ممولو الأعراس والجنازات لم تعد خدمات ممولي الحفلات تقتصر على الأعراس بل أصبحت تشمل حتى الجنازات فعند رجوع المشيعيين من المقبرة بعد دفن الميت يدخلون خياما منصوبة أمام دار الفقيد ويجلسون أمام موائد مزينة بما طاب من البسطيلة والخرفان المشوية والدجاج البلدي المحمر والكسكس وما لذ من الحلويات وعصير الفواكه والمشروبات الغازية والمعدنية، إنه غذاء الميت وليس عشاء الميت كما هي تقاليد أجدانا. وطبعا فالعائلات الفنية هي التي أصبحت تلجأ لخدمات ممولي الجنازات. أما الفقراء فمازالوا متمسكين بالطباخة التي تساعدها نساء عائلات الفقيد ومزالوا متشبثين بعشاء الميت ويكتفون بالكسكس والمشروبات الغازية فالتفاوت الطبقي موجود حتى في الموت؟ القروض تغازل المتقاعدين منذ أربعين سنة لم يكن من حق المتقاعد ان يستفيد من القروض : أولا لان معاشه كان هزيلا، وثانيا لأن مؤسسات القروض لم يكن لها الحق ان تخصم سومة القرض من راتب المعاش. ولكن «فيروس» القروض وصل الى المعاشات فأصيب كثير من المتقاعدين بمرض السلف.. وأصبح من حق المتقاعد أن يستفيد من قرض قبل أن يصل الى السبعين من عمره. وبدأت تنتشر في شوارع البيضاء لوحات اعلانية تشجع المتقاعدين على الاقتراض... والظاهران مؤسسات السلف توصلت الى حقيقة تؤكد أن العمر الافتراضي للانسان المغربي هو السبعين وبعدها لاتبقى له رغبة في وسخ الدنيا! سيجارة تحرق المستقبل من خلال المعلومات التي يسجلها رجال الشرطة القضائية في محاضرهم عن حياة المجرمين نكتشف ان الخطوة الأولى لانحرافهم تبدأ منذ الطفولة مع أول سيجارة يدخنونها.. وفي سن المراهقة ينتقلون الى تدخين الحشيش وابتلاع الأقراص المخدرة وعندما يصلون الى مرحلة الشبان يضيفون الخمر للسجائر والحشيش والاقراص ليتخرجوا منحرفين بامتياز وقد يحترفون السرقة مدججين بالخناجر والسيوف مما يتسبب لضحاياهم في جروح خطيرة وعاهات مستديمة وأحيانا تكون اعتداءاتهم على المواطنين قاتلة. فالطفل الذي يشعل سيجارة فإنه في الحقيقة يحرق مستقبلا وما أكثر الأطفال الذين ينساقون لتدخين السجائر في قاعات الألعاب. الخطر القادم تشن الدول الأوروبية حملات لإرجاع المهاجرين السريين الى بلدانهم ومن ضمنهم مغاربة ولكن المشكل الخطير في هذا الاجراء يكمن في تأثيره على الصحة النفسية والعقلية لهؤلاء المطرودين عندما يصلون الى مدنهم وقد فقدوا الأمل في الفردوس الذي كانوا يحلمون به. وقد عاينت حالة شاب مطرود من ايطاليا كان راكبا في الحافلة وهو يصرخ ويتكلم بخليط من اللغتين الدارجة والايطالية ويتبجح انه كان في «تورينو» يتاجر في المخدرات ويلعب بالأموال ويركب سيارات لاوجود لمثلها في المغرب ويسهر في فنادق راقية وكاباريهات باذخة مع أروع الايطاليات وكانت برفقته والدته التي أخبرتنا أنها ذاهبة به الى مستشفى الأمراض العقلية وأما في سيدي مومن فقد أصبح السكان يعيشون في رعب خوفا من عصابة مكونة من المطرودين من أوروبا تحترف السرقة نهارا مختفين وراء أقنعة على وجوههم.. فرحة الوداديين والرجاويين في هذه الأيام تشعر جماهير الوداد والرجاء بسعادة وارتياح وتبدو المقاهي كأنها قاعات أفراح والشوارع تنعم بهدوء جميل وانطفأت في العيون جمرات الغضب وتنورت الوجوه باشراقات الفرح وتجلت فوق الشفاه ابتسامات الزهو والاعتزاز. فالرجاء الآن في مقدمة الترتيب والوداد الآن تقترب من الصفوف الأمامية وتطمح للفوز بكأس العرب... وانتصارات الوداد والرجاء غطت على انتكاسة الزيادة في الحافلات والخضر والحليب فكرة القدم في هذا العصر نجحت في أن تسحر وتفتن الناس وعلى رجال السياسة والفن أن يتعلموا من تأثير كرة القدم في الناس كيف يتعاملون مع المواطنين، فعندما يوجد فريق منسجم ومهارات فردية وتداريب مستمرة ومدرب مقتدر وجهد وعرق وحب حقيقي وأهداف مسجلة تتحقق الانتصارات وتحتشد الجماهير وتعم الفرحة.