إذا مات أحد بالقصور الإمامية يفرغ المحل الذي مات به من جميع ما به من فرش وأثاث، ولا يبقى به غير ما يوضع عليه الميت، وتنزع عنه الثياب التي مات فيها، ويلبس ثيابا نظيفة ويغطى بإزار أبيض، ويسدل عليه رواق كذلك، ويعلم الطواشون ليعلموا أمين العتبة، فيكتب لأمناء الصائر بتنفيذ مؤن التجهيز، ويعلم معامل البلد، فيعلم الموظفين والأعيان وينادي في الأسواق لإعلام العموم بالتوجه إلى الأعتاب الشريفة لتشييع الجنازة، ومن تأخر بدون عذر يعاقب، ويؤتى بالمباشرين لغسلها وتكفينها، والعادة أن الكفن يؤتى به في غربال، وأن الماء الذي يغسل به يسخن بباب القصر، والثياب التي تكون على الميت يأخذها المباشرون للغسل، ولا يحمل الجنازة إلا الأرقاء المماليك المستخدمون بالجنات المولوية أو بأبواب القصور، ويغطى نعش الجنازة بأفخر الثياب، يتصدق على متولي الصلاة عليها ببعضها، والباقي يباع ويتصدق به مقسطا على أيام الجمع، على أناس يعينون لقراءة القرآن يوم الجمعة الموالية لدفن المتوفى، والتي تليها على قبره، ويهدى له الثياب، فإذا وضع في قبره يقرأ عليه «إن الذين سبقت لهم منا الحسنى»، إلى السورة، فسورة يس، وسور غيرها من قصار المفصل، فإذا ووري التراب يفرق على الطلبة حملة القرآن والصبيان وذوي الفاقة الخبز لكل نفر خبزة أو خبزتان، ونقود لا تقل عن فرنك لكل واحد، وعلى هذا يكون العمل في كل صباح، ابتداء من اليوم الموالي لدفنه إلى اليوم الثالث، غير أن القراءة التي تقرأ صبيحة كل يوم من الأيام الثلاثة على الأقل ختمة من القرآن جميعه وتوسلات وأمداح نبوية، وربما كانت في كل ختمة، ويضاعف في اليوم الثالث ما صير، ويتصدق في صبيحته زيادة على الخبز والنقود والتين والكسكس الذي يطبخ بداخل القصر، هذا إذا ماتت الجنازة داخل القصر، فإن كانت خارجه فيجري جميع ما ذكر بالمحل الذي فيه الميت، هذا إذا كان الملك غير حاضر، أما إذا كان حاضرا فإن الهيئة المخزنية تكون في مقدمة المشيعين للجنازة، وربما كان جلالة السلطان من جملة المشيعين وهو راجل لا يتميز عن باقي المشيعين بشيء، إلى أن ينتهي الفقيد لمثال كل حي، ويرد بعد نشر الحياة سكون الطي. العز والصولة في معالم نظم الدولة لمؤرخ الدولة العلوية عبد الرحمان بن زيدان. المطبعة الملكية، الرباط، 1961. الجزء الأول. ص:86-87.