رصيف الصحافة: قرار منع ذبح إناث الأبقار يقسم آراء مهنيي اللحوم الحمراء    هذه حقيقة الربط الجوي للداخلة بمدريد    الكعبي يستمر في هز الشباك باليونان    لحظة تسليم علم منظمة "الأنتربول" للحموشي باعتباره رئيس الوفد الأمني للدولة التي ستحتضن الدورة المقبلة للجمعية العامة للأنتربول (فيديو)    المغرب يعتمد إصلاحات شاملة في أنظمة التأمين الصحي الإجباري    أخنوش يترأس اجتماعا حول شؤون الجالية    الكشف عن عدد سكان جهة طنجة تطوان الحسيمة برسم إحصاء 2024 (تفاصيل)    التامك يتأسف لحظر "النقابة" في مندوبية السجون... ويقول: "ما بقاش عندي الوجه" للقاء الموظفين    1000 صيدلية تفتح أبوابها للكشف المبكر والمجاني عن مرض السكري    الأسباب الحقيقية وراء إبعاد حكيم زياش المنتخب المغربي … !    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    توقيف 08 منظمين مغاربة للهجرة السرية و175 مرشحا من جنسيات مختلفة بطانطان وسيدي إفني    بايدن يتعهد بانتقال "سلمي" مع ترامب    اعتقال رئيس الاتحاد البيروفي لكرة القدم للاشتباه في ارتباطه بمنظمة إجرامية    «كلنا نغني».. جولة عربية وأوروبية للعرض الذي يعيد إحياء الأغاني الخالدة        المهرجان الدولي للسينما والهجرة بأكادير في دورته العشرين    ياسين بونو يجاور كبار متحف أساطير كرة القدم في مدريد    2024 يتفوق على 2023 ليصبح العام الأكثر سخونة في التاريخ    "أجيال" يحتفي بالعام المغربي القطري    المنصوري تكشف حصيلة برنامج "دعم السكن" ومحاربة دور الصفيح بالمغرب    الجماهير تتساءل عن سبب غياب زياش        ليلى كيلاني رئيسة للجنة تحكيم مهرجان تطوان الدولي لمعاهد السينما في تطوان    بايتاس: أكثر من 63 ألف أسرة استفادت من المساعدات الشهرية لضحايا زلزال الحوز    مجلس جهة كلميم واد نون يطلق مشاريع تنموية كبرى بالجهة    انطلاق الدورة الرابعة من أيام الفنيدق المسرحية    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    هذا ما قالته "كامالا هاريس" في خطابها الأول بعد الهزيمة في السباق الانتخابي    ما هي انعكاسات عودة ترامب للبيت الأبيض على قضية الصحراء؟    صَخرَة سيزيف الجَاثِمَة على كوَاهِلَنا !    التنسيق النقابي للأطر الصحية يتوعد الحكومة بالتصعيد احتجاجاً على خرق اتفاق يوليوز    انتخاب السيدة نزهة بدوان بالإجماع نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع …    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    مورو يدشن مشاريع تنموية ويتفقد أوراشا أخرى بإقليم العرائش    البنيات التحتية الأمنية بالحسيمة تتعز بافتتاح مقر الدائرة الثانية للشرطة    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية    بوجمعة موجي ل"رسالة24″ : يجب تعزيز الرقابة وحماية المستهلك من المضاربين    جدري: القطاعات التصديرية المغربية كلها تحقق قفزة مهمة    سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين        خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ المقاومة بقلم أحد روادها الأوائل
أنشئت «اليد السوداء» وقررت بدء العمل في 5 9 1953
نشر في العلم يوم 20 - 12 - 2008

هذه حلقة جديدة من مذكرات المقاوم عبد السلام بناني القائد المغوار في مدينة الدار البيضاء. وهو يتابع ذكر العمليات التي تمت في الأسابيع الثلاثة التالية لنفي محمد الخامس. وكالعادة في هذه المذكرات يتكلم الكاتب عن نفسه بضمير الغائب. بدءحركة المقاومة المسلحة
في يوم فاتح شتنبر 1953 ليلا اجتمع عبد السلام بناني بالاخوان: احمد اليوبي عبد العزيز الحلو، محمد الراشدي، واخبروه أنهم أسسوا جماعة تحت اسم اليد السوداء تضم أكثر من 60 عضوا، فسلم لهم عبد السلام السلاح وأسماء بعض الخونة مثل الطيب التازي والمقدم ابن عبد الله. وهم اقترحوا أسماء الخونة الذين يسكنون في المدينة القديمة، ثم أخبرهم عبد السلام أن لايبتدئوا العمل حتى يخبرهم بذلك، وفعلا اتصل بهم يوم 1953/9/3 وأخبرهم أنه تقرر أن يبدأ العمل الفدائي في تاريخ 53/9/5 ، ثم تقرر أن يختار الإخوان الأسماء المستعارة:
الحسن العرائشي: السفار محمد منصور: سيد احمد النجار.
