نتابع نشر مذكرات المرحوم عبدالسلام بناني التي يتابع فيها استعراض المحاكمات التي مثل فيها هو أو الجماعات الفدائية في البيضاء وفاسووجدة وهو يستمر في هذه الحلقة في الاشارة الى عبد السلام بضمير الغائب. وقد أدى الى تلك المحاكمات وقوع بعض الخلايا في أيدي الشرطة. وظن الفرنسيون بذلك أنهم تمكنوا من ايقاف مد العمل الفدائي وكانوا واهمين في ذلك لان العمل المسلح استمر طيلة سنتي 54 و 55 الى أن تحرك البحث عن تسوية سياسية لا يقبل أن يكون لها من نتيجة سوى عودة محمد الخامس الى العرش واعلان استقلال المغرب. استؤنفت المحاكمة وطفق القاضي ينادي على المتهمين واحدا بعد الآخر ودام ذلك يومين وبقي عبد السلام يقوم بالترجمة وفي اليوم الأخير ذهبنا إلى السجن وفي الساعة 11 ليلا جاء إلى المحكمة عسكري ليبلغ اصدار الحكم لكل محمد الراشدي: الاعدام مولاي الطاهر العلوي: الاعدام الفقيه: الاعدام غيابيا عبد السلام بناني البراءة وكان بداخل السجن في المكتب رجال الشرطة ينتظرون عبد السلام بناني فألقوا عليه القبض وحملوه إلى مركز الشرطة حيث بقي هناك عشرين يوما تحت العذاب من جديد حيث استؤنف التحقيق. وكانت الشرطة تتهمه بالمشاركة مع الاخوان محمد منصور ومولاي العربي في قضية السوق المركزية ثم مع الأخ الحسن العرائشي واتهم بصنع القنابل وحمل السلاح من فرنسا ثم قضية السلاح في مراكش حيث ألقي القبض على الاخوان أحمد بن ابراهيم والصديق الغراس ومحمد الخراز وعدة ملفات أخرى. وأثناء استنطاق عبد السلام بناني غاب عن وعيه وحمل إلى المستشفى العسكري حيث بقي فيه ثلاثة أيام تحت الحراسة الشديدة، ثم ارجع إلى مركز الشرطة وحملوه إلى المحكمة العسكرية حيث استقبله قاضي التحقيق بفرح وابتهاج وقال له عند دخوله إلى مكتبه: مرحبا برئيس حركة الارهاب في المغرب هل تعرف ان جميع اصدقائك مثل محمد منصور الذي يوجد الآن عند الشرطة بالرباط. والحسن العرائشي عند رجال الشرطة في باريس ثم الآخرون كلهم يعترفون بأنك أنت الذي تسلمهم السلاح والأوامر بل أنت رئيسهم. ج: سيدي القاضي أفضل أن لا أجيبكم حتى يحضر المحامي الذي سأختاره القاضي: لعله سيكون عميد المحامين بالرباط الأستاذ بيسيير، مثلما دافع عنكم في المرات الأخيرة وهذه المرة ليست كالمرات الأخيرة. ج: سأكون مستعدا لذلك الملف المقبل أو الملفات. س: بأي ملف تفضل أن تبدأ التحقيق الآن؟ ج: أفضل أن يكون بجانبي المحامي الذي سأختاره. س: الآن الساعة تشير إلى 3 بعد الزوال وأنت ذكي وقد قمت بدور مهم أثناء المحاكمة الأخيرة، فلماذا لا نشرع في التحقيق الآن، انني متيقن انكم لا تحتاجون إلى محام. ج: سيدي القاضي كنت أظن انكم حينما ترون حالتي الصحية وآثار الضرب التي احملها واثار الدم الذي يلوث جسمي وملابسي يكفيكم ان تروا وجهي كيف كان أثناء المحاكمة الأخيرة وكيف مازال من جراء الضرب، أقول انكم حين ترون ذلك ستكتفون بالسؤال عن الحالة المدنية فقط، غير انكم تريدون ان تستخرجوا مني الاعتراف بغير قانون، ولاحظت أيضا انكم تريدون ان تقولوني ما لم أقل للشرطة لأن عميدها كان يوجد عندكم في مكتبكم منذ ساعة أو أكثر. قال القاضي كن متيقنا يا سيد بناني إنني سأحضر في هذه