* أية مشروعية لمراسيم رئيس الحكومة في ظل تعديل ظهير 17/04/1959 لظهير 03/01/1916 ونسخ كليا ظهير 06/08/1915 المنظم لاختصاصات إدارة المياه والغابات ؟ *ظهير 03/01/1916 حلقة من حلقات مشروع استعماري مدروس تم تعزيزه بظهير 10/10/1917 المتعلق بحفظ الغابات واستغلالها *المندوب السامي للمياه والغابات ليس من اختصاصه طلب تحديد الأملاك الغابوية الخاصة للدولة ورئيس الحكومة ليس من حقه قبول طلبات وردت إليه من جهة غير مختصة لتقديمها *وزير الفلاحة هو الذي له الحق وحده في التدخل باسم مصالح الملك الغابوي في عملية التحديد والتحفيظ استند رئيس الحكومة في إصدار 14 مرسوما من أجل عمليات إدارية لتحديد مايفوق 84551 هكتار قصد تصنيفها ضمن الأملاك الغابوية للدولة إلى مرسوم متجاوز وأصبح غير معمول به. في هذا السياق فإن المقتضى الذي بموجبه أشَّر رئيس الحكومة للمندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر للشروع في عمليات التحديد الإداري ابتداء من يوم 27 أكتوبر 2014 هو ظهير 3 يناير 1916 ، والذي عدله ظهير 17 أبريل 1959، الذي مست تعديلاته أيضا ظهيري 6 غشت 1915 و10 أكتوبر 1917. كما جاء تعديل لاحق مُجسد في ظهير 30 يونيو 1962، المتعلق بتنظيم وزارة الفلاحة، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2595 بتاريخ 20 يوليوز 1962. وأصدر رئيس الحكومة مراسيمه التي تهم كل من أقاليم أزيلال وشفشاون وتاوريرت من جهة دون توقيع بالعطف، طبقا لمضمون الفصول 89 و90 و93 من الدستور، ومن جهة أخرى استجاب لطلبات المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر، وهو جهة غير مختصة قانونا، بحكم أن الاختصاص موكول حصراً لوزير الفلاحة وحده دون غيره، فضلا عن عدم الإشارة إلى دور واختصاصات وزير الداخلية المرتبطة بهذا الجانب. وفي ما يلي مزيداً من التفاصيل: أوردنا في الحلقة السابقة "الحلقة الثالثة"، المنشورة بجريدة "العلم "عدد 23007 ليوم الأربعاء 10/09/2014 ، من هذه الدراسة، التي خصصناها لمناقشة مجموعة مراسيم 14 مرسوما أصدرها رئيس الحكومة، دون توقيع بالعطف، طبقا لمضمون الفصول 89 و 90 و93 من الدستور . وقد نشرت تلك المراسيم في الجريدة الرسمية عدد 6282 بتاريخ 14/08/2014 ، وتضمنت "قرارات" بالاستجابة لطلبات صادرة عن المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر، من أجل الشروع ابتداء من يوم 27/10/2014 في عمليات إدارية لتحديد أملاك عقارية بمساحات إجمالية تفوق 84551 هكتار، قصد تصنيفها بصفة نهائية ضمن الأملاك الغابوية للدولة، وذلك بأقاليم: أزيلال وشفشاون وتاوريرت، مع إسناد تنفيذ الإجراءات التي يتطلبها الأمر للمندوب السامي للمياه والغابات، دون الاشارة لدور واختصاصات وزير الداخلية لا بصفته واختصاصاته وسلطاته الإدارية، ولا بصفته الوصي على الجماعات الترابية، ولا بصفته الوصي على حماية وتدبير أراضي وأملاك الجماعات السلالية وجماعات القبائل، بمقتضى ظهير 06/02/1963 المعدل لظهير 27/04/1919، المنظم لتدبير الأملاك الجماعية للقبائل والجماعات السلالية، وكذا ظهير 18/02/1924 المنظم لمساطر وإجراءات تحديدها والدفاع عنها، فضلا عن اختصاصات الولاة وعمال الأقاليم، وحدود صلاحيات مسؤولي وأعوان السلطة المعنية من باشوات و قياد وشيوخ ومقدمين، الذين يلزمون بالتقيد بتنفيذ التعليمات القانونية الصادرة عن رؤسائهم فقط . أساس مشوب بالخروقات: ولأن مراسيم رئيس الحكومة تم تحديد إطارها وأساسها القانوني في مقتضيات ظهير 03/01/1916 المتعلق