المقدمة نشرت مجلة عدالة في عددها الأول الصادر بتاريخ يوليو 2010 – مشكورة – نص القرار عدد 1499 الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 06/04/2010، تحت عنوان" ولوج مهنة المحاماة بلا رسوم "، وبعد الاطلاع على ما تأتى لي مما أثير حوله من نقاش، ألفيت نفسي مدعوا للإسهام فيه، ليس من حيث عمقه الفقهي والقانوني فحسب، ولكن أيضا من حيث الحمولة الاجتماعية التي ترخي بظلالها على حيثية القرار، والتي تنم عن انشغالات المجلس الأعلى بإشكالية التشغيل المؤرقة للجميع في بلدنا الزاخر بالمواهب والطاقات الشبابية المؤهلة ثقافيا ومهنيا. وقبل الدخول في صلب الموضوع يشرفني أن أشد بحرارة على يد الأستاذ عبد اللطيف وهبي على الإضافة النوعية التي تطبع مجلة عدالة جوس، سواء على مستوى هندامها الأنيق المشبع بألوان التفاؤل والأمل، أو على مستوى الزخم الفقهي والقضائي الذي تتناوله المجلة بمنهجية مبسطة تلامس وجدان الخاص والعام من المهتمين بحقل العدل والعدالة. المبحث الأول: ملخص القرار الفرع الأول: وقائع القرار[1] 1- بتاريخ 04/10/2006 أصدر مجلس هيئة المحامين بطنجة مقررا راجع بمقتضاه واجبات الانخراط في الهيئة، وتمت هذه المراجعة وفق الشكل التالي: * واجب انخراط المحامين الرسميين المنتقلين من هيئات أخرى مائة وخمسون ألف درهم (150 ألف درهم). * واجب انخراط المعفين من شهادة الأهلية والتمرين مائتا ألف درهم (200 ألف درهم). * واجب انخراط المحامين الأجانب الوافدين من هيئات أجنبية ثلاثمائة ألف درهم (3000 ألف درهم). * واجب انخراط المحامين المتمرنين الملتحقين بالهيئة ستون ألف درهم (60 ألف درهم). * واجب انخراط الوافدين من هيئات أخرى ثمانون ألف درهم (80 ألف درهم). * واجب انخراط الوافدين من الوظيفة العمومية أو القطاع الخاص مائة ألف درهم (100 ألف درهم). 2- بتاريخ 26/10/2006 تقدم الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بطنجة بملتمس إلى غرفة المشورة بنفس المحكمة يرمي إلى معاينة بطلان هذا المقرر، بناء على أن المبالغة في الرفع من واجب الانخراط، من شأنه أن يخلق حاجزا أمام الراغبين في ولوج المهنة ممن تتوفر فيهم الشروط المتطلبة قانونا، وأن تسد الباب في وجه العديد ممن تتوفر فيهم شروط الانضمام إلى مهنة المحاماة، سواء كانوا محامين مغاربة منتقلين من هيئات أخرى، أو كانوا محامين أجانب. 3- أجاب نقيب هيئة المحامين بطنجة على هذا الملتمس بأن قرار الهيئة يعتبر قرارا إداريا يطعن فيه إمام المحكمة الإدارية، واحتياطيا في الموضوع فان المشرع المغربي منح مجلس الهيئة صلاحية إصدار المقرر بمقتضى المادة 85 من ظهير 14/10/1996 المنظم لمهنة المحاماة، وأن المقرر وان كان غير مبرر فذلك راجع للسلطة المطلقة الممنوحة له في هذا الشأن، وأن ذلك تقتضيه أقساط التأمين الصحي وتأمين الأخطاء المهنية اللتان تعرفان الزيادة سنويا، بالإضافة إلى أن الحالة الاقتصادية عرفت ارتفاعا في الأسعار بشكل مهول، وملتمس معاينة البطلان المنصوص عليه في المادة 86 من نفس الظهير، إنما يتعلق فقط بحالة الإخلال بالنظام العام أو التنافي مع المقتضيات التشريعية، الأمر الذي لا ينطبق على النازلة. 4- بتاريخ 24/10/2007 أصدرت غرفة المشورة بالمحكمة المذكورة في الملف رقم 274/06/3، قرارها عدد 186/07، الذي قضى برفض ملتمس معاينة البطلان، وأسست الغرفة قرارها على القاعدة المستمدة من الفقرة 5 من المادة 85 من ظهير10/09/1993 المعدلة والمتممة بظهير10/08/1996، التي تقضي بأن مجلس الهيئة يتولى- زيادة على الاختصاصات المسندة إليه للنظر في كل ما يتعلق بممارسة مهنة المحاماة- مهمة تحديد واجبات الاشتراك، والقاعدة المستمدة من نص المادة 86 من نفس الظهير، التي تقضي بأن المداولات أو القرارات التي تتخذها أو تجريها الجمعية العمومية أو مجلس الهيئة، لا تعتبر باطلة بحكم القانون، إلا إذا كانت خارج نطاق اختصاصهما أو كانت مخالفة للمقتضيات القانونية أو كان من شأنها أن تخل بالنظام العام، ويكون لمحكمة الاستئناف- حينئذ – معاينة بطلانها بناء على ملتمس الوكيل العام للملك، وبالرجوع إلى المقرر المطعون فيه يتبين أنه اتخذ في نطاق الاختصاص المشار إليه بالفقرة الخامسة، وليس فيه ما يخالف القانون أو يخل بالنظام العام. 