المرة في تنفيذ إعدامكم بعد المحاكمة . ج: سيدي القاضي انني لا أبوح بما سأفعله في المستقبل. القاضي: ولا بما فعلتموه في الماضي والآن يمكنكم الرجوع الى السجن وسنستدعيكم عما قريب ، ونادى على رجال الشرطة فحملو بناني الى السجن المدني ، وحين وصل الى السجن قرر رئيس السجن أن يجعله في محل التمريض نظرا للحالة التي كان يوجد عليها، ومكث هناك أربعة أيام، وحين فحصه الدكتور Pachard الطبيب المكلف بالمرضى في السجن قال له: انني أتمنى ان أراك أنت وأصحابك في أسوإ من هذه الحالة، بل انكم تستحقون الموت والضرب بالقرطاس بدون هذه الخرافات من بحث ومحاكمات كما نفعل معكم الآن. أجاب عبد السلام: شكرا يا سيدي الطبيب وفي نهار الغد وصل إلى السجن الدواء الذي كان يستعمله عبد السلام دائما من مستشفى باريس، فدخل الطبيب بهذا الدواء عند عبد السلام بناني وسأل هل هذا الدواء لك، فقال نعم، فقال الطبيب انظر ما سأفعل بدوائك ورمى به إلى الأرض وجعل يدوسه بقدميه حتى كسر جميع الحقن التي بداخله ، وقال الطبيب لعبد السلام أنتم تقتلوننا وتقتلون الأبرياء وتريد أن أعطيك الدواء؟ هذا مستحيل ، قال عبد السلام بناني: سيدي الطبيب لا يمكن الكلام ولا التفاهم معكم لأنكم تتكلمون وتتحركون بأعصابكم، وعندما تكونون هادئين وتتملكون أعصابكم أريد أن أتذاكر معكم في شيء إذا تفضلتم بذلك وكان لديكم الوقت فقال الطبيب: ليس لي وقت للمذاكرة مع المجرمين مثلك، فقال بناني: كيفما كان الحال فشكرا على اهتمامكم وفي نفس اليوم أرسل تقرير من عبد السلام بناني من السجن حول الحديث الذي جرى بينه وبين الطبيب وقضية الدواء الذي تم الحصول عليه باشارة من الأطباء الاخوان الدكاترة محمد الحلو ومحمد بناني حتى فعلوا مجهوداتهم لارسال ذلك الدواء إلى السجن المدني بالبيضاء. وفي ليلة نفس اليوم ذهب بعض الاخوان من اعضاء حركة المقاومة إلى منزل الطبيب فوجدوا زوجته وهددوها بالقتل هي وأولادها وزوجها إذا ما استمر في تشدده مع اخواننا في السجن، خصوصا عبد السلام بناني وقصوا عليها قضية الدواء. وفي صباح الغد أخبر عبد السلام بناني بما تم مع امرأة صحبة الحراس الذين يدخلون إلى السجن في الساعة 7 صباحا وفي الساعة العاشرة صباحا جاء الطبيب عند عبد السلام بناني وكان هذا الطبيب قد تحول من خبيث إلى طيب ومن رجل جلاد إلى رجل طبيعي وقال عبد السلام لقد قلت البارحة انك تريد المذاكرة معي، ففي أي موضوع؟ قال: في شأن تطبيق مهنتكم الشريفة حول حالتي الصحية، هل ما ترون ذلك؟ قال الطبيب: لعلك كنت تريد المذاكرة في شيء آخر، فقال عبد السلام: وهل يوجد شيء أكثر من الحالة التي توجد عليها، وزيادة على ذلك فإنني مهدد بالشلل في العضلات وأحس بأن قلبي يبقى كما كان بعد التعذيب عند البوليس وأمر الطبيب الممرض بأن يسلم له جميع الأدوية المطلوبة وأمره بالخروج ثم بقي الطبيب الممرض بأن يسلم له جميع الأدوية المطلوبة وأمره بالزوج ثم بقي الطبيب مع عبد السلام، قال الطبيب: انني أريد أن أصارحك بشيء وهو انه أمس ليلا جاء عندي لداري ثلاثة أفراد مسلحين وهددوا زوجتي وأبنائي ولا أدري هل أخبر بذلك رجال الشرطة أم ستعينني أنت على ذلك؟ عبد السلام: أنا أعينك؟ كيف فكرت في ذلك؟ انسيت انني في السجن وفي محل التمريض، بعيد عن جميع الاتصالات وليس عندي اتصال ولا خبر بما يقع في خارج السجن. الطبيب: لست من المغفلين، فان الأشخاص الذين جاؤوا عند زوجتي ذكروا اسمك. عبد السلام: ممكن أن يكون ذلك، غير انكم كسرتم علب الدواء أمام الجميع والحراس شهدوا وانني لم أغادر محلي منذ دخولي اليه وانني تحت الحراسة المستمرة 24 ساعة على 24 ساعة. الطبيب: هذا لا يهمني، انني استعطفك وأطلب منك الأخذ بيدي. عبد السلام: أطلب منكم مهلة 24 ساعة حتى أفكر في حل هذه المشكلة، انما لعلكم تعرفون ان البوليس لا يزيد في الجو الا تعكيرا. الطبيب: أعطيك كلمة الشرف بأنني لن أخبر أحدا، وحتى اذا أردت انا فان زوجتي منعتني وأعطيتها كلمتي قبل خروجي صباح اليوم من منزلي/ وفي الساعة 12 ارسل عبد السلام تقريرا بذلك وطلب عليه في الساعة 2 منه ان يقول للطبيب ان يتصل بالسيد احمد الصباغ الذي له محل صغير لاصلاح السيارات مقابل السجن ويقول الطبيب للسيد احمد انا مرسل من عند عبد السلام بناني فيسأله السيد احمد عن صحته فيجيب الطبيب انه بخير وفي صباح الغد جاء الطبيب عند عبد السلام بناني وقال له ماهي النتيجة؟ هل تعلم انني وعائلتي لم ننم في هذه الليلة، فقال بناني: سيدي الطبيب والله لا أدري هل سأخاطر بالشخص الذي سأرسلكم عنده وسيكون في ذلك خطر عليكم وعلى عائلتكم. قال الطبيب: انني أؤكد لكم السر والكتمان. وفعلا أرسله بناني عند السيد احمد الصباغ فقال له انني مرسل من طرف عبد السلام بناني فسأله عن حالته الصحية فأجاب انه بخير، وفي نفس اليوم ليلا تم إرسال جماعة من خمسة أفراد ذهب واحد من الجماعة عند زوجة الطبيب بينما كان اي الأربعة الآخرون يحرسونه حراسة شديدة. وأبلغ الأخ لزوجة الطبيب انه إذا استمر في عمله مثل اليومين الاخيرين فانه لن يقع له شيء ولا لعائلته، وكان هذا الأخ من الثلاثة إخوان الذين ذهبوا عندها في أول مرة وكان يحسن التكلم باللغة الفرنسية، فشكرته زوجة الطبيب وقالت ياسيدي كن على يقين من أنني سأرغم زوجي على الاستمرار في عمله مثل الأيام الأخيرة ولايهتم إلا بالمسائل الطبية. وفي صباح الغد جاء الطبيب عند الأخ عبد السلام وشكره وقال ستخرج غدا من محل التمريض وتذهب مع أصدقائك ويمكنك أن تأتي كل يوم للعلاج، لأن المسألة تتطلب أياما كثيرة. وبعد أيام جاء رجال الشرطة إلى السجن وأخذوا عبد السلام بناني وجعلوه في سيارة سيطروين تحت كراسي الوراء وتحت أقدامهم وعيناه محدودتان بضماد ومكتف اليدين والرجلين وذهبوا به إلى مقر الشرطة بالرباط حيث كان يوجد الإخوان محمد منصور والحسن العرائشي ومولاي العربي صاحب الضيعة. وبعدما وقع الاتصال بين الإخوان محمد منصور والحسن العرائشي ومولاي العربي من جهة والأخ عبد السلام بناني من جهة أخرى نام الجميع في مقر الشرطة وفي الغد جاء عدد كبير من رجال الشرطة وصار كل جماعة بالسيارات والسلاح الوافر تأخذ واحدا من الإخوان من مقر الشرطة بالرباط إلى المحكمة العسكرية بالدار البيضاء عنذ قاضي البحث وكانت الطريق مابين الرباطوالدار البيضاء مملوءة برجال الدرك الذين يهيئون المرور، وحين وصلنا جميعا عند قاضي البحث لم يكن له الوقت