دخلت الأغلبيتان بكل من مجلسي النواب والمستشارين فيما يشبه تصارعا من بعيد من خلال تمرير تعديلات تهم بالأساس الاجراءات الضريبية، والتي أدخلتها الاغلبية بمجلس المستشارين على وثيقة مشروع القانون المالي، بعدما لم تتوفق مكونات المعارضة من فرضها في لجنة المالية بالغرفة الأولى، لا سيما المقتضيات الواردة في المادة الثامنة. وبادرت مكونات المعارضة التي تتوفر على الاغلبية العددية في الغرفة الثانية الى تمرير التعديلات التي تم قطع الطريق امامها، لتعمد الى إلغاء التضريب على المعاشات استنادا الى قيمته المحدودة، ورفع الضريبة على القيمة المضافة على المنتجات الفاخرة الى 30 في المائة والتي تتمثل في اليخوت والدراجات المائية والطائرات الخاصة والمجوهرات واللوحات الفنية والرخام المستورد، وكذلك إعفاء خدمات الاطعام التي تقدمها المقاولات لمستخدميها من التضريب، وحذف المادة 23 التي تتعلق بالحساب الخصوصي للخزينة المسمى «صندوق النهوض بالفضاء السمعي البصري الوطني وبالاعلانات وبالنشر العمومي». وتدخلت الاغلبية في لجنة المالية بمجلس النواب لكي تسقط هذه التعديلات من الوثيقة المالية، ومنها المادة 1 من مشروع القانون المالي التي تنص على ربط اذن الحكومة بإصدار الاقتراضات وفق الشروط المقررة في قانون المالية بالشرطين التاليين: الاتفاق مع اللجان البرلمانية المعنية؛ وعدم تجاوز مديونية الخزينة سقف 65 في المائة من الناتج الداخلي الخام. فيما علل وزير المالية رفض الحكومة المساس بضريبة المنتجات الفاخرة بالتخوف من استفحال تهريبها، كما اضاف ان تعديلات مجلس المستشارين غير مدروسة ولا تتلاءم مع توصيات المناظرة حول الإصلاح الضريبي، غير ان بوسعيد ابقى الباب مفتوحا من خلال تلميحه بدراسة امكانية رفع موارد الخزينة من تضريب المنتجات الفاخرة، وهو الاجراء الذي اتت به مكونات المعارضة منذ سنتين او ثلاث. كما رفضت الحكومة تعديلا يقضي باحداث مناصب مالية في مجلس المستشارين ومجلس النواب. مقابل ذلك تم الابقاء على تعديلات اخرى للمستشارين همت الجانب الشكلي لبعض المواد. وفي ضوء حذف تعديلات المستشارين من لدن لجنة المالية بالغرفة الاولى، يتم التساؤل عن جدوى احالة مشروع القانون المالي ودراسته من طرف المستشارين. جدير بالذكر ان المستشارين خلال الجلسة العامة للتصويت انتقدوا المنهج المتبع من الحكومة والذي افضى الى تجميد محركات الاقتصاد واقرار الحلول السهلة عبر رفع اليد عن الدعم والذي يسير في اتجاه اسقاط السكر من اللائحة بعدما خرج منها دعم المحروقات، ودعا المستشارون الى تغليب كفة العرض على الطلب لمعالجة العجوزات المسجلة في المالية، كما انتقدوا ما اسموه بالحصيلة المتدنية والمؤشرات السلبية ومن ضمنها مؤشر تصنيف المغرب في مرتبة غير مشرفة على مستوى التنمية البشرية، الامر الذي اخرج وزير الشؤون العامة والحكامة من حالة الهدوء والرد بنبرة متشنجة على الملاحظات التي اثارت حفيظته. وبمناسبة القراءة الثانية للمشروع من لدن لجنة المالية فقد تم التصويت عليه بالاغلبية، فيما امتنع الفريق الاستقلالي عن التصويت، بينما صوت كل من فريقي الاصالة والمعاصرة والاشتراكي ضد المشروع.