لا يمكنهم مغادرة المخيمات... لا توجد وسيلة لمغادرة المخيمات"، هذه هي الملاحظة التي أبداها كل من "فيوليتا أيالا" و"دان فالشو"، خلال مقابلة مع الصحفية "فران كيلي" من الإذاعة الاسترالية الوطنية "ا ب س " حول الوثائقي "سطولن" ) "مسروقون" ) الذي يتناول تاريخ فاطيم، صحراوية ضحية العبودية في مخيمات البوليساريو في تندوف بالأراضي الجزائرية. منذ عرضه أخيرا في مهرجان الفيلم بسيدني، لم يتوقف فيلم المخرجين عن إثارة العديد من ردود الفعل لدى الجمهور، كما شكل موضوع حملة تضليل من قبل جبهة البوليساريو التي يرأسها محمد عبد العزيز منذ أكثر من 30 عاما. وفي هذا السياق، دبر نشطاء من الجبهة سفر فاطيم التي أحيت قصتها المنقولة في الفيلم قضية العبودية في تندوف، إلى القارة الاسترالية كي تنفي وضعيتها كأمة من العبيد الموجودين في مخيمات تندوف . رحلة المخرجين فيوليتا ودان إلى مخيمات تندوف كان موضوعها في الأصل إعداد تقرير عن انفصال الأسر الصحراوية ما بين صحراويي مخيمات البوليساريو وآخرين في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في المغرب وغيرها. لكنهما وجدا نفسيهما أمام تصريحات فاطيم التي أخبرتهما أنه تم فصلها عن أمها مباركة التي كانت ملكا لأب دايالو، السيدة التي نقلتها إلى المخيمات. إثر طردهما من مخيمات تندوف بعد الكشف عن القضية، قام المخرجان بإعداد الفيلم الوثائقي انطلاقا من التسجيلات التي تورد شهادة فاطيم ووالدتها مباركة وعدد من الأشخاص الآخرين. في المقابلة مع راديو أ ب سي الاسترالي، يصف دان فالشو ظروف تصوير الفيلم :"...."لييل" التي ذكرت اسمها (ابنة فاطيم) كانت شديدة القلق عندما تحدثت إلينا بالهاتف خلال التصوير. في الواقع، لم يكونوا وحدهم فقط من أخبرونا رواياتهم، لكن البعض الآخر تحدث عن الرق في الفيلم، وهم يريدون أن يعرف العالم الخارجي ذلك. وكانت هناك مجموعة من الرجال الذين سافروا لأكثر من 2000 كيلومتر عبر الصحراء، كي يحكوا لنا قصصهم.... ". وتابع إن "فاطيم تم فصلها عن والدتها عندما كانت تبلغ 3 سنوات، واضطرت إلى ترك المخيمات في وقت لاحق. وكانت قد اختطفت من مباركة، أم فاطيم، وهي من رقيق والد دايالو، ودايالو كما قلنا كانت دائما ترغب في امتلاك فاطيم، وبالتالي هذا هو السبب في أنها اختطفت وهي في سنها الثالث فقط ". "شعرنا أن لدينا التزام أخلاقي لنروي هذه القصة" يقول دان، المخرج الثاني لفيلم "سطولن". قالت زميلته فيوليتا أيالا إن "هناك 9 أشخاص في الفيلم يتحدثون عن الرق، والفيلم يعكس تجربتنا في المخيمات، تاريخنا، وما حدث لنا، وكيف جاء إلينا الناس ليحكوا لنا قصصهم. هذا يعتمد على تأويل كل مشاهد بحسب فهمه للفيلم". في الفيلم الوثائقي، تروي مباركة (أم فاطيم) قصتها مع سيدها الذي كان يعاملها بوصفها من عبيده، وأنها أنجبت العديد من الأطفال من صلبه، مؤكدة أن ابنتها تعرضت للاستعباد بدورها من طرف ابنة سيدها. كما يقدم الفيلم الوثائقي شهادات مؤثرة، بما في ذلك شهادة امرأة عرضت أمام الكاميرات شهادة إعتاقها من الرق. "إذا تحدثت عن الرق، فإنهم يلقون بك في السجن، أو إنك تختفي ببساطة" تؤكد المرأة الأمة سابقا. وردا على سؤال الصحافية فران كيلي حول معنى "العبودية" بالنسبة للمخرجين، قال دان وفيوليتا إن " بعض الصحراويين من ذوي البشرة السوداء داخل المخيمات يعتبرون أنفسهم عبيدا، وهذا يعني أنهم مملوكون لشخص آخر. " لم يثر أي فيلم من الأفلام المعروضة في مهرجان سيدني الذي انتهى في 14 يونيو الماضي المناقشات الحامية التي أثارها فيلم "سطولن" حول موضوع العبودية. وبعد فشل كل محاولات البوليساريو لجعل هذا الفيلم لمنع هذا الفيلم من الخروج إلى الوجود، حاول نشطاء الجبهة بلا نتيجة منع عرضه في مهرجان ملبورن السينمائي الذي ينطلق في 24 يوليوز إلى 9 غشت، بعدما أعلنت إدارة المهرجان عزمها برمجته خلال دورة هذا العام. وبالفعل تقرر عرض