من تندرارة إلى الناظور.. الجهة الشرقية في قلب خارطة طريق الغاز بالمغرب    هولندا.. تحقيقات حكومية تثير استياء المسلمين بسبب جمع بيانات سرية    شبكات إجرامية تستغل قاصرين مغاربة في بلجيكا عبر تطبيقات مشفرة    هولندا تقرر تمديد مراقبة حدودها مع بلجيكا وألمانيا للتصدي للهجرة    تصفية حسابات للسيطرة على "موانئ المخدرات" ببني شيكر.. والدرك يفتح تحقيقات معمقة    أخنوش يمثل أمير المؤمنين في مراسم جنازة البابا فرانسوا    البرغوثي في مؤتمر الPJD: استشهد أو جرح من سكان فلسطين 10%... تخيلوا أن يحدث ذلك لدولة عربية    بنهاشم يقود أول حصة تدريبية للوداد    تتويج الفائزين في مباريات أحسن رؤوس الماشية ضمن فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب 2025    كرانس مونتانا: كونفدرالية دول الساحل تشيد بالدعم الثابت للمغرب تحت قيادة الملك محمد السادس    المغرب يحرز 5 ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول من النسخة ال46 لبطولة إفريقيا للجيدو    جلالة الملك يهنئ رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة بالعيد الوطني لبلادها    بدء مراسم تشييع البابا فرنسيس في الفاتيكان    اعتذار على ورق الزبدة .. أبيدار تمد يدها لبنكيران وسط عاصفة أزمة مالية    ولاية أمن الدار البيضاء توضح حقيقة فيديو أربعة تلاميذ مصحوب بتعليقات غير صحيحة    ماذا يحدث في بن أحمد؟ جريمة جديدة تثير الرعب وسط الساكنة    مناظرة تحدد ملامح جمهور المستقبل    بنكيران: لا أرشح نفسي لقيادة "العدالة والتنمية" .. والقرار بيد المؤتمرين    المرتبة 123 عالميا.. الرباط تتعثر في سباق المدن الذكية تحت وطأة أزمة السكن    انطلاق المؤتمر الوطني التاسع ل"البيجيدي" وسط شعارات تطالب بإسقاط التطبيع    المعرض الدولي للنشر والكتاب يستعرض تجربة محمد بنطلحة الشعرية    لقاء يتأمل أشعار الراحل السكتاوي .. التشبث بالأمل يزين الالتزام الجمالي    الشافعي: الافتتان بالأسماء الكبرى إشكالٌ بحثيّ.. والعربية مفتاح التجديد    شوكي: "التجمع" ينصت إلى المواطنين وأساسه الوفاء ببرنامجه الانتخابي    المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يبدأ تحضيراته الأخيرة لكأس إفريقيا بمصر    توقعات أحوال الطقس لليوم السبت    مصدر أمني ينفي اعتقال شرطيين بمراكش على خلفية تسريب فيديو تدخل أمني    كيوسك السبت | القطب المالي للدار البيضاء الأول إفريقيا وال 50 عالميا    فليك: الريال قادر على إيذائنا.. وثنائي برشلونة مطالب بالتأقلم    سيرخيو فرانسيسكو مدربا جديدا لريال سوسييداد    مؤتمر البيجيدي: مراجعات بطعم الانتكاسة    الصين تخصص 6,54 مليار دولار لدعم مشاريع الحفاظ على المياه    الهلال السعودي يبلغ نصف نهائي نخبة آسيا    فعاليات ترصد انتشار "البوفا" والمخدرات المذابة في مدن سوس (فيديو)    وثائق سرية تكشف تورط البوليساريو في حرب سوريا بتنسيق إيراني جزائري    الجهات تبصِم "سيام 2025" .. منتجات مجالية تعكس تنوّع الفلاحة المغربية    من فرانكفورت إلى عكاشة .. نهاية مفاجئة لمحمد بودريقة    أخنوش يمثل جلالة الملك في جنازة البابا فرانسوا    مجلس جهة طنجة يشارك في المعرض الدولي للفلاحة لتسليط الضوء على تحديات الماء والتنمية    جريمة مكتملة الأركان قرب واد مرتيل أبطالها منتخبون    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    قطار التعاون ينطلق بسرعة فائقة بين الرباط وباريس: ماكرون يحتفي بثمرة الشراكة مع المغرب    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    مذكرة السبت والأحد 26/27 أبريل    مهرجان "كوميديا بلانكا" يعود في نسخته الثانية بالدار البيضاء    على حمار أعْرَج يزُفّون ثقافتنا في هودج !    