لم يقترن، اسم لطيف لحلو بإنجاز أفلام جيدة في الماضي، ماعدا شريطه القصير «سين أغفاي» الذي أخرجه سنة 1970 بالألوان، والذي يجسد من خلاله هموم رجال ونساء البادية في بحثهم الدائم عن الماء. أما أفلامه الطويلة «شمس الربيع» (1969) و«غراميات» (1986)، فلم تترك أثرا واضحا على مسيرة السينما المغربية التي يعتبر لطيف لحلو، أحد مؤسسيها، هو الذي ينتمي إلى الرعيل الأول من السينمائيين المغاربة. اقتصاد في الحوار وبلاغة في الصورة لكن بإنجازه شريط «سميرة في الضيعة» سنة 2007، وعمره يناهز السبعين، يكون قد رد لنفسه الاعتبار ولو في سن متأخرة، وأخرج شريطا أزال من خلاله الضباب الذي اكتنف مسيرته السينمائية الطويلة، إذ يعد «سميرة في الضيعة» نقطة مضيئة في سماء الفن السابع في بلدنا. مايميز شريط «سميرة في الضيعة» أساسا هو الإيقاع الذي اعتمده المخرج منذ البداية، فهو إيقاع يخالف إيقاع «غراميات»، لكن يقترب من إيقاع «شمس الربيع» في بطئه وقلة شخوصه، لقد اختار لحلو لهذه القصة البسيطة والمتمحورة حول الثالوث الكلاسيكي، زوج وزوجة وعشيق، التي متعت أنظرنا منذ عقود عبر أفلام غربية وعربية. فلنتذكر «زوجتي والكلب» لسعيد مرزوق و«جول وجيم» لفرانسوا تروفو، وهما فيلمان رائعان يجسدان بقوة ا لثالوث المذكور. لقد نال شريط «سميرة في الضيعة» إعجاب الجمهور والنقد والصحافة جميعها، أثناء عرضه لأول مرة خلال الدورة التاسعة للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، كما خلال نزوله إلى القاعات السينمائية والتي مكث بها عدة شهور، ونفس النجاح مازال يحققه خلال عرضه الأخير بالقاعات، وما يميز «سميرة في الضيعة» عن العديد من الأفلام المغربية، هو الاقتصاد الذي اعتمده لطيف لحلو في الحوار. تاركا الفرصة للتعبير عبر الصورة، معتمدا على الممثلين ليظهروا ما بجعبتهم من مواهب تعبيرية وقدرتهم على تحريك الجسد والنظرات. كما اهتم بصفة خاصة بالمونتاج الذي يعتبر لغة سينمائية ثانية، والذي من خلاله استطاع لحلو، أن يمنح لفيلمه خطابا فعالا وسردا سلسا وواضحا يمكن الجميع من متابعة الأحداث دون عناء. وهكذا يكون «سميرة في الضيعة» فيلما يعتمد أساسا على الممثلين، في مقدمتهم محمد خيي الذي يتنقل من فيلم لآخر، متقمصا هنا دور شاب يافع، ومجسدا هناك دور رجل متقدم في السن، مبرهنا على قدرته الفائقة في اقتحام الشخصيات المركبة، ومن بينها دوره البارز والمحوري في «سميرة في الضيعة» ونفس الملاحظة تقريبا تسري على الشخصيتين الرئيسيتين: دور الزوجة الذي أدته سناء موزيان بامتياز ودور الشاب العاشق الذي تقمصه دون عناء يوسف بريطل ونال عنه جائزة أحسن دور ثانوي في المهرجان المذكور. لقد مثل شريط «سميرة في الضيعة» المغرب في عدد من المهرجانات الدولية، آخرها جائزة السيناريو في مهرجان الأسكندرية. ويكون قد مثل المغرب أحسن تمثيل، لأن هذا الفيلم يستحق أكثر من جائزة إذا أخذنا بعين الاعتبار الأداء الجيد للممثلين (جائزة أحسن ممثل لمحمد خيي - جائزة أحسن دور ثانوي ليوسف بريطل) وجائزة الإخراج، إضافة إلى جائزة السيناريو بمصر. ومما لاشك فيه أن العناصر المكملة للفيلم، من موسيقى ومونتاج تستحق بدورها التقدير.