رغم القرار الذي أصدرته محكمة الاستئناف بالرباط عدد 23 بتاريخ 29 ماي 2014، والذي يفيد بعدم قانونية فرض رسوم الانخراط من طرف هيئات المحاماة على الوافدين الجدد، وقبله قرار محكمة النقض عدد 1499 بتاريخ 6 أبريل 2010، الذي جاء فيه أن قانون مهنة المحاماة ليس فيه ما يعطي لمجلس الهيئة فرض رسوم الانخراط على المرشح لمهنة المحاماة وفق مقرر مجلس الهيئة، رغم هذه القرارات فإن هيئات المحاماة في مختلف المدن المغربية مازالت تفرض على المحامين الجدد واجبات انخراط تصل إلى 151 ألف درهم كما هو الحال في هيئة طنجة. وسارعت بعض الهيئات الوطنية إلى الرفع من قيمتها، حيث تم تحديد واجبات التسجيل في هيئات المحامين بالمغرب المعلنة إلى حدود الساعة، هيئة طنجة 151 ألف درهم، هيئة تطوان 100 ألف درهم، وهيئة بني ملال 60 ألف درهم، وهيئة سطات 55 ألف درهم، وهيئة أكادير 80 ألف درهم، هيئة الدارالبيضاء 52776 درهم، هيئة الرباط 50600 درهم، وهيئات أسفي وخريبكة والجديدة والقنيطرة 50 ألف درهم، وهيئة وجدة 70 ألف درهم. وهي الرسوم التي لا أساس قانوني لها فيما يخص مهنة المحاماة، وأن المقصود بواجبات الانخراط الواردة في المادة 85 من القانون المنظم للمهنة، والتي يتولى تحديدها مجلس الهيئة، تتعلق بالمبلغ المالي أو الخدمات التي تحددها الجمعية أو النقابة لمساهمة أعضائها في تحمل أعباء تسييرها، وتنحصر في العضو المنتمي للهيئة فقط، لا بالوافد عليها أول مرة، حسب قرار المحكمة عدد 1499 بتاريخ 6 أبريل 2010. كما صدر قرار عن محكمة الاستئناف جاء فيه أيضا «لا يشترط في المرشح لمهنة المحاماة سوى أن يكون مغربيا، ولا يحق لمجلس هيئة المحاماة فرض رسم الانخراط، ويجب أن يكون النظام الداخلي لمجلس الهيئة غير متعارض مع قانون مهنة المحاماة. وفي هذا السياق يقول عبد الكبير الصوصي أستاذ جامعي ومستشار قانوني»ولا مادة في قانون المحاماة تتكلم عن أداء واجب الانخراط بالنسبة للمترشح للتمرين، المادة 5 تتحدث عن الشروط المتطلبة في المترشح لمهنة المحاماة، ليس فيها أي بند عن أداء واجب الانخراط، أما المادة 91 التي يحاول البعض اتخاذها أساس لفرض أداء الواجبات، تتعلق باختصاصات مجلس الهيئة حيث جاءت الصيغة كالتالي: يتولى مجلس الهيئة إدارة أموال الهيئة وتحديد واجبات الاشتراك وإبرام عقود التأمين عن المسؤلية المهنية لأعضائها، وهكذا فالمشرع حصر ذلك في أعضاء الهيئة وليس الوافد الجديد، الذي لم يكتسب بعد صفة محام بل هو فقط مرشح للتمرين». ويؤكد الأستاذ الصوصي في هذا الصدد على ضرورة رفع عريضة شعبية إلى رئيس الحكومة، ووزير العدل، وأعضاء هيئة المحاماة، من أجل مجانية الولوج للمحاماة حيث قال «سنشهد بعد أيام قليلة توجه أكثر من 2000 شاب وشابة من أبناء هذا الوطن العزيز، الحاصلين على شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة الى هيئات المحامين المتواجدة بدوائر محاكم الاستئناف، لتقديم ملفاتهم قصد التسجيل كمتمرنين، هذا التسجيل الذي لا يقبل إلا إذا دفع المرشح مبلغ مالي كواجب للانخراط». ويأتي الرفع من قيمة واجبات الانخراط دون توضيح أدنى سبب سوى إثراء النقابة على حساب المنتسبين إليها الغاية منه الحد من ولوج الراغبين في الانتساب إلى المهنة بفرض مبلغ تعجيزي يمنع الكثيرين من الانتساب إليها، وهو محظور قانونا لأن مجلس الهيئة لا يملك حق منع أحد من الانتماء إليها إذا ما توفرت فيه المؤهلات المشترطة قانونا. ومن المعلوم أن الغاية من إيجاد مجلس الهيئة هوالإشراف والمراقبة على تسيير المهنة حفاظا على أصالتها و صونا لها من عبث العابثين بها والدفاع عن هيبتها حتى لا تخرج عن النطاق الذي أسست من أجله، ولذلك فإن الرفع من واجبات الانخراط إلى القدر المشار إليه سيؤدي لا محالة إلى تعطيل المهنة باقتصارها على الفئة الميسورة لا محالة دون باقي الراغبين الذين يحدوهم الأمل في الانضمام إليها حسبما تنص عليه المادة الأولى من القانون المنظم لها مما سيؤدي إلى احتكار المهنة وهو أمر مناف لما توخاه المشرع من وراء إحداث هذه النقابات. ويضع هذا الأمر منظومة العدل في المغرب أمام المحك، وخاصة المساعي التي يريد بلوغها فيما يخص إصلاح العدالة التي نادى بها الملك في الكثير من الخطب الموجهة للجهات المعنية، من أجل التحرك وإيجاد الحلول الكفيلة بوضع حد للتجاوزات التي ترتكبها لوبيات الفساد التي تستهدف سمعة المغرب والمغاربة، وتعرقل مساره في درب التقدم والتطور.