محمد الزرقطون: الأستاذ عبد السلام بناني: نظرا لكثرة اتصالاته في جميع الأحياء اختيرت له عدة أسماء. في المدينة القديمة. الفقيه.
في درب السلطان بوشعيب في ابن مسيك والحي الصناعي. الأب
وخارج البيضاء العربي
ثم أدى كل واحد من الإخوان اليمين التالي: «أقسم بالله العظيم انني سأخلص في عملي في المقاومة حتى ينتصر المغرب ويرجع محمد بن يوسف بدون مقابل وشرط.
ثم تقرر ان لاتجتمع اللجنتان من بعد إلا عند الضرورة، غير أن عبد السلام بناني سيستمر دائما في اتصالاته بالاخوان محمد منصور.ومحمد الزرقطوني، والحسن العرائشي، وأحمد بونعيلات. ومولاي العربي، نظرا لكونه هو الذي يتصل بالأستاذ عبد الكبير بن المهدي الفاسي الذي يمون الحركة بالسلاح وغيره.
وفعلا ابتدأت عمليات الفداء يوم 1953/9/5 بضرب مفتش الشرطة السرية العربي المسكيني الذي كان اختصاصيا في تتبعه للوطنيين، غير انه لم يمت وانما جرح جرحا خطيرا وحمل الى المستشفى وبقي فيه شهورا ثم من بعد نقل الى بني ملال وقتل بعد الاستقلال في شهر أبريل 1956، والذي قام بهذه العملية هو الأخ الحسين.
وفي يوم 7 شتنبر قام المرحوم الشهيد الأخ محمد الراشدي بقتل شيخ المقدمين في المدينة القديمة وكان هذا الأخير يسكن بدرب السلطان وقد تتبع حركاته الأخ الهاشمي صحبة الاخوان الآخرين حتى تيقنوا من محلات مروره وفي اليوم المذكور في الساعة 7 عشية كان شارع بني مكيلد مملوءا بالمارة وكان الأخ الراشدي ورفقاؤه تابعين المقدم بن عبد الله حتى وجد الأخ الراشدي فرصة وضربه بمسدسه فقتل حينا، رغم الحارسين الاثنين اللذين كانا مع المقدم ولاذا بالفرار ومن الغريب أن جميع دكاكين شارع بني مكيلد أقفلت أبوابها في بضع دقائق بعد وقوع الحادثة. أما الأخ الراشدي فقد فر ولم يعثر له على أثر، وكان الأخ الراشدي ينتمي إلى جمعية اليد السوداء وكان من أنشط أعضائها. وسبب القاء القبض عليه أن واحدا من أعضاء جمعية اليد السوداء وقع له شنآن في مقهى وكان حاملا مسدسه فأخرجه وصار يهدد جميع من كان في المقهى حتى جاء رجال الشرطة وألقوا عليه القبض وبعد شهر من البحث من طرف الشرطة ألقي القبض على جل أعضاء اليد السوداء، ومما يؤسف له أن جميع أسلحة هذه الجمعية كانت محفوظة في سينما ريو، وعند القاء القبض على الأعضاء احتجزت جميع الأسلحة المهمة، ثم قتل
أعضاء هذه الجمعية اثنين من المخبرين في المدينة القديمة وابتداء من تاريخ 9/9/1953 صارت الحوادث تقع باستمرار في كل يوم، وفي يوم 10 شتنبر 1953 جاء المسؤول عن إحدى الجماعات بدرب كرلوطي عند الأخ عبد السلام بناني وأخبره أن جماعته فيها أحد من مخبري الشرطة واسمه علي السرور. وسأله الأخ عبد السلام بناني:
1 هل كان هذا العضو يتصل دائما قبل هذا التاريخ بالمخبر الذي أعرفه جيدا.