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقاش مفتوح وهادئ مع الأصدقاء والصديقات في منظمة العفو الدولية حول موضوع الكركارات
نشر في عالم برس يوم 03 - 12 - 2020


الصورة: تجنيد البوليساريو للاطفال
عزيز إدمين
أصدرت منظمة العفو الدولية بلاغا خبريا بتاريخ 30 نونبر 2020 تطالب فيه بضرورة توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية، وذلك بعد فتح المعبر المروري بالكركارات، وسبق لها قبل شهر تقريبا أن نشرت بلاغا آخر يتعلق بنفس المضمون، بتاريخ 22 أكتوبر 2020، في سياق مصادقة مجلس الأمن على قرار تمديد بعثة المينورسو بالمنطقة.
هذه الورقة لا تدّعي الرد على المنظمة الحقوقية، على أساس أن هناك جهات رسمية مغربية موكل لها هذه المهمة، بقدر ما هي نقاش مفتوح، بحجج من القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
ومن المؤكد أن النقاش الهادئ والرزين مع هذه المنظمة المدافعة عن حرية الرأي والتعبير، أن يؤدي إلى خلخلة بعض المنطلقات، التي ترتكز عليها، مع إعلاننا، قبل البدء، التضامن مع أمنستي التي عرفت في السنوات الأخيرة تضييقا على أنشطتها من قبل السلطات المغربية، وما كان يرافق رفض الحكومة المغربية لتقاريرها من عبارات تحقيرية وتنقيص من مصداقيتها ومهنيتها.
أولا: على مستوى توصيف أمنيستي للمنطقة
في بلاغها الأخير موضوع النقاش، تطرقت منظمة العفو الدولية إلى أربعة مرتكزات للوصول إلى ضرورة توسيع ولاية بعثة المينورسو لتشمل رصد ومراقبة حقوق الإنسان، وهي التالية كما أوردتها حرفيا:
المرتكز الأول: شن الجيش المغربي عملية في قرية الكركارات في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها لتفكيك مخيم أقامه حوالي 60 محتجاً صحراوياً سلمياً.
المرتكز الثاني: أعلن رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية المعلن ذاتياً، إبراهيم غالي، أن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (جبهة البوليساريو) تنهي اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان سارياً منذ عام 1991.
المرتكز الثالث: المغرب يدير الجزء الغربي منه بحكم الأمر الواقع. وتوجد شرق الساتر الترابي الأراضي المحررة من قبل جبهة البوليساريو.
المرتكز الرابع: وأفادت المنظمات المحلية، التي تراقب أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، أيضاً أنه تم اعتقال ما لا يقل عن أربعة صحراويين في العيون. وكان أحدهم فتاة تبلغ من العمر 12 عاماً اعتقلت في 19نوفمبر/تشرين الثاني، بسبب ارتدائها ملابس على الطراز العسكري في المدرسة.
1- تظاهرات عنيفة وليس سلمية
في ما يتعلق بالمرتكز الأول، فإن كانت كل التشريعات الدولية تضمن الحق في التظاهر السلمي، إلا أنها تفرض شرطين أساسيين: الأول أن شكل المظاهرة يجب أن يكون خاليا من العنف وعدم الاعتداء على حقوق الأشخاص الآخرين، والثاني أن موضوع التظاهرة يجب أن يكون مشروعا وشرعيا.
