هولندا.. شرطة روتردام تحذر المواطنين بعد 3 حوادث إطلاق نار لنفس الشخص    وقفة احتجاجية تضامنا مع سعيد آيت مهدي أبرز المدافعين عن ضحايا زلزال الحوز    "ميتا" تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة لتطوير تجربة التواصل الاجتماعي    مصر تترقب بقلق صعود إسلاميي تحرير الشام إلى السلطة في سوريا    وزير خارجية سوريا يصل الدوحة في أول زيارة لقطر    88 قتيلا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    دوري أبطال إفريقيا: الرجاء الرياضي يفوز على ضيفه ماميلودي صن داونز '1-0'    تاوسون تتوج بدورة أوكلاند للتنس بعد انسحاب اليابانية أوساكا    برشلونة يعلن جاهزية لامين يامال    انخفاض المبيعات السنوية لهيونداي موتور بنسبة 1,8 بالمائة    عصابة للتنويم المغناطيسي تسرق ملايين الدينارات بلمسة كتف في بغداد    "ه م " لعبد الله زريقة تمثل المغرب في الدورة ال 15 لمهرجان المسرح العربي بسلطنة عمان    خبراء مغاربة يؤكدون عدم وجود تهديد استثنائي من "فيروس HMPV"    فيروس رئوي جديد يثير قلقا عالميا    المغرب يفرض "رسما مضادا للإغراق" ضد الأفران الكهربائية التركية    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    مصرع شخصين إثر تحطم طائرة خفيفة قبالة الساحل الشرقي لأستراليا    "أدناس" يستحضر تيمة "الشعوذة"    تفاصيل متابعة جزائري بالإرهاب بفرنسا    مطالب للحكومة بتوعية المغاربة بمخاطر "بوحمرون" وتعزيز الوقاية    الصين تطمئن بشأن السفر بعد أنباء عن تفشي فيروس خطير في البلاد    أسباب اصفرار الأسنان وكيفية الوقاية منها    آخر الأخبار المثيرة عن حكيم زياش … !    إسرائيل تؤكد استئناف المفاوضات مع حماس بقطر وكتائب القسام تنشر فيديو لرهينة في غزة    المرأة بين مدونة الأسرة ومنظومة التقاعد    الهيئة الملكية لمدينة الرياض تُعلن تشغيل المسار البرتقالي من قطار الرياض    5.5 مليار بيضة و735 ألف طن من لحوم الدواجن لتلبية احتياجات المغاربة    المشاركون في النسخة ال16 من لحاق أفريقيا ايكو رايس يحطون الرحال بالداخلة    هزيمة جديدة للمغرب التطواني تزيد من معاناته في أسفل ترتيب البطولة الاحترافية    حادث سير بشارع الإمام نافع في طنجة يعيد مطالب الساكنة بوضع حد للسرعة المفرطة    أمن مراكش يحجز 30 ألف قرص طبي    جنازة تشيّع السكتاوي إلى "مقبرة الشهداء".. نشطاء يَشهدون بمناقب الحقوقي    "نصاب" يسقط في قبضة الشرطة    يوسف أخمريش يُجدد العقد مع توتنهام الإنجليزي    إحراج جديد لنظام الكابرانات أمام العالم.. مندوب الجزائر بالأمم المتحدة ينتقد وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية علنًا    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية على المرتفعات بعدد من أقاليم الشمال    منيب: نريد تعديلات لمدونة الأسرة تحترم مقاصد الشريعة لأننا لسنا غربيين ولا نريد الانسلاخ عن حضارتنا    تامر حسني يخرج عن صمته ويكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل    المتقاعدون يدعون للاحتجاج ضد تردي أوضاعهم ويطالبون بالزيادة الفورية والرفع من الحد الأدنى للمعاشات    سليم كرافاطا وريم فكري يبدعان في "دا حرام" (فيديو)    بعد 23 من تبني اليورو .. الألمان يواصلون تسليم المارك    بطولة انجلترا.. الفرنسي فوفانا مهدد بالغياب عن تشلسي حتى نهاية الموسم    رالي "أفريكا إيكو ريس".. تجاهل تهديدات البوليساريو والمشاركون يواصلون رحلتهم على أراضي الصحراء المغربية    "ضحايا النظامين الأساسيين" يصعدون بوقفة احتجاجية أمام وزارة التربية    تداولات الأسبوع في بورصة