انتظر المواطن البيضاوي انتهاء شهر رمضان، أملا في انخفاض أسعار الخضر، لأنه اعتاد على أن الأسعار ترتفع في هذا الشهر الفضيل كل سنة مهما كانت الظروف، لكن شيئاً من هذا لم يحدث. فمازالت القفة البيضاوية غالية تثقل الميزانية المنهوكة أصلا، وذلك رغم الحديث عن قرب زوال سحابة هذا الغلاء! للتقرب أكثر من بعض هموم المستهلك البيضاوي، قمنا بجولة قصيرة داخل سوقي «الألفة»، «السوق النموذجي والمارشي»... خلال جولتنا في بداية هذا الشهر كانت الأسعار متفاوتة في سوق «المارشي» ، وهو السوق الذي ترتاده أغلبية ساكنة «الألفة» لاعتقاد البعض أن الأسعار فيه تكون أقل مقارنة بالسوق النموذجي. تبدأ الأسعار من 6 دراهم وتصل الى 15 درهماً لوحظ انخفاض مسّ أنواعا من الخضر في الأيام الأخيرة بعض المستهلكين يشتكون من هذا الغلاء الذي لا ينصف أصحاب الأجور الضعيفة، فأقل قفة ، حسب تصريح بعض الأمهات، تساوي 100 درهم دون احتساب ثمن اللحوم أو الفواكه التي غالبا ما يُستغنى عن اقتنائها، لأن ضعف الميزانية يُحتّم ذلك. المعروف عند ساكنة «الألفة» أن هذا السوق خاص بالمستهلكين البسطاء لكن ما لوحظ ، مؤخرا، هو توافد بعض الفئات من المواطنين لم يعتد رواد هذا السوق رؤيتهم، تجدهم منحنين على أكوام الخضر شبه الفاسدة في الأرض لاختيار بعض الخضر «الصالحة»، وهو ما يجعلنا نتساءل: هل يُعزى ذلك الى لهيب الأسعار الذي «هزم» حتى ميزانيات الفئة المتوسطة؟ قبل أن نبدأ في استيقاء آراء بعض المتسوقات / المتسوقين، لاحظنا أن العديد منهم يحومون ويلتفون حول عربات بيع الخضر دون التفاوض في الأسعار، وهو أمر معتاد داخل أسواق الدارالبيضاء حتى أصبح شبه تقليد ، مما قد يفسر عجز المواطن أو ربما يأسه من عدم جدوى التفاوض، فقدرته الشرائية لا تسمح له باقتناء المعروض، ويستمر «اللف والدوران» وتتقابل نفس الوجوه كل حين في نفس السوق، دون أن يكونوا قد انتهوا من شراء مستلزمات «الوجبة» اليومية من خضر. لم تعدالأسر البيضاوية تكتفي، وخاصة الأبناء، بالوجبات العادية، فلابد من وجبة «غنية» متكاملة بها كل الخضر الضرورية، وهو ما يعجز عن توفيره أغلب الآباء في كثير من الأحيان . تقدمت سيدة من عربة بها أنواع مختلفة من الخضر ثم بدأت في عملية الانتقاء، تأخذ من نوع واحدا أو ثلاثة. تقول إنها تحاول تخفيض تكلفة القفة بأخذ ما هو ضروري للوجبة اليومية، بينما لجأ البعض الى الاقتراض من البائع ليكون الدفع حين ميسرة! الوقوف لدقائق عند أحد الباعة يجعل المرء يتأمل في أحوال العديد من الأسر البيضاوية. ترى إلى أين سيصل بها الأمر إذا ما استمرت موجة الغلاء التي مست مختلف مناحي الحياة الاجتماعية؟! الآمال تظل معلقة إلى أجل غير مسمى، خصوصا أن الأثمان غير مستقرة ، حيث كلما انخفضت يوما أو يومين ، إلا وارتفعت من جديد مُسببة متاعب جديدة للمستهلكين . يقول أحد بائعي الخضر في «المارشي» : «ربما ارتفاع درجة الحرارة وقلة العرض مقابل ارتفاع الطلب هما اللذان ساهما في هذا الغلاء»!! لكن الملاحظ أن السنوات الأخيرة شهدت ارتفاعا في الحرارة، ومع ذلك لم تصل الى هذا الغليان المفرط في الأسعار. ونفى آخر أية مسؤولية للبائع عن هذا الغلاء، وأرجع ذلك، على حد علمه ، الى احتكار بعض تجار الجملة لأنواع معينة من الخضر. واكتفى بالدفاع عن نفسه بالإشارة إلى أن أسعار الجملة هي بالأساس غالية! خرجنا من سوق «المارشي» واتجهنا نحو «السوق النموذجي» ، حيث يتضح الفرق جليا بينه وبين «المارشي»، لأن الأسعار تتضاعف هنا. تقول سيدة من سكان «الألفة» إن وجودها هنا صدفة. فهي لا ترتاد هذا السوق عادة إلا عند الضرورة القصوى، بحثا عن مشتريات أخرى لا توجد إلا فيه دون غيره. وأضاف رب أسرة «إن الأسعار تتضاعف خلال عطلة نهاية الأسبوع». إن الخلاصة الأساسية، التي يخرج بها المرء ، من أية جولة لأحد الأسواق البيضاوية، هي أن القفة البيضاوية المشكلة ، عادة ، من أنواع مختلفة من الخضر والفواكه، ستصبح ، بفعل الغلاء المتزايد، مختزلة في كيس صغير يضم نوعاً واحداً من الخضر، مع ما يعنيه ذلك من تداعيات سلبية على التوازن الغذائي ، سواء بالنسبة للصغار أو الكبار!