اعتاد الزوبير ز /البالغ من العمر 54 سنة الخروج في الصباح الباكر متجها نحو مقر عمله بسوق الجملة الخاص بمدينة سلا. حيث يعمل هناك كمحرر للوصولات التي يستلمها تجار الخضر بالجملة عند كل عملية بيع وشراء. كانت علاقة الزوبير تأخذ منعطفا آخر مع بعض زملائه الذين باتت علاقته بهم تتوتر بشكل ملفت للنظر إلى درجة أنه دخل مع أحدهم وهو يعمل كحيسوبي في نفس السوق في مشاداة كلامية انتهت بتشابك بالأيدي ما دفعهما إلى التقاضي، وهو ما أجج الصراع بين الطرفين وجعلهما لا يستسيغان بعضهما البعض. حتى أن أحدهما بدأ يفكر في صنع شرك يوقع فيه الآخر. وبالفعل حبك خصم الزوبير خطة جعلت من الثاني يقع في شركه ويضعه في موقع المساءلة القانونية، إذ احتفظ بوثيقة ادعى من خلالها أن الزوبير قام بتزوير وصل من أجل أن يظفر بمبلغ مالي يتجاوز قدره 300 درهم، ولما علم الزوبير بالخطة التي تم إحباكها له من طرف خصمه سارع إلى إحضار النسخة الأصلية من ذلك الوصل حتى يقدمها حجة داعمة له إذا ما تمت متابعته قضائيا. غير أن خصوم الزوبير والذين يعمل أغلبهم معه ومنهم زميله الذي له عداوة معه ووكيل السوق أو ما يسمى «بالمعلم» سارعوا إلى تسجيل شكاية لدى الضابطة القضائية من أجل تسريع عملية المتابعة، فقامت الشرطة بفتح تحقيق وتسليم نتائجه إلى قاضي التحقيق. هذا الأخير الذي أنجز تقريرا جاء فيه أنه بناء على محضر الضابطة القضائية وتعليمات وكيل الملك القاضي بإجراء تحقيق في النازلة، وبناء على استنطاق المتهم ابتدائيا الذي أنكر أن يكون قد قام بأي تزوير على وصولات التي تم عرضها عليه وأن شخصا قام بتزويرها من أجل أن يلفق له التهمة المذكورة وأن سبب اتهامه يعود بالأساس إلى كونه على عداوة مع المشتكين، وتأكيده أمام دفاعه أن عدم تقيده بمذكرة داخلية يعود بالأساس إلى كونه لا يتوفر عليها وأنه لم يقم بأي تزوير. بناء على كل هذا تمت متابعة المتهم الزوبير. وقد تمسك المشتكيان خلال التحقيق معهما لدى قاضي التحقيق ما جاء في شكايتهما والتي تفيد أن وكيل السوق قد أخبر من قبل المسؤول عن صندوق الأداءات (الحساسبي) وأنه اكتشف تلاعبات بخصوص وصولات الأداء المقتطعة من طرف المشتكى به وأن القيمة المسجلة بها لا تمت بصلة للواقع. وأكد خمسة شهود ما جاء في شكاية المشتكيان بعد أن أديا اليمين القانوني ونفوا أن تكون لهم عداوة أو قرابة مع أطراف الدعوى وقالوا إنهم اكتشفوا تلاعبات بالوصولات الصادرة عن المتهم وقاموا بإخبار المسؤولين. وطبقا لما سبق وبناء على تقرير الخبرة المنجز من قبل المختبر العلمي التابع للدرك الملكي والذي خلص في تقرير إلى أن الوصل الذي يفترض فيه التزوير هو بالفعل مزور وأن أحد أرقامه الأولى تم تحريفها. وهو ما اعتبره قاضي التحقيق سندا للمتابعة بتهمة التزوير في محرر تجاري، وأمر بمتابعة الزوبير بجنحة التزوير في محرر تجاري واستعماله طبقا للفصلين 357 و359 من القانون الجنائي. وبعد ستة أشهر من التداول في هذه القضية حيث تم تغيير هيئة الحكم فيها لثلاث مرات قضى في هذه النازلة بالحكم على الزوبير بما قضى، أي ستة أشهر سجنا نافذا. وعند الإفراج عن الزوبير وجد نفسه يصارع حنقة الإحساس بالظلم الذي تعرض له ومرارة البطالة التي أضحى يعانيها بعدما سدت في وجهه منافذ الرزق وبات يصارع اليأس ويبحث لنفسه عن ركن يجد فيه النور الذي سيقوده نحو إثبات براءته، فقام بتقديم طلب استئناف الحكم وكله أمل في أن ينصفه القضاء هذه المرة. وما زال الزوبير يقاوم كوابيس الإحساس بالغبن وهو يحمل في يديه أينما حل وارتحل وثائق تثبت براءته من بينها تقرير خبرة الشرطة والدرك اللذين يؤكدان أن الوصل الذي أدين من أجله هو وصل مزور كما يسعى إلى أن يتم الاستماع إلى شهود يقترحهم يثبتون أن الشكاية التي دونت في حقه إنما هي شكاية كيدية أريد بها الانتقام منه ومحاولة عرقلة مسيرته في العمل سيما وهو مؤهل لأن يصبح وكيلا داخل السوق بعد اجتياز الامتحان المنظم في هذا الإطار، الأمر الذي يغيض منافسيه. كما أن الزوبير والذي سبق له أن درّس بالسلك الثانوي كأستاذ لمادة الرياضة قبل ولوج عالم سوق الجملة أو ما يصطلح عليه ب(المارشي) يتأهب بمساعدة بعض الجمعيات الحقوقية من أجل جعل قضيته قضية رأي عام من خلال الانفتاح على مجموعة من الصحف الوطنية ومراسلة المسؤولين القضائيين لإنصافه وإعادة الاعتبار إليه.