وهذا ما أكدت عليه المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وأيضا التعليق العام رقم 37 سنة 2020 لنفس المادة، ودون الإطالة في الموضوع، نذكر بعض ما جاء في التعليق العام، إذ نصّ على أنه لا يجوز، بحكم تعريف الحق في التجمع السلمي، ممارسة هذا الحق باستخدام العنف. وعادة ما يعني "العنف"، في سياق المادة 21، استخدام المشاركين القوة البدنية ضد الآخرين، مما قد يؤدي إلى الإصابة أو الوفاة، أو إلى إلحاق ضرر جسيم بالممتلكات، ويضيف التعليق العام "وجود أدلّة موثوقة على أن هؤلاء المشاركين حرّضوا آخرين، قبل الحدث أو أثناءه، على استخدام العنف، وعلى أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى العنف؛ أو على أن للمشاركين نوايا عنيفة ويخططون لتنفيذها"، وأيضا "تطبق القيود المناسبة عندما تكون هذه الرموز مرتبطة ارتباطاً مباشراً وأساسياً بالتحريض على التمييز أو العداء أو العنف".
أما بخصوص مشروعية الحق في التظاهر، فيؤكد التعليق العام أنه "ووفقاً للمادة 20 من العهد، لا يجوز أن تستخدم التجمعات السلمية من أجل الدعاية للحرب (المادة 20) الفقرة (1)، أو الدعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداء أو العنف (المادة 20) الفقرة (2)"، وأنه "يجب إيلاء الاعتبار الواجب لمصالح أصحاب الحقوق الآخرين في هذه الممتلكات".
ويختم التعليق العام تفسيراته للمادة 21 بكون "يستمد واجب احترام الحق في التجمع السلمي وضمانه أيضاً مبرراته القانونية من أهمية الطائفة الأوسع من الحقوق والقواعد والمبادئ الأخرى التي يعزز هذا الحق إعماله".
.
بالعودة إلى ما وقع في المنطقة العازلة بالقرب من معبر الكركارات، وهو "معبر" وليس "قرية"، كما عبّرت أمنستي، نجد:
أولا: أغلب "المتظاهرين" يرتدون زيا عسكريا أو شبه عسكري، في مخالفة تامة لما تمت الإشارة إليه بخصوص عدم حمل أعلام أو زي يدعو للحرب أو العنف.
ثانيا: المتظاهرون قاموا بشلّ وتوقيف حركة المرور وليس فقط تعطيلها، لمدة تزيد عن أسبوعين.
ثالثا: قام المتظاهرون بالاعتداء على الأفراد بالسب والقذف والاعتداء على الممتلكات الخاصة، وخاصة العربات والشاحنات.
رابعا: قام المتظاهرون بتخريب الطريق ووضع المتاريس والأحجار في ممر مدني.
خامسا: نشر عدد كبير من المتظاهرين فيديوهات تتوعد بالعنف والاعتداء على كل من حاول المرور.
هذه التظاهرات التي اتسمت بالعنف، لم تأتِ بشكل عفوي، بل منذ سنة 2003 وزعيم جبهة البوليساريو يتوعد بالعودة للسلاح في حالة إذا تم تنظيم مرور سباق رالي باريس دكار، وكرر هجومه في المؤتمر الأخير للجبهة بكون معبر الكركارات سوف يتم إغلاقه بالقوة.
