إن قراءة فاحصة للعنوان من الناحية الدلالية تحيلنا إلى البعد الرمزي الذي يبدو حاضرا بقوة في المؤلف القصصي للأستاذ عبد الرحمان الوادي، ذلك أنني اقتفيت أثر رمزيته من كتاب أبي العلاء المعري " الصاهل و الشاحج " بحيث أن كلمة الصاهل تعود على الحصان و الشاحج ترجع للبغل. و الجميل في مؤلف القاص و المسرحي و الشاعر عبد الرحمان الوادي أنه نسج من بيان اللغة و رمزيتها البعد الدلالي الذي عبرت عنه لغة مثينة بأسلوب مُشذب حمل إلينا مجريات واقع نعيشه يبتلع فيه الإنسان مآسيه و أوهامه بطريقة غير فاحصة تثير الكثير من التساؤلات لعل أبرزها: * ما موقع الإنسان المعاصر من حيث التأثير في واقعه بقراءته التأملية التي يستطيع عبرها فرز خيوط التشابك التي كبلت بصيرته؟ * كيف السبيل للخروج من شرنقة اليومي بغربلة مجرياته و التفاعل معها بالشكل الذي يرفع الأوهام عن واقعنا المرير؟ * هل بلغ إنسان اليوم درجة من التشظي و الإغتراب إزاء ما يجري من أحداث و وقائع طرحته خلف التاريخ؟ هذه الأسئلة و غيرها يجيب عنها المؤلف من خلال لغة بيانية مزج فيها الكاتب بين رمزية المحكي و الواقع الذي أضحى ملفوفاً بالعتمة. حيث مزجت اللغة في مسروديتها الشعري بالنثري ثم الخطاب المسرحي. كل ذلك، ليس بغريب عن كاتب تمرس في درب الكتابة على نسج خيوط الرمزية و تلبيسها لبوس الواقع الذي لن يتمكن من فك شيفرات خطابه إلا قارئ متمرس خبر منعرجات الأدب و حيثياته التي تتلون بلغة بيانية تحمل الوعي الإنساني إلى مصاف التعقل و إدراك الغاية و الجدوى من إنتاج النص المُؤسس لرؤية إبداعية أعتبرها فريدة من نوعها. و أنا أتلمس ما خُط بين السطور في المؤلف، نظرت من زاوية فلسفية إلى الضمني و المخفي في النص، وجدته يؤسس لخطاب انزياحي جارف يُمزج فيه الكاتب بين الإستعارة القوية و السجع المتين يجد القارئ نفسه في مفترق الطرق من حيث التأويل إلا بعد إعادة القراءة بأناة و تبصر. و أخيرا، أتمنى للكاتب و الصديق عبد الرحمان الوادي مزيدا من العطاء و السير على درب الإبداع و الإنتاج الأدبي الرصين .