وكان الجواب لا
2 هل له علاقة عائلية مع المخبر، الجواب لا
3 كم مرة اتصل فيها العضو بالمخبر، الجواب ثلاث مرات
4 هل تتبعتم أوقات اتصال العضو بالمخبر؟ الجواب نعم قد عينت أحد الأعضاء ليراقب هذا العضو حين وصلني خبر اتصاله بالمخبر.
5 في أي محل يقع اتصال العضو بالمخبر؟
الجواب يكون العضو ما بين الساعتين 8و9 ليلا بالقرب من مقهي الجزائري أمام باب بوسبيل، ثم يأتي المخبر ويذهبان إلى درب كرلوطي حتى لباب حمام الداودي وهناك يبقيان هنيهة ثم يذهب كل واحد من طريق،
6 هل لك علاقة عائلية مع هذا العضو؟ الجواب: لا، إلا أنه أحد أصدقائي من قديم.
إذن أرجوك أن تتبع اتصال هذا العضو في هذا اليوم وسأكون في انتظارك قرب المخبزة المجاورة لمحل الطاكسيات قرب بوسبيل حيث يتصل العضو بالمخبر في المقهى ثم تأتي عندي، وفي الساعة 8.30 جاء المسؤول عن الجماعة إلى المحل المذكور وأخبر الأخ عبد السلام بناني بأن المخبر جاء إلى المقهى وأخذ معه العضو وذهبا كالمعتاد في طريقهما إلى باب حمام الداودي، فقال عبد السلام بناني للمسؤول:
1 هل تعرف جيدا مسؤوليتك في حركة المقاومة.
الجواب: نعم
2 هل انك مستعد لتنفيذ القتل في أي واحد جاء الأمر بقتله؟
الجواب: نعم
3 هل تعرف الدور الذي يلعبه الجواسيس والخونة والمخبرون في بلادنا والضرر الذي يصيب كل واحد منا بسبب هؤلاء؟
الجواب: نعم
4 هل أنت مستعد لقتل هذا المخبر؟ الجواب: نعم، بل يجب أيضا قتل حتى. هذا العضو، هذا ما كنت انتظر منك.
هل عندك مسدسك؟
نعم
اذهب عاجلا صحبة العضو
الآخر واياكما ثم اياكما ان يفلتا من القتل وانني في انتظارك بعد العملية في زنقة الحبشة قرب الصيدلية وفي الساعة 9.30 جاء المسؤول عند عبد السلام بناني واخبره أن المخبر والعضو قد قتلا في باب حمام الداودي وكانت هذه الزنقة مظلمة ولم يرهم أحد، ومن الغريب أن الفدائي المسؤول لم يذهب حتى أخذ المسدس الذي كان عند المخبر القتيل، والفدائي الثاني فتش المقتول مرة أخرى فوجد عنده مسدسا آخر، وأستسمح القارئ عن عدم ذكر اسم المسؤول عن الجماعة وذلك بطلب منه وكذلك العضو الثاني حتى لاتتأثر عائلته، فما هي الأسباب التي جعلت عبد السلام بناني يقوم بهذا العمل؟
1 - قبل هذا التاريخ بيومين وصلنا خبر من أحد الاخوان بدرب العفو كان يتصل بمفتش الشرطة مولاي مبارك الذي كان يزود العضو بأخبار تكون مهمة في بعض الأحيان وقال المفتش مولاي مبارك للأخ رد بالك عن البياعة فلقد وصلنا خبر إلى الكوميساريا على يد أحد البياعة في درب كرلوطي أنه يتصل بأحد القتلة وطلب منه معلمنا أن يبقى في اتصاله به حتى يحصل على معلومات كثيرة.
