سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تحت إشراف رئيس الحكومة المندوب السامي للمياه والغابات يحيي قوانين استعمارية للمارشال ليوطي لانتزاع أراضي القبائل وتعطيل قدراتها *تجاهل اختصاصات عدة قطاعات وزارية معنية كوزارات المالية والداخلية والفلاحة
*هل يتخلى الولاة والعمال على اختصاصاتهم للمندوب السامي للمياه والغابات ويتحملون مسؤوليات تجاوزاته؟ *استهداف مجموعات قبائل لتحويل أعضائها من مالكي الأراضي إلى مجرد منتفعين تحت قيود الحراس الغابويين تغييب مقتضيات قانونية: نشر بالجريدة الرسمية عدد 6282 بتاريخ 14/08/2014، 14 مرسوما بتوقيع رئيس الحكومة -عبد الإله ابن كيران - دون توقيع بالعطف من طرف أي عضو في الحكومة، حيث تضمنت هذه المراسيم قرارات بالاستجابة لطلبات للمندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر، والتي تعتبر فيها هذا الأخير مساحات شاسعة من الأراضي ملكا من أملاك الدولة "الغابوية"، وذلك مع التأكيد على اعتبار القبائل وأعضائها المتواجدين في هذه المناطق مجرد منتفعين، ضدا على مقتضيات كل من ظهير 06/02/1963 المعدل لظهير 27/04/1919 المتعلق بتنظيم الوصاية الإدارية على أملاك جماعات القبائل والجماعات السلالية، وكذا ظهير 18/02/1924 المنظم للمساطر والإجراءات الخاصة بتحديد الأراضي المشتركة بين القبائل . وقد تضمنت هذه المراسيم - 14 مرسوما - قرارات لرئيس الحكومة بالشروع ابتداء من تاريخ 27/10/2014 في عمليات تحديد مساحة إجمالية تفوق 84551 هكتار لتصنيفها بصفة نهائية ضمن أملاك الدولة "الغابوية"، حيث أسند تنفيذ ذلك للمندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر ضدا على مقتضيات الفصل 90 من الدستور، ورغم أن المسند له تنفيذ المرسوم ليس عضوا في الحكومة وليست له السلطة الآمرة على أعضاء الحكومة المعنيين بالمشاركة أو الإشراف على عمليات التحديد الإداري والسهر على تطبيق الإجراءات والضمانات الخاصة الواردة في مقتضيات ظهير 03/01/1916 المتعلق بتأسيس تنظيمات خصوصية لتحديد الأملاك المخزنية "، و لاسيما الفصول: الثاني والرابع والخامس منه، وهي الفصول التي يجب أن يستحضر لتفعيلها اختصاصات وزير الداخلية، وكذا اختصاصات وصلاحيات الولاة وعمال الأقاليم الذين يملكون السلطة على القياد والشيوخ وأعوان السلطة المعنيين بتنفيذ مضمون تلك المراسيم، ومع ذلك لم يسند لهم المرسوم الذي يعني دوائر نفوذهم تنفيذ مضامينه عن طريق وزير الداخلية، الذي لم يوقع بالعطف على المرسوم، وهو أمر يستوجب التساؤل قانونيا عن الغطاء القانوني لتنفيذ العمليات والإجراءات المسندة قانونيا وواقعيا لموظفي وأعوان وزارة الداخلية، والحال أن ذلك قد تترتب عنه مسؤوليات المساس بحقوق الملكية الجماعية أو الفردية أو بغيرها من الحقوق العينية أو الشخصية المضمونة بمقتضى الدستور "الفصلان 21 و 35"، وكذا قانون مدونة الحقوق العينية رقم 39/2008 (22 /11/ 2011) . حول الاختصاصات: كما تم تأسيس وتأطير المراسيم موضوع المناقشة كذلك على مقتضيات المرسوم رقم 2.12.73 (26/01/2012)، واعتباره هو المنظم لاختصاصات المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر، والحال أن هذا المرسوم لا يتضمن اختصاصاته، وإنما تم حصر اختصاصاته بمقتضى المرسوم رقم 2.04.503 (01/02/ 2005)، علما من جهة أن هذا المرسوم لم يرد به بدوره ما يخول الاختصاص للمندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر لطلب استصدار مرسوم لتحديد أملاك غابوية لفائدة الدولة، ومن جهة أخرى أن هذا الاختصاص مسند قانونا لعدة قطاعات وزارية بمقتضى تشريعات خاصة، حسب نوع العقار وطبيعته، وسنحاول التفصيل في توضيح هذه المسألة فيما بعد. خروقات كثيرة في مراسيم رئيس الحكومة بخصوص التحديد الإدارية لأملاك الدولة "الغابوية": نرى أن المراسيم الموقعة من طرف رئيس الحكومة موضوع المناقشة