الكافي فامر بارسالنا إلى السجن المدني، وسلمنا البوليس الى رجال الدرك وكان من بينهم عالم جزائري، فاتفقنا مع اصدقائه الدركيين الآخرين واجتمعنا مع عائلاتنا حيث كانت توجد: حرم الاخ محمد منصور السيدة فريدة، وحرم الاخ عبد السلام بناني السيدة عائشة، حرم الأخ مولاي العربي واخت الاخ الحسن العرائشي، ورغم العذاب فقد بعث فينا هذا الاجتماع بعائلاتنا تشجيعا وحيوية، وطلب الإخوان منصور وعبد السلام بناني من حرميهما ان تسكنا في محل واحد وتأكلا طعاما واحدا وتعيشا كالأختين حتى ياتي الله بالفرج وينتصر المغرب أو نموت من أجل حرية المغرب العزيز واستقلاله، وفعلا نفذت السيدتان عائشة وفريدة هذا الأمر ولم تعترفا حتى أطلق سراح بعليهما. المحاكمات في تاريخ 7 نونبر 1954 ابتدأت محاكمة الاخوان حمان الفطواكي ومبارك بن بوبكر من أجل قتل المراقب المدني طيفان ومونبي المراقب لذى الحكومةوجرح الجنرال هو طفيل رئيس دائرة مراكش جرحا خطيرا. وكانت هذه المحاكمة من ابشع المحاكمات ولم يسمح بالدخول لقاعة المحكمة سوى الذين يحملون بطاقة خاصة تسلم لهم من الباشا الكلاوي وكل الحاضرين يقومون في نفس الوقت بدور الشهود ضد المتهمين. ومنعت المحكمة المتهمين من أن يصرحوا أو يعبروا عن أفكارهم كما يخول ذلك لهم القانون. وسأل رئيس المحكمة الاخ حمان الفطواكي ولم يعطه الفرصة للجواب وكان الترجمان لايحسن الترجمة بل لايفقه شيئا، وعلى كل حال فقد استطاع الاخ حمان ان يصرح بقوله: أطالب بأن أسأل لماذا قمنا بهذا العمل ولسنا من القتلة بل نحن من الفدائيين المخلصين. الرئيس هذا لايهمنا وإننا نكتفي بمحاكمة القتل. الاخ حمان: اطلب أن أسأل عن الأسباب التي حملتني على القيام بهذا العمل. الرئيس: انت تحاكم على اعمال إجرامية أما الكيفية فلا تهمنا. الاخ حمان: أطلب أن أسأل عن الأسباب التي دفعتني لأقوم بهذا العمل. الرئيس: لسنا هنا في اجتماع سياسي. الاخ حمان: أريد أن أصرح لأي سبب قمت بهذا العمل وسنصل الى احقاق الحق عوضا من أن تقطع الاستنطاق أطرافا أطرافا. الرئيس: هذا ليس موضوع المحاكمة الأخ حمان: هل تريدون أن أشرح لكم حقيقة هذا العمل وأوضح لكم معنى الخيانة، فالخونة هم الذين هاجموا سلطاننا محمد بن يوسف وهاجموا ديننا، وهم الذين غلطوا الفرنسيين والمغاربة، ويوجد أيضا من بين الفرنسيين خونة، أولئك الذين اعانوا الكلاوي ضد سلطاننا فهم الذين مزقوا عقد الحماية، والان لم تبق عندنا ثقة في فرنسا، إلا أنه مازال هناك بعض الفرنسيين يحبوننا ونحبهم. وكان دفاع الأساتذة شارل لوكران وعبد الله العمراني من أصعب مايكون، الى درجة أن اضطر الاستاذ لوكران ان يغادر قاعة المحكمة بسبب الظلم وعدم تطبيق أي قانون وبقي في الدفاع الاستاذ العمراني الذي وقعت بينه وبين رئيس المحكمة عدة حوادث في شأن الدفاع والترجمة وفي الاخير طلب رئيس المحكمة من المتهمين هل عندهم شيء يقولونه في الأخير. الأخ حمان: بما أنكم لم تعطونا فرصة الكلام والدفاع عن أنفسنا فنفذوا فينا القتل عاجلا. الأخ مبارك: هذه عدالة الدكتاتورية التي تجعل على أفواهنا سلاسل حتى لا نتكلم، وأخيرا حكمت المحكمة بالإعدام على أربعة من الإخوان و5 سنوات سجنا على الآخرين، وفي نفس هذا الشهر (نونبر 1954) قامت اليد الحمراء بقتل السيد عبد الكريم الديوري، والطاهر السبتي ثم وقع اختطاف أربعة من المغاربة يسكنون بالقرب من درب السلطان ووجدوا مقتولين بتيط مليل في ناحية البيضاء. 