الدار البيضاء    خبراء يحذرون من استمرار تفشي فيروس "نورو"    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    تشاينا ايسترن تطلق خط شنغهاي – الدار البيضاء    افتتاحية الدار: الجزائر بلد الطوابير.. حين تصبح العزلة اختيارًا والنظام مافياويًا    شذى حسون تستقبل السنة الجديدة ب"قلبي اختار"    عبد الرحمان بن زيدان.. قامة مسرحية شامخة في الوطن العربي بعطائه المتعدد وبَذْله المُتجدّد    الموسم الثاني من "لعبة الحبار" يحقق 487 مليون ساعة مشاهدة ويتصدر قوائم نتفليكس    الشاعرة الأديبة والباحثة المغربية إمهاء مكاوي تتألق بشعرها الوطني الفصيح في مهرجان ملتقى درعة بزاكورة    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقتضيات ظهير 10 أكتوبر1917 بشأن حفظ الغابات واستغلالها شهدت تغييرا جذريا آخر سنة 1951
تحديد الملك الغابوي بالمغرب : أية أهداف ؟ وأية مشروعية ؟
نشر في العلم يوم 08 - 10 - 2008

استوجب اختياري البحث في هذه النقطة لتوضيحها لكون الفكرة السائدة لدى البعض بأن الملك الغابوي بالمغرب هو كله ملك خاص للدولة وحدها، وأخطر من ذلك أن يسود هذا الاعتقاد لدى بعض من مسؤولي المحافظة على الملك الغابوي، وبذلك يعملون على فتح إجراءات تحديده لينتهي الأمر بصدور مرسوم يحمل فصله الثاني عبارة متواترة هي: ( يقيد بصفة نهائية .....في أملاك غابة الدولة ...) وهو أمر يخلق بالغ الضررالمعنوي والمادي بالملاك الشرعيين لعقارات ورثوها مع الوثائق المثبتة لتملكها منذ قرون خلت .
وهناك صيغة أخرى كانت قد استعملت ربما أقل خطورة هي : ( يرتب بصفة نهائية في الملك الغابوي للدولة العقار ... ) واستعمال عبارة (يرتب ) بدلا من ( يقيد ) تستحق الوقوف عندها للتأمل في مدلولها، ثم البحث عن أسباب ومبررات تمسك مصالح المياه والغابات ب ( يقيد) التي لها دلالة قانونية أخرى ، وما يفرض التوقف لتأمل الاستعمالين هو كون المرسومين اللذين جاءت فيهما عبارة ( يرتب) صادرين في الجريدة الرسمية عدد 2990 بتاريخ 1/02/1970 الصفحة 502 كما صدرا حسب تصديرهما عن جلالة الملك ، أمير المومنين، مع إمضاء الوزير الأول عن جلالة الملك وبأمر منه .
وثاني الأسباب أن المرسومين صدرا بعد صدور قوانين ميثاق الاستثمار الفلاحي التي سنشير لها فيما بعد .
ومن بين ما يتم ترويجه في هذا الإطار ،أن الدولة يمكنها أن تتملك العقار إذا كان غابويا أوبه شبهة غابوية ،بما واكب ذلك من الخلط بين مفهوم التملك والرعاية والمحافظة علي الغابات التي تشكل حدود مجال اختصاص إدارات المياه والغابات أما التحديد الإداري الرامي إلى تملك الدولة فهو من إختصاص وصلاحيات مصالح ملك الدولة الخاص التابع لوزارة المالية .
وهذا الخلط في ضيط المفاهيم أدى بدوره إلى الخلط وعدم دقة التمييز بين مفهوم التحديد الاستكشافي الاستبياني لوضعية العقار ، و مفهوم التملك النهائي للعقار، وهي موضوعات وآراء ووجهات نظر أرى بأنه بقدر ماتستوجب دراسات معمقة من طرف أكثر من جهة فإنها تسائل جديا النهج والاختيارات التي سلكتها مصالح المياه والغابات في كثير من عمليات التحديد الإداري للملك الغابوي للدولة ، التي نرى أنه لا علاقة بحقيقة ما تتضمنه التشريعات المنظمة لتحديد الملك الغابوي الخاص للدولة ،خصوصا ظهير 10 أكتوبر 1917 حسب تعديلاته الذي تعتمده لوحده ، وأحيانا تضيف له تشريعات أخرى كما سبق توضيح ذلك في الحلقات السابقة من هذا البحث ( العلم : بصفحة المجتمع والقانون، لأيام الأربعاء: 11/06/20، عدد 21069، و 09/07/200 ، عدد 21093، و 23/07/2008 ، عدد 21105، و27/08/2008 ، عدد 21135، و1-2/10/2008 ، عدد21165).