5- بتاريخ 13/12/2007 تقدم الوكيل العام للملك بمقال أمام المجلس الأعلى يرمي إلى الطعن بالنقض في هذا القرار، مرتكزا في طعنه على وسيلة فريدة تمحورت حول انعدام التعليل وسوء تطبيق القانون؛ ذلك أن القرار المطعون فيه خالف المدلول القانوني للمادة 85 من الظهير المذكور، ولم يبين كيف استخلص أحقية مجلس الهيئة في إصدار مقرره بصورة مطلقة، سيما وأنه تعمد إخفاء الأسباب المفضية إلى الرفع من قيمة واجبات الانخراط، دون توضيح أدنى سبب سوى إثراء النقابة على حساب المنتسبين إليها الغاية منه الحد من الراغبين في الانتساب إلى المهنة بفرض مبلغ تعجيزي يمنعهم من ذلك وهو محظور قانونا، لأن مجلس الهيئة لا يملك حق منع أ حد من الانتماء إليها إذا ما توفرت فيه المؤهلات المشترطة قانونا، ومن المعلوم أن الغاية من إيجاد هذا المجلس هي الإشراف والمراقبة على تسيير المهنة، حفاظا على أصالتها وصيانتها من العبث والدفاع عن هيبتها، حتى لا تخرج عن النطاق الذي أسست من أجله، ولذلك فان الرفع من واجبات الانخراط إلى القدر المشار إليه، سيؤدي لا محالة إلى تعطيل المهنة باقتصارها على الفئة الميسورة دون باقي الراغبين الذين يحدوهم الأمل في الانضمام إليها حسبما تنص عليه المادة الأولى من القانون المنظم لها، مما سيؤدي إلى احتكارها، وهو أمر مناف لما توخاه المشرع من وراء إحداث هذه النقابات. 6- بتاريخ 28/02/2008 أدلى المطلوب في النقض بجواب يرمي إلى رفض الطلب. 7- وبناء على المستندات المدلى بها، وعلى الأمر بالتخلي الصادر بتاريخ 08/02/2010 وتبليغه، وبعد المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهم وعدم حضورهم، وعقب تلاوة التقرير من طرف المستشار المقرر والاستماع إلى ملاحظات المحامي العام، وبعد المداولة طبقا للقانون، أصدر المجلس الأعلى قراره عدد 1499 بتاريخ 06/04/2010 في الملف المدني عدد 55/1/6/2008، وفق الحيثيات والمنطوق أدناه. الفرع الثاني: حيثية القرار ومنطوقه أولا- حيثية القرار حيث صح ما عابه الطاعن على القرار، ذلك أنه اعتمد في قضائه على القاعدة المستمدة من الفقرة 5 من المادة 85 من الظهير المنظم لمهنة المحاماة المؤرخ في 10/09/1993 المعدل والمتمم بظهير 10/08/1996، في حين أن المادة المشار إليها تقضي بأنه يتولى مجلس الهيئة- زيادة على الاختصاصات المسندة إليه للنظر في كل ما يتعلق بممارسة مهنة المحاماة- المهام التالية:" -5 إدارة أموال الهيئة وتحديد واجبات الاشتراك وإبرام عقود التأمين عن المسؤولية المهنية لأعضائها مع مؤسسة مقبولة للتأمين."، وأن واجب الاشتراك هو المبلغ المالي الذي تحدده الجمعية أو النقابة لمساهمة أعضائها في تحمل أعباء تسييرها، بينما نازلة الحال لا تتعلق بعضو ينتمي إلى الهيئة، وإنما بشخص أجنبي عنها يطالب بالانخراط فيها، وأن المبالغ المشار إليها في المقرر المطعون فيه تتعلق بشروط قبول التسجيل في الهيئة، وهي شروط لا تندرج ضمن مقتضيات الفقرة المذكورة، وأن المادة 5 من الظهير المذكور لا تشترط في المرشح لمهنة المحاماة سوى: 1) أن يكون مغربيا أو من رعايا دولة بينها وبين المغرب اتفاقية تسمح لموطني كل من الدولتين بممارسة مهنة المحاماة في الدولة الأخرى. 2) أن يكون راشدا متمتعا بحقوقه الوطنية والمدنية. 3) أن يكون حاصلا على شهادة الإجازة في الحقوق من إحدى كليات الحقوق المغربية أو شهادة من كلية أجنبية للحقوق معترف بمعادلتها لها. 4) أن يكون حاصلا على شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة منذ ما لا يقل عن سنتين. 5) أن لا يكون محكوما عليه بعقوبة قضائية أو تأديبية أو إدارية بسبب ارتكابه أفعالا منافية للشرف والمروءة أو حسن السلوك. 6) أن لا يكون مصرحا بوجوده في حالة إفلاس اللهم إلا إذا رد إليه اعتباره. 7) أن لا يكون في حالة إخلال بمقتضيات القوانين المتعلقة بالتجنيد والخدمة المدنية أو بأي التزام صحيح بالعمل في إدارة أو مؤسسة عمومية لمدة معينة. 