1955/1/8: محاكمة الاخوان محمد منصور وكان محكوما عليه بالاعلام من قبل. الحسن العرايشي: كان محكوما عليه بالإعدام من قبل. عبد السلام بناني وكان قد حكم عليه بالبراءة من قبل. وألقى عليه البوليس القبض وهو بداخل السجن. مولاي العربي بن عبد القادر الحسين سرحان بتهمة قنبلة السوق المركزية بالدار البيضاء وقتل أربعة من رجال البوليس. س : من رئيس المحكمة للأخ عبد السلام بناني: أرى أنكم تأتون مرة أخرى الى هذه المحكمة ولعلكم ستأتون مرارا أخرى. ج: الاخ عبد السلام بناني: لعل أعضاء المحكمة المحترمين يعجبهم موقفي إزاء المحاكمة. الرئيس: لا، إنكم تمثلون أمام العدالة في هذه المحكمة ج: سيدي الرئيس، أي عدالة هذه؟ الرئيس: العدالة الفرنسية العسكرية. ج: سيدي الرئيس بكل احترام للفرنسيين ذوي الفكر الحر بفرنسا، لا إلى فرنسيي المغرب الذين يتألفون من أب ولد في وهران وأم اسبانية أو برتغالية ولا يهمهم من فرنسيتهم سوى أن يكونوا من المعمرين في المغرب وأننا نعرفهم بأسمائهم مثل مارتينيس وغنساليس، فأقول أنا لست فرنسيا وإخواني الذين هم معي في هذه المحاكمة ليسوا فرنسيين ولا عسكريين فكيف - سيدي الرئيس - تحاكموننا بعدالة ليست عدالتنا وفي محكمة لسنا تابعين لجيشها، فهل هذه هي الحرية والمساواة والإخوة شعار فرنسا؟ سيدي الرئيس، هل من العدالة والحق أنكم افتتحتم جلسات هذه المحكمة في صباح يومه باسم رئيس الجمهورية الفرنسية الذي أقدر شخصيته بكل احترام، اذكرك ياسيدي الرئيس بأننا نوجد في المغرب، بلاد ليست مستعمرة فرنسية وإنما هي تحت حماية الجمهورية الفرنسية منذ سنة 1912 وما أظن أن من حق الحامي أن يصل لمثل هذه المحاكمات والمخالفات. الرئيس: لدينا القوانين الكافية لمثولكم أمام المحاكم العسكرية، وألاحظ أنكم لاتستخدمون في حركاتكم الإرهابية سوى العملة ورجل الشارع. ج: سيدي الرئيس، يوجد في حركاتنا الفدائية العامل ورجل الشارع والتاجر والمثقف والشاب والعجوز وكل أفراد الشعب المغربي بعد أن اختطف سلطاننا محمد بن يوسف وهذه شعلة من الشعب المغربي ولاتردعها أعمال البوليس ولا المحاكمات العسكرية. الرئيس: بأعمالكم الإرهابية هذه هل تصلن الى أي شيء؟ ج: الى رجوع سلطاننا محمد بن يوسف الى عرشه واستقلال المغرب. سيدي الرئيس، لسنا أول من قاموا بأعمال المقاومة في العالم بل اننا نطبق ما قام به اخواننا الفرنسيون الاحرار حين كانوا محتلين من لدن النازية الألمانية خلال الحرب الأخيرة. وقد كللت أعمالهم بالنجاح. وهل لا يوجد الآن بين أعضاء الحكومة الفرنسية وزراء كانوا في صف المقاومة، مثل السيد جورج بيدو وزير الخارجية السابق الذي كان استاذا من قبل وغيره. وهنا وقع حادث ومخالفة عدلية حيث قام أحد العسكريين من أعضاء المحكمة وقال مباشرة وبدون أن يطلب الكلمة من الرئيس للاخ عبدالسلام بناني: ليس لكم الحق أن تتكلموا في شأن وزرائنا وعلى مقاومتنا للاحتلال الالماني وليس هناك أي