ثانيا لم نعرف شيئا عن المخبر ولا عن العضو في الجماعة حتى جاء المسؤول عنها عند عبد السلام بناني الذي كان يقول دائما أن الله سيعيننا لأننا لسنا من أبناء أولاد الحرام.
ثالثا: وكم كانت دهشتنا شديدة حين جاء المسؤول عن الجماعة عند عبد السلام.
رابعا: لو لم يقتل المخبر والعضو لفضح سر الجماعة بل حتى جماعات أخرى.
خامسا: حين يحمل الإنسان السلاح وتكون له مسؤولية سواء كبيرة أو صغيرة يقع في نفسه تغير كبير وقوي بحيث لايبقى له عطف وفي بعض الأحيان يفقد التفكير في الانسان وفي بعض الأحيان حتى في اصدقائه واخوانه بل حتى في عائلته ولاتبقى له سوى المصلحة العليا التي هي انتصار المغرب ورجوع السلطان محمد بن يوسف.
سادسا: اضطررنا ان نحل الجماعة المذكورة وأخذنا السلاح الذي كان عند افرادها وانضم اعضاؤها الى لجنة الدعاية.
سابعا: اتصلنا بالأخ بدرب العفو الذي يتصل بمفتش الشرطة مولاي مبارك وطلبنا منه أن يعطينا جميع المعلومات التي دفعها المخبر إلى الكوميسارية وأجاب مولاي مبارك أن هذا المخبر كان يتصل بالمفتش الفرنسي بلير (Biller) ثم اتصلنا بالأخ وأمرنا ان يقول لمولاي مبارك أنه ملزم بإعطائنا جميع المعلومات التي أوصلها المخبر إلى الكوميساريا حول الجماعة بدرب كرلوطي والا فإنه مهدد بالقتل، وفعلا بعد نصف نهار جاء مولاي مبارك عند صديقه الأخ العضو في جماعة الحزب بدرب العفو (التهامي) وقال له إن المخبر لم يدفع سوى اسم المسؤول عن جماعة الفداء في درب كرلوطي وطلب منه المفتش الفرنسي بييي ان يتمادى في الاتصال بذلك العضو حتى يسلمه جميع اسماء الاعضاء الآخرين. وزاد مولاي مبارك قائلا أقسم لك ان هذا كل ما عند المفتش بييي، وجاء الأخ التهامي يبحث عن الأخ عبد السلام بناني من الساعة 8 إلى 10 ليلا في يوم 53/9/12 حتى وجده وأخبره بذلك، فأرسل عبد السلام بناني عن المسؤول عن الجماعة حتى وجده وأمره بالسفر إلى تطوان عاجلا على طريق سوق أربعاء الغرب حيث يتصل هناك بأحد أصحاب الأخ أحمد النجاعي ويرسله الى تطوان وفعلا سافر الأخ في سيارة خاصة
في تلك الليلة الى سوق أربعاء الغرب، وكان هذا الأخ هو أول من أرسلنا الى تطوان ولكنه لم يرتح له ضمير نظرا لشجاعته، فرجع الى البيضاء بعد ستة شهور وشارك مشاركة فعالة مع اخوانه في الفداء، فلم يرجع لداره لأنه كان عازبا بل استقر مع إخوانه في حي بوشنتوف إلى أن رجع السلطان ومنذ ذلك رجع الى داره.