وهذا الهجوم والتهديد يؤكدان أن الدعوة للعنف حاضرة بقوة، والغريب أنها صادرة عن جهة ليست لها أي سيادة على المنطقة، مما جعل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، سنة 2017، يأمر جبهة البوليساريو بالانسحاب الفوري والشامل من منطقة الكركارات، ويعتبر تواجدها في المنطقة يخالف القانون الدولي والتزامات الجبهة الدولية، ولكون المنطقة هي منطقة عازلة، وزاد مجلس الأمن، في قراره في نفس السنة رقم 2351، أنه "وإذ يرحب باستجابة المغرب الإيجابية في 26 فبراير 2017 لنداء الأمين العام الموجه لكلا الطرفين من أجل الانسحاب من الشريط العازل في منطقة الكركارات، ويعرب عن بالغ قلقه لاستمرار وجود عناصر جبهة البوليساريو في الشريط العازل، بما في ذلك عرقلتها لحركة المرور التجارية العادية"، وأنه "يعرب عن بالغ قلقه لاستمرار وجود عناصر من جبهة البوليساريو في الشريط العازل بمنطقة الكركارات، ويحث بقوة جبهة البوليساريو على الانسحاب الفوري والكامل وغير المشروط من الشريط العازل". وفي قراره أيضا رقم 2414 سنة 2018 أعرب عن "قلقه" من تواجد جبهة البوليساريو في المنطقة العازلة بالكركارات، وأمرها ب"مغادرتها فورا". وأن نية البوليساريو لنقل "بنياتها الإدارية" غير قانوني وأمرها بالكف "عن مثل هذه الأفعال المزعزعة للاستقرار".
بناء على ذلك، يُطرح سؤال منطقي: هل منظمة العفو الدولية مقيدة بالشرعة الدولية وقرارات مجلس الأمن، أم مقيدة بتصريحات وبلاغات جبهة البوليساريو؟
..
2- لا وجود لكيان "الجمهورية الصحراوية" في الشرعة الدولية
أوردت منظمة العفو الدولية في بلاغها الإخباري أن رئاسة "الجمهورية العربية الصحراوية" المعلنة ذاتيا قررت إنهاء وقف إطلاق النار. وبالعودة لكل القرارات الدولية، وخاصة الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، فإنها لا تعترف بشيء اسمه "الجمهورية العربية الصحراوية"، بل إن طرحَ أمنستي لاسم هذه الدولة، يسائلها من ناحية القانون الدولي ومدى التزامها بالشرعة الدولية.
هناك من يحاجج بكون "الجمهورية العربية الصحراوية" عضوة بالاتحاد الإفريقي ومعترف بها من قبل بعض الدول. وفي هذا الصدد، نميز بين الاتفاقيات الشارعة والاتفاقيات الإقليمية، فالاتفاقيات الشارعة ترعاها الأمم المتحدة وتكون مفتوحة على نطاق واسع لكل الدول، في مقابل أن الاتفاقيات الإقليمية تعني فقط دول الإقليم، فإن حصل تعارض بينهما، فإن الاتفاقيات الشارعة، وفق للقانون الدولي، تسمو على الاتفاقيات الإقليمية أو الجهوية أو الثنائية، وفي هذا الصدد نحيل على قرار البرلمان الأوروبي رقم 1300 الصادر في شتنبر 2002 الذي بمقتضاه يعطي السمو والأولوية للنظام الأساسي لروما لسنة 1998 المنشأ للمحكمة الجنائية الدولية على باقي الاتفاقيات الأخرى، وخاصة منها الاتفاقيات الثنائية. وهو ما ذهبت إليه أيضا منظمة العفو الدولية في تعليقها على المادة 98 من نفس الاتفاقية بكون الاستعمال المنحرف لها يؤدي إلى التنصل من المسؤولية الدولية المقررة حصرا في نظام روما وليس في الاتفاقيات الثنائية الأخرى (الوثيقة صادرة عن منظمة العفو الدولية رقم IOR 40/025/2002 بتاريخ 1 غشت 2002).
ونضيف، أيضا، قرار محكمة العدل الدولية بتاريخ 14 أبريل 1992، المتعلق بشكاية تقدمت بها ليبيا في قضية "لوكيربي"، حيث أكدت المحكمة الدولية أن جميع أطراف النزاع ملزمون بقرارات مجلس الأمن وذلك طبقا للمادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة، حيث إن قرارات مجلس الأمن تسمو على أي اتفاقية دولية بما فيها اتفاقية مونتريال.
فهل تتخلى منظمة العفو الدولية عن الشرعية الدولية وعن إنتاجاتها أيضا لصالح إعلان ذاتي لطرف ما تشكيلَهُ لدولة.
.