8) أن يكون متمتعا بالقدرة الفعلية على ممارسة المهنة بكامل أعبائها. 9) أن لا يتجاوز من العمر أربعين سنة بالنسبة لغير المعفين من التمرين. وحسب المجلس الأعلى ليس في هذه الشروط ولا في المادة 85 المذكورة، ما يعطي لمجلس الهيئة فرض رسم الانخراط على المرشح لمهنة المحاماة الأمر الذي كان معه القرار المطعون فيه معللا تعليلا فاسدا الموازي لانعدامه، مما عرضه للنقض والإبطال. ثانيا- منطوق القرار للأسباب المذكورة أعلاه، قضى المجلس الأعلى بنقض وإبطال القرار المطعون فيه، وإحالة الدعوى على محكمة الاستئناف بالرباط للبت فيها من جديد طبقا للقانون، وعلى المطلوبة في النقض بالصائر. المبحث الثاني: المؤتثاث القانونية للقرار الفرع الأول: المؤتثاث القانونية يحاول هذا التعليق أن يركز على البعد الاجتماعي الذي أرخى بهاجسه على النازلة التي انطلقت بوادرها عقب اتخاذه مجلس هيئة المحامين بطنجة مقرره المشار إلى مضمونه أعلاه، والتي انتهت إلى رحاب المجلس الأعلى الذي وظف في معالجتها آلية الاحتكام إلى القانون وفق الاختصاص المسند إليه. بيد أن التركيز على البعد الاجتماعي للقرار موضوع التعليق، يستدعي استحضار العناصر القانونية التي أسهمت في تأثيث فضائه ضمن حيثية القرار التي وان فريدة في صياغتها، فهي عميقة في دلالتها المهنية والاجتماعية. الفقرة الأولى: السند القانوني لمعاينة البطلان أولا- مخالفة مقرر مجلس الهيئة للقانون تنص المادة 86 من الظهير الشريف 1.93.162 الصادر بتاريخ 10/09/1993 المعتبر بمثابة القانون المنظم لمهنة المحاماة[2] على ما يلي:" كل المداولات أو القرارات التي تتخذها أو تجريها الجمعية العامة، أو مجلس الهيئة خارج نطاق اختصاصها أو خلافا للمقتضيات القانونية، أو كان من شأنها أن تخل بالنظام العام، تعتبر باطلة بحكم القانون. تعاين محكمة الاستئناف هذا البطلان بناء على ملتمس من الوكيل العام للملك، بعد الاستماع إلى النقيب أو من يمثله من مجلس الهيئة"، هذه المادة تطابقها حرفيا المادة 92 من الظهير الشريف رقم 1.08.101 الصادر بتاريخ 20/10/2008 بشأن تنفيذ القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة[3]. من هذا المنطلق تنصب معاينة البطلان على كل المداولات والمقررات التي تتخذها الجمعية العامة أو مجلس الهيئة على حد سواء، بحيث تشمل مختلف موضوعاتهما المتصلة بالنشاط الإداري والمهني، إن على مستوى مجال الاختصاص، أو على مستوى الملاءمة للمقتضيات القانونية والنظام العام، وبالتالي فملتمس معاينة البطلان يجد شرعيته في مخالفة المقرر الذي اتخذه مجلس الهيئة للمقتضيات القانونية، كما يجد شرعيته في إخلال المقرر بالنظام العام بالنظر لآثاره السيئة التي تستطنع حاجزا أمام الراغبين في ولوج المهنة، وتسد الباب في وجه العديد ممن تتوفر فيهم شروط الانضمام إلى مهنة المحاماة، مع أن شرط أداء واجب الانخراط على الوافدين الجدد شرط غير منصوص عليه قانونا، وليس من قبيل النظام العام المغربي إلزام الراغبين في الوظائف الخاصة أو العامة بدفع واجبات مالية للحصول على هذه الوظائف، وقد كفل الدستور الذي هو أسمى القوانين هذا الحق دونما ربطه بأي إلزام من هذا النوع. ثانيا- مخالفة مقرر مجلس الهيئة للنظام العام 1- مفهوم النظام العام: بالرغم من الصعوبات النظرية والفقهية التي تعترض المحاولات الرامية إلى تحديد مفهوم النظام العام، وبالتالي ضبط المقررات والالتزامات المخلة بمقتضياته بكيفية بسطة وسهلة، إلا أنه عموما يبقى ذا صلة وثيقة " بصميم المصالح العليا للبلاد، الأسس الجوهرية لنظام الحكم، الضمانات الدستورية المقررة للمواطنين، مستوى الوجدان والضمير الحي، المشاعر الروحية والدينية والإيمانية، الحلال والحرام، الخطأ والصواب"[4]. أما القضاء المغربي فقد عرف النظام العام بأنه:" مجموعة من القواعد القانونية التي يقصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية أو اجتماعية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى، وتعلو على مصلحة الأفراد، فيجب على جميع الأفراد مراعاة هذه المصلحة وتحقيقها، ولا يجوز لهم أن يخالفوها باتفاقات فيما بينهم حتى ولو حققت لهم هذه الاتفاقات مصالح فردية، فإن المصالح الفردية لا تقوم أمام المصلحة العامة"[5]، وفي هذا الصدد يماشي القانون العام مفهوم النظام العام حين" يخول الشخص من جملة الحريات التي يعترف له بها الحق في ممارسة المهنة التي يريدها ضمن نطاق القوانين والقواعد الإدارية"[6]. 