ذكرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية إن "الجزائر" مرشحة للانزلاق في دوامة العنف مجددا، مشيرة إلى أن الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة" يعرف جيدا من سيخلفه. وقدرت الصحيفة في عددها الصادر اليوم أن "الجزائر" يمكن أن تنزلق بكل سهولة إلى الهاوية. فمع ارتفاع أسعار النفط، استطاع بوتفليقة" أن يشتري نوعاً ما من السلام الاجتماعي، لكن مع الوضع الحالي سيكون من الصعب على نحو آخذ في التزايد التغلب على حالة التوتر الاجتماعي في البلاد الناجمة عن الشعور بعدم اليقين الذى ينتاب الجزائريين حيال حقبة ما بعد "بوتفليقة" وازدياد حدة الإرهاب في الدول المجاورة مثل "تونس" و"ليبيا". وأكد "بيير فيرميرن" المتخصص الفرنسي في الشؤون المغربية والأستاذ الجامعي بجامعة "السوربون" وجود حالة من القلق بشأن مستقبل "الجزائر" في ظل انخفاض سعر برميل النفط، وما ينتج عنه من تداعيات اجتماعية خطيرة، مثلما حدث في عام 1986 عندما انخفض سعر النفط مما أدى إلى مصادمات اجتماعية متعددة وزعزعة استقرار البلاد خلال عامين. وليس بالضرورة أن يتكرر هذا المشهد في البلاد، لكن الشيء المؤكد هو استمرار الاعتماد على النفط الذي يشكل أكثر من نصف ايرادات الاقتصاد القومي. وأضاف "فيرميرن" أن "الجزائر" قد شهدت آلاف الاحتجاجات حتى قبل اندلاع "الربيع العربي" حيث انطلقت نحو عشرة الاف مظاهرة خلال عام 2011 وقد اتخذت هذه المظاهرات أشكالا متعددة، بيد أن السلطات الجزائرية تتعامل مع هذه الاحتجاجات الفئوية عن طريق شراء نوع من السلام الاجتماعي المتمثل في رفع مرتبات الموظفين أو تقديم قروض بدون فائدة أو توفير وظائف حكومية، وهذا ما يسمى بسياسة إعادة توزيع الأوراق الاجتماعية بصورة كبيرة. وأشار المتخصص الفرنسي إلى أن المعضلة الرئيسية تكمن في أن الشعب بات أكثر إقداما على الخروج للشوارع للتظاهر، لأنه يدرك أنه سيحصل على ما يريد، لكن الدولة تعي أنه لا يمكن تجاوز مستوى معين لأنه عندما انطلقت مظاهرات سياسية كبيرة سواء في مدينة "مزاب" أو "الجزائر" العاصمة في عام 2011 على سبيل المثال، كان رد فعل قوات الأمن الجزائرية أكثر قوة وتدخلت على الفور للتعامل مع المظاهرات. وفيما يتعلق بالانتقال السياسي في "الجزائر" يرى "بيير فيرميرن" أن "بوتفليقة" يقوم بإعداد الشخصية التي سوف تخلفه، فهو يدرك جيداً من ستنتقل إليه السلطة. وأضاف أنه عندما يتم التعرف على هذه الشخصية، سيتم فهم شكل الإصلاحات التي سيتم القيام بها في البلاد فهما أفضل. وفيما يتعلق بمراجعة الدستور، يتم الإعداد الآن لمرحلة ما بعد "بوتفليقة" مع الأخذ في الاعتبار الوضع الحرج الذي تمر به البلاد اقتصاديا، وأيضا اجتماعيا والظروف الخارجية الناجمة عن حالة عدم الإستقرار في كل من "ليبيا" ومنطقة "الساحل الأفريقي".