وإنني لا أريد الاطالة على القراء بتفاصيل الحوادث فقد كان ذلك شيئا كثيرا جدا وسأكتفي بذكر البعض منها.
المقدم بنور الذي عين شيخ المقدمين منذ أسبوع وسلم له 4 من الحراس البلديين ليحرسوه حتى يدخل لمنزله. ثم تتبعه الإخوان حتى وجدوه خارجا من مكتب الخليفة الفاطمي الكائن بزنقة آيت يافلمان ما بين الساعة 30.6 والسابعة ومعه أربعة حراس مسلحين فجاء المسؤول عن الجماعة الذي كان يتتبع المقدم بنور عند الأخ عبد السلام بناني وسأله هل يوجد مسدس سري بدون صوت فأجاب الأخ عبد السلام سأبحث لك عن ذلك وفعلا كان وصلنا قبل ذلك داخل صندوق الأسلحة من تطوان اثنان من المسدسات الصامتة ولم ندفعهم لأحد لأننا لم نعرف كيفية استعمالهما، ولقد سلم الأخ عبد السلام بناني واحدا من المسدسين المذكورين الى المسؤول عن الجماعة وبعد تدريبه عليه في محل قرب عين الشق مع اخوانه أعضاء جماعته، بعد أسبوع قررت الجماعة تنفيذ الإعدام في المقدم بنور نظرا لنشاطه المستمر ضد الوطنيين وبحث عنه أعضاء المقاومة في درب السلطان، وفعلا في أحد الأيام في الساعة 7 ليلا خرج المقدم بنور مع 4 حراس من مكتب الخليفة بزنقة آيت يا فلمان وكان الشارع مملوءا جدا بالمارة وتابعه الاخوان حتى وصل لقرب الصيدلية وضربه المسؤول عن الجماعة ضربة قاضية اخترقت منه الظهر والقلب،
وظن جميع الحراس والمارة أن المقدم بنور قد أصيب بسكتة قلبية وسارع أحد الحراس بإخبار الخليفة الفاطمي والمراقب كصدا فصرحا بأنه كان دائما يشعر بمرض في قلبه، وحين وصلوا إلى المكان الذي ضرب فيه المقدم وجاءت سيارة الإسعاف وحمل الى المستشفى وجد عند الفحص أنه ضرب بمسدس وان القرطاسة دخلت من ظهره الى قلبه ومات أثناء نقله الى المستشفى.
وحين وصل الخبر الى الخليفة الفاطمي والمراقب كصدا أم الفاطمي بإلقاء القبض على الحراس الأربعة وفعلا ألقي عليهم القبض وبقوا محجوزين في مكتب الخليفة حتى صباح الغد فعندئذ حضر رجال الشرطة وبحثوهم فأكدوا أنهم لم يسمعوا شيئا ولا صوت المسدس وأنهم كانوا من الجنود يعرفون طلقات المسدس. ونظرا لكون الشارع كان مملوءا بالمارة وكانوا صحبة المقدم ربما لأنه بدين الجسم كان يمشي بالمهل، واستدعى الخليفة الفاطمي بعض التجار في زنقة آيت يا فلمان الذين وقعت الحادثة أمام متاجرهم فأكدوا جميعا أنهم لم يسمعوا شيئا حتى رأوا المقدم يغيب ويسقط فاقدا رشده. وقد تنكد الخليفة الفاطمي خصوصا وأنه كان ترقى في نفس الأسبوع في منصبه ووسعت له دائرة حكمه وصار يقوم بنشاط أكبر.
