وكثيرا عن حاضره ومستقبله اللذين يراهما، سياسيا، إلى جانب الملك، الذي يعتبره هو صاحب الحكم الحامي للإسلام من الخطابات العلمانية، ودينيا إلى جانب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية حتى إنه قال، بشكل مفاجئ، جوابا عن سؤال حول ما إذا كان متفقا مع حزب النهضة في تونس: «أنا مع وزارة الأوقاف في المغرب».
في «مثير للجدل» يستحضر الفيزازي، متأسفا، مفارقة الشباب المغاربة الذين يقاتلون في سوريا، ونظرائهم السوريين الذين يتسولون في المغرب، ويقيم الفرق بين الجهاد في سوريا والجهاد في أفغانستان، وكيف أنه «كفر» بتنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن بعد تفجير الأبرياء في نيويورك ولندن ومدريد.. ويتبرأ من السلفية ويدافع عن المذهب المالكي، و»يقطر الشمع» على بنكيران الذي «كان يجمع التبرعات للبوسنة». كما يشير إلى تشابه اسمه مع اسم والده، مما جعل العديدين يحملونه مواقف أبيه المتطرفة.

- من كان أول من أخبرك بأن الملك محمد السادس سيصلي بالمسجد الذي تلقي فيه خطبة الجمعة؟
أول من أخبرني هو مندوب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في طنجة، ثم إن الأمر عادي لأن الملك محمد السادس دائما يصلي في المساجد، ومنذ توليه الحكم إلى يومنا هذا حضر أزيد من 670 صلاة جمعة في مساجد مختلفة في المملكة. وهذه الجمعة التي نتحدث عنها شكلت استثناء نوعا ما.
- بالفعل كانت صلاة الجمعة هذه استثنائية، فالشيخ محمد الفيزازي، الذي كانت الدولة تعتبره، حتى وقت قريب، مجرما، ها هو يؤم الملك. كيف تلقيت هذا الأمر؟
هذا هو الدليل القاطع للقريب والبعيد والقاصي والداني بأنني بريء، لأن الملك لا يمكن أن يصلي خلف مجرم، قاتل أو إرهابي، فحضوره صلاة الجمعة تلك وخطبتي والائتمام بإمامتي دليل قاطع على أنني حُشرت فيما نسب إلي سابقا، وبريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
- ليس بالضرورة. خذ مثلا عبد الرحمن اليوسفي، الذي كان يعتبره الحسن الثاني أكبر مهرب للسلاح، إذ اقتضت الظروف السياسية أن يصير رئيسا للحكومة ويجلس إلى جانب الحسن الثاني. صلاة الملك في مسجدك خطوة سياسية ربما تعقبها خطوات أخرى، لكنها لا تعني أو تنفي بأنه كان لك خطاب يحرض على العنف والفتنة في مرحلة ما.
مثلما نقرأ هذا الحدث سياسيا، فإن اعتقالي كان سياسيا أيضا. أنا لم تكن لي أي علاقة بالإرهاب، وإنما وظف خطابي لتأييد الجهاد في أفغانستان لتحرير أرضها من المحتل الروسي، ثم الأمريكي. لقد وظف خطابي توظيفا سياسيا خبيثا من أجل حشري في ملف لا علاقة لي به.
- ومن الذي وظفه؟
أنا لا أملك لائحة بأسماء من وظفوه، لكن الأكيد والواضح أن خطابي تم توظيفه لتوريطي.
- إذا كنت لا تملك لائحة بأسماء من وظفوا خطابك سياسيا بغير مقصده، فيجب أن تلقي باللائمة على الجهازين القضائي والأمني؟
أنا أعرف شخصا واحدا أجزم ببراءته، هو أنا. وإذا كنت لا أعرف الآخرين فأنا أعرف نفسي ومتأكد من براءتي، وقد تحديت في المحكمة اللجنة القضائية، وكتبت للملك أربع رسائل من السجن، وقلت له: لو ثبت أن لي أدنى صلة بالتفجيرات الإرهابية المقيتة ل16 ماي دونك عنقي، كما يقال.
- هذا موضوع سنعود إليه لاحقا. كيف تم الترتيب لهذه الخطبة ولمراسيم الصلاة مع الجهات المعنية؟
الحدث كان استثنائيا بعدة مقاييس. يجب أن تعرف بأن الملك هو من اختار أن يصلي الجمعة في المسجد الذي أخطب فيه، بعد أن تم ترتيب مراسيم صلاته في مسجد آخر هو مسجد النور، مع خطيب آخر وموضوع خطبة آخر، حيث كانت الخطبة تعنى بالإيمان بالغيب، وسيصلي الملك الجمعة القادمة في مسجد النور. فلما كان الحدث استثنائيا والخطيب استثنائيا والظرف استثنائيا، فطبيعي أن يكون موضوع الخطبة كذلك موضوعا يتطرق إلى القضايا السياسية الكبرى للأمة. هذا ليس فيه تنقيص من موضوع الإيمان بالغيب الذي هو إيمان عظيم، لكنه لا يقدم ولا يؤخر في السياسة والاقتصاد. لذا اخترت، بالتوافق مع وزير الأوقاف، أن يكون موضوع الخطبة سياسيا، ذا أبعاد اقتصادية واجتماعية، دعما للسياسة الملكية في التنمية البشرية.