ولعل سبب الخلط الذي أوقع الإدارة المعنية في كثير مما نراه مجانبا للصواب هو ضعف المواكبة الإيجابية لمضامين و روح وفلسفة التشريعات التي عدلت جزئيا أو كليا فصولا من ظهير 10 أكتوبر 1917 بشأن حفظ الغابات واستغلالها ، وربما اعتماد تفسيرات تعود لعهد الاستعمار ، وربما أشياء أخرى أو منطق آخر ...نامل أن يحكمه منطق حسن النية لاعتماد منطق الرجوع إلى الحق فضيلة .
ولتوضيح هذه المسألة الجوهرية وهي : كون الملك الغابوي يمكن أن يكون ملكا خاصا لأي مواطن ، كما يمكن أن يكون للدولة ، أو غيرهما ، والكل في ذلك يخضع للقوانين الجاري بها العمل ، مع الإشارة مرة أخرى لكون نظام المحافظة على الملك الغابوي وصيانته ورعايته هو نظام يخضع له الملك الخصوصي والملك العمومي ، بما يتطلبه الأمر من وجوب التمييز بين ملكية الأرض الغابوية وبين الملزم بالمحافظة عليها وصيانتها وحدود صلاحيات والتزامات الدولة في ذلك كما هي محددة بنصوص وضوابط تشريعية سأركز يشأنها في هذا الجزء من البحث (السادس) على محطة تشريعية أخرى لابد أن توضع في سياقها التاريخي والسياسي ألا وهي آخر سنة 1951 حيث صدر ظهيران خلال شهر نوفمبر بشأن تعديل ظهير10 أكتوبر 1917 بشأن حفظ الغابات واستغلالها وهما :
1- ظهير 21 نونبر 1951 منشور بالجريدة الرسمية عدد 2043 بتاريخ 21دجنبر 1951 الصفحة 4088 .
2 - ظهير 30 نونبر 1951 منشور بالجريدة الرسمية عدد 2045 بتاريخ 04 يناير 1952 الصفحة 5-7 .
آخر سنة 1951 تشكل محطة تشريعية أساسية
في تغيير ظهير10 أكتوبر 1917 :
من خلال دراسة أولية لمقتضيات ظهير 10 أكتوبر 1917 بشأن حفظ الغابات واستغلالها مراعاة لتعديلاته خلال فترة الحماية بصفة أساسية ، وكل فترة لها أسبابها وظروفها التاريخية ، ومنها تسميته التي أصبحت (المحافظة على الغابات واستغلالها) بدلا من (حفظ الغابات واستغلالها ) يتضح أنه تضمن مقتضبات صريحة وواضحة بشأن التمييز في الملك الغابوي بين ماهو ملك غابوي للخواص وماهو ملك غابوي للدولة مع التمييز كذلك بشأن صلاحية واختصاصات مصالح المياه والغابات في القيام بالرعاية والمحافظة على المجال الغابوي وحماية الملك الغابوي سواء كان ملكا غابويا للخواص أو ملكا غابويا خاصا للدولة ، ومن هذه الفصول التي تبرز الإعتراف بالملكية الخاصة للغابات نورد مايلي :
إن ظهير 1917 حسب عنوانه : (حفظ الغابات واستغلالها ) جاء لهذه الغاية حصرا أي حفظ الغابات والسعي لحسن استغلالها سواء كانت للأشخاص أو للدولة ، وسبب ذلك جاء في تقديم هذا الظهير تحت عبارة ( نظرا لما يتعين من حفظ الغابات واستغلالها أصدرنا أمرنا ...) ولم يشر إلى عملية تمليك كل الغابات للدولة الشريفة .
غاية المشرع من التقنين والتأطير حسن استغلال الغابات:
وإذا كان الفصل الأول من ظهير 10 أكتوبر 1917 خضع لتغيير جدري من خلال إلغائه وتعويضه بمقتضى ظهير30 أبريل 1949 ، فإن مشرعه من بين ما أكد عليه كما سبقت الاشارة لذلك أنه :
- يجري النظام الخاص بالغابات على الغابات والأحراش المبينة أسفله وتدار شؤونها طبق مقتضيات ظهيرنا الشريف هذا وهي .......:
أولا : الأحراش والغابات التي هي ملك للمخزن الشريف أو للمؤسسات العمومية أو لجماعات القبائل التي هي ملك مشاع بين الدولة أو مؤسسات عمومية أو جماعات من القبائل من جهة وبعض أفراد الناس من جهة أخرى .
.......