بتأسيس تنظيمات خصوصية لتحديد الأملاك المخزنية، فإننا كما سبقت الإشارة نعتبر هذا الأساس مشوبا بعدة خروقات لمضامين عدة تشريعات لاحقة لظهير 03/01/1916، من بينها تلك التي صدرت في السنوات الأولى للاستقلال والتي تضمنت مقتضيات ناسخة أو معدلة أو متممة لمقتضيات ظهير 1916، سواء من حيث الإجراءات والضمانات، أو من جانب الأهداف والغايات، وفي مقدمة ذلك تغيير الوضعية القانونية لملكية الغابات، حيث أصبحت ملكيتها غير محصورة في الدولة وحدها، كما تزعم الجهة التي استصدرت المراسيم موضوع المناقشة، وتروج لذلك بشكل تضمن الكثير من المغالطات المنافية لمفهوم دولة الحق والقانون. المبحث الرابع: اعتماد تشريعات استعمارية صدرت للتحكم في الأراضي الفلاحية والغابوية وشبههما: أولا: ظهير 1916 أرضية أساسية لظهير 10/10/1917 المتعلق بضبط المجالات الغابوية والتحكم في استغلالها: لأننا أوردنا في المباحث الثلاثة السابقة بعض النصوص التشريعية الممهدة لتكريس السياسة الاستعمارية الفرنسية مع ما كان يتم بالموازاة لذلك في إطار الإعلان عن وضع البلاد تحت نظام الأحكام العسكرية، بمقتضى أمر عسكري صدر بتاريخ 02/08/1914 عن المقيم العام لدولة فرنسا الجنرال ليوطي، وهو الأمر المعدل بنفس الصفة بتاريخ07/02/1920 . وبقدر ما يكون مهما استحضار معنى وضع البلاد تحت نظام الحماية الأجنبية فإنه يتعين كذلك استحضار ما أضيف إليه من فرض نظام الأحكام العسكرية، وهي ظروف وملابسات من شأن استحضارها معرفة نوعية التشريعات التي تصدر في هذه الأزمنة، ومن بينها ظهير 03/01/1916 المؤسسة عليه مراسيم رئيس الحكومة، الذي هو موضوع مناقشتنا . وإذا أضيف لذلك الظروف السياسية السائدة آنذاك التي جسدتها رسميا التقارير العسكرية التي كانت تنشر في الجريدة الرسمية قبل وبعد صدور ظهير 03/01/1916 وتتضمن هذه التقارير أنواع البطش والتقتيل الذي كانت تتعرض له القبائل المغربية المقاومة للسياسات الاستعمارية، فإن ذلك يوضح كون ظهير 03/01/1916 ليس سوى حلقة من حلقات مسلسل مشروع استعماري مدروس ومحكم لتنفيذه على مراحل، منها الآني والمستقبلي البعيد المدى، لذلك يكون هذا الظهير مجرد محطة تشريعية لتكريس مقتضيات سابقة، وإضافة مقتضيات أخرى لتفعيلها ميدانيا وعلى أرض الواقع، أو جعلها أرضية لما بعدها من تشريعات لعل أهمها وأخطرها آنذاك على المغرب والمغاربة عموما، هو ظهير 10/10/1917، المتعلق بحفظ الغابات واستغلالها، الذي تضمن مقتضيات لشل القدرات الاقتصادية والتنموية للمغاربة . ثانيا: ظهير 10/10/1917 الخاص بحفظ الغابات واستغلالها مكمل لظهير03 يناير 1916: في إطار الظروف والسياقات التاريخية المشار لها في الحلقات السابقة صدر ظهير 10/10/1917 المتعلق بحفظ الغابات واستغلالها، ونشر بالجريدة الرسمية عدد 235 بتاريخ 29 أكتوبر 1917، وهو نص تشريعي استبدادي، تضمن عدة مقتضيات تشريعية لضبط مجالات مختلفة (معاملات مدنية مقيدة + مقتضيات جنائية عقابية + مقتضيات إجرائية صارمة ....