استفذت من التوفيق
- بعد أن اتصل بك مندوب وزارة الأوقاف للإخبار انتقلت إلى التنسيق مع وزير الأوقاف أحمد التوفيق؟
لقد أخبرت أولا من طرف مندوب وزارة الأوقاف، ثم حدث اتصال بيني وبين رئيس المجلس العلمي، وبعد ذلك حدث التنسيق مع وزير الأوقاف شخصيا. إذن هذه الخطبة كانت بالتوافق، وقد اعتمدت أن تكون ذات أبعاد سياسية. أنا والسيد أحمد التوفيق توافقنا على العبارات والدلالات والمعاني، فكانت النتيجة هي الخطبة التي ألقيت يوم الجمعة، أي أنها من إنتاج محمد الفيزازي وأحمد التوفيق، بالتوافق.
- أحمد التوفيق اقترح موضوع الخطبة وأنت طورتها؟
يمكن أن نقول هذا. وقد كان لي هامش الحرية في حذف أو إضافة بعض الأمور.
- إذن لم تتوصل بخطبة مكتوبة؟
هذا ما يحدث عادة. لكن بما أن الحدث استثنائي، فقد كان الأمر هنا مختلفا. أنا كنت أود أن أخطب ارتجاليا كما هي عادتي، لكن اقتضت المراسيم أن أكتب الخطبة حرصا على التوقيت. فالخطبة لا ينبغي أن تتجاوز 13 دقيقة بصلاتها.
- هل اطلع عليها الوزير بعد أن كتبتها؟
لقد تدارسناها، أنا وهو، واتفقنا عليها قبل أن ألقيها.
- في الرباط أم في طنجة؟
في الرباط وفي طنجة، وقد توقفنا عند كل عبارة وكل تعبير حتى يكون حاملا لدلالته التي أريدت له.
- هل استفدت، منهجيا، من بعض ملاحظات أحمد التوفيق؟
الأستاذ أحمد التوفيق رجل قدير، وأنا أحييه من هذا المنبر، فهو رجل يقدر الرجال، ويقدر أهل العلم والكفاءات، وأنا لا أقول هذا قاصدا أنني كفء، فهذا أتركه للرأي العام. ما أقوله هو أن السيد أحمد التوفيق حينما يجد نفسه أمام كفاءة علمية أو فكرية يتواضع تواضعا شديدا، ويعطي الأولوية للشخص الذي بين يديه.
- من الناحية التقنية، يقدر أحمد التوفيق كل كلمة تقديرا علميا، سياسيا ومذهبيا. هل استفدت منه على هذا المستوى؟
بكل تأكيد، وأنا نفسي لدي مراقبة ذاتية، فأنا أعي تماما بأن التوجه الديني العام في المغرب مرتبط بالمذهب المالكي ومنضبط له.
- عندما جالست أحمد التوفيق كنت واعيا بهذه الأمور؟
قبل ذلك. إذ منذ كُلفتُ بالإمامة في ذلك المسجد أخذت بعين الاعتبار هذا الأمر. ليست هناك عشوائية، حيث يمكن لكل خطيب أن يغرد على هواه، بل يجب الانضباط للتوجه العام، وهذا أمر منطقي.
- على ذكر المذهب المالكي، ما هي نقط اختلافك علميا مع هذا المذهب؟
أنا أتفق مع المذهب المالكي طولا وعرضا، اللهم إذا ثبت بالدليل القطعي أن اجتهادا معينا في المذهب يخالف قطعية معينة من الكتاب والسنة.
أنت، إذن، تتفق بأنه من أجل صلاح الدولة وتنظيم الدين يجب التمذهب بمذهب واحد.
طبعا.
- لكن هذا لم يكن رأيك سابقا.
أنا كنت حرا في أن أعتقد ما أشاء، والدولة المغربية لا تمنع حرية التفكير وحرية الاعتقاد.
- والآن تعتبر نفسك رجل دولة؟
أنا رجل دعوة.