- سادسا : ....... والأراضي المعدة لرعي المواشي والتي هي لبعض أفراد الناس الراغبون أربابها في تكليف إدارة المياه والغابات إما بحراستها فقط وإما بحراستها و تدبير شؤونها معا ... وتحدد بموجب قرار وزيري الكيفيات التي تجعل بها أحراش و غابات الجماعات والأراضي المومأ إليها في الفقرتين الخامسة والسادسة أعلاه تحت نظام الغابات وكذلك المقتضيات المتعلقة بتدبيرها و السهر عليها ....... «
وإذا كان واضحا من من خلال التصنيفين ، أولا وسادسا من هذا الفصل إضافة لباقي الأصناف من الغابات والأحراش أنه يقر ويسلم بملكية الغابات من طرف الأشخاص والجماعات ، فإن ما حرص المشرع على تقنينه وتنظيمه هو طريقة ترمي إلى التنظيم والتأطير الهادف لحسن استغلال وتدبير الملك الغابوي مهما كان مالكه ، وبشكل يوفق بين الملكية الخاصة وضرورة مراعاة المنفعة العامة التي تتحقق في حسن تدبيرها واستغلالها ،
وتجدر الإشارة بهذا الخصوص لنص المادة 23 من القانون رقم 03-11 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة. المنفذ بظهير شريف رقم 59-03-1 صادر في 10 ربيع الأول 1424 (12 ماي 2003 ) الذي جاء فيه مايلي :
( تعتبر الغابات سواء العمومية أو الخاصة بمثابة ممتلكات ذات منفعة مشتركة، من واجب الإدارة والخواص المحافظة عليها واستغلالها بشكل يضمن توازنها واحترام الأنظمة البيئية ) .
والأكثر دلالة على هذا الاختيار تأكيد المشرع على رصد الإدارة إمكانياتها وخبراتها لفائدة مالكي الغابات من الخواص وبأساليب مختلفة للدعم أقره المشرع في نصوص تشريعية كثيرة سواء في فترة الاستعمار أو في فترة الاستقلال التي شهدت بدورها ترسانة تشريعية كثيرة في هذا المجال سيأتي الحديث عنها في حينه ، ومنها : ميثاق الاستثمار الفلاحي الذي صدر بشأنه وفي إطاره دفعة واحدة 17 ظهيرا و 19 مرسوما و 13 قرارا وزاريا وخصصت للكل الجريدة الرسمية عدد 2960 مكرر بتاريخ 19 يوليوز 1969 .
ومن ذلك أيضا مرسوم01/02/2005 بتحديد اختصاصات وتنظيم المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر3 .
إقحام وتوظيف ظهير 1917:
ينص الفصل الثاني من ظهير 10 أكتوبر 1917 على أنه : « ستصدر قرارات وزيرية بتعيين النواحي والغابات التي يجري عليها حكم ضبط الغابات « ، بما تعني عبارة «حكم ضبط الغابات « في حينها من ضبط رعاية وصيانة وحفظ الغابات ، لكنه بكل أسف دأبت بعض مصالح المياه والغابات إلى استغلال هذا الظهير لإقحامه في مجال ملكية الغابات ، وأخطر من ذلك توظيف مقتضياته لانتزاع الملكية الخاصة من أصحابها إن لم نقل إنتزاع المواطنين واقتلاعهم من أراضي لها في نفوسهم قيمة معنوية كبيرة ، لأنها تعكس حقيقة تجدر هويتهم وانتمائهم للوطن وامتداد جدورهم فيه إرثا شرعيا ، تجب المحافظة عليه وحمايته وصيانته والذوذ عنه ، وليس مجرد أحجار وأشجار لاتصلح كما يمكن إن يتصور البعض خطأ إلا لتربية الوحيش والطيور البرية ، ومن تمسك بها بني البشر فله من المنافع ما لتلك الكائنات أما حق الملكية فهو لإدارة المياه والغابات بسلطتها التي عليه استئذانها ،وفق ضوابط لايمكن منها مسبقا ، وفي حدود كون الملك ملكها ، والساكن مجرد منتفع ، وهو منطق لايقول به لا شرع ولاحق ولا حتى القوانين التي تعتمدها هي نفسها في عمليات تحديد الملك الغابوي، دون الحديث عن مواثيق
الشرعية الدولية في هذا المجال .