3- وهم الأراضي المحررة
قامت منظمة العفو الدولية في توصيفها للمنطقة بكون المغرب "يدير الجزء الغربي من الساتر الترابي بحكم الأمر الواقع. وتوجد شرق الساتر الترابي الأراضي المحررة من قبل جبهة البوليساريو".
دون الحاجة إلى إعادة ذكر القرارات الصادرة عن مجلس الأمن المشار إليها في هذه الورقة، والتي تؤكد أن منطقة شرق الجدار هي منطقة عازلة، ولا يوجد أي قرار أممي يصفها ب"الأراضي المحررة"، باستثناء في مخيلة قادة البوليساريو والجزائر، وللأسف التحقت بهم منظمة العفو الدولية، مما يعطي الانطباع بالميل السياسي للمنظمة في هذه المنطقة.
مسألة "المغرب يدير الأراضي غرب الجدار"، ليس ب"الأمر الواقع"، كما جاء في بلاغ العفو الدولية، بل بناء على الاتفاقية الدولية سنة 1991، حيث المنطقة يسيطر عليها المغرب إداريا وأمنيا وعسكريا، وتعزز هذا التأكيد بالاتفاق العسكري رقم 1 الموقع سنة 1998 بين المغرب وبعثة المينورسو.
وفي إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان، نحيل على تقرير لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر في 22 أكتوبر 2015، والمتعلق بالنظر في التقرير الدوري الرابع للمغرب، والذي جاء فيه "تحيط اللجنة علماً بالهاجس الأمني الذي أشارت إليه الدولة الطرف لكنها تشعر بقلق بالغ لأن الجدار الرملي المحصن بالألغام المضادة للأفراد الذي أقامته الدولة الطرف بين الأراضي الخاضعة لسيطرة المغرب من إقليم الصحراء الغربية وبقية الإقليم"، فالهيئة الأممية في مجال حقوق الإنسان تسمي المنطقة العازلة بالأقاليم الأخرى، وتقر رسميا بالتواجد القانوني للمغرب غرب الجدار، وتوصي اللجنة المغرب ب"تسريع وتيرة برنامج إزالة الألغام من الجدار الرملي. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أن تقدم في تقريرها الدوري المقبل معلومات مفصلة عن تمتع الصحراويين بكافة حقوقهم المكرسة في العهد".
فهل توجد "أراضي محررة"، وفي نفس الوقت تطالب الأمم المتحدة دولة أخرى (وهي المغرب) بأن ينزع الألغام منها وتمتيع الصحراويين بحقوقهم الأساسية عليها؟
.
4- حقوق الأطفال
في تعليقها على بعض الأحداث، التي وقعت في العيون، تطرقت منظمة العفو الدولية إلى اعتقال طفلة عمرها 12 سنة، لولوجها للمدرسة "بسبب ارتدائها ملابس على الطراز العسكري".
وإن كان فعلُ اعتقال طفلة مداناً، باعتبارها قاصرة، فإن مسؤولية الوصي القانوني عليها قائمة، وذلك بالسماح لها أو دفعها لارتداء لباس عسكري.
وفي هذا الإطار، نذكر بالتعليق العام رقم 20 الصادر سنة 2016 عن لجنة حقوق الطفل، والذي إذ يؤكد حق الأطفال في التعبير عن رأيهم، فإن اللجنة تعرب "عن بالغ قلقها إزاء تجنيد المراهقين والمراهقات، بطرق تشمل استخدام وسائط التواصل الاجتماعي، من جانب القوات المسلحة التابعة للدولة، والجماعات والميليشيات المسلحة"، وتضيف يجب "حظر تجنيد المراهقين أو استخدامهم في جميع الأعمال العدائية، فضلاً عن مفاوضات واتفاقات السلام أو وقف إطلاق النار مع الجماعات المسلحة، وينبغي أن تدعم الدول فرص مشاركة المراهقين في حركات السلام والنُّهُج القائمة على الأقران لنبذ العنف في تسوية النزاعات، وهي نهُج متجذرة في المجتمعات المحلية، من أجل تدخلات مستدامة وملائمة ثقافياً.
