تشهد الساحة الاجتماعية الفرنسية جدلا واسعا حول الملابس الإسلامية، دخلت على خطه وزيرة حقوق المرأة لورانس روسينيول التي اعتبرت أن إنتاج شركات الموضة لهذه الملابس يعد تصرفا غير مسئول"، وهو ما أثار غضب المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي اعتبر أن هذا الجدل الذي وصل إلى أوساط الموضة "ينطوي على تمييز سلبي". وقد ردت الوزيرة لورانس روسينيول عن سؤال حول تصميم بعض الماركات مثل "يونيكلو" و"ماركس آند سبنسر" ملابس للمسلمات المتدينات بقولها إن هذا التصرف "غير مسئول من قبل هذه الماركات". وأكدت عبر إذاعة "إر إم سي" أنه "عندما تدخل هذه الماركات هذه السوق لأنها مدرة للأرباح وهي سوق للدول الأوروبية وليست سوقا لدول الخليج، فهي تبتعد عن مسئوليتها الاجتماعية، وتروج من زاوية معينة للقيود المفروضة على جسم المرأة". وأثار هذا الموضوع حفيظة أسماء بارزة في عالم الموضة الراقية حيث عبر بيار بيرجيه عن غضبه بقوله لإذاعة "أوروبا 1" "أنا مصدوم فعلا. لقد رافقت إيف سان لوران لمدة أربعين سنة تقريبا ولطالما اعتبرت أن رسالة مصمم الأزياء هي في تجميل المرأة ومنحها حريتها وألا يكون متواطئا مع هذه الديكتاتورية التي تفرض إخفاء المرأة وتفرض عليها حياة التخفي"، فيما قال رجل الأعمال الفرنسي "تخلوا عن المال ولتكن لديكم قناعات"، متوجها إلى الماركات التي قد تميل إلى اعتماد "الموضة الإسلامية". واعتبر مصمم الأزياء جان شارل دو كاستيلباجاك أن "الموضة علمانية وعالمية وتحمل الحرية والأمل، والحديث عن الموضة والدين يبدو لي تمييزيا". ومن جهتها دافعت متاجر "ماركس آند سبنسر" عن لباس السباحة الذي صممته لنساء المسلمات بقولها "تقدم ماركس آند سبنسر مجموعة كبيرة من ملابس البحر العالية الجودة متيحة لزبائنها خيارا واسعا. نحن نسوق لباس البحر هذا منذ سنوات وهو يلقى رواجا في صفوف زبوناتنا في العالم". واستغربت أصوات مسلمة هذا الجدل الحاد كما هو الحال مع كل ما يتعلق بالإسلام في الأشهر الأخيرة، حيث تساءل رئيس المرصد الوطني ل"مناهضة معاداة الإسلام" والأمين العام للمجلس الفرنسي للدين الإسلامي عبد الله زكري "أليس لفرنسا أي همّ آخر في وقت تتصدى فيه للإرهاب، سوى وصم النساء المسلمات؟ لقد سئمنا هذا الأمر". وتابع "هل يحق لوزير أن يتدخل بالطريقة التي ترغب فيها المرأة باختيار ملابسها وارتدائها في وقت تحترم فيه قوانين الدولة ولا تخفي وجهها؟". وتمنع فرنسا منذ عام 2011 وضع النقاب والبرقع في الأماكن العامة، مع منع وضع الرموز الدينية الواضحة من قبل الموظفين الرسميين وتلاميذ المدارس العلمانية منذ عام 2004. واعتبرت إيلين أجيسيلاس إحدى مصممات ماركة "فرينغادين" التي تبيع ملابس طويلة تندرج في إطار "موديست فاشن" (الموضة المحتشمة) أن "فرنسا متخلفة على صعيد الملابس الإسلامية"، موضحة أن هناك "طلب فعلي من جانب النساء"، مستشهدة بدراسة أظهرت أن قيمة السوق العالمية للموضة الإسلامية قد تصل إلى أكثر من 320 مليار أورو سنة 2020. وتميز معرض الموضة الربيعي الذي احتضنته باريس إلى غاية 23 مارس الماضي ضمن "أسبوع الموضة العالمية" بمشاركة نخبة من كبار المصممين العالميين الذين ابتكروا هذه السنة ا أنماطا ملبسية ترمز إلى شيء من الحياء والاحتشام، وتحمل دلالات إسلامية قوية لا سيما بعد النجاح الذي لاقته، في الربيع الماضي، موضة الأزياء النسوية التي حملت اسم "حلال". وقد مزج هؤلاء بكثير من الثراء والتنوع بين إكسسوارات الموروث الشعبي والعناصر الجمالية الحديثة جاعلين من "اللباس الإسلامي" الجاهز جزءا لا يتجزأ من برامج التطور والتسويق التي تركز عليها شركات الملابس الفاخرة. ويطرح بعض المصممين فيما يخص الموضة الذكورية، مجموعة من سراويل الجينز "الإسلامية" صممت لتتناسب مع أداء فروض الصلاة. وقد نسجت من خيوط خضراء مستوحية دلالة اللون الأخضر عند المسلمين.. وتقدر قيمة سوق الأزياء الإسلامية في فرنسا التي يوجد بها نحو ستة ملايين مسلم، ما بين 850 مليون إلى مليار أورو سنويا. ويمكن للقطاع مواصلة توسيع نطاق وجوده عالميا، وذلك عقب سنوات عدة من الإقبال المتزايد والدعم المتواصل من قبل أبرز رموز الموضة والأزياء. وتصل قيمة مبيعات بعض الأزياء الإسلامية ذات التصميمات الفاخرة ما يقارب ألف أورو، ويبقى الطلب عليها في تزايد مستمر، نظرا للنمو الاقتصادي القوي الذي تشهده الأسواق الرئيسية.