قبيل حلول شهر رمضان أطلق قائد الدرك الملكي، الجنرال حسني بنسليمان حملة تفتيش ضد الرشوة في صفوف الدرك وصفت بالصارمة، وأمر بوضع خطة لتنفيذ حملة التفتيش الثانية تعتمد على عنصر المباغتة ونصب الكمائن في مختلف النقط "السوداء"، التي تنتشر فيها المخالفات المهنية من قبل رجال الدرك، وتعرف شكاوى عديدة من قبل السائقين الذين يجبرون على دفع إتاوات من أجل إكمال سيرهم. خذ الرشوة..لكن في غير رمضان "اختيار شهر رمضان لإطلاق حملة ضد الرشوة في صفوف رجال الدرك ليس اعتباطيا ولا مصادفة"، يقول مسؤول مغربي مقرب من دوائر الأمن في حديث خاص ل"الرأي" موضحا "قادة الأمن واعون بمكانة شهر رمضان ودلالته عند المغاربة، وممارسة طقوس الرشوة فيه يزيد من غضبهم أكثر من أن يمارس عليهم خارج هذه الفترة الدينية، بدليل أن حملات التفتيش ضد الرشوة في صفوف رجال الدرك كانت قليلة في هذه السنة، ولم تعمل الجهات المسؤولة على تكثيفها في عطلة الصيف التي تشهد حركة كبيرة في التنقل سواء من قبل المغاربة المقيمين على أرض الوطن، أو المغاربة المقيمين في الخارج والذين يعبرون إلى المملكة بشكل كبير، وهي فرصة تعتبر ذهبية للمرتشين، ورغم علم الجهات الأمنية المسؤولة بهذا الأمر فهي لم تحرك ساكنا، وانتظرت إلى أن يحين شهر رمضان لتستغل طابعه الديني وترسل بإشارات إلى المواطنين بأنها جادة في محاربة الرشوة في صفوف رجالها، وهو أمر غير وارد بهذه الجدية التي تقدمها بها". حملة مؤقتة...مهزلة "المغرب يحتل صفوفا جد متقدمة في لائحة أكثر البلدان التي تنتشر فيها الرشوة في غياب تدخل جدي من قبل الدولة لمحاربة هذه الظاهرة التي تعتبر مؤشرا على انتشار الفساد في عدد كبير من المصالح الإدارة بما فيها الأجهزة الحكومية نفسها"، يقول نفس المصدر، ليواصل موضحا "لكي تحصل على رخصة السياقة لا بد أن تدفع الرشوة، وعندما يعلن عن مقتل مواطنين في حوادث السير يرجع السبب إلى سرعة السائق أو عدم احترام القانون، دون أن يتجرأ أحد ويجهر بسبب آخر من فرط ما أصبح متداولا أصبح المغاربة يقبلون به، بل يشجعون عليه ليسهل عليهم الحصول على أوراق هي من حقهم باسم القانون". في المستشفيات، البلديات، مصالح الأمن، بل حتى في دوائر التعليم تنتشر الرشوة بشكل فظيع، مما يجعل إطلاق حملات مؤقتة غير كاف بالمرة للتصدي لهذا السرطان، يقول مصدرنا معقبا "حملة مؤقتة هي مجرد مهزلة، فلمحاربة الرشوة والقضاء عليها بالشكل الذي تنتشر فيه بالمملكة لابد من الإبقاء على مثل هذه الحملات طول السنة وبنفس الصرامة، ولا بد من تضافر الجهود بين مصالح الدولة وفعاليات المجتمع المدني، وتوعية الناس بحقوقهم وأيضا بواجباتهم، إنه عمل متكامل لا يمكن أن يحرز نتيجة إذا أهمل جانب منه". الرشوة تأخذ...الرشوة تعطي كل دركي وجد متلبسا بجريمة الرشوة يجرد من سلاحه وزيه الرسمي، ويتم تصفيده في موقع تلقيه الرشوة مهما كانت رتبته، قبل التشطيب عليه وتقديمه إلى العدالة، هذا مصير كل دركي سيقع في شرك الحملة ضد الرشوة التي من المتوقع أن تدوم عشرين يوما، وتنتهي قبيل انتهاء شهر رمضان. لكن هذه الإجراءات العقابية التي من المتوقع أن تنزل على كل من يضبط متلبسا بالرشوة، مرشحة لأن يتم تجاوزها، وإعادة الدركي المتلبس إلى الخدمة، يقول مصدر الرأي مفسرا "الرشوة التي بسببها يطرد الدركي من وظيفته، بفضلها أيضا يرجع إليها، وكأن شيئا لم يقع، فكثير من الأوراق المالية والتوسلات كفيلة بغض الطرف عما اقترفه هذا الدركي، وعما يقتضيه القانون في حالته، وهو الأمر الذي سيجعله لا يستوعب الدرس، ولا مخاطر الرشوة وعرقلتها لتقدم بلدنا، ويشجعه وزملاءه في متابعة الفتك بجيوب المواطنين".