بين التفاؤل والقلق، جاء تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ليؤكد بشكل أساسي على الهدوء العام الذي شهدته قضية الصحراء الغربية المغربية هذه السنة. تقرير الأمين العام الذي سيتبعه قرار من مجلس الأمن ليمدد لبعثة المينورسو، شمل ما شهدته قضية الصحراء المغربية من أكتوبر من السنة الماضية إلى اليوم. وباستثناء بعض التفصيلات، لم يأت غوتيريس بجديد، بل عبر عن نفس التفاؤل ونفس القلق الذي عبر عنه في تقريره السابق. الأمين العام للأمم المتحدة عبر عن تفاؤله من إمكانية إيجاد حل تفاوضي سياسي دائم يرضي الطرفين، لكنه أيضا عبر عن قلقه من عدة عوائق قائمة. تقرير الأمين العام للأمم المتحدة تطرق لتوقف اللقاءات التي أطلقها مبعوثه الشخصي المستقيل كوهلر، والتي جمعت أطراف النزاع المغرب والجزائر وجبهة البوليساريو وموريتانيا. كما عبر الأمين العام عن قلقه من الأوضاع الانسانية التي تعرفها مخيمات تيندوف، المتمثلة في سوء التغدية وارتفاع فقر الدم في أوساط الأطفال والنساء، إضافة إلى مناخ العيش في المخيمات والانتهاكات المتواصلة لحقوق الإنسان. كما عبر غوتيريس في تقريره عن قلقه من ارتفاع حركة عصابات تهريب المخدرات في المنطقة. ومعلوم أن المنطقة عرفت تزايدا مطردا في عملية الاتجار وتهريب المخدرات، وهناك تقارير إعلامية من مخيمات تيندوف تفيد بأن هناك عصابات يوجد خلفها قادة من جبهة البوليساريو. وظهر هذا الأمر في عدة مناسبات تم فيها تهريب معتقلين من هذه العصابات من سجن الدهيبية. وأيضا هناك حالات لتعذر اعتقال بعض تجار المخدرات كونهم محميون من بعض قادة البوليساريو. إلى جانب موضوع المخدرات، عبر الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره عن قلقه من التحركات التي تقوم بها جبهة البوليساريو في المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني. وذكر التقرير باستمرار تحركات شرق الجدار منها تحركات عسكرية ومدنية مع استمرار قيام بعض البنايات في هذه المنطقة العازلة التي تسميها جبهة البوليساريو مناطق محررة في تحد سافر لمقررات مجلس الأمن السابقة. وحذر غوتيريس من أن مثل هذه التحركات وأخرى تستهدف معبر الكركارات يمكنها أن تقوض القرارات العسكرية بوقف اطلاق النار الموقعة في سنة 1991. ولأول مرة يذكر الأمين العام بوابة الكركارات كمنطق فاصلة بين المملكة المغربية وموريتانيا، مما يمكن قراءته بشكل داعم لحل الحكم الذاتي، وهو الأمر الذي ينضاف إلى اللغة الداعمة للحل الذي تقدم به المغرب وتم وصفه بالجدي وذي مصداقية. ومعلوم أن جبهة البوليساريو قد دأبت على استعمال معبر الكركرات كوسيلة لخلق التوترات في كل مناسبة دولية منها قرب اجتماع مجلس الأمن للنظر في قضية الصحراء المغربية. وعلى الرغم من أن هذه السنة لم تعرف توترا كبيرا كون جبهة البوليساريو تراجعت عن محاولة شل معبر الكركرات، إلا أن هذا المعبر والمنطقة العازلة هي الورقة الوحيدة التي يعبر من خلالها قادة جبهة البوليساريو عن أنهم موجودون ويحاولون إقناع سكان مخيمات لحمادة بأنهم هم الممثلون الوحيدون لهم. غير أن موضوع الكركارات والمنطقة العازلة لم يعد ورقة يهتم بها سكان مخيمات تيندوف الذين وقفوا عند فساد قيادة البوليساريو وانتهازيتها، وكونها مجرد كراكيز تخدم أجندة المخابرات العسكرية الجزائرية. في المقابل، تطرق الأمين العام للأمم المتحدة إلى مواصلة المملكة المغربية للاستثمار في البنية التحتية، وهذا الأمر وحده يبين الفرق بين انتهازية قادة البوليساريو وتعسفهم على مواطنين عزل تتخذهم دروعا بشرية، وبين المملكة المغربية صاحبة الحق في أقاليمها الجنوبية واهتمامها بالتنمية البشرية والمجالية في هذه الأقاليم