- بالحديث عن المذهب المالكي، وأنت جالست مؤرخا من حجم أحمد التوفيق، هل تعرف أن كبير المؤرخين والاجتماعيين المسلمين، ابن خلدون، اعتبر اختيار المغرب والمغاربة المذهب المالكي اختيارا أملته طبيعتهم البدوية؟
اختيارات المذاهب عبر التاريخ هي اختيارات تابعة لقناعات الحكام. والمذاهب ليست أربعة، بل أكثر من عشرة أو من عشرين ومن خمسين، حدث ولا حرج. فما هو المذهب؟ المذهب أن يعتمد عالم عملاق في الفقه والفهم مذهبا معينا في مسألة اجتهادية معينة فيقول هذا مذهب، لكن دون التطرق إلى قطعيات الدين، فما هو كما قلت إلا اجتهاد في مسائل معينة، وقد تجد في المذهب نفسه قولا وقولا آخر يخالف القول الأول، وقد تجد فقهاء مذهب واحد يختلفون أحيانا فيما بينهم حول جزئيات.
- أنت، إذن، تعتبر أن اختيار المذهب هو اختيار سياسي للحاكمين، وليس كما ذهب ابن خلدون إلى أنه يقع في نفوس ساكنة بلاد معينة فيلائمها؟
عبر التاريخ، عندما يتشبع حاكم بمذهب ما فإنه يحبه ويحاول ما أمكن أن يفرضه على الأمة، طبعا ليس بالنار والحديد، وإنما عبر القنوات التعليمية، وفتح الآفاق أمام دارسي الفقه، فالقضاة يختارون بناء على دراستهم للمذهب، وكذلك الأئمة والفقهاء. وفي بلاد الإسلام تجد أن هناك من اختار المذهب المالكي، وهناك من اختار المذهب الشافعي أو الحنفي أو الحنبلي، وهذا لا يعني أن أن هناك تفضيلا لهذا المذهب عن ذاك، فلكل مذهب خاصياته.
لا نكاح بدون ولي
- الدولة المغربية تشط أحيانا عن مذهب مالك، مثلما حدث أثناء كتابة قانون الأسرة، حيث لجأ مذهب أبي حنيفة إلى إسقاط شرط الولي لزواج الراشدة.
شخصيا، لا مانع عندي في أن تجتهد المجمعات الفقهية وأن تخرج عن المذهب من أجل المصلحة.
- هل تتفق مع هذه الخطوة بالذات، أي اللجوء إلى المذهب الحنفي لتحرير الراشدة من وصاية الولي؟
أنا لا أوافق أن تنكح المرأة بدون ولي.
- يعني أنك تخالف قانون الأسرة في هذا الباب؟
أنا قد أخالف أي شيء إلا الكتاب والسنة وما أجمعت عليه الأمة. المسألة الاجتهادية لا تلزم إلا صاحبها، لكني ملزم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلى بولي».
بنعتيق أول من اتصل بي
- من اتصل بك من الزعماء السياسيين والشخصيات العامة بعد إلقاء خطبتك في حضرة الملك؟
أول شخصية سياسية اتصلت بي هو صديقي وحبيبي اليساري الاشتراكي أ.. (يضحك) عبد الكريم بنعتيق. هو صديق وحبيب، رغم أن بيننا اختلاف، وقد سبق لنا أن التقينا.
- وهل اتصل بك زعيمه السياسي إدريس لشكر؟
لا.
- وحميد شباط؟
لا.
- ومن هنأك من أصدقائك السلفيين؟
الشيخ حسن الكتاني كان على علم قبل الخطبة بيوم، والشيح أبو حفص كتب مقالا يثمن فيه الحدث، ويتوقع أن يكون له ما بعده.
- هل اتصل بك والدك وأستاذك الأول؟
والدي طبعا. والدي لي معه اتصال مباشر دائما.
- هل تراجع عن موقفه السلبي السابق منك؟
والدي له موقف خاص. مواقفه خاصة. هو الآن بلغ من الكبر عتيا، ونحن لا نؤاخذه على رؤاه.
- لم يتصل بك في موضوع الخطبة؟
لقد اتصلت به عدة مرات.
في الموضوع؟
نعم في الموضوع.
- هل عرضت عليه الأمر؟
لا شيء.. عادي عادي، هو «خلاص» يرى أنني اخترت طريقي، «أبصرت طريقا قدامي فمشيت» (قصيدة لإليا أبو ماضي لحنها محمد عبد الوهاب) لكنني أدري من أين أتيت وإلى أين أمشي. إن لله وإنا إليه راجعون.
- وهل اتصل بك أخوك العلماني مهنئا؟
أخي الملحد. هو ليس علمانيا، هو ملحد.
- العلاقة بينكما مقطوعة؟
شبه مقطوعة.