2- النظام العام ومقرر مجلس الهيئة: والمقرر من هذه الوجهة مخل بالنظام لأنه بالإضافة إلى أنه يؤدي إلى حرمان المواطنين من حقهم في العمل، يسد الباب في وجه المؤلهين للانتساب إلى مهنة المحاماة، ويجعلها حكرا على الفئات الميسورة، فتصبح المهنة نخبوية لا بالنظر إلى الكفاءات العلمية التي تميز النخب الفكرية بالبلد، ولكن بالنظر إلى الثروات المالية التي تميز الفئات المحظوظة فيه وتجعل منها نخبا فكرية، وهو ما يترتب عنه اختلال المعايير المجتمعية والمفاهيم الأخلاقية التي يكرسها النظام العام، والتي يتوجب على كل غيور على تطبيق القانون إثارتها حماية لعموم المواطنين الذين يشكلون الطرف الأضعف في علاقة غير متكافئة، " إن تعلق بعض القواعد القانونية بالنظام العام المطلق يقتضي بداهة وجوب إثارة خرقها، لكون القاعدة تكتسي صبغة آمرة سواء بالنسبة للمتعاقدين أو بالنسبة للقاضي. ويعتبر عدم إثارتها من طرف محكمة الموضوع كسبب يمكن اعتماده للطعن بالنقض على اعتبار أن الأمر يتعلق بمسألة قانونية". وقد اعتبرت محكمة العدل للمجموعة الأوربية في قرارها الصادر بتاريخ 27/06/2000 أنه يحق للقاضي إثارة بطلان الشروط التعسفية من تلقاء نفسه و" لو لم يطلب الأطراف ذلك صراحة "، والملاحظ أن منح القاضي سلطة التدخل من تلقاء نفسه يجعل منه معاونا للطرف الضعيف، لكنه إذا كانت مبادئ العدل والإنصاف تسعى إلى إزالة التعسف وتحقيق التوازن الاقتصادي في العقد، فإن نفس المبادئ تستلزم أن يكون هذا التدخل إجباريا متعلقا بالنظام العام في مفهومه المطلق. فالتدخل القضائي الحر يمكن أن يساهم أيضا في تقوية الإرادة الواعية الصحيحة للطرف الأقل قدرة أو كفاءة عن طريق سد خلل عدم العلم أو عدم العلم الكافي بالقانون. ومع أننا لا تجد أحكاما قضائية لتطبيق قواعده الصفة الآمرة المطلقة، لكنه في بعض الفروع القانونية الأخرى كقانون الشغل، فقد أقر المجلس الأعلى في قراراه الصادر بتاريخ 12/1/2005 الصفة الآمرة المطلقة لقانون الشغل بحيث لا يمكن للطرف الضعيف الأجير التنازل عن بعض مقتضياته باعتباره قانون الحد الأدنى. قرار رقم 45، ملف اجتماعي عدد 975/5/1/2004″[7]. الفقرة الثانية: المقرر يسبح خارج نطاق الاختصاص والمعاينة من اختصاص غرفة المشورة لئن كان المقرر الصادر عن مجلس هيئة المحامين بطنجة ممارسة إجرائية تبدو سليمة من حيث صدورها عن جهة مختصة ضمن نطاق مخول لها قانونا، فانه جاء معيبا من حيث سقوطه في سوء الفهم لمدلول واجبات الانخراط المنصوص عليها في الفقرة الخامسة من المادة 85 التي تنص على أن تحديد واجبات الاشتراك[8]، من بين الاختصاصات التي يتولاها مجلس الهيئة، فأقحم عنصرا جديدا ضمن شروط الانخراط التي يختص القانون ببيانها، إقحام من هذا النوع بقدر ما أزاح المجلس عن نطاق الاختصاص الموكول إليه بمقتضى القانون، كشف عن تأويل فاسد أو سوء فهم لمدلول الانخراط وطبيعة الاختلاف بينه وبين مدلول الاشتراك، وقد دأبت الممارسة الجمعوية والمنظماتية ببلدنا على التمييز بين مدلول الانخراط الذي يحمل معنى الانضمام ومدلول الاشتراك الذي يحمل معنى الإسهام، فواجب الانخراط في الجمعية أو المنظمة أيا كان نوع نشاطها، هو المبلغ الذي يؤديه الوافد الجديد، في حين أن واجب الاشتراك هو المبلغ الذي يدفعه المنخرط الممارس بكيفية نظامية على مدار مدة انخراطه، مما يعني أن واجب الاشتراك هو البدل المقابل لاستفادة المنخرط من الخدمات التي تسديها لفائدته جمعيته أو منظمته إسهاما منه في تحمل الأعباء المادية لهذه الخدمات، بحيث لا يعقل أن يطالب المنخرط الوافد على مهنة المحاماة بأداء اشتراك جزافي – والحال في النازلة أنه مبالغ فيه- تحت غطاء واجب الانخراط، مع أن هذا الواجب غير قانوني، وغير