الخلط بين حقوق الملكية وحقوق الانتفاع ( المالك والمنتفع :
رغم أن المشرع أكد أن الدولة مثلها مثل الخواص يمكن أن يكون لها ملك غابوي خاص بها ، فإن ملكيتها هذه يمكن أن تترتب عليها حقوق انتفاع واستفادة خاصة للمواطنين إما يضمنها التشريع العام وإما تشريعات خاصة حسب نوع الغابة وحدود تحمل طاقتها للإنتفاع الخاص الذي لايضر بسياسة الدولة في تدبير ممتلكاتها بشكل يجعلها تحقق المصلحة والنفع العامين ، وهما أصل وأساس وجود الدولة ،
ولعل ما يؤكد هذا التوضيح هو ما جاء في الفصلين 22و 23 من ظهير10 أكتوبر 1917 ، وهكذا فإن الفصل 22 ينص على أنه :
( لا يسوغ الرعي في الغابات إلا للأهليين ،وفي الأماكن التي لا يحصل منها ضرر للأشجار ....) .
ونرى أن المقصود بالغابات هنا هو ( غابات الدولة ) لأن تمديد معنى عبارة ( الغابات ) إلى الغابات المملوكة للخواص يتنافى وخصائص حق الملكية المنصوص عليه في قانون العقود والالتزامات وأكدتها دساتير المملكة في عهد الاستقلال ،أي أن الأمريتعلق بملك الدولة الغابوي ( وهو جزء من الملك الخاص لها ) فمن حقها فرض الشروط بشأن استغلاله والانتفاع به من قبيل ما جاء في الفصل 22 نفسه من أنه : ( وأما الماشية المشتركة مع الغير أو وقعت مؤاجرة فيها فلا يجوز أن ترعى في الأماكن المذكورة )، وكذا تأكيده أنه :
( وإن إدارة الغابات تعين كل سنة نوع الماشية التي يجوز لها الرعي وعددها ،بعد أخذ الاحتياطات لتدارك الضرر الذي يلحق الأشجار ، وسيصدر قرار وزيري كل سنة في تعيين الغابات التي لا يجوز رعي الماعز فيها ).
ولضمان حق الدولة في التقيد بشروطها لاستغلال أملاكها الغابوية من طرف المواطنين بشكل معتدل ومتوازن، فإن ظهير30 أبريل 1949 المعدل كليا للفصل 23 نص على مايلي :
( كل من تمتع بحق الانتفاع مخالفا لمقتضيات الفصل السابق أو لأحكام القرارات الوزيرية المشار إليها في الفصل عدد 21 تجري عليه العقوبات المنصوص عليها في الفصل عدد 41 وذلك فيما يخص رعي المواشي فوق العدد المعين أو الغير المأذون برعيها أو التي توجد في الأماكن التي يحصل منها ضرر للأشجار الصغيرة، كما تجري عليه العقوبات المنصوص عليها في الفصل عدد 36 وما يليه إلى عدد 39 إذا قطع الأشجار أو نقل بعض المحصولات الرئيسية قبل إن تأذن له بذلك إدارة الغابات ..... وكل شخص من المنتفعين المذكورين الذي لا يقدم بالغابة ورقته المقيد فيها لرعي مواشيه يعتبر فيما يتعلق بالعقوبات كأنه لم يطلب تقييده ) .
غياب التصور التشاركي:
وهكذا نلاحظ أن عبارة : ( وكل شخص من المنتفعين المذكورين ) الواردة في الفقرة الأخيرة من الفصل 23 الذي يحيل كذلك على الفصل 22 تنحصر في « المنتفعين « من الملك الغابوي للدولة وفق شروط تحددها ، ولايمتد ذلك للمالكين للغابة لأنهم أولى برعايتها وحمايتها وفرض شروطهم التعاقدية مع الغير طبق للفصل 230 من قانون العقود والالتزامات لضمان حسن استغلالها وحفظها ، وبالأحرى المحافظة عليها، وهو التصور الغائب في السياسة المنتهجة من طرف إدارات ومصالح المياه والغابات، علما أن عددا من مسؤوليها المتعاقبين أكدوا على أهمية أساليب التشارك والتعاون وسياسة القرب واللامركزية التي تراعي الخصوصيات المحلية .
وينص الفصل 24 من ظهير10 أكتوبر 1917 تأكيدا لمفهوم وقواعد الملكية على أنه يمنع على المنتفع المستغل حتى الأعمال الإيجابية من قبيل غرس الأشجار أو تمديد قنوات المياه أو غير ذلك من الأمور التي لا حق فيها تجاه مالك الرقبة أي الدولة ،إلا بإذن وترخيص من طرفها ، وهكذا نص الفصل 24 على أنه :
(لا يسوغ لأحد أن يقلع ما بالغابة ولا أن يحيي شيئا من أرضها إلا بعد إعلام المراقبة المحلية قبل الشروع بأربعة أشهر على الأقل وللإدارة أن تتعرض على أحيائها أثناء المدة المذكورة ....) .