- «كيفاش جاتك الشاشية»؟
أية شاشية؟
الطربوش الأحمر هذه من الطقوس.
- كيف وجدتها؟ أنت لم يسبق لك أن ارتديت شاشية دار المخزن الحمراء.
حلوة (يضحك).
- من أين اشتريتها؟
من السوق.
- اشتريتها أم اشتروها لك؟
«شراوها لي».. أعطيت لي من طرف الإخوة في مندوبية الأوقاف، إضافة إلى السلهام، فهذه أول مرة أرتدي فيها ذلك اللباس، ولولا أنني نسيته في المنزل لارتديته الآن.
- هل أعجبك الطربوش الاحمر؟
رائع.. رائع «نبقى نلبسو دائما إن شاء الله».
- أنتم السلفيون لديكم اختيارات في المأكل والملبس تجانب اختيارات المغاربة. لماذا؟
أنا لست سلفيا، ولم أكن في يوم من الأيام سلفيا، رغم أنفك، وأنف كل الصحافيين الذين يحشرونني في السلفية (يضحك).
- أنت سلفي، ويدل على ذلك شكل لحيتك الطويلة.
لقد كانت للنبي لحية تملأ نصف صدره. ادرس الشمائل («الشمائل المحمدية» كتاب في السيرة النبوية من تأليف الإمام الترمذي»).
- ولماذا لا تطلق شعرك مثلما يفعل زميلك عمر الحدوشي؟
الشيخ الحدوشي ليس رسول الله (يضحك) اللحية فيها نصوص قطعية، جاءت في ألفاظ متعددة: «وفروا اللحى»، «أرخوا اللحى»، «اعفوا عن اللحى»، «أطلقوا اللحى». وفي الشارب: القص والجز والحف..
- يعني أنك تتبع السلف الصالح وتقتدي به، وهذا ما يصنفك سلفيا..
(يسألني) أنت لا تتبع السلف الصالح؟
ل- يس كثيرا. ثم أنا من يسأل. أغلب السلفيين يخالفون المغاربة في المأكل والملبس، فتجدهم يستعيضون عن الجلباب المغربي باللباس الأفغاني- الباكستاني. ولا يأكلون الخبز المعجون بالخميرة، ولا يضعون الخل في الطعام... ألست من هؤلاء؟
أنا آكل وألبس كما يأكل ويلبس كل المغاربة.
- وعندما كنت متطرفا في أفكارك؟
(مقاطعا) هل كنت أنا متطرفا في أفكاري؟
- نعم كانت لك أفكار متطرفة.
مثل ماذا؟
- مثل رؤيتك للجهاد.
رؤيتي للجهاد فيها الدين. هل تظن أنني أنكر الجهاد في سبيل الله؟
- أنا أتحدث عن الفهم المتطرف للجهاد. لقد كنت تأيد الجهاد في الجزائر وتدعو إليه.
كنت أؤيد الجهاد في أفغانستان.
وليس الجزائر. أبي هو الذي كان يؤيد الجهاد في الجزائر. أنا ما أيدت أبدا في يوم من الأيام أن يقاتل المسلمون المسلمين في بلاد الإسلام. بل أنا لا أومن ولم أومن ولن أومن بقتل المدنيين وتفجيرهم في العواصم الأوروبية أو الأمريكية. ما كنت في يوم من الأيام مع قتل الأبرياء، سواء باسم الجهاد أو بأي اسم آخر. أنت أفكارك مغلوطة.
- اسمك يتشابه مع اسم والدك، فكلاكما يوقع كتبه ومقالاته وأشرطته باسم محمد الفيزازي. بالمناسبة، هل سبق أن نسبت لك مواقف تعود إلى والدك؟
قبل يومين أو ثلاثة أيام نشر أحد المواقع أنني كنت أجمع الأموال للجزائريين الذين يأتون إلى منزلي ويمكثون معي شهرا أو شهرين.. وهو يقصد والدي.
‏Avec moi
- والدك كان يجمع الأموال للسلفيين الجهاديين في الجزائر؟
كان يجمع الأموال للجزائريين كما كان يجمعها آخرون للبوسنة. لكني لم أجمع في أي يوم من الأيام ولو درهما واحدا.
- «دابا انت كتقطر الشمع على بنكيران» عندما تتحدث عمن كانوا يجمعون الأموال للبوسنة؟
(يضحك) «بغيتي تقطرو غير على بّا.. نمشيو فيها كاملين.. Avec moi؟».
