ما حصل في قضية المركب الرياضي الأمير مولاي عبدالله بالرباط لا يمكن السكوت عنه هكذا باتخاذ إجراءات تعتبر مثل مسحوق ماكياج تغطي خدوش وجه مشوّه، فالمسؤولية هي للحكومة ورئيسها وهو الذي وافق والتزم أمام الجامعة الدولية والجامعة الإفريقية باحتضان كأس العالم للأندية وكأس إفريقيا للأمم، وصادق لخزانة الدولة على تخصيص غلاف مالي ضخم لإعادة تأهيل الملاعب المرشحة لاحتضان المسابقتين ، وتكلفت وزارة الشبيبة والرياضة بهذه المهمة والتي أسندتها لشركة ( صونارجيت ) التابعة للوزارة والتي يقودها كاتبها العام للوزارة ( فقط يحصل هذا في المغرب) والغريب في الأمر وزير الشبيبة والرياضة لم يقررأن يفتح عملية الترشيح لمنصب مدير شركة ( صونارجيت ) بالأعراف القانونية الإدارية. وتكلفت مقاولات عديدة لإنجاز أعمال التجهيز والبناء والكهرباء إلى غير ذلك فيما تكلفت شركة ( فالطيك ) بإعادة تفريش عشب جديد قال عنه السيد وزير الشبيبة والرياضة في خرجاته الإعلامية أن هذا العشب هو نفسه الذي يوجد في ملعب ريال مدريد،،، وصدّقناه . الغريب أن السيد الوزير أخذ " الفضيحة" بنوع من الهدوء وحاول تخفيف وإضعاف كل ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإعلامية ولم يبال بكل ما قيل عن المغرب في كل من قناتي : أوروسبورت و باين سبورت وقنوات أخرى التي تداولت الحدث بنوع من السخرية تمس سمعة المغرب رياضيا وسياسيا ، أما الجامعة الدولية التي تعيش تحت ضغط الشبهات الأكيد وللحفاظ على سمعتها ستتفادى التعامل مستقبلا بكل ثقة وسخاء مع بلد يوجد فيه المتلاعبون بالمال العام باسم الرياضة. إن المجتمع المغربي بجميع فئاته غير راض عن هذه الفضيحة ، ورغم أن المجتمع المغربي يسير الآن نحو الانتقال إلى مجتمع معاصر فإنه لن يرضى ولن يقبل أن يستغل باسم هذا الانتقال من طرف من يحمل قيم الليبرالية المتوحشة التي لا تعرف سوى استغلال ثروات البلاد بجميع الأساليب. فما هو دور الدولة هنا كمؤسسة منتخبة من طرف الشعب لحماية ثرواته؟ إن هدر ونهب المال العام والتلاعب بالممتلكات العمومية وغياب الروح الوطنية والتضامن الجماعي لخدمة التوجيهات الملكية والخطاب السياسي الملكي يعتبر جريمة ضد الوطن والأكثر إذا كانت صادرة من إدارة تابعة للدولة. ليس المطلوب هو ما أقدم عليه السيد وزير الشبيبة والرياضة بإصدار قرار توقيف كل من الكاتب العام ومدير الرياضات لينتهي الأمر ويغلق الملف ومن غير المعقول أن يكون طرفا واحدا هو القاضي وهو المتهم، لأن هذا يسمى تهدئة اللعب كما هو معمول به في مجال كرة القدم، ويسمى التحايل على المحاسبة، لأن المهم والمطلوب هو تفكيك هذه الممارسات غير الوطنية واللجوء إلى المحاسبة وفتح تحقيق من طرف رئيس الحكومة أولا عن طريق القضاء المغربي للتحقيق مع كل المسؤولين وشركة (صونارجيط ) والشركة التي أنجزت مشروع العشب ( فالطيك) ، وكذلك الخضوع إلى المساءلة البرلمانية من طرف نواب الشعب والمتابعة من طرف ممثلي المجتمع المدني. إن العالم يتابع "الموندياليتو" ويتابع مخلفات هذه القضية التي بهذا الحجم العالمي تحوّلت إلى فضيحة " موندياليتو غيط" ، وعلى المغرب أن يظهر للعالم أنه بلد ديموقراطي. وبلد القانون فوق الجميع ، ونحظى بثقة واحترام العالم ، على الأقل لنأخذ العبرة من أقرب الجيران، ففي إسبانيا ابنة الملك خوان كارلوس وزوجها متابعان قضائيا بسبب التهرب من الضرائب، ورئيس برشلونة وميسي أيضا، وفي فرنسا استدعى القضاء الرئيس السابق جاك شيراك في قضية دفع رواتب لموظفين أشباح من أطر الحزب على حساب بلدية باريس، وساركوزي هو الآخر متابع في قضايا مالية، أليس هذا هو مبدأ القانون فوق الجميع؟