حماية القانون تشمل غابات الخواص وغابات الدولة على حد سواء :
بخصوص التأكيد على كون الغابات والملك الغابوي ليس حكرا على الدولة وحدها وكون حماية القانون تشمل العقار الغابوي عموما بما فيه غابات الخواص وغابات الدولة على حد سواء نشيرإلى أن ظهير 30 نونبر 1951 في تعديله جذريا للفصل 55 من ظهير 10 أكتوبر 1917 أورد بشكل صريح مفهوم ( الغابات الخصوصية ) وذلك من خلال نصه على مايلي :
(.....إذا قام شخص آخر غير رب الأرض باستغلال غابة خصوصية خلافا لمقتضات ظهيرنا الشريف هذا فتجري عليه العقوبات المنصوص عليها في الفقرة السابقة، ويمكن أن يكون رب الأرض مسئوولا من الوجهة الجنائية عن الجريمة،اللهم إلا إذا أخبر بذلك إدارة المياه والغابات قبل أن تثبت بنفسها وجود الجريمة المذكورة .....).
وفي مقابل ما تفرضه مقتضيات التشريع المنظم لحماية الغابات وحفظها على الملاكين الخواص للغابات فإن المشرع شمل ملكيتهم بحماية ورعاية ممتلكاتهم هذه من خلال ما أورده ظهير 30 نونبر1951 في تعديله للفصل 57 من ظهير 1917 الوارد في الباب السابع المخصص لإثبات المخالفات، وذلك عندما نص على مايلي :
( إن إدارة المياه والغابات هي المكلفة بمتابعة المخالفات التي تصدر من الناس الموكول أمرهم لنظر المحاكم الفرنساوية ، وذلك لما في إناطة هذا العمل بها من المصلحة بحقوق الدولة ، وحقوق أرباب الغابات، والأغراس الداخلة في حكم هذا الظهير والقرارات الوزيرية التي ستصدر لإجراء العمل به ).
وتجدر الإشارة أخيرا إلى أن الفصل 82 من ظهير 1917 المعدل ب ظهير04/09/1918 كان ينص على مايلي:
(إن مقتضيات هذا الظهير الشريف أو القرارات الوزيرية التي تصدر في كيفية إجراء العمل به المتعلقة بالوسائل اللازمة للمحافظة على الأحراش والغابات المخزنية وضبط أمرها ومعاينة المخالفات المرتكبة فيها ومتابعة المخالفين والزامهم بتعويض الخسائر تنطبق أيضا على الغابات المشاعة بين القبايل أو الغابات المتنازع فيها المشار إليها في الفصل الأول ).
قيود خاصة على الأشخاص أرباب الملك الخاص الغابوي :
في إطار ما أشير إليه سابق في هذا البحث من دقة التمييز بين الملك الغابوي الخاص للدولة والملك الغابوي المملوك للأشخاص أو غيرهم من الجماعات والهيآت .. وما يستوجبه الأمر من تدقيق المفاهيم وإعمال النصوص التشريعية وفق غاياتها وفلسفتها الايجابية ،مع التعامل مع النصوص الجاري بها العمل كلها وبإعمال أسلوب التوفيق الايجابي بين مقتضياتها ومضامينها نشير كذلك إلى قيود وضوابط كانت مفروضة تشريعيا على الملك الغابوي للأشخاص العاديين بمقتضيات ظهير 30 نونبر 1951 المعدل للفصل 25 من ظهير10 أكتوبر 1917 التي تخول ضمنيا وطبقا للفصول التي قبلها لمصالح إدارة المياه والغابات حق الاعتراض للمالك في اقتلاع الأشجار والأحراش رغم أن العقار ملك خاص له ، وتحت عبارة تتضمن نوعا من الغموض والالتباس هي : ( لا ترفع معارضة أعمال إزالة الأشجار والأحراش ) ، التي تعني في نظري :( لا يقام الاعتراض على أعمال ....) .
ظهير 1951 استحضر التوازن الاقتصادي والاجتماعي
وهكذا جاءت صيغة الفصل 25 حسب تعديله بظهير 30 نونبر 1951 كمايلي : (لا ترفع معارضة أعمال إزالة الأشجار والأحراش قصد إحياء الأراضي إلا فيما يخص الغابات التي يعترف بأن المحافظة عليها هي من الضروري :
- أولا : لئلا يزول التراب عن الجبال ومنحدراتها .