كما أن التعليق العام رقم 1 لسنة 2001 المتعلق بالفقرة 1 من المادة 29 بخصوص أهداف التعليم تؤكد على أن "القيم المجسدة في المادة 29، الفقرة 1، مفيدة للأطفال الذين يعيشون في المناطق التي يسودها السلم، لكنها أهم بكثير بالنسبة للأطفال الذين يعيشون في حالات النزاع أو الطوارئ. وكما لوحظ في إطار عمل داكار، من الأهمية بمكان، في سياق نظم التعليم المتضررة بنزاعات أو كوارث طبيعية أو عدم الاستقرار، أن تنفذ البرامج التعليمية بطريقة تعزز التفاهم والسلم والتسامح وتساعد على منع العنف والنزاع".
فالزي العسكري ليس تعبيرا سلميا ولا تستحمله القدرات الذهنية للطفل، وما بال الذهاب به للمدرسة.
فإن كانت منظمة العفو الدولية نبّهت لضرورة عدم اعتقال الأطفال، وهو الأمر المتفق عليه، إلا أنها تغاضت عن الجزء الأكبر والأهم هو "تجنيدهم" واستغلالهم في نزاع إقليمي.
.
ثانيا: على مستوى مطلب مراقبة حقوق الإنسان في المنطقة
استندت منظمة العفو الدولية على مطلبها بإدراج عنصر مراقبة حقوق الإنسان لمهام المينورسو بكون "الغالبية العظمى من بعثات الأمم المتحدة المماثلة في مختلف أنحاء العالم".
إن رصد ومراقبة حقوق الإنسان يعتبر عملا محمودا، ولكن لابد أن يكون في إطار معايير موضوعية وواقعية، ويستحب أن تكون من داخل القانون الدولي لحقوق الإنسان وليس من خارجه.
وعلى هذا الأساس، ما استندت عليه منظمة العفو الدولية بكون غالبية بعثات السلام تراقب حقوق الإنسان، هو قول مجانب للصواب، فمن أصل 14 بعثة موجودة الآن، توجد فقط سبع بعثات فقط التي تراقب الواضع إما في مناطق نزاع تقع فيها جرائم خطيرة كجرائم حرب، أو وجود جرائم ضد الإنسانية، أو جرائم الإبادة الجماعية، ومثال على ذلك دارفور عبر بعثة اليوناميد، في مناطق تعرف دولها إعادة البناء أو دعم العملية السياسية داخل البلد لاستكمال بناء مؤسساته، أو أنها دول تعرف عملية انتقالية، أي أنها دول "هشة" ولا تتوفر فيها مؤسسات قادرة على حماية حقوق الإنسان ونذكر مينوستا، مينوسكا، مينوسما ومونوسكو، يونميك، في كل من هايتي، جمهورية أفريقيا الوسطى، مالي، جمهورية الكونغو الديمقراطية، وكوسوفو.
أما في الحالة المغربية، حيث الوضع مستقر، فإنه منفتح على الآليات الدولية لحقوق الإنسان التابعة لمجلس حقوق الإنسان، عبر الهيئات التعاهدية ونظام الإجراءات الخاصة، كما توجد آليات وطنية ومحلية بكل من العيون والداخلة تراقب حقوق الإنسان متكاملة مع الآليات الأممية، مما يدعّم وجود آليات انتصاف وطنية، أي أن مطلب وضع آليات رصد دولية استثنائية تخالف المبدأ الدولي في ضرورة استنفاد آليات الانتصاف المحلية أولا.
مطلب توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان يتناقض مع الآليات الدولية للحماية في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويؤكد أنها عاجزة عن حماية حقوق الإنسان في العالم، ويدفع بالمنطقة أن تكون منطقة حرب وفق القانون الدولي الإنساني عوض القانون الدولي لحقوق الإنسان، كما أنه يتناقض والمسار الذي عرفه الملف ابتداء من سنة 2002، حيث بدأ في البحث عن حل سياسي سلمي وديمقراطي.
فتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان هو آلية استثنائية تمارس في زمن الحرب أو في ظل دولة غير مستقرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.