- قبل أيام قتل عدد من الشباب، جمعتك بهم علاقات، في سوريا. ما تعليقك؟
أنا لم تجمعني بهم علاقة في سوريا. جمعتني بهم علاقات في السجون المغربية. كنا دائما، وبشدة، ضد أن يذهب شبابنا إلى سوريا، لاعتبارات محددة. الجهاد في سوريا، إن كان لا بد منه، فهو فريضة على الشعب السوري، لأنه من العار أن يأتي الشباب السوري ليتسول في شوارعنا وفي مساجدنا، في حين يذهب أبناؤنا ليقتلوا في محرقة لا ناقة لهم فيها ولا جمل. ما كان الجهاد في يوم من الأيام خدمة لأجندة غربية أو غير غربية. هذه محرقة يجب على شبابنا أن يعلموا أبعادها السياسية والاقتصادية الاستراتيجية.
- أنت لا تحسبهم، إذن، شهداء؟
أمر شهادتهم عند الله. نحن ممنوعون شرعا أن نجزم بشهادة أحد، حتى لو كان الجهاد شرعيا، وفي صحيح البخاري باب: «لا يقولن فلان شهيد» لأن الشهادة علمها عند الله، لكننا نرجو الشهادة لكل من قتل في سبيل الله.
- إذن تتفق في هذا الباب مع ما سبق أن قاله الشيخ الزمزمي من أن شهداء اليسار، مثل المهدي بن بركة، ليسوا شهداء؟
من قتل مظلوما، ومات في سبيل الله فهو شهيد إن شاء الله.
- سبيل الله، في تقديرك، يدخل فيه النضال السياسي من أجل العدالة وحقوق الناس؟
نعم، السياسة الشرعية هي في سبيل الله.
- يعني أنك تعتبر من قتل وهو يدافع عن إقامة الاشتراكية والعدالة الاجتماعية في توزيع الثروات شهيدا؟
دعني من العناوين. من قتل في مصلحة الناس نرجو له الشهادة، لأن مصلحة الناس لا تخرج عن شرع الله.
- أنت تفرق بين الجهاد في أفغانستان والجهاد في سوريا. كيف؟
الجهاد في سوريا موضوع شائك جدا جدا جدا. الأمور هناك أكبر من أن تكون معارك بين السنة والشيعة أو بين العرب والأكراد، بين الأقباط والمسلمين. دول الخليج شجعت بكل ما تملك الجهاد هناك.
- دول الخليج شجعت العنف أم الجهاد؟
شجعت الجهاد، الذي هو العنف، الذي هو الإرهاب، الذي هو القتال في سبيل الله.
- أنت تساوي بين الجهاد والعنف والإرهاب؟
كل جهة تقرؤه قراءة خاصة، فالجهاد في أفغانستان ضد السوفيات كان جهادا عند أمريكا، ولكنه كان إرهابا عند الاتحاد السوفياتي، وأنا شخصيا كنت أؤيد المجاهدين في أفغانستان، ومنهم الشيخ أسامة بن لادن وغيره ممن أسسوا لاحقا تنظيم القاعدة. لكن عندما تحولت القاعدة إلى تفجيرات وضرب لنيويورك والأنفاق واستهداف المدنين أصبح الأمر شيئا آخر، فحسب قناعتي الدينية والشرعية، فإن تفجيرات نيويورك (11 شتنبر 2001) غير شرعية وغير أخلاقية وغير معقولة، لأن الآية الكريمة «ولاتزر وازرة وزر أخرى» واضحة في هذا الباب، فمهما فعلت الإدارة الأمريكية فأصحاب البرجين اللذين تم تفجيرهما لا ذنب لهم. وكذلك الأمر بالنسبة لتفجير أنفاق القطارات في لندن ومدريد وفي السعودية..
- وما حدث في المغرب خلال تفجيرات 16 ماي 2003 بالدار البيضاء؟
تفجيرات المغرب لا قيمة ولا مبدأ لها. هي تفجيرات عشوائية وأعمال الصبيان، فلا سند لها شرعيا ولا عقليا. ممكن أن نقول إن تفجيرات القاعدة يعلن عنها ويؤسس لها بمبادئ وتحكمها أهداف، أما تفجيرات الدار البيضاء فهي تفجيرات المجانين.
- لماذا لم تعبر عن هذا الرأي في حينه، ولم تدن هذه التفجيرات في ذلك الوقت؟
أدنتها في مجالسي الخاصة، حيثما حللت وارتحلت، وعبرت عن ذلك بوضوح وبجهر.
- كيف نظرت إلى مساندة أصدقائك في حزب النور السلفي للانقلاب على الشرعية في مصر؟
حزب النور مرتبط بالسعودية ارتباطا عضويا. السعودية هي التي مولت حملة حزب النور الانتخابية أيام الديمقراطية. لا يمكن لحزب النور إلا أن يوافق السياسة العامة للسعودية موافقة تامة، ولذلك تشتت شمل السلفيين في حزب النور شذر مذر، ومن عباءته خرجت أحزاب أخرى.