- ثانيا : لوقاية الأراضي من انهيال4 الأ تربة الناتج عن تهاطل الأمطار ومن غمرها بالمياه، ولوقاية خزانات السدود من تراكم الأ تربة .
- ثالثا : لاستبقاء العيون ومجاري المياه .
- رابعا : لوقاية الأراضي من انهيال الأ تربة الناتج عن مفعول الرياح ،ووقايتها من الرمال التي تغمرها .
- خامسا : لأجل التحفظ على الصحة العامة ووقاية من تراكم الرمال
- سادسا : لإبقاء التوازن الاقتصادي والاجتماعي الخاص بالسكان ).
وتوضيحا للفصل 25 وكونه يعني الملاك الخواص للغابات أضاف المشرع بمقتضى ظهير 30 نونبر 1951 فصلا آخر لمقتضيات ظهير10 أكتوبر 1917 تحت رقم / الفصل 25 المكرر الذي أورد عبارة ذات دلالة قانونية مهمة هي :( رب الغابات ) أي مالكها من الخواص .
وهكذا نص الفصل 25 المكرر على مايلي :
( وفي الأحوال المنصوص عليها في الفصل السابق يجوز أن يتوقف المقرر في شأن عدم التعرض لأعمال إزالة الأشجار قصد إحياء الأراضي على ما يتكفل به رب الغابات من القيام في الأراضي الواقع إحياؤها بالأشغال الخاصة بوقاية الأرض وتجديدها ).
(أما نوع الأشغال المذكورة وحالتها وأهميتها وكذا الأجل المضروب لإنجازها فتحدد بموجب ذلك المقرر، الصادر في عدم التعرض ).
(وإذا لم يقم رب الملك بتلك الأشغال فيشرع فيها طبق الكيفيات المقررة في الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 27 بعده، اللهم إلا إذا صرح من يهمه الأمر قبل الشروع في إزالة الأشجار قصد إحياء الأراضي المتحدث عنها ، بأنه يتخلى عن هذا الإحياء ، وذلك بواسطة كتاب مضمون الوصول يوجهه إلى المحافظ على المياه و الغابات ، الذي له النظر في الأمر).
( و يحوز أن يعين أيضا في مقرر عدم التعرض لازالة الأشجار بعض الشروط ، التي من شأنها أن تخفف أو تزيل ما ينشأ عن الإزالة المذكورة من النتائج الضارة ).
(كما يجوز ان يمنع بموجب ذلك المقرر قلع بعض أصناف الأشجار أو يؤمر بإبقاء بعض كميات منها ، وكل من خالف الشروط المبينة في المقرر المذكور تجري عليه العقوبات المقررة في الفصل 27 بعده . ..).
وفي نفس السياق جاء ظهير 30 نونبر1951 بتعديل للفصل 27 من ظهير10 أكتوبر 1917 حيث نصت الفقرة الرابعة منه على مايلي :
(إذا قام شخص ءاخر غير رب الملك بإزالة الأشجار قصد إحياء الأراضي دون أن يقدم التصريح المقرر في الفصل 24 أعلاه فتجري عليه العقوبات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذا الفصل . ويمكن أن يكون رب الأرض مسئوولا من الوجهة الجنائية عن الجريمة ، اللهم إلا إذا أخبر بذلك إدارة المياه والغابات قبل أن تثبت بنفسها وجود الجريمة ).
ضرورة تفعيل المنطق التشاركي بين الدولة والمواطنين
في استغلال الملك الغابوي :
لتأكيد إمكانية إعمال منطق التشارك والتعاون بين الدولة ممثلة بمصالح المياه والغابات وبين الأشخاص العاديين أو غيرهم من مالكي الغابات جاء ظهير 30 نونبر 1951 بتعديل آخر للفصل28 من ظهير10 أكتوبر 1917 الذي كان قد عدل سابقا ب: ظهير30 أبريل 1949 وقد جاء في الفقرة الأخيرة منه مايلي :
( غير أن الغابات التي هي من الأنواع المنصوص عليها في المقطعات الأولى والثانية والثالثة من هذا الفصل تبقى جارية عليها مقتضيات الفصل 24 ،إذا وقع غرسها بإعانة أموال الغابات المغربية عملا بما جاء في ظهيرنا الشريف الصادر في 18 قعدة 1368 الموافق 12 شتنبر 1949 بشأن وضع ضريبة على السعر الأصلي المرتب على تسليم المواد المستخرجة من الغابات الجاري عليها حكم النظام المقرر بمقتضى الظهير الشريف الصادر في 20 حجة 1335 الموافق ل 10 أكتوبر 1917،ومن منابت الحلفاء، وفي إنشاء رأس مال خاص بالغابات في المغرب ).