منصوص عليه ضمن قائمة الشروط المرتبة بدقة في المادة 85 من القانون المنظم للمهنة، وهو ما يفقد المقرر خلفيته القانونية ويجعله خارج نطاق الاختصاص الموكول لمجلس الهيئة. من جهة أخرى تمت الإشارة في وقائع القرار موضوع التعليق إلى الدفع المثار من قبل المطعون ضده بشأن عدم اختصاص غرفة المشورة للنظر في ملتمس معاينة بطلان المقرر، بدعوى انه يكتسي صبغة إدارية، وهو دفع أثاره المطعون ضده أول مرة أمام غرفة المشورة، مما يعني أنه ليس دفعا جديدا وجديرا بالتجاهل، بيد أن المجلس الأعلى لم يكلف نفسه عناء معالجته، مكرسا بذلك تقليدا قانونيا من التقاليد التي دأب عليها في مثل هذه الدفوع، حيث " يلجأ دائما إلى قواعد النقض التي أصبحت مبادئ راسخة في قضائه، ومن ضمن هذه المبادئ أن المحكمة غير ملزمة بتتبع الخصوم في جميع مناحي أقوالهم، وغير ملزمة بالرد على كل الدفوع ووسائل الدفاع المثارة أمامها، وأن عدم ردها على بعض الدفوع والطلبات يعد منها قضاء ضمنيا برفضها"[9]. الفرع الثاني: المقرر بين بواعث المنطوق وقرائن المفهوم الرحلة التي قطعها المقرر المتخذ من قبل مجلس الهيئة بين محكمة الاستئناف والمجلس الأعلى، كشفت عن تباين بواعثه المصرح بها وفق منطوقه المومأ إليه أعلاه وبين مفهومه غير المصرح به، , والذي تعززه قرائن الواقع وتجلياته. الفقرة الأولى: بواعث المنطوق في مقرر مجلس الهيئة في سياق الدفع المثار من قبل مجلس الهيئة على شرعية المقرر المطعون فيه بالنقض، تبرز بواعثه متناغمة مع منطوقه بشكل سلس، فالسلطة المطلقة تمنح مجلس الهيئة حق الإقدام على الرفع من واجبات اشتراك الراغبين في الانتساب إلى هيئته، خصوصا وان دواعيه المالية آخذة في الارتفاع بالطراد؛ أقساط التأمين الصحي وتأمين الأخطاء المهنية والحالة الاقتصادية التي عرفت بدورها ارتفاع الأسعار بشكل مهول، كل هذه البواعث المنطوق بها، تجعل النفس تطمئن إلى أن المقرر جاء خدمة لدواعي تفرضها التزامات المهنة، ومتطلبات الخدمات التي ينهض بها ليس فقط مجلس هيئة المحامين بطنجة، وإنما جميع هيئات المحامين بالغرب، بل جميع المنظمات الجادة التي تسعى إلى تلبية حاجات منخرطيها وتأمين أوضاعهم المادية والاجتماعية إزاء المخاطر المهنية التي قد يتعرضون لها باستمرار. هكذا تتمظهر الخاصية الاجتماعية للقاعدة القانونية في المقرر، ويحيط بعدها الإنساني الاجتماعي بالظروف الباعثة عليه، والملاحظ أن الخاصية الاجتماعية تتكثف بقوة تهيمن على السند القانوني وتحتويه، بل إن السند القانوني يصبح أداة مسخرة وظيفيا في خدمة البعد الاجتماعي بكيفية يصير معها تبرير القرار –في نظر مجلس الهيئة- مسألة غير ذات قيمة، طالما أنه يمارس ( سلطة إدارية ينص عليها القانون )، مع أن المتعارف عليه في المجال الإداري- إذا سلمنا جدلا بقانونية المقرر- أنه إذا " كانت الإدارة تتوفر على سلطات تقديرية في ممارسة نشاطها، فإنها ملزمة قانونا بأن تضع نفسها في أفضل الظروف والأحوال للقيام بهذه السلطات، وأن تجريها بروح موضوعية وبعيدة عن البواعث الشخصية، كما ينبغي الحرص على ملاءمتها حسب ظروف الأحوال"[10]. القاعدة التي لا اختلاف بين الأصوليين فيها أن لكل منطوق مفهوم، وأن تجليات المفهوم تزداد انبعاثا كلما تراكمت القرائن المحيلة عليه، ولذلك اعتمد الطعن على وسيلة فريدة لصد المقرر والقرار الاستئنافي المؤيد له، وسيلة فريدة تمحورت حول انعدام التعليل وسوء تطبيق القانون، سواء من حيث بيان الكيفية التي استخلص بها القرار أحقية المجلس في إصدار هذا المقرر بصورة مطلقة، أو من حيث تعمده " إخفاء الأسباب المفضية إلى الرفع من قيمة واجبات الانخراط دون توضيح أدنى سبب سوى إثراء النقابة على حساب المنتسبين إليها الغاية منه الحد من الراغبين في الانتساب إلى المهنة بفرض مبلغ تعجيزي يمنع الكثيرين من الانتساب إليها وهو محظور قانونا، لأن مجلس الهيئة لا يملك حق منع أ حد من الانتماء إليها إذا ما توفرت فيه المؤهلات المشترطة قانونا، ومن المعلوم أن الغاية من إيجاد مجلس الهيئة هي الإشراف والمراقبة على تسيير المهنة حفاظا على أصالتها وصونا لها من عبث العابثين بها والدفاع عن هيبتها حتى لا تخرج عن النطاق التي أسست من أجله، ولذلك فان الرفع من واجبات الانخراط إلى القدر المشار إليه سيؤدي لا محالة إلى تعطيل المهنة باقتصارها على الفئة الميسورة دون باقي الراغبين الذين يحدوهم الأمل في الانضمام إليها حسبما تنص عليه المادة الأولى من القانون المنظم لها، مما سيؤدي إلى احتكار المهنة، وهو أمر مناف لما توخاه المشرع من وراء إحداث هذه النقابات"[11]. هذا هو مفهوم المقرر الذي تعززه قرائن الواقع ومعارضة النظام العام، فما هي هذه القرائن؟ الفقرة الثانية: قرائن الواقع تلغي منطوق المقرر وتزكي مفهومه هناك..، على أرض الواقع الميداني، وبالضبط في الجهة المقابلة لهذا النقاش القانوني/ الفقهي الدسم، هناك في أوساط المهتمين بالشأن المهني لهيئات المحامين بالمغرب، نقاشات حادة وان لم تكن صاخبة، مهموسة أحيانا وأحيانا محتشمة، نقاشات وانتقادات تثيرها مسألة الإثراء الفاحش لبعض الهيئات على حساب المنتسبين لها بسبب رسوم الانخراط وواجبات الاشتراك السنوية، مضافا إليها حقوق الدفاع التي تضخ بكيفية نظامية في الحسابات البنكية لهذه الهيئات من قبل جميع محاكم المملكة، وبمقارنة حجم هذه المداخيل مع أوجه صرفها يتضح أن جانب المردودية يبدو ضئيلا إذا ما استثنني منه التزام مهنة المتاعب والأتعاب بواجباتها إزاء شركات التأمين التي تمتص نسبا عالية من المحاصيل المالية السنوية لنقابات المحامين بالمغرب، لكن بصرف النظر عن هذا الجانب المكلف الذي تتحمله نقابات المحامين والذي يبدو أنه في حاجة إلى تدخل الدولة بشكل أو بآخر للتخفيف من حدته، تبقى هناك أنشطة إضافية تصرف فيها ملايين الدراهم دون أن يقتنع منخرطو هذه النقابات بمدى جدواها؛ من قبيل الأنشطة المتصلة بالسفريات والمناظرات والندوات التي لا يبقى منها إلا الذكريات الجميلة، دون أن تعود بقيم مضافة تعزز المسارات العلمية والمهنية للمنخرطين، أو تنمي في وجدانهم الاطمئنان والشعور بالانتماء الآمن للبيت المهني، أو على الأقل تبعث في نفوسهم الاعتقاد بأن ما تصرح به التقارير المالية من أوجه البدل والصرف، إنما يهدف إلى تطوير الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمنتسبين وذويهم وعامة الشباب العاطل في المحيط الاجتماعي العام. هذا بالإضافة إلى عدم وجود آليات قانونية تمنح الجهات الوصية صلاحية مراقبة وتفحص أساليب وطرق الصرف التي تنتهجها نقابات المحامين، بكيفية تحقق شعارات الشفافية، وتدعم طموحات الاستقلالية والنزاهة التي تعتنقها، درءا للروائح الكريهة التي تحول كل الجهود النهضوية والاستثمارية التي تنهض بها إلى ضرب من ضروب الريع مجهول المصير، بل" ويجب ضبط ومراقبة حسابات الهيئة حتى من قبل المفتشية العامة لوزارة المالية نظرا لان أكثر هذه الأموال هي أموال عمومية، ويجب التفكير مليا في طريقة لمحاسبة ولمساءلة النقيب وأعضاء مجلس الهيئة من قبل الجمعية العمومية وحتى أمام القضاء أمام سوء تدبيرهم لشؤون الهيئة وأمام أخطائهم"[12]. وفي هذا الصدد يقول الأستاذ أبادرين المحامي بهيئة مراكش:" إن ثقتنا بالسادة النقباء ومجالس الهيئات لا تمنعنا من إبداء بعض الملاحظات والتحفظات بخصوص ما يرد في التقارير المالية للهيئات بصفة عامة، بل إنه من الواجب المساهمة في ترشيد التدبير المالي لهيئاتنا لأن الأمر يتعلق بمال يكتسي طابع المال العام. ولذلك ارتأيت أن أبادر.. لفتح نقاش علني صريح بهدف وضع آليات للمراقبة وضبط الحسابات خاصة وأن الجمعيات العمومية غير مفعلة وكان من المفروض أن تكون بمثابة برلمان يشتغل بواسطة لجانه أثناء الدورات. القانون المنظم لمهنة المحاماة لا يحدد مهام العضو المكلف بالمالية بل أنه لا يتحدث أصلا عن توزيع المهام فيما بين أعضاء المجلس، بحيث ترك مهام الإدارة المالية للمجلس برمته دون التنصيص على آلية للمراقبة"[13]. المبحث الثالث: انتصار الهاجس الاجتماعي في قرار المجلس الأعلى قرار المجلس بهذا الأعلى المومأ إليه أعلاه يؤكد انتصار الهاجس الاجتماعي الذي استحكم في مجريات النازلة، الهاجس الاجتماعي بمفهومه العام الذي