سطولن يوم الجمعة 31 يوليوز 2009. محاولات فاشلة لإقبار الوثائقي جند نشطاء البوليساريو في حملتهم الهجومية على الفيلم بعض الصحفيين الأجانب المساندين لأطروحة انفصال الصحراء الغربية عن المغرب لنسج ريبورتاجات تعبر عن موقفهم، حيث يقوم ضحايا فيلم "سطولن" بالتنصل من شهاداتهم زاعمين أنهم تلقوا مالا من المخرجين للقيام بذلك. يعترف كمال فاضل، ممثل البوليساريو في أستراليا دون قصد منه في نفس البرنامج الإذاعي لراديو أ ب سي الذي خصص للفيلم أن الضحايا تم تأطيرهم في سياق الجهود المبذولة من قبل مؤيدي البوليساريو ضد الفيلم. ولكنه يعترف مع ذلك بأن البوليساريو عطت تكاليف سفر فاطيم: "... إنها هنا بسيدني مع الجمعية الاسترالية للصحراء الغربية (أوسا) ونحن دفعنا ثمن تذاكر السفر جوا". حاول كمال فاضل مهاجمة جودة ترجمة شهادات الأشخاص الذين قابلهما مخرجا الوثائقي، واتهمهما بأنهما قاما بتقويل الضحايا ما لم يقولوه. ورد أنصار الفيلم الوثائقي على هذا الادعاء بأن "الكثير من مضمون الفيلم الوثائقي قامت بترجمته وبثه القناة الفضائية الجزيرة". كل هذه المحاولات باءت بالفشل، وحتى المنظمات الدولية تعترف بوجود الرق في مخيمات تندوف. ووفقا للصحفيين الاستراليين، فإن "الأممالمتحدة نفت على الفور، لكن عندما ذهبنا إلى جنيف، قال لنا نائب مدير شمال افريقيا إن الرق موجود في مخيمات تندوف. ارتفعت العديد من الأصوات منددة بهذه الحقيقة ، لاسيما في وسائل الإعلام الاسترالية. وهكذا، أكدت رومانا كوتشيو من منظمة مكافحة الرق وقال أن جميع مشاهد الفيلم الوثائقي حقيقية، وأسرَت لمجلة "بريسبان تايمز" أن حالات مماثلة للرق تحدثت عنها وسائل الإعلام الاسبانية. مساء يوم 11 يونيو، وهو اليوم الأول لعرض الفيلم الوثائقي، حاول مؤيدو البوليساريو بلا جدوى صنع حدث سياسي من إحدى التظاهرات السينمائية، إذا قاموا بإحضار فاطيم من مخيمات تندوف إلى سينما شارع جورج يونيو بسيدني. في الواقع، إلى جانب حقيقة أن فاطيم جاءت إلى استراليا بإشراف من قيادة جبهة البوليساريو، فإنها تركت في المخيمات أبناءها، كما يقول صحراوي آخر. وهذا نوع من الضمانات كي تكون إجاباتها متسقة مع ما تم إملاؤه عليها. يقول دان فالشو في هذا الصدد: "تحدثنا إليها لفترة قصيرة للغاية البارحة، كل ما قالته لنا انه طلب منها عدم التحدث إلينا". عبرت فيوليتا عن أسفها في مؤتمر صحفي الرعب لما عاشتها فاطيم: "لقد تحدثت على الهاتف مع والدتها وشقيقها اللذان قالا لي إنها أجبرت على مغادرة المخيمات. لم نكن نرغب في أن تتخلى عن أطفالها، وعندما كنا نتحدث إليها، لم نكن نسمع غير أصداء الخوف والرعب. كان خائفة جدا ، ولا تستطيع التعبير" عبر مسؤولو المهرجان والعديد من المخرجين الاستراليين عن تأييدهم ودعمهم لفيلم "سطولن". وأكد المدير التنفيذي لمهرجان سيدني مارك سرفاتي أن" اختيار هذا الفيلم مناسب، وليس لنا القيام بدور المشرع أو فرض الرقابة". انتقدت فيوليتا أيالا بعض الصحف طالبت بعدم عرض الفيلم، رغم أنها لم تشاهده، وكشفت أنه تم تحذير مسؤولي مهرجان سيدني من أن البوليساريو سوف"يستولي على الفيلم ويحرف القضية الرئيسية التي تحكي بؤس المخيمات والرق والاستعباد لجعلها قضية سياسية ". "قمنا بعمل وثائقي مبني على التحقيق، وهو وثائقي واقعي وليس ثمرة المخيلة. إنه يصف مشاكل مؤلمة في مخيمات تندوف. إذا كانت الأممالمتحدة لم تتمكن من حل هذا النزاع القديم الذي عمر 30 عاما، من نكون نحن لنسيس هذا الفيلم؟ من المؤسف أن تسعى البوليساريو لتحويل الحقيقة "، نددت فيوليتا بغضب. تلقى الفيلم تمويلا من مؤسسة "سكرين أستراليا". "تمكنت جبهة البوليساريو من تعبئة أنصارها هنا، ولكن خسرت قضيتهم"، يلاحظ توم زوبريكي، منتج الفيلم الذي يملك خبرة طويلة في مجال إنتاج الأفلام الوثائقية، متسائلا: "كيف يمكن إنكار الحقائق التي وصفها في هذا الفيلم؟ " المصدر: كوركاس