تضمن كتاب " في رحاب الأسماء المحمدية العطرة " للصديق بوعلام ، والذي صدرمنتصف االسنة الماضية عن دارأبي رقراق للطباعة والنشرفي الرباط شرحا وتفسيرا لدلالات أسماء النبي صلى الله عليه وسلم التي جاوزت في هذا الكتاب مائتي اسم، كما اشتمل على استجلاء للآثارالتربوية والروحية لهذه الأسماء الكريمة . وهو، بكل هذا، مرآة صقيلة تعكس شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم وأخلاقه العظيمة، باعتبارأن كل اسم من الأسماء المحمدية يدل على صفة سنية ويشيرإلى خصلة حميدة من صفات وخصال النبي صلى الله عليه وسلم. يقول المؤلف : " من جمال أسماء النبي صلى الله عليه وسلم أنها تدل على صفات الكمال والسموورفعة المقام. فهي أسماء سؤدد وجاه، أو أسماء هداية وإرشاد، أو أسماء رحمة ورأفة، أو أسماء كرم وجود، أو أسماء عبودية ومحبة، أو أسماء شجاعة وجهاد. وكل قسم من الأسماء المحمدية يدل على صفات متجانسة هي في أعلى المراتب وأرفع الدرجات التي خص الله عز وجل بها حبيبه المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، بحيث لو ا جتمع فضل صفات الخلائق السامية بأسرها في كفة، وفضل صفات وشمائل النبي صلى الله عليه وسلم في كفة، لرجحت كفة المصطفى عليه الصلاة والسلام، ومعاني الأسماء المحمدية تبين ذلك أجلى بيان. لكن ليس الغرض مجرد البحث عن وجوه التطابق بين دلالات أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ومعانيها من جهة، وأخلاقه وشمائله الكريمة كما يخبرنا بها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من جهة أخرى. بل الغرض علاوة على ذلك هو مزيد التفقه في تلكم المعاني والدلالات للفوائد الجليلة التي سبق بيانها. إن أسماء النبي صلى الله عليه وسلم تدل على صفاته الكريمة التي أكرمه الله تعالى بها : من يقين راسخ، وإيمان كامل، وعقل راجح، وعلم واسع، وفصاحة عليا، وبلاغة سامية، وحلم كريم، وصبرجميل، وحياء جليل، وصدق عظيم، وأمانة كبرى، وجمال باهر، وسيرة عطرة، وشجاعة فريدة، وقناعة كريمة، وزهد حكيم، ومحبة إلهية، وأنس فياض، وتبتل مخلص، وشوق خالص. كما أن الأسماء المحمدية تنبئ عن مقام المصطفى العالي وجاهه العظيم عند الله عزوجل. فهي أسماء خيرالأنام وأكرم الخلق على الله، وهي جماع صفاته السامية التي تقتضي وتستوجب من كل الخلائق حمده في السماء والأرض" ( ص49). وساق المؤلف قول القاضي يوسف بن إسماعيل النبهاني في " الأنوارالمحمدية من المواهب اللدنية" : " اعلم أن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، وقد سمى الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم بأسماء كثيرة في القرآن العظيم وغيره من الكتب السماوية وعلى ألسنة أنبيائه عليهم الصلاة والسلام. وقد تعرض جماعة لتعدادها وبلغوا بها عددا مخصوصا فمنهم من بلغ تسعة وتسعين كعدد أسماء الله الحسنى الواردة في الحديث. قال القاضي عياض : " وقد خصه الله تعالى بأن سماه من أسمائه الحسنى بنحومن ثلاثين اسما". وقال ابن دحية: إذا فحص عن جملتها من الكتب المتقدمة والقرآن والحديث وفت الثلاثمائة". وقال أبوبكربن العربي : قال بعض الصوفية: " لله تعالى ألف اسم وللنبي صلى الله عليه وسلم ألف اسم". وذكرمنها صاحب " المواهب" التي هي أصل هذا الكتاب ما يزيد على أربعمائة اسم" . إن النبي صلى الله عليه وسلم منبع كل تخلق للمسلم بالأسماء المحمدية لأنه رحمة للعالمين. فهو صلى الله عليه وسلم نور، وهي نبراس نوره. فحياته الكريمة مصداقها، وسيرته العطرة مجلاها. كما أنها تتضمن معالم هذه السيرة، ومناقب الشمائل الفيحاء والأخلاق الطاهرة. وتشيرإلى آيات ومعجزات، وتنبه على أسرارولطائف إشارات، وهي بكل ذلك تدل على مقام النبي الأكرم، وتصف سناء محله الأفخم، وقد اختارها العلي الأعلى لرسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم ، فكانت نوعا آخرمن التنويه بعظيم قدره، وعنوانا على أنوارحياته الشريفة، وإشارات إلى حقائق خصاله المنيفة، وعلامات على شمول رحمته وعموم رأفته. ليس يحيط الحصربمعانيها الفياضة، ولا تنقضي عجائب دلالاتها الكريمة، ولا غرو، فهي أسماء أحب الخلق إلى الله وأكرمهم عليه صلى الله عليه وسلم دائما أبدا.