احتج العديد من المهاجرين الذين شاركوا في لقاء الثلاثاء الماضي بالرباط والذي نظمته الوزارة المكلفة بالجالية المقيمة بالمهجر حول « السياسة الوطنية لتدبير شؤون المغاربة القاطنين بالخارج» على الطريقة التي تشتغل بها قنصليات المغرب في أوروبا، وقالوا إن البيروقراطية تهيمن على القنصليات أثناء استخراج، أو التصديق على أوراق إدارية يحتاجها المهاجر، مشيرين إلى أن التباطؤ الإداري يضيع على المواطن المغربي المقيم في أوروبا أعواما طوال. وطالب الكثير من هؤلاء المهاجرين في ذات اللقاء بإحداث قنصليات جديدة لتلبية حاجياتهم في المناطق التي يعيش فيها آلاف المواطنين المغاربة، لأن الانتقال من مدينة إلى أخرى، يوجد بها مقر القنصلية، يكلف المواطن المغربي خسارات كثيرة، من حيث ضياع الوقت والمصاريف. وانتقد المهاجرون المغاربة المؤسسات البنكية، خاصة التي تتوفر على فروع في أوروبا، لرفضها التعامل بمنطق العولمة، الذي يرتكز على التنافسية في تخفيض أسعار الفائدة، وتقديم تسهيلات لهم قصد إحداث مشاريع تنموية، سواء في بلدان الاستقبال أو في المغرب. وشددوا على إعطاء الأهمية القصوى لتدريس اللغة العربية من خلال رفع عدد المدرسين من جهة وإدماج تعلم العربية في الأسلاك التعليمية في بلدان المهجر، مؤكدين أن التدريس الحالي لا يستجيب لشروط النجاعة كما طالب المهاجرون الحكومة المغربية إرسال بعثات دينية على طول السنة. وذكرت الوثيقة، التي تم توزيعها على الصحافة، في لقاء نظم على هامش مشاركة أعضاء من الجالية في احتفالات عيد العرش، أنه على مستوى القضايا المرتبطة بمصالح المهاجرين المغاربة داخل وطنهم، فقد اعتمد مخطط يهم، على الخصوص، إعداد سياسة وطنية جديدة خاصة بالمغاربة المقيمين بالخارج تقوم على أسس علمية حديثة ودراسات استشرافية، وترتكز على مقاربة تشاركية شاملة ومندمجة ومنسجمة، تمكن من توضيح الرؤية وتحديد الأهداف وإبراز الأولويات وصياغة الحلول. ويتوخى مخطط العمل أيضا، حسب الوثيقة، مواكبة الإرادة الملكية السامية لمواصلة المسار التدرجي لتمكين المغاربة بالخارج من ممارسة مواطنتهم الكاملة وضمان مشاركة ناجعة لهم في كافة مجالات الحياة الوطنية. كما يستهدف هذا المخطط العمل على تحسين جميع الجوانب المرتبطة بعملية العبور والاستقبال وتحسين جودة الخدمات الإدارية، وإيجاد حلول معقولة وملموسة للقضايا والصعوبات المرتبطة بالقطاعات والإدارات المعنية، وأيضا معالجة الشكايات والمنازعات الإدارية والقضائية، وتحفيز وتشجيع التحويلات المالية للمهاجرين المغاربة، وتوفير الوسائل والآليات الكفيلة بانبثاق جيل جديد من الاستثمارات للمغاربة المقيمين بالخارج. و قال محمد عامر الوزير المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، في نفس اللقاء إن التغيرات التي طرأت على المشهد الدولي والتحولات الديمغرافية والسوسيو-مهنية والثقافية والتي لها تأثيرها على الجالية المغربية المقيمة بالخارج تسببت في بروز مشاكل وتطلعات جديدة وخلقت رهانات إستراتجية جديدة. وأوضح عامر، أن السياسة العمومية تركز على إعداد استراتيجية وطنية في مجال الهجرة الدولية وتجديد منهجية تدبير شؤون المغاربة المقيمين بالخارج، مع اعتماد مبادرة تشاركية. وأضاف أنه في إطار هذا التوجه انكبت الوزارة على إعداد مخطط عمل تمهيدي عن الفترة (2008 -2012 ) في اتجاه إرساء سياسة متجددة لتدبير شؤون المهاجرين المغاربة. وعلى صعيد آخر، انكبت الوزارة على تنفيذ مخطط شمولي مندمج للتواصل عن قرب، يمكن الجالية المغربية المقيمة بالخارج من متابعة أهم الأحداث الجارية في بلدهم، إلى جانب توسيع وتطوير الشراكة مع بلدان الاستقبال والاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية. وعلى مستوى القضايا المرتبطة بمصالح المغاربة المهاجرين داخل بلدان الإقامة فإن، المخطط المذكور يشمل تأهيل وتطوير برنامج تعليم اللغة العربية للأطفال، ووضع برنامج تدريجي لإقامة فضاءات ثقافية مغربية تهدف إلى تقوية الروابط الثقافية للأجيال الجديدة مع وطنهم الأم، بالإضافة إلى إرساء برنامج مندمج ومتناسق كفيل بتربية إسلامية سليمة. كما أنه يكرس تحيين ومراجعة الاتفاقيات الثنائية الخاصة بالجالية المغربية بالخارج فضلا عن دعم ومواكبة مخطط التأهيل القنصلي لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون. ولتجسيد هذا المخطط، تم إحداث آليات لتحسين التنسيق بين مختلف الشركاء، وضمان تكاملية وانسجام السياسات والبرامج وتعزيز الموارد المالية عبر الرفع من ميزانية الدولة المخصصة لهذا القطاع. ويتعلق الأمر أيضا بتنمية الشراكة مع القطاع الخاص وتعبئة تمويلات خارجية في إطار التعاون مع بلدان الاستقبال والمنظمات والوكالات الدولية للتنمية المهتمة بمسألة الهجرة. ومن جانبه، ذكر إدريس اليازمي رئيس مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج في كلمة بالمناسبة، أن عمل المجلس يرتكز على الشراكة مع كل الكفاءات من أجل القيام بالمهام الموكولة إليه. ويمس هذا العمل كل جوانب حياة المغاربة بالخارج وعلاقاتهم مع بلدهم الأصلي، ومن بينها ما هو ثقافي وذا طابع اجتماعي واقتصادي وعلمي وتكنولوجي، وكل ما يتعلق بمساهمة المغاربة المقيمين بالخارج في التنمية البشرية المستدامة ببلدهم.