الرصيد المالي للدولة وشراكات الاستغلال:
وهكذا يتضح أنه حسب حسب الفقرة الأخيرة من الفصل 28 حسب تعديل ظهير 30 نونبر 1951 فإن الدولة يمكن أن تكون رصيدا ماليا لها ، من خلال إبرام شراكات استغلال مع ملاك الغابات الخواص من خلال ماتقدمه من دعم مادي أو خدماتي لفائدتهم ، وذلك دون حاجة لتجعل ملكية العقار في ذمتها ، وتثقل المالية العمومية بتحملاته وحدها وأخطر من ذلك بشكل قد يحبط العزائم ، ويطبت الهمم في العناية بالأرض والإرتباط بها من طرف أصحابها ، الذين يصعب عليهم نفسيا العمل باطمئنان في أرض لا يحسون أنها أرضهم وملكهم ، يمكن أن يستغلوها ويستثمرون فيها باطمئنان وقابلة لأن تورث عنهم كجزء من ذمتهم المالية .
و من قيود وضوابط إستغلال الأشخاص لأملاكهم الغابوية وبشكل احترازي واحتياطي خصوصا فيما يتعلق بإيقاد النار في مجالها أوقربها بشكل يهددها بالحريق وأساسا خلال المدة المتراوحة بين فاتح يوليوز إلى متم أكتوبر من كل سنة ، ورد في الفقرة الثانية من الفصل 46 من ظهير 10 أكتوبر 1917 ،مايلي :
( ومن فاتح يوليو إلى متم أكتوبر يعم المنع المذكور الغابات التي لأربابها ، ويشمل سائر الصناعات التي تستعمل فيها النار ، كصنع الفحم واستخراج القطران والزفت وغير ذلك ) .
جزاءات زجرية لإقامة معامل أو بنايات:
وهنا يلاحظ إن المشرع استعمال عبارات لها دلالتها القانونبة من قبيل: (غابة مخزنية) بإضافة كلمة (مخزنية ) حيث أقر المشرع جزاءات زجرية لحماية الملك الغابوي الخاص للدولة بالنص في الفصل 52 من ظهير 10 أكتوبر 1917 على مايلي : ( لا يسوغ لأحد أن يحدث في داخل غابة مخزنية أو في أقل من خمسمائة متر حولها معملا من شأن استعمال النار ووضع مواد سريعة الاشتغال إلا بإذن من إدارة المياه والغابات في ذلك ومن لم يراع مقتضى هذا الفصل يعاقب بذعيرة ....... وتهدم البناءات التي بناها في أمد ثلاثة أشهر بعد صدور الحكم بذلك ويقع الهدم على يد الإدارة أن اقتضاه الحال والصوائر على نفقة المحكوم عليه ) .
وهذه الصيغة تم تأكيدها بمقتضى ظهير 30 نونبر 1951 المعدل للفصل 53 من ظهير 10 أكتوبر 1917 الذي نص على مايلي : ( لا يسوغ لأحد أن ينصب أية خيمة أو يشيد أي بناء بداخل غابات دولتنا الشريفة ، وعلى بعد أقل من مائة متر حولها ، ما عدا فيما يخص مجموع الغابات الموجودة الآن وذلك إذا كان البناء المشار إليه أعلاه أو سقفه من المواد القابلة للإتهاب ، ومن خالف ذلك يعاقب بذعيرة ...... ، ويهدم له ما بناه أو نصبه في خلال الشهر الموالي لصدور الحكم في ذلك .......). يتبع.
هوامش:
-1) ظهير 21 نونبر 1951 منشور بالجريدة الرسمية عدد 2043 بتاريخ 21دجنبر 1951 الصفحة 40881
-2) ظهير 30 نونبر 1951 منشور بالجريدة الرسمية عدد 2045 بتاريخ 04 يناير 1952 الصفحة 5-7 . ينص الفصل الأول منه على مايلي :
( إن الفقرة الثالثة من الفصل 14 والفصلين 25 و28 والفقرة الثالثة من الفصل 36 والفصل 53 والفقرة الثالثة من الفصل 57 والفصل 83 من الظهير الشريف المشار إليه أعلاه ، الصادر في 20 ذي الحجة 1335 الموافق 10 أكتوبر 1917 تغير كما يأتي)..... :
-3) منشور01/02/2005 الجريدة الرسمية عدد 5292-8 بتاريخ 17 فبراير 2005 الصفحة .612/615 .
-4) إنهيال التربية : يعني مصطلح عليه ب « إنهيار وانجراف التربة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.