مقارنة ممكنة بين مقاومتنا وإرهابكم هذا. عبدالسلام بناني: سيدي الرئيس انني أحتج بكل ما يخوله لي القانون على هذه المخالفة التي ارتكبها هذا العضو المحترم بحيث ليس له الحق في التكلم مع المتهمين إلا بأمركم وعلى لسانكم وأنصح السيد العضو بأن يراجع القانون العسكري ولسنا هنا نطبق الاشغال اليومية في ثكنة عسكرية بل تطبق علينا عدالة رغم كوننا لسنا من أبنائها. الرئيس امر الأخ عبدالسلام بالجلوس في مقعده ورفعت الجلسة من أجل النظر في هذه المخالفة، وبعد المحاولة استدعى رئيس المحكمة الاستاذ المحامي بيسيير الى مكتبه وبعد وقت قليل خرج الاستاذ بيسيير ودخل مع عبد السلام بناني الى مكتب خاص وقال له: ان الحالة الان متعصبة جدا، واذا فتحنا ملف هذا العضو المخالف فسينظر جميع العسكريين الى هذه المحاكمة والى المحاكمات الأخرى نظرة سيئة، وأنتم تعرفون موقف العسكريين واذا كنتم متفقين فإنني سأطلب تغييرهذا العضو أو اترك للمحكمة الصلاحية. عبدالسلام بناني: سيدي الاستاذ أنتم محام وتدافعون عن حقوقي وأنتم أدرى مني فيما نعمل إزاء ارتكاب ذلك العضو المخالفة. ثم خرج أعضاء المحكمة وحين رفعت الجلسة اتفق على استئنافها صباحا في الساعة 8. وحين وصل عبدالسلام بناني الى السجن جاء عنده الأستاذ بيسيير واتفق معه على كيفية الدفاع، وفي صباح يوم الغد حين افتتح رئيس المحكمة الجلسة لاحظ الأستاذ بيسيير تغيير العضو المخالف بعضو آخر فشكر رئيس المحكمة وابتدأت المحاكمة. نادى الرئيس على الحسن العرائشي فقال انني أحتج لأن محامي لم يستطع الدفاع عني، وإنني أطالب برجوع سلطاننا سيدي محمد الخامس وليس بقتل الفدائيين والمقاومين نصل الى التفاهم. الرئيس: نادى على محمد منصور، حيث قال إنني قد حكم علي بالاعدام من قبل وكل هذا سببه هو خلع سيدي محمد الخامس ونطالب برجوعه وإن لم يكن ذلك فإننا سنقاوم حتى الموت لنا جميعا. الرئيس: نادى عبدالسلام بناني حيث قال: ليس لي ما أزيد على تصريحاتي الأخيرة غير انني متأسف جدا على كون هيئة الدفاع من المحامين المحترمين لم يمكنهم القيام بالدفاع عنا كما يجب بسبب العراقيل التي نصبتهم لهم المحكمة خصوصا بعدما احتج وخرج من قاعة المحكمة الاستاذ شارل لوكران الذي كان يدافع على أحد إخواني، وأخيرا أشكر هيئة الدفاع على موقفها ودفاعها. وبعد المداولة خرجت المحكمة وقرئ نص الحكم على الاخوان: محمد منصور: الاعدام مرة أخرى الحسن العرائشي: الاعدام مرة أخرى عبدالسلام بناني: الاشغال الشاقة المؤبدة. مولاي العربي: الاشغال الشاقة المؤبدة. محاكمة الاخوان بفاس اجتمعت المحكمة العسكرية بفاس من تاريخ 23 مارس الى 2 أبريل 1955 للنظر في قضية الاخوان: عبدالله الشفشاوني علال الودييي أحمد الجاي الاستاذ بجامعة القرويين عبدالسلام السباعي أستاذ محمد الجندي أستاذ محمد الزرقطوني من الدارالبيضاء البشير شجاع الدين أحمد الصنهاجي عبداللطيف غنام، بتهمة المشاركة في حوادث القتل التي وقعت في شهر مايو ويونيه 1954 بفاس حيث وقع قتل عبدالسلام الحلو بائع الدخان ومحاولة قتل الخليفة البغدادي الذي كان قد جرح في كتفه قبل سنة من محمد الزرقطوني الذي توفي في شهر يونيه 1954 بمقر البوليس