السعودية لا تقطع يد السعوديين
- لماذا تعادي السعودية حكم الإسلاميين، هي التي تدعي تطبيقها الشريعة الإسلامية؟
السعودية فيها من الخير الكثير، لكن أن تقول لي إن السعودية تطبق الشريعة الإسلامية فهذا شيء مضحك، فليس من الشريعة الإسلامية أن تمنع امرأة من سياقة السيارة.
- لكن السعودية تقطع يد السارق؟
إذا كان أفغانيا أو باكستانية أو يمنيا...
- تقصد أنها لا تقطع يد السارق السعودي.
لا أعرف سعوديا قطعت يده. شيء آخر، هل منع امرأة دكتورة مهندسة أستاذة في الكلية من سياقة سيارتها من بيتها إلى مكتبها أو مستشفاها، من الشريعة الإسلامية؟
إذا كنت في المغرب تطالب بمنع امرأة دكتورة أو مهندسة أو ممثلة للشعب في البرلمان.. من أن تتزوج دون ولي، ولو كان ذلك الولي أخاها الجاهل والعاطل، فلماذا لا نمنعها من سياقة سيارتها؟ هذان موقفان على نفس القدر من إقصاء المرأة.
يا سيدي، رحت الآن إلى موضوع آخر، رحت إلى الولاية. لا أحد يملك أن يزوج امرأة غصبا عنها، فحتى إذا كان أخوها وأبوها مفكرا كبيرا لا حق له في إرغام أخته أو ابنته على الزواج.
من الناحية الاعتبارية، كيف تكون المرأة وهي عالمة ونائبة برلمانية تمثل الأمة، لكنها لا تقوى على أن تمثل نفسها. ألا يحط هذا من شخصيتها ومن كرامتها؟
هذا في الفكر الغربي، أما عندنا فهي امرأة مؤمنة وتحب رسولها صلى الله عليه وسلم، والنبي قال: «لا نكاح إلى بولي».
- هل أنت متفق مع تصريح راشد الغنوشي بأن التوافق الدستوري بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس شبيه بدستور المدينة المنورة؟
(يضحك) تشبيهات الأستاذ الغنوشي لا تلزم أحدا، فهو حر في تشبيهاته، لكن من الممكن أن تصرفات حزب النهضة في تونس جنبت البلد الويلات. حزب النهضة في تونس له طاقات وعلماء وفقهاء.. وكونهم اجتمعوا على هذا الأمر يعني أنهم فكروا وقدروا ووصلوا إلى نتيجة الانسحاب من الحكومة حقنا للدماء. يعني أن حزب النهضة كان حكيما.
- هذا يدل على أنك أصبحت أقرب إلى حزب النهضة، وأبعد من السلفيين في تونس؟
أنا أحب الجميع، لكنني لست مع النهضة ولا مع السلفيين. أنا مع وزارة الأوقاف المغربية، مع مؤسسات دستورية يرأسها أمير المؤمنين.
- هل أنت مع وزارة الأوقاف حتى في قرار خفض صوت الآذان؟
هذا نقاش آخر. أنا مع الآذان.
- لم تعد مع وزارة الأوقاف، أصبحت مع الآذان؟
لأن وزارة الأوقاف مع الآذان. أنا في المغرب وما يزال الآذان كما كان بالأمس وكما كان قبل السنين والعقود.
- أنت، إذن، لست مع وزارة الأوقاف في قرار خفض صوت مكبر الآذان.
أنا مع وزارة الأوقاف لأن وزارة الأوقاف مع الآذان، والذين قالوا إن وزارة الأوقاف منعت الآذان أقول لهم: هذا كذب.
- شاركت في المهرجان الخطابي، الذي نظمه حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي بمناسبة ذكرى 11 يناير، كال فيه حميد شباط السباب لعبد الإله بنكيران ومشروعه.
أبدا، أبدا. أنا لم أكن على علم بسب ولا بشتم. لقد وصلت إلى القاعة متأخرا جدا، وكان الأستاذ لشكر في آخر كلمته، فلم أحضر كلمة الأستاذ شباط. ولم أعلم بحضور الشيخ الكتاني ولا بانسحابه.
- لو كنت حاضرا إلى جانب الشيخ الكتاني لفعلت ما فعل؟
أنا لست مرتبطا بالشيخ الكتاني.
