قال خبراء إن الاحتجاجات الاجتماعية العنيفة في تونسوالجزائر تترجم تململا اجتماعيا عميقا يطال خصوصا الشباب من خريجي الجامعات ، ما يفاقم الأزمة الاقتصادية ويزيد من ضعف النخب السياسية . وتشهد تونس منذ 17 دجنبر الماضي ثورة اجتماعية غير مسبوقة انطلقت من الوسط الغربي للبلاد مخلفة أربعة قتلى ، اثنان في تظاهرات واثنان في عمليتي انتحار. وفي الجزائر اندلعت أعمال شغب في الأيام الأخيرة في مدن البلاد للتنديد بالبطالة وغلاء الأسعار . ويرى المحللون أن هناك نقاطا مشتركة بين البلدين ومع المغرب المجاور. فاقتصاديات هذه البلدان الثلاثة لم تتمكن من توفير آفاق للشبان الذين يدخلون سوق العمل وبينهم الكثير من حاملي الشهادات الجامعية . وقال إدريس بنعلي الخبير الاقتصادي والأستاذ في جامعة محمد الخامس بالرباط أنه " في هذه البلدان الثلاثة سجلت جهود في مستوى التعليم غير أن ذلك لم يواكبه تفكير في آليات دمج الشباب الخريجين في المجموعة الوطنية الأمر الذي يقتضي بداهة العمل " . وكان الشاب التونسي محمد البوعزيزي (26 عاما) الذي أضرم النار في جسده في دجنبر وتوفي الثلاثاء متأثرا بحروقه ، أحد هؤلاء الشبان الجامعيين . وكان يعمل بائعا متجولا بسبب عدم عثوره على وظيفة ، قبل أن تصادر الشرطة البلدية في مدينة سيدي بوزيد بضاعته . وزادت الأزمة الاقتصادية العالمية من حدة هذه الصعوبات وكذلك ارتفاع أسعار المواد الغذائية رغم أنها مدعومة في هذه الدول . وإثر اضطرابات الجزائر أكدت الحكومة أن الدولة ستواصل دعم المواد " الأساسية " . وقال بيار فيرميرن الأستاذ المحاضر في جامعة باريس1 : " هناك الكثير من البطالة والكثير من أصحاب الشهادات العاطلين والوضع مستمر منذ فترة طويلة. وبقاء الوضع متماسكا رهن استمرار النمو الاقتصادي ". وأضاف " وعلاوة على ذلك أوقفت الأزمة الاقتصادية الهجرة " التي كانت تشكل متنفسا لاقتصاد البلدان المغاربية حيث أنها توفر حلا لبعض أصحاب الشهادات الجامعية " . وتابع المحلل أنه بالإضافة إلى ذلك ، فإن تونسوالجزائر " بلدان يحكمهما نظامان سياسيان في أزمة " مع رئيسين هما زين العابدين بن علي وعبد العزيز بوتفليقة اللذان قال أنهما يقتربان من نهاية عهديهما. وأضاف أنه في غياب بديل " ينشأ وضع سياسي قائم على الانتظار من دون أفق " معلوم " . ومع ذلك ، فإن الأنظمة السياسية في البلدان المغاربية مختلفة جدا حيث يقوم في تونس نظام موضع انتقادات شديدة بداعي غياب الحريات السياسية . وقال أنطون بصبوص من مرصد البلدان العربية " في تونس يتظاهرون لأنهم يشعرون بالاختناق . العنف ليس فقط من طبيعة اجتماعية بل إنه أيضا احتجاج على طريقة عمل النظام . إن نظام بن علي وأسرته ألغيا كل احتمالات تعويضهما. لم يعد هناك بديل للنظام وشاع الخوف " . ويقول المحللون إنه في الواقع فإن الرئيس بن علي الذي يحكم قبضته على البلاد ، لا تساوره مخاوف من أن تهدد ثورة اجتماعية نظامه . ولاحظ كريم باكزاد من معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية بباريس أنه " في المغرب الوضع ليس منغلقا إلى هذا الحد. هناك معارضة قائمة. وبإمكان الشبان العاطلين التظاهر لعدة أشهر أمام البرلمان في الرباط " . أما في الجزائر " فإن حزب جبهة التحرير الوطني (الحاكم) يحتفظ بشرعية الحزب الذي قاد عملية التحرير الوطني" كما أنه " بإمكان أحزاب المعارضة التعبير عن مواقفها في الفضاءات العامة ". غير أنه سيتعين على البلدان الثلاثة أن تأخذ في الاعتبار أثر الانترنت واحتمالات العدوى. وقال فيرميرن " الناس تتابع طوال اليوم الانترنت وفايسبوك والجزائريون يرون تماما ما يجري في تونس " ، مشيرا أيضا إلى دور قناة " الجزيرة " القطرية في نشر أخبار البلدان المغاربية .