ترجح مصادر سياسية في الجزائر أن يكون لرئيس الوزراء السابق مولود حمروش دور مؤثر في المرحلة القادمة، وذلك على خلفية مغازلته الأخيرة للمؤسسة العسكرية وتأكيداته المتكررة عن دورها في خروج البلاد من الأزمة. وقالت المصادر إن حمروش ربما يكون رئيس الوزراء المقبل الذي يقود البلاد للخروج من الأزمة التي تعيشها في ظل مرض الرئيس وصراع الأجنحة داخل قصر الرئاسة من جهة، وبين القصر والمؤسسة العسكرية من جهة أخرى. وكان مولود حمروش، قد غادر تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي (تحالف معارض)، رغم حضوره لقاءها التأسيسي الصيف الماضي، كما لم ينخرط في لجنة التشاور والمتابعة التي انبثقت عن التحالف وقطب التغيير الذي يتزعمه رئيس الحكومة السابق، علي بن فليس. وإن لم يتبنّ حمروش قطيعة معلنة مع تحرك المعارضة، فإن الاختلاف كان واضحا بين الطرفين، فيما يتعلق بدور المؤسسة العسكرية في تعبيد طريق الانتقال الديمقراطي، ومسألة الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها. وفيما ذهبت المعارضة بشكل مباشر لرفض أي دور للمؤسسة العسكرية في صناعة المشهد السياسي، بدعوى أن الجيوش لا تصنع الديمقراطية، ودعت لتحييد المؤسسة عن التجاذبات السياسية، فإن حمروش بقي متمسكا بدور الجيش في إسناد الطبقة السياسية للوصول إلى خريطة طريق توافقية، ويؤكد على شمولية إصلاح النظام، بدل ترقيعه بالاستحقاقات الانتخابية. رعاية المؤسسة العسكرية للانتقال وأكد حمروش في آخر لقاء له عقده بأنصاره في سيدي بلعباس (500 كلم غربي العاصمة) أن "الجيش ليس مؤسسة لدى السلطة، بل مؤسسة في الدولة، فهي مؤسسة كل الجزائريين، ومهمتها حمايتهم ". وحصر دور المؤسسة فيما أسماه "المدى الآني والمدى المستقبلي"، وإن توقع أن يكون دورها في المستقبل سهلا، فإنه يستوجب في المدى الحالي، القيام بأعمال معينة، في إشارة إلى ضرورة إسنادها الطبقة السياسية والسلطة لتحقيق توافق ديمقراطي. وجاهر مولود حمروش، برفضه الصريح الدعوة لتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة، التي أطلقتها تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، معتبرا أن ذلك "لن يحقق أي نتائج، ولا يندرج إلا في منطق تداول الأشخاص على السلطة". واعتبر أن الوضع العام في البلاد "خطير على كل المستويات ما يستدعي حذرا أكثر من أي وقت مضى". في هذا السياق، يشير مراقبون إلى أن مؤسسة الجيش قد لا تمانع في العودة بقوة إلى سلطة القرار بعد أن حيّدها بوتفليقة في الفترة الأخيرة، وأنها على استعداد لدعم حمروش باعتباره ابن المؤسسة أولا ثم علاقته الإيجابية معها حين كان رئيسا للوزراء. وتوقع المراقبون أن تشهد الفترة القادمة عمليات شد وجذب بين المؤسسة العسكرية وأدواتها في المشهد السياسي وبين القصر والحالمين داخله بخلافة بوتفليقة.