وجند جميع المقدمين والحراس للبحث عن الفدائيين وفي أحد الأيام كان الأخ عبد السلام بناني جالسا عند الأخ عبدالسلام الحيحي فجاء عندهم الخليفة الفاطمي وكان ذاهبا الى مكتبه وقال متوجها الى الأخ عبدالسلام بناني يمكنكم ان تعينونا وتأمروا هؤلاء القتلة بالكف عن قتل الناس امثال بنور، والبارحة ليلا فقط قتل خمسة أشخاص في مقاطعتي ولعلهم أبرياء فأجاب عبد السلام لعلهم أبرياء أو بياعة، نحن نتكلف بالسياسة ولا نتكلف بالقتلة كما ذكرتم، وها أنت ترى إننا عند الأخ عبدالسلام الحيحي نشرب الشاي كالعادة نتذاكر في مسائل سياسية، فقال الخليفة الفاطمي نعم نعم أننا نعرف انكم الان استأنفتم نشاط الحزب بالدارالبيضاء غير أننا الآن لايهمنا نشاط الحزب بل اهتمامنا كله واهتمام جميع الادارة بالدارالبيضاء متوجه للبحث عن هؤلاء القتلة، فأجاب عبدالسلام بناني: سيدي الخليفة تفضل واشرب معنا كأسا من الشاي، فقبل الخليفة وجلس واستمر الأخ عبدالسلام في كلامه وقال انني أعرف انك كنت جنديا مع الجيش الفرنسي في سوريا وكنت هناك في ابان الحوادث التي وقعت مع الفرنسيين فهل تشبه تلك الحوادث ما يقع الآن في المغرب؟ فقال الفاطمي: لا، لان السوريين
متقدمون على المغاربة من الناحية الثقافية وغيرها. ثم ان السوريين لم يقتلوا خلال الحوادث كلها ما قتل المغاربة منذ ثلاثة أسابيع فقال الأخ عبدالسلام بناني: ذلك لان المغاربة قد مسوا في سلطانهم وعائلته وهو محبوب جدا من لدن أفراد الشعب، فأجاب: نعم يمكن أن تكون هذه غلطة، على كل حال أرجوكم أن تنصحوا جميع الناس الذين تعرفونهم وربما قد يكون من بينهم هؤلاء القتلة أن يكفوا عن هذا العمل الذي لايوصل الى نتيجة، فسيأتي الجيش ويطوق جميع الأحياء وإذاك سيحصر الجميع في أحيائهم سواء كانوا من القتلة أو من غيرهم.
فأجاب الاخ عبدالسلام بناني: تقول العامة الذي يصيد الحوت ما يخاف على سرواله/ وانتهى الحديث وذهب الخليفة الى مكتبه، وامر الاخ عبدالسلام بناني احدى جماعات المقاومة بتتبع الخليفة الفاطمي الذي كان محروسا بكثير من الحراس البلديين، فذهبت هذه الجماعة المقاومة الى مدرسة الأميرة عائشة بالقرب من دار الخليفة الفاطمي وهددوا حارس المدرسة وأمروه أن يكتم السر أو يموت وصاروا يراقبون وصول الخليفة الى داره مدة ثلاث ليال حتى وجدوا الفرصة فقتلوه في باب داره وفي الحين خرجت امرأته وأبناؤه وكاتب دار الخليفة السيد المعزوزي الذي كان يسكن بالقرب من دار الخليفة فلم يجدوا أثرا للفدائيين، وكانت هذه صدمة أخرى للادارة بالدارالبيضاء فاشتد البحث عن الفدائيين وصارت مدينة الدارالبيضاء كلها رعبا وخوفا خصوصا رجال الادارة الموظفين ورجال الشرطة والحراس البلديين وصاروا يتقربون الى رجال الحزب ويستجلبون عطفهم عليهم، وصار كل واحد منهم يكرر هذه الكلمة أنا والحمد لله معروف لم أصب أحدا منهم بضرر منذ دخولي للادارة.