(، إلا أنه رغم التعديلات التي لحقته فيما بعد فإننا نجد كثيرا من تلك المقتضيات لا تزال حاضرة في واقع العمل القضائي الحالي (2014 ( وكأن شيئا لم يتغير، من قبيل سلطات وصلاحيات الموظفين والأعوان العاملين في المجالات الغابوية، سواء في مجالات التدبير، أوفي المجالات العقابية بخصوص الجرائم الغابوية، والشرطة الغابوية وحجية محاضرها ... التي لا نجد صدى لها في مسودات أو مشاريع تعديل قانون المسطرة الجنائية الحديثة، عكس ما كان عليه الأمر في قانون المسطرة الجنائية لسنة 1959 . ومن أجل تكوين فكرة عامة عن مقتضيات هذا الظهير كما صدر آنذاك نورد تقسيماته وعناوينها كما يلي لكل غاية مفيدة : الباب الأول: ضبط أمر الغابات (الفصل 1 و 2). الباب الثاني: بيع محصولات الغابات (الفصل 3 و 10). الباب الثالث: كيفيات قطع الأشجار (الفصل 11 و 17). الباب الرابع: تنظيم قطع الأشجار وبيع الأخشاب ( الفصل 18 و 20). الباب الخامس: تنظيم انتفاع الأهالي ومراعي الماشية ( الفصل 21 و23 ). الباب السادس: قيود غرس وإحياء الغابات (الفصل 24 و30). الباب السابع: إقرار عقوبات زجرية خاصة بالمجالات الغابوية ( الفصل 31 و56 ). البابالسابع (كذلك): محاضر الجرائم الغابوية وسلطة المتابعة بشأنها لموظفي الغابات( الفصل 57 و69 ). الباب الثامن: المحاكم الزجرية المختصة / الترافع لموظفي الغابات (الفصل 70 و84 ( . ثالثا: التطبيق المرحلي لظهير 1917: بناء على ما نص عليه الفصل الثاني من ظهير1917 من أن تطبيق مقتضياته ستطبق مرحليا في مناطق تحدد بقرار وزيري، فإن أول المناطق المستهدفة كانت بمقتضى قرار وزيري صدر في نفس التاريخ 10/10/1917، ونشر في نفس الجريدة الرسمية ، هي نواحي الرباط ونواحي الدارالبيضاء، أما المنطقة العسكرية بمكناس فتطبق بها مقتضيات البابين الثاني والثالث من هذا الظهير . رابعا : ظهير 1917 تشريع عسكري استثنائي لتجويع سكان البوادي وفرض العقاب الجماعي: في إطار تكريس روح وفلسفة التشريعات الاستعمارية السابقة، ولاسيما ظهير 03/01/1916، صدر ظهير10/10/1917 بشكل يوطد الهيمنة على المجالات الغابوية والفلاحية وشبههما بشكل عام التي يسكنها أغلب المغاربة من خلال إقرار التنسيق بين إدارة المياه والغابات وإدارة الأمور الأهلية [وزارة الداخلية]، وكذا إدارة المحافظة على الأملاك العقارية والكل تحت إشراف وسلطات المقيم العام الفرنسي . وقد حدد الباب الأول من ظهير 1917 الإطار النوعي الذي تشمله وتطاله مقتضياته من خلال التأكيد على ما يعتبر غابات في نظر مشرعه كما يلي : " 1) ما هو للمخزن الشريف أو للمحلات العمومية أو لجماعات القبايل وما فيه حق [مشاع لأحدهم ] . 2) ما فيه نزاع بين المخزن الشريف وبين المكلفين بالمحلات العمومية أو جماعات القبايل أو بين أحد ممن ذكر والغير. 3) الأراضي البيضاء أو التي بها أشجار صغيرة واقتضت المصلحة العامة إحياء ما تلاشى منها أو غرسها من جديد ... ". ونلاحظ أنه بالإضافة لتوسيع المشرع الاستعماري لمفهوم ومجال الملك الغابوي بمقتضى الفصل الأول من ظهير 10/10/1917، فإنه فرض في باقي الأبواب منه قيودا وعقوبات شخصية أو جماعية جد قاسية على استغلال السكان للمجالات الغابوية مهما كانت طبيعة الاستغلال من حرث أورعي للمواشي أو انتفاع بالأخشاب، وحتى العمل على إحياء وغرس الأشجار، والكل بطريقة محبوكة في التأسيس لمنظومة وسلاسل تشريعية استعمارية متكاملة استحضر مشرعها ما سبق تكريسه في تشريعات سابقة، من ضمنها : ظهير 07/07/1914 بشأن تنظيم العدلية الأهلية وتفويت الملكية العقارية . 2) القرار الوزيري المؤرخ في 23/01/1915، الذي فرض كون المخزن الشريف هو المكلف بتدبير الأملاك المشاعة بين القبائل. 3) ظهير 06/08/1915 المتعلق بالاختصاص بشأن أملاك الدولة والاختصاص بشأن الأملاك العمومية، ثم اختصاص إدارة المياه الغابات . 4) ظهير 28/08/1915 في تجميع ومركزة عدة إدارات في الكتابة العامة للدولة الحامية . 