يعني ما كنت لتنسحب رغم قدح لشكر وشباط في المشروع الإسلامي؟
** أنا لست مرتبطا بالشيخ الكتاني، فهو قيَّم ما سمعه، واعتبره سبا وشتما للمشروع الإسلامي ككل وليس فقط لمشروع العدالة والتنمية، وهو حر في خياره. أنا قد يكون لي خيار آخر، ولم أطرح سؤال الانسحاب من عدمه على نفسي، وأنا أصلا ما ذهبت إلى هناك لأنسحب، ثم إنني لا أظن أن الأستاذ لشكر أو الأستاذ شباط عدوان للإسلام. هذه كلمة خطيرة جدا، لكنهم يقولون إننا أعداء لإسلام التطرف والغلو والتنطع.. هذه قراءة.
- هل تقر بأن التفريق بين المرأة والرجل في الإرث تطرف وغلو في الدين؟
العمل على تجاوز شريعة الله عز وجل والنصوص المحكمة في الكتاب والسنة في مسائل الإرث وكل المسائل أمر خطير، أمر يتجاوز كل شيء.
- أنت تتناقض. تقول إن إدريس لشكر لا يحارب الإسلام ويعاديه، ثم تعود لتقول إن دعوته للمساواة في الإرث بين المرأة والرجل خطيرة وتتجاوز كل شيء.
خطيرة جدا. لكن الإنسان إذا جهل أمرا ما لا يعني أنه كافر، هو يقول إنه يجتهد، ونحن نقول له: يا أستاذ.. يا لشكر.. أيها المحب لكتاب الله وسنة الرسول.. أيها المحب لدستور المملكة... نحن في بلد إسلامي ولدينا مؤسسات رسمية لها وحدها الحق في أن تنظر في هذا الشأن الديني أو في ذاك. مسألة الإرث مسألة دينية صرفة، ودستوريا، الفصل 175 يمنع تماما النبش في الأحكام الشرعية..
- الدستور الذي تتحدث عنه كان قاب قوسين أو أدنى من أن يتم تضمينه فصلا ينص على حرية الاعتقاد، لولا أن جهة داخل الدولة أو داخل اللجنة قامت بحذف هذا الفصل في آخر لحظة جبرا لخاطر عبد الإله بنكيران، الذي هدد بالوقوف ضد الدستور.. ألا ترى بأنه لو تضمن الدستور هذا الفصل لكانت المسألة الآن أمرا آخر.
«لو» تفتح أبواب الشيطان. نحن مع الدستور الموجود الآن، وهو دستور يؤكد على أن الدولة المغربية دولة إسلامية وليست دولة علمانية، والدستور لم يكتب لسواد عيون الأستاذ بنكيران، ثم من قال لك إننا ضد حرية الاعتقاد. أنا من الذين يرفعون أصواتهم إلى الآفاق لكي يضمن الدستور حرية الاعتقاد، لأن القرآن الكريم والسنة النبوية ينصان على حرية الاعتقاد، ليس بالإشارة، بل بصريح العبارة.
- يعني أنك مع حق الردة؟
أنا مع حرية الاعتقاد، وليس مع حرية الردة. الردة خيانة عظمى.
- ألست مع إنسان يقول: أنا وطني أومن بالمغرب ومؤسساته وصحرائه، لكن تشكلت لدي قناعة بأن الإسلام لم يعد يعنيني؟
عندنا مغاربة يهود ونصارى، وإن كنت لا أعرف منهم أحدا. الذي هو كتابيّ أصلي، أبا عن جد، له حقوق في الشريعة الإسلامية ولا يمكن أن يُكرهه أحد أبدا على أن يغير دينه، أما من خان وطنه فهذه خيانة عظمى..
- مواطن مغربي، اختار أن تكون له الجنسية الفرنسية، ومواطن مغربي اختار أن يكون على الدين المسيحي. أين هي الخيانة العظمى؟ هل من يختارون الجنسية الأجنبية يخونون المغرب؟
المغرب لا يتخلى عن جنسيته، ولو اختار المغربي كل جنسيات العالم يبقى مغربيا. من ناحية أخرى، عندما تختار أن تكون مرتدا فأنت تختار
الخيانة.
- يمكن أن تقول إنه اختار الكفر، أما الخيانة فلا.. دعنا نعود إلى مسألة مساواة المرأة بالرجل في الإرث. هناك العديد من علماء الشريعة، أستحضر منهم الطاهر حداد في تونس، رأوا أن مسألة المساواة في الإرث أصبحت مطلوبة مراعاة لمقتضيات العصر الحالي بعد خروج المرأة للعمل وتساويها مع الرجل في عدد من الواجبات. ما قولك؟
هذه إهانة للمرأة.
- لكن الطاهر حداد أيضا عالم؟
«كل كلام يؤخذ منه ويرد، إلا صاحب هذا القبر» كما قال الإمام مالك رحمة الله عليه، مشيرا إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم. هذا العالم قال هذا الكلام، كلامه مردود عليه ويضرب به عرض الحائط ولا كرامة.