طمسه مقرر مجلس الهيئة وقرار محكمة الاستئناف بطنجة ولم يلتفتا إليه، مع أن الوضع الراهن يفرض ضرورة الالتفات إليه. أولا- ضرورة الالتفات إلى أزمة التشغيل تعتبر أزمة التشغيل من ابرز الانشغالات الوطنية الراهنة، وتشكل فيها محنة حملة الشواهد العليا مرارة قاتلة تؤرق كل الشرائح الاجتماعية في المغرب، وهو ما يدعو إلى تكثيف الجهود والتصدي لهذه المعضلة والبحث عن السبل الكفيلة بعلاجها من خلال الإسهام في توفير فرص العمل لا سيما بالنسبة للشباب الذي اجتاز الامتحانات المهنية بنجاح، وشاء قدره أن يحرمه من النجاح في توفير واجبات الانخراط المهني الباهظة الذي تفرضه هيئات المحامين بالرغم من عدم قانونيته، والمجلس الأعلى بهذا القرار يحكمه هاجس التكييف الاجتماعي الذي يستحكم في كل قاعدة قانونية، ويجعل من هذا الهاجس مناط اتخاذ القرارات المناسبة في حينها، طلبا للاستقرار والسلم الاجتماعيين، ودعوة للجميع من أجل الانخراط في معركة الحرب على البطالة وعطالة الطاقات الفاعلة والمنتجة في البلد. ثانيا- ضرورة الالتفات إلى الكفاءات المؤهلة يجب الالتفات إلى الطاقات البشرية الحاملة لشواهد عليا بوصفها موارد حية مؤطرة بالتكوين الأكاديمي، تمتلك الأفق المستقبلي لضخ دماء جديدة في هيئات المحامين، وإبداع مناهج مواكبة لزمنها تؤهلها لحمل مشعل الدفاع عن حقوق جيل الغد بنفس المبادئ والتضحيات التي ناضلت من أ جلها الأجيال السابقة، التي حظيت بشرف التأسيس لمهنة المحاماة وشرف الاستمرارية في معاركها من أجل الحق والإنصاف والعدالة في ظروف عصيبة، قرار مجلس الهيئة المطعون فيه يبرر هاجس الربح والمضاربة الذي اخترق هذه المهنة من حيث لا يدري شرفاؤها، وأحدث خللا في بنية المفاهيم الأخلاقية الخالدة التي صنعت البذلة السوداء، وحولتها بالرغم من سوادها إلى رمز للتحدي ومحاربة القهر والظلم، وقد يستحيل أن تبقى كذلك إذا سلمنا أجيالها القادمة صناديق مليئة بالأموال والأعراف والماركوتية، خالية من أعراف التضحية والتضامن والدفاع عن الحق في الشغل والمواطنة وتكريم الطاقات المؤهلة علميا لولوج المهن الشريفة، وهذا ما يدعو إلى إعادة النظر في نظام الفئوية الذي أخذ ينخر المهنة، والى تعزيز دور الشباب في تحمل المسؤولية، كما أكدت على ذلك توصيات البيان الختامي لجمعية هيئات المحامين بالمغرب في مؤتمرها العام 27 المنعقد بأكادير بتاريخ 29/05/2011. ثالثا- ضرورة الالتفات إلى الواقع المادي للكفاءات المؤهلة القرار المطعون فيه بالنقض يدفع الحالمين بارتداء البذلة السوداء، إلى البحث عن حلول مادية لتأمين مستقبلهم المهني في فضاء مهني يتجاوز المنطق المادي، ويعتبره مجرد أتعاب وسائلية لجهود إنسانية وفكرية غير خاضعة للغة العرض والطلب، ولا تقدر بثمن مهما بالغنا في تحديد أتعابها، ومجال هذه اللغة يزيد اتساعا كلما ابتعدنا عن المهن الشريفة كمهنة المحاماة، وباستطاعة من يملك المبالغ الباهظة لولوجها، أن يسعى إلى استثمار هذه الأموال بمنأى عن المهنة إذا لم تحدوه إليها الرغبة والغيرة والفضيلة ونكران الذات، أما الذين يجبرون على بدل هذه الواجبات والحال أنهم متمسكون بها، فسيندفعون للقروض البنكية أو سيضطر أولياؤهم إلى التضحية بما في اليد إن كان له ثمن، ضمانا لمستقبل مهني طالما منت به فلذات الأكباد نفسها، وفي جميع الأحوال ستبدأ رحلتهم داخل مهنة المتاعب بأول تعب حقيقي قد يطال الأخضر واليابس، ويرخي بظلاله على المستقبل المهني للمحامي المتمرن، ويملأ وجدانه بالإحباط والشك في القيم النبيلة التي يحملها اتجاه مهنة العمر، مما يدفعه – ولو مؤقتا حسب تقديره- إلى استباحة كل السبل ما ظهر منها وما بطن، ما شرع منها وما لم يشرع، في سبيل الوفاء بالتزاماته البنكية، أو في سبيل التخلص من عذابات الضمير التي تؤججها مظاهر الفاقة في محيطه الأسري، والتي تطارده وتسائله في صمت عن ثمار موعودة طال زمن ترقبها وقطافها. رابعا- ضرورة الالتفات إلى ظاهرة الترحال المهني القرار المطعون فيه بالنقض يعمق ظاهرة الارتحال المهني بين الهيئات التي طالما دعت جمعية المحامين إلى ضرورة توحيد الجهود في