5) ظهير 03/01/1916 المتعلق بتأسيس تنظيمات خصوصية لتحديد الأملاك المخزنية ( بمفهومها العام ( . المبحث الخامس:تداخل مقتضيات ظهيري 1916 و1917 وتعديلهما بظهير 17/04/1959: رغم أن كل واحد من الأبواب التسعة لظهير 1917 يستحق اعتماده كأرضية أساسية لفهم المقتضيات التشريعية اللاحقة والجاري بها العمل حاليا، فإن منهجية عدم الابتعاد كثيرا عن محاور وإطار الدراسة المنصبة على الأساس التشريعي الذي تم اختياره لمراسيم رئيس الحكومة موضوع مناقشتنا، وهو ظهير 03/01/1916 المتعلق بتأسيس تنظيمات خصوصية لتحديد الأملاك المخزنية، الذي تم ربطه وتحميله قسرا وخارج نصوص التشريع الجارية باختصاصات المندوب السامي للمياه والغابات من خلال ما ورد في الفصل الأول من هذا الظهير بكون قرار التحديد الإداري للعقار الغابوي يتم بناء على طلب من إدارة المياه و الغابات، وهو الاختصاص المستمد من مقتضيات ظهير 06/08/1915 المنظم لاختصاصات رئيس مصلحة المياه والغابات، لكن ما لم يستحضره من أعد الدراسة القانونية للملفات قبل تقديمها لرئيس الحكومة لاتخاذ قراره هو أن هناك ظهيرا صدر بتاريخ 17/04/1959 يحمل رقم.58.382 منشور بالجريدة الرسمية عدد 2427 بتاريخ 01/05/1959، نص الفصل الثالث منه صراحة على ما يلي: " تلغى مقتضيات الظهير الشريف [... ] بتاريخ 6 غشت 1915 بشأن اختصاصات رئيس مصلحة المياه والغابات أو نائبه ". ونص الفصل 2 - د من نفس الظهير على الآتي: " يعهد بإدارة الملك الغابوي وكذا الأملاك الأخرى الخاضعة للنظام الغابوي إلى وزير الفلاحة. وتتولى مراقبتها إدارة المياه والغابات التي هي مكلفة كذلك بمراقبة تطبيق ظهيرنا الشريف هذا، ولا سيما التقنينات التي تلحق بموجب هذا النص حقوق ملاكي الأحراش والغابات الغير الخاضعة للنظام الغابوي . ويكون لوزير الفلاحة وحده الحق في أن يتدخل دون غيره للقيام باسم مصالح الملك الغابوي في عملية التحديد والتحفيظ، وكذا في إقامة الدعاوى أمام المحاكم.." . ظهير 1959 وظهير 1962 ألغيا المقتضيات المعتمدة كأساس قانوني لمراسيم رئيس الحكومة موضوع المناقشة : إن ظهير 17/04/1959 يشكل محطة تشريعية تأسيسية استراتيجية للدولة المغربية المستقلة، من خلال استحضاره في مقدمته تأكيد استهدافه ثمانية نصوص تشريعية استعمارية أساسية، من بينها ظهير 03/01/1916، الذي عدل الفصل الأول منه، كما استهدف كلا من ظهير 06 /08/ 1915، الذي نسخ مقتضياته كلية، وظهير 10/10/1917، الذي ألغى الباب الأول منه وعوض عنوانه والفصلين الواردين به، بأن جعل عنوانه مكونا من مفهومين هما " النظام الغابوي والملك الغابوي "، أما عدد فصول هذا الباب الجديد فأصبحت 12 فصلا، تستحق الدراسة المتمحصة، بمنطق استمرارية إيجابيات سياسات الدولة، واستحضار كون ظهير 1959، الذي أمضاه رئيس الوزارة عبد الله ابراهيم، تتويج لتوجهات واختيارات وطنية اشتغلت على إعدادها لجان عمل متعددة بروح وطنية عالية، خلال ولايات الحكومتين السابقتين، تحت إشراف الملك محمد الخامس، وهي الاختيارات التي تم ترسيخها من طرف الحكومة الموالية برئاسة الملك محمد الخامس ونائبه ولي العهد، الأمير مولاي الحسن رحمة الله عليهم . وقد تم تجسيد ذلك في ظهير 30/06/1962، المتعلق بتنظيم وزارة الفلاحة، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 2595 بتاريخ 20/07/1962، و الذي أصبحت بمقتضاه إدارة المياه والغابات ومهامها قسما ضمن هيكلة وزارة الفلاحة. وقد نص الفصل التاسع من هذا الظهير صراحة على أنه : " تلغى جميع المقتضيات المنافية لظهيرنا الشريف هذا ولاسيما المقتضيات المتعلقة بمديرية الفلاحة والغابات ..." .....يتبع