أما أصحاب الشرطة السريون فصاروا يتقربون الى جيرانهم وأقاربهم ويقولون اننا غلطنا في دخولنا مع الشرطة والآن سواء كنا من الذين لم يؤذوا احدا بسوء او كنا مثل المفتشين العبدي والمسكيني الذين يقومون بالاضرار بالوطنيين نحن الكل على سواء، ومازلت اذكر في أحد الايام صباحا كان الاخ عبدالسلام بناني قد نام عند الاخوان بدرب بوشنتوف وحين خرج في الصباح ذهب عند بائع الدخان مقابل مدرسة بوشنتوف بشارع السويسي فوجد العبدي مفتش الشرطة السرية فأخذ العبدي يد الأخ عبد السلام بناني حتى ظن الاخوان الذين يصاحبونه انه سيلقي عليه القبض وهيأوا سلاحهم لولا أن الاخ عبد السلام أشار إليهم بالهدوء وقال العبدي للاخ بناني: الله يعينكم على هؤلاء اولاد الحرام وهل تنظر يا أخي كيف هي حالتنا في الكوميسارية من الخوف والرعب، وزاد قائلا أما أنا فمتيقن بأنكم تعطفون علي في هذا الوقت خصوصا ان سيرتي مع الوطنيين كانت دائما حسنة، وهل تذكرتم سنة 1951 حيت كان عندكم اجتماع مهم في دار السيد احمد بن دلة واخبرتك بان تغير هذا المحل لان الشرطة كانت ستأتي وتلقي القبض على الجميع، كما أنني أعرف انكم غيرتم المحل وعوضتموه باجتماع في دار السيد محمد
بن الجيلالي بناني قرب مدرسة ليوطي ولم أخبر الشرطة بذلك وقلت لهم انكم تراجعتم عن الاجتماع وألغيتموه، فأجاب الاخ عبد السلام بناني يا السيد العبدي اننا نهتم الان باستئناف نشاط العمل داخل الحزب نظرا لكون جميع المسيرين يوجدون في السجن، ونظرا لكون رؤسائنا كلهم في السجن أيضا، أما أعمال الفداء فهذه شعلة انبثقت من الشعب ولانعرف عنها شيئا ونحن كذلك نمر في الشوارع وندخل الى ديارنا ونحن خائفون على أنفسنا.
قال العبدي انني أظن أن هذه الشعلة قد انبثقت من صفوف حزب الاستقلال، غير أنني أخفي ذلك في نفسي وأقسم بالله لك على أنني لا أذكرها للشرطة.
أجاب عبد السلام: هذا شغلك وانت المسؤول عليه وإنما أقول لك ألم يكفيك عدد المساجين من أعضاء حزب الاستقلال الذين يوجدون الآن في السجن ويعدون بعشرات الآلاف؟ قال العبدي ما أظن الشرطة الآن تريد القبض على اعضاء الحزب لانها مشغولة بالبحث عن الفدائيين، وأعانكم الله مرة أخرى ثم جاءت سيارة من نوع جيب للشرطة وأخذته، فطلب الاخوان الذين كانوا صحبة عبد السلام بناني الرجوع الى الدار التي ناموا فيها وبعدما أخبرهم عبد السلام بالحديث تقرر ان ينفذ قتل العبدي في أقرب وقت ممكن وفي أحد الأيام صباحا حين خرج العبدي من داره وذهب عند بائع الدخان كالعادة ليقرأ جريدة لوبوتي ماروكان ضربه أحدالفدائيين فسقط ثم اصطدم رأسه بحرف الرصيف فتكسر، فكانت له اصابتان: واحدة بالمسدس والأخرى بالرصيف، ومن الغريب أنه في الوقت الذي غاب فيه العبدي عن الوجود وصار ميتا جاء أحد الكلاب وصار يدور به ثم رفع كراعه وبال عليه فجاءت سيارة الشرطة كعادتها لأخذ العبدي فوجدوه ميتا وبعد هنيهة وصل رجال الشرطة وألقوا القبض على بائع الدخان الذي لم ير شيئا، ثم ألقوا القبض على عدد من الأفراد المشكوك فيهم. البعض حكم عليهم في دار الباشا لأنهم لم يروا
القاتل والبعض سرحوا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.