بالبيضاء وكان الزرقطوني الذي نظم هذه الحوادث، وبعد الاستنطاقات والبحث جاء دور الدفاع فقال الاستاذ لروي الذي يدافع عن الأخ البشير شجاع الدين حيث قال انكم تتهمون السيد البشير الذي لا ذنب له سوى أنه يعرف السيد محمد الزرقطوني منذ الصغر وكان يسكن عنده كصديق ومريض جاء الى فاس ليذهب الى سيدي حرازم من أجل العلاج، وبعد تعذيب السيد البشير عند رجال البوليس اخرجوا منه جميع الاسرار عن تحركات السيد محمد الزرقطوني ، ثم حمل السيد البشير الى الدارالبيضاء ليعطي العناوين المزورة، ووقعت حوادث بين المحكمة والدفاع وفي الاخير وقع اصدار الحكم على الاخوان: عبدالله الشفشاوني: الاعدام علال الودييي: الاعدام الاستاذ أحمد الجاي الاشغال الشاقة المؤبدة أحمد الصنهاجي 20 سنة مع الاشغال الشاقة البشير شجاع الدين 10 سنوات سجنا عبدالسلام السباعي 4 سنوات سجنا محمد الجندي 3 سنوات سجنا عبداللطيف غنام 2 سنتان سجنا من تأجيل الحكم فأما الاخوان الشفشاوني والودييي فقد نفذ فيهما الاعدام في يوم 2 غشت 1955، وأما الأخ الزرقطوني فلم يصدر عليه الحكم نظرا لكونه كان انتحر من قبل. محاكمة أخرى بالبيضاء وفي يوم 3 مايو 1955 انعقدت المحكمة العسكرية بالدارالبيضاء ولاشك هذه الجلسات كانت هي الأخيرة للنظر في قضية الاخوان من الحزب الديمقراطي PDI أحمد بن البشير الوديي الذي صرح بعد تعذيبه للبوليس بجميع أسرار جماعته منهم الحاج بوشعيب الطرنور، وحين سأل رئيس المحكمة أحد المتهمين أجابه قائلا نحن مغاربة ونريد أن نحاكم من لدن محكمة مغربية، ولم يجب أسئلتهم وفعلا لزم جميع المتهمين الصمت، وبعد الدفاع أصدرت المحكمة حكمها على الاخوان أحمد بن البشير والوديي بالاعدام. عبدالقادر بن ج، بوشعيب الطرنور 5 سنوات سجنا بتأجيل التنفيذ. وفي تاريخ 29 نونبر 1954 الى 9 دجنبر 1954 عقدت المحكمة العسكرية للقوات الفرنسية اجتماعها في مدينة وجدة لمحاكمة الاخوان الذين قاموا بالمظاهرة والقتل يوم 16 غشت 1953 وكان عددهم 96 متهما وعقد الاتهام هو مايلي: في يوم 16 غشت 1953 نظمت مظاهرة مسلحة في وجدة، وبعد بضع دقائق قتل 26 فردا من بينهم 3 عسكريين من القوات الاجنبية ومفتش الشرطة، وقد جاء في تصريح الاستاذ لوكران في وقت الدفاع أنه مات أكثر من الف شخص في المظاهرة وقد كانت المحكمة تحاول أن تلصق تهمة هذه المظاهرة والمسائل التي وقعت فيها الى مسيري حزب الاستقلال بوجدة خصوصا الاخوين عبدالله بن عبدالوحد وعبدالرحمن حجيرة. وقبل المحاكمة كتبت جريدة لورور في 1953/10/6 أن الامير مولاي الحسن ابن السلطان محمد بن يوسف هو الذي أعطى الامر الى وجدة لتنظيم حوادث وجدة وبعد أيام الاستنطاقات والدفاع وكثرة الحوادث وقعت بين أعضاء هيئة الدفاع والمحكمة وفي تاريخ 10 دجنبر 1954 أصدرت المحكمة العسكرية حكمها على الاخوان: 11 فردا حكم عليهم بالاشغال الشاقة المؤبدة 19 فردا حكم عليهم بالاشغال الشاقة لمدة معينة 29 فردا حكم عليهم بالاشغال الشاقة لمدة خمس سنوات 8 أفراد حكم عليهم بالاعدام حضوريا 11 فردا حكم عليهم بالاعدام غبابيا وعفا رئيس الجمهورية الفرنسية على ثمانية أفراد كانوا حكم عليهم بالاعدام. الحلقة 7 يوم الأحد القادم