مع حلول عيد الفطر، تعرف الحركة الاقتصادية انتعاشا كبيرا في جميع المحلات والأسواق التجارية في مختلف جهات المملكة، التي يقصدها المغاربة من أجل شراء مستلزمات عيد الفطر من ملابس الأطفال، والزي المغربي التقليدي للرجال والنساء، بالإضافة إلى ما لذ وطاب من الحلويات التي تزين الموائدة صبيحة يوم العيد. فعيد الفطر، أو العيد "الصغير" كما يحلو للمغاربة تسميته، يشكل فرصة مثالية لتقاسم الفرحة مع الأهل والأحباب في أجواء عائلية وأسرية دافئة مفعمة بالفرحة، وكذلك لتبادل الزيارات والتهاني بين الجيران والأصدقاء بهذه المناسبة الدينية. ملابس العيد من العادات التي تميز عيد الفطر السعيد اقتناء ملابس جديدة، أو ما يسميها المغاربة"حوايج العيد"، خاصة بالنسبة للأطفال الصغار. كما تشكل هذه المناسبة فرصة لأصحاب المحلات التجارية من أجل خلق نوع من الرواج وإنعاش المداخيل. "الإقبال على اقتناء الملابس يبدأ قبل ليلة القدر، إذ يأتي الأطفال مرفقين بأولياء أمورهم لاقتناء ملابس تقليدية كالجلباب أو الجابادور، وقد تصل مبيعاتنا خلال اليوم الواحد لما يفوق 25 لبسة" يقول صاحب محل لبيع الملابس التقليدية الجاهزة بالمركب التجاري المنال بالرباط، مضيفا "لا يقتصر اقتناء الملابس على الأطفال فحسب، بل حتى الرجال والنساء يقصدوننا لشراء ملابس جديدة بهدف الظهور بأبهى حلة يوم العيد". أما فيما يخص مشكلة ارتفاع الأسعار، فيضيف نفس المتحدث أن "الجودة هي المتحكم في السعر، فدائما ما يسعى أصحاب المحلات التجارية لجلب أجود البضائع من أجل إرضاء الزبناء، ودائما ما تكون هناك بضاعة أقل جودة وأقل ثمنا، ويبقى لهذا الأخير حرية الاختيار". إقبال على الحلويات إذا كانت للمائدة الرمضانية أطباق ووصفات خاصة بها، فمائدة فطور العيد تتميز كذلك بحلويات خاصة تؤثث جنباتها. ومع تراجع التحضير المنزلي، أصبح إقبال المواطنين على شراء حلويات العيد يزداد أكثر فأكثر، الشيء الذي ينعكس إيجابا على أصحاب محلات بيع الحلويات التي أضحت تتنافس على جلب المستهلكين عن طريق تزيين أطباق الحلوى والفطائر المعروضة، وتخصيص مساحات كبيرة لبيعها، بالإضافة إلى تخفيضات وعروض خاصة بالعيد. فقد أضحت الحلويات إحدى المظاهر الأساسية للاحتفال بالأعياد والمناسبات، ومن الطقوس الضرورية لاستقبال الضيوف ولتبادل التهاني بالعيد في يومه الأول. ولم يعد يقتصر بيع الحلويات على المحلات المخصصة لذلك فقط، بل أصبحت بعد ربات البيوت تقمن بإعداد الحلوى المنزلية وبيعها " حياة" ، ربة بيت تعمل في صناعة الحلويات المنزلية تقول "أصبح إعداد الحلوى نشاطا نزاوله كلما اقتربت فترة الأعياد، إذ نقوم بإعداد الحلوى المنزلية بأشكال وأنواع مختلفة ثم نبيعها لزبونات يكن في غالب الأحيان من سكان الحي، أو تربطنا بهم صلة قرابة وأحيانا قد نتعامل حتى مع محلات بيع الحلوى أو بعض المقاهي". وتضيف نفس البائعة في لهجة موضحة "تختلف الأثمنة حسب نوع الحلوى التي نعد، فبعض الحلويات قد تصل أثمنتها ل 120 درهما للكيلوغرام الواحد، وغالبا ما تكون طلبيات الزبائن العاديين تتراوح بين كيلوغرامين وثلاثة كيلوغرامات من كل نوع.أعمل في هذا النشاط منذ مدة طويلة، ولقد وجدت فيه عائدا ماديا مهما لي ولأبنائي ومصدرا جيدا لكسب الرزق". أزمات في النقل.. يتميز عيد الفطر بارتفاع في حركة النقل والمواصلات، خاصة من لدن الطلبة الذين يتابعون دراستهم خارج مدنهم، والموظفين الذين يعملون ويعيشون خارج مدنهم، أو حتى الذين يفضلون السفر لقضاء العيد مع الأقارب. فهذه المناسبة الدينية تشكل فرصة للاجتماع بالأهل وتقاسم الفرحة مع الأسر والعائلات. فيبلغ الإقبال على وسائل النقل ذروته، ويلجأ المسافرون لاقتناء تذاكرهم قبل موعد السفر، تجنبا لارتفاع أثمنة التذاكر أو تجنبا للوسطاء الذين يعيدون بيع التذاكر بأضعاف أثمنتها مستغلين الضغط والازدحام الكبيرين التي تعرفه الشبابيك خاصة في المحطات الطرقية في السياق، يرى أيوب وهو طالب من مدينة مكناس يدرس بالرباط ، أن هذا المشكل يطرح بشدة كل ما اقترب العيد، ودائما يوضع المسافر بين مطرقة القطار وتذاكره باهظة الثمن، وسندان حافلات المسافرين والوكالات التي تستغل الظرف لترفع من أثمنة التذاكر، ويبقى الحل الأنسب هو اقتناء التذكرة قبل أيام من موعد السفر لتجنب الوقوع في كل هذه المشاكل" . ويبقى عيد الفطر من أكثر المناسبات خصوصية لدى المغاربة، الذين اشتهروا فيه وعلا مدى قرون بطقوس وعادات تميزهم عن غيرهم من الشعوب. ففيه تُزين الموائد، ويُلبس الجديد، وتوصل الأرحام.. وفيه أيضا ترتفع الأسعار، وتكثر المضاربات، وتنتشر وجوه الجشع. *صحافي متدرب