المؤطر: أنا لست ديمقراطيا والبشر عندي مؤمنون وكافرون
- هناك من عاب على الدولة ثقتها فيك وأنت رجل غير ديمقراطي، تنفي الآخر وتصنف المغاربة على أساس مؤمن وكافر وليس على أساس مواطناتي. ما ردك؟
لم يحدث. لم يحدث. الشعب المغربي بالنسبة لي ليس شعبا يتكون من مؤمن وكافر. لكن البشر بالنسبة لي يتكونون من مؤمنين وكافرين، لقول الله عز وجل: «هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير».
- هل تعتبر نفسك ديمقراطيا؟
أنا أعتبر نفسي مسلما.
- وبالنسبة لشكل التداول على الحكم؟
الديمقراطية أسلوب من أساليب الحكم، وهذه مسألة تخضع للمصلحة والمفسدة والموازنة بينهما، وهذا أسلوب من أساليب الحياة المعاصرة ما لم تكن مقصية للإسلام، والديمقراطية ديمقراطيات لا أول لها ولا آخر.
- أنا أقصد الديمقراطية التي تنظم التداول على الحكم بين الإسلامي والاشتراكي والليبرالي والشيوعي...، وتعطي للشعب حق الاختيار بينهم، على أساس أن يحكم هذا الإسلامي والاشتراكي والليبرالي والشيوعي حكما كاملا يطبق فيه برامجه. هل تتفق مع هذه الديمقراطية؟
إذا كانت الديمقراطية، أولا، بالمفهوم الصحيح للديمقراطية. ثانيا، إذا لم يكن هناك أسلوب آخر في الحكم إلا الديمقراطية: إما الديمقراطية أو الطوفان.
- سأسحب كلمة الديمقراطية، وأسألك: لدينا مجتمع مغربي كما هو الآن فيه الإسلامي والليبرالي واليساري والعلماني والشيوعي... إذا اختار الشعب المغربي غير الإسلامي ليحكمه. هل تقبل به؟
أنا لا أومن بشيء اسمه الإسلامي. أنا لا أعرف هذا إسلامي وغير إسلامي. أنت تقسم السياسيين في المغرب إلى إسلاميين وليبراليين وحداثيين و»مانعرف ياش» وشيوعيين إلى غير ذلك. هل الاشتراكيون غير مسلمين؟
- منهم غير المسلمين (غير مؤمنين).
وقد يكون هناك إسلاميون غير مسلمين. هذا موضوع آخر. عندما نقول إن هؤلاء إسلاميون ماذا نفهم من الإسلامي؟
- (أجيب) من يقول: «الإسلام هو الحل».. ومن يعتمد الآية القرآنية «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون» كشعار سياسي.
وهل الأحزاب الاسلامية الموجودة في المغرب تقول: «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون»؟
- سبق لك أن قلت إنه إذا وصل العلمانيون إلى الحكم في المغرب فإنك ستغادر المغرب ولو إلى جزر القمر.. يعني هذا أنك لا تقبل بحكم من لا يطبقون الشريعة وبالإسلام كنظام حكم ولو اختارهم الشعب عن طريق صناديق الاقتراع؟
أولا، نحن لسنا في جمهورية، نحن في مملكة يرأسها أمير المؤمنين، نحن في دولة عمرها أزيد من 12 قرنا، بلدنا ليس هو الجزائر ولا تونس ولا ليبيا ولا غير ذلك، ولذلك مهما وصل من وصل إلى الحكم في المغرب، فلن يصل إلا إلى الحكومة، أما الحاكم الفعلي والرئيسي والأساسي فهو أمير المؤمنين. هل يتصور أن يكون أمير المؤمنين علمانيا؟
- يعني أن الأحزاب تلعب دور الكومبارس (الممثل الثانوي)؟
أنا أعتقد أن هذا الشعب في أغلبيته الساحقة شعب مسلم، ولا يمكن أن يختار غير الإسلام، ومعاذ الله أن يقبل بشيء غير الإسلام إلا مكرها أو مُغلّطا. لكن ما معنى الشريعة الإسلامية؟ هل هي فقط قطع يد السارق ورجم الزاني؟ الشريعة الإسلامية أكبر من هذا بكثير، الحدود لا تشكل سوى 0.1 في المائة من الشريعة الإسلامية. الشريعة الإسلامية هي جلب المصالح للأمة. البناء الحضاري والعمراني، والبنية التحتية، وبناء السدود، وإعطاء الحقوق لأصحابها، وتوظيف العاطلين، وبناء المستشفيات والمدارس... هذه كلها من الشريعة الاسلامية، التي هي أكبر من أن تحصر في حد من حدود الله، لكن هذا لا يعني أننا نرفض حدود
الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.