سبيل تناغمها وتناسقها خدمة للمنتسبين الذين يضطرون بسبب تفاوت واجبات الانخراط إلى البحث عن الهيئة الأرخص، والهجرة إليها بالرغم مما يستتبع هذه الهجرة من تمزق أسري وأعباء جديدة من نوع آخر لا تقل وطأته وتبعاته عن أداء الرسوم المبالغ فيها. الخاتمة مؤسسة النقابة المهنية وعلى رأسها نقابة المحامين منظمة وطنية دورها لا ينحصر في الحماية المهنية لمنحرطيها، والدود عنها لصد اختراقات العابثين والمفسدين بكيفية تضع الجميع في قفص الاتهام، وتجعل منحرطيها الفعليين محاطين بأسلاك كهربائية شائكة تحصنهم من الانفتاح على العالم الخارجي، وان كانت مشروعية هذه الكيفية تجد مبررها في السلوكيات المشينة التي تتفجر فضائحها بين الفينة والأخرى وتسيء إلى شرف المهنة، فان ذلك لا ينبغي أن يتعد حدود المراقبة المستمرة والتأديب الرادع الحمائي والتوجيهي وفق المساطر التي يعززها ويباركها القانون، دون السقوط في متاهة النخبوية والتوريث ومعارضة المقتضيات الدستورية الضامنة للجميع حق الانخراط والانتماء المهني، بل دون أن تخل هذه النقابات بأدوارها الحقوقية الطلائعية في بعث الأمل وإنعاش سوق الشغل ومشاركة الدولة في معركتها الضروس ضد العطالة وتهميش الكفاءات المؤهلة، ويكفي هيئات المحامين بالمغرب فخرا، بل وفي العالم أجمع أنها رمزا لحماة الحق المؤازرين للمتضررين من كل الالتزامات والأحكام والقرارات التي من شأنها سد الباب في وجه التمتع بالحقوق والحرمان من حق المساهمة النبيلة في التنمية الوطنية تكريسا للشعور بالمواطنة الحقة وتحمل المسؤولية في بلد يسعى إلى استثمار طاقاته الشبابية لخوض معارك الغد التي لا تقل ضراوة عن معارك التأمين وواجبات الانخراط. عبد الجبار بهم باحث جامعي مراكش في 06/24/ 2013 ………………………… [1] – النص الكامل للقرار منشور بمجلة عدالة. مدير النشر الأستاذ عبد اللطيف وهبي. العدد الأول- يوليوز 2010. ص 6. [2] - منشور في الجريدة الرسمية عدد 4222 بتاريخ 29/09/1993. [3] - منشور بالجريدة الرسمية عدد 5680 بتاريخ 06/11/2008 ص4044. [4] – د. ممدوح عبد الكريم. القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين. الطبعة الأولى سنة 2005. دار الثقافة للنشر والتوزيع الأردن. ص 195 . [5] – حكم عدد 155، صادر عن المحكمة الابتدائية بالبيضاء بتاريخ 19/2/79. ذكره ذ. بوشتى زياني في: الحماية القضائية من الشروط التعسفية. رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون الأعمال. كلية الحقوق، وجدة. سنة 1999/2000. ص27. [6] - الأستاذ موسى عبود. محاضرات المدخل في دراسة القانون. صف الإجارة في الحقوق. كلية الحقوق بالرباط. ص 115. [7] - محمد الهيني. تقرير عن الحماية القانونية للطرف الضعيف في عقد التأمين البري. رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص. جامعة سيدي محمد بن عبد الله وحدة التكوين والبحث. كلية العلوم القانونية والاقتصادية قانون المنافسة والاستهلاك والاجتماعية فاس. السنة الجامعية: 2005/2006. [8] - بعد إلغاء الفقرة الأولى من المادة 85 بموجب ظهير 10/08/1996 أصبح ترتيب هذه الفقرة هو الرابعة، وفي النسخة الجديدة للقانون المنظم لمهنة المحاماة رقم 28.08 الصادر بتنفيذه ظهير 20/10/2008 ورد اختصاص تحديد واجبات الاشتراك في الفقرة الرابعة من غير تعديل. [9] – الأستاذ محمد بلعياشي. تعليق على قرار عدد 2875 المؤرخ في 28/07/1998، ملف مدني عدد 2875/97. مجلة قضاء المجلس الأعلى العدد المزدوج 57-58 –السنة 23-يوليوز 2001 موافق ربيع الثاني 1422. ص542 . [10] - محمد باهي نقلا عن كتاب النظرية العامة للقرارات الإدارية للدكتور سليمان محمد الطماوي. المبادئ والأسس العملية للتحرير الإداري. الطبعة الأولى سنة 1997. ص140. [11] – اقتباس من نص القرار. [12]- الأستاذ خالد خالص. مقالة بعنوان جوانب من واقع مهنة المحاماة بالمغرب. منشورة بالمجلة الالكترونية الحوار المتمدن. عدد 1948 بتاريخ 16/06/2007. [13] -الأستاذ أحمد أبادرين. مقالة بعنوان النظام المالي لهيئات المحامين. منشورة بنفس الموقع.العدد 3075. 26/07/2010.