أثار رفض الحكومة الزيادة في الضريبة الداخلية على الاستهلاك المفروضة على الخمور الرفيعة احتجاجا من لدن فرق المعارضة، التي تقدمت بهذا التعديل خلال البت في التعديلات والتصويت على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2014، أول أمس، بلجنة المالية بمجلس المستشارين. التعديل الذي تقدمت به فرق المعارضة يقضي ب»الرفع من مقدار الضريبة الداخلية على الاستهلاك المفروضة على الخمور الرفيعة إلى 700 درهم للهيكتوليتر»، ويهدف التعديل إلى خلق موارد جديدة للخزينة من خلال تضريب المواد الكمالية، إلى جانب أن هذا التضريب تعتبره الفرق المقدمة للتعديل سيساهم في التقليص من استهلاك هذه المادة، وبالتالي تفادي الأخطار الصحية الناجمة عن كثرة الاستهلاك أو الإفراط في التعاطي للمواد المسكرة. وقبلت الحكومة في البداية تعديل المعارضة أن يتم رفع الضريبة إلى 600 عوض 700، على أن تشمل جميع أنواع الخمور دون الاقتصار على «الرفيعة»، حيث قال محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، «إن هناك بعض المخاطر في حال تطبيق هذه الزيادة ومنها التشجيع على التهريب»، كما أن الإدارة لا تفرق بين أصناف الخمور فالكل يدخل ضمن نطاق الكحول. ودعا بوسعيد فرق المعارضة إلى أن تقبل بمبدأ التدرج في الرفع من الضريبة، وهو ما قبلته بداية، غير أنها رفضت حذف عبارة «الرفيعة»، فتمسكت فرق المعارضة بتعديلها، لتمررها بموافقة 26 مستشارا برلمانيا ومعارضة اثنين وامتناع أربعة عن التصويت. وانتقد محمد علمي، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، رفض الحكومة لهذا التعديل، وقال: «إنها لا تملك الجرأة» للرفع من الضرائب على الخمور، معبرا عن اندهاشه من كون الحكومة «تبحث عن الرفع من إيرادات الدولة، لكن بالمقابل تعمل بازدواجية، وترفض مقترحات من شأنها أن ترفع من مالية الدولة»، بتبريرات «لا يستسيغها أي منطق، وتبين بأن الحكومة مازالت بعيدة عن التنزيل الحقيقي للدستور»، يقول علمي، الذي أضاف أن الحكومة «تعمل على إرضاء بعض اللوبيات» دون أن يحددها بالاسم. ورفضت الحكومة أيضا مقترح المعارضة ودفعت بالفصل 77 من الدستور القاضي بفرض الضريبة على الثروة، معللة موقفها بأن ذلك سيؤثر على الاستثمار داخل البلاد، كما أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى التملص الضريبي ويؤثر على منظومة الضريبة، وأوضحت الحكومة في تبريرها أن هناك دولا فرضت ضريبة على الثروة ثم تراجعت عنها بعدما وجدت صعوبات في تطبيقها. كما أشهرت الحكومة أيضا الفصل 77 من الدستور عند رفضها مقترح المعارضة، المتمثل في خفض الضريبة على «السجائر الشعبية»، حيث إن المقترح يدعو إلى «عدم تمديد الزيادة في الضريبة الداخلية على الاستهلاك برسم قانون المالية 2014 المفروضة على التبغ المصنع»، وقالت المعارضة في هذا الصدد، إن «السجائر الشعبية المصنعة بالمغرب هي التي ستتضرر في المقام الأول، وذلك لأن ثمن بيع «ماركيز» (التي تمثل أكثر من 60 في المائة من حصة السوق)، الذي انتقل إلى 19 درهما سنة 2013 من شأنه أن يرتفع إلى 20 درهما في 2014 (أي بزيادة 14 في المائة) وإلى 21 درهما خلال العام 2015. وفي تبيان سبب الدفع بالفصل 77، أكد إدريس الأزمي الإدرسي، الوزير المكلف بالميزانية، أن «إصلاح قطاع التبغ يهدف إلى الحفاظ على صحة المواطنين»، وقال: «إن النظام الضريبي لا يتماشى مع المعطيات التي قدمتها المعارضة في تعليلها، بل إن من شأن هذا التعديل أن يؤثر على المداخيل الجبائية للدولة». إلى ذلك، انتقدت فرق المعارضة لجوء الحكومة إلى الفصل 77 من الدستور من أجل رفض تعديلها، واصفة إياه ب»السيف المسلط عليها»، هذا الفصل ينص على أن البرلمان والحكومة يسهران على الحفاظ على توازن مالية الدولة، و»للحكومة أن ترفض، بعد بيان الأسباب، المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان، إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة لقانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية، أو إلى إحداث تكليف عمومي، أو الزيادة في تكليف موجود».