تستوجب عدة دراسات مدققة ومتأنية من جوانب متعددة من طرف ذوي الاختصاص "قانونية، مؤسساتية، اجتماعية، تنموية، اقتصادية، وسياسية...". وسنحاول تركيز دراستنا لهذه المراسيم على بعض الجوانب لإبراز ما اتضح لنا فيها من اختلالات وخروقات لنصوص تشريعية مازال العمل جاريا بها، بدءا من مقتضيات الدستور، ثم إثارة الانتباه لمحطات تشريعية أساسية أو تأسيسية في عهد الدولة المستقلة . وإذ نؤكد بداية أن الأمر يتعلق بترسانة تشريعية متكاملة تستوجب التعامل معها وفق القواعد القانونية الأساسية واستحضار منطق وروح فلسفة التشاركية والحكامة الجيدة والنجاعة من قبل الحل والقعد، وهي المبادئ والقواعد الأساسية التي رسخها دستور يوليوز 2011، فإننا نعتبر أن مراسيم السيد رئيس الحكومة أبعد ما تكون عن ذلك إن لم نقل غير ذلك ...، "ولا تزر وازرة وزر أخرى " . ونورد في الحلقة اليوم جدولا بيانات للمراسيم الأربعة عشر موضوع الدراسة، وكذا نسخة من أحدها كنموذج، ونموذج للطلبات المؤسسة عليها تلك المراسيم، وبعدها نتناول مناقشة الاخلالات الإجرائية الجوهرية التي شابت تلك المراسيم، وذلك في مباحث نعرض فيها لنصوص تشريعية جارية، قد تكون غائبة عن علم القائمين على إعداد المراسيم موضوع المناقشة، وتلك مصيبة، لكن المصيبة أعظم قد تكون هذه النصوص في علمهم ويعطلونها أو يدوسون عليها. المبحث الأول: إحياء الأحكام العسكرية التي فرضها المارشال ليوطي HUBERT Lyautey: كان من بين الآليات الاستراتيجية لفرض السياسة الاستعمارية الفرنسية القيام بفرض ضوابط محددة ومقيدة بمقتضى تشريعات استثنائية تعود في أساسها لفترة الأحكام العسكرية التي فرضها المارشال ليوطي -HUBERT Lyautey - "أبريل 1912 أكتوبر 1925" بتوقيع بن الصدر الأعظم: محمد الجباص ، وضدا على إرادة واختيارات السلطان مولاي يوسف، مدعوما بمختلف القبائل الأمازيغية التي كانت تخوض معارك المقاومة المسلحة ضد السياسات الاستعمارية دفاعا عن الأرض والعرض "نموذج: مقاومة قبائل زايان، بقيادة المقاوم الكبير موحا أوحمو الزياني وبدعم وتنسيق مع قبائل من مختلف مناطق المغرب خلال سنوات 1914 إلى"27/03/1921"، وهو تاريخ استشهاده في معركة إزلاغن ن تزمورت، بمنطقة تاوجضاط "، وهو ما أدى إلى كبح جماح غطرسة القوى الإستعمارية، وتجسيد ذلك في عدة تعديلات تشريعية أو تأسيس أنظمة قانونية أخرى، من قبيل ظهير "12/09/1914" المتعلق ب "إقرار العمل بالقوانين والأعراف الخصوصية للقبائل الأمازيغية"، وظهير21 /11/1916 الخاص بإحداث جماعات لبعض القبائل ، وظهير 27/04/1919، الذي يهم "تنظيم ولاية الدولة على الجماعات الأهلية وضبط تدبير الأملاك المشتركة بينها وتفويتها، فضلا عن ظهير 04/03/1925 المتعلق ب "وقاية غابات شجر أركان وتحديدها "، وغيرها كثير.... ومعلوم أنه في عهد السلطان محمد بن يوسف [ الملك محمد الخامس ] وتتويجا للمواجهات القوية التي كانت قائمة بينه مدعوما بمختلف القبائل الأمازيغية - من جهة، وبين المقيم العام لفرنسا الجنرال شارل نوكيس Charles Noguès "شتنبر 1936/ يونيو 1943" من جهة أخرى صدر ظهير 13/07/1938 في شأن ضبط الشؤون العقارية ببعض القبائل، وهو الظهير الذي ورد في ديباجته وبيان أسبابه ما يلي : " لقد استلفت نظرنا الشريف إلى الحالة الحرجة لبعض قبائل أيالتنا الشريفة، من جراء نزع الأراضي من يد رعايانا نزعا تدريجيا نتج بالخصوص من عدم تبصرهم وسوء الأحوال الاقتصادية في الوقت الحاضر. وعليه فقد اقتضى نظرنا الشريف اتخاذ تدابير استثنائية ومؤقتة لحفظ القبائل المذكورة ووقايتها مما ذكر أعلاه، فهذا هو المقصود من ظهيرنا الشريف هذا ". وقد كان من بين آثار تطبيق هذا الظهير إلغاء عمليات للتحديد الإداري وحتى التحفيظ العقاري المؤسسة على مقتضيات ظهير 03/01/1916، وهو موضوع يستحق بدوره تدقيق دراسته أمام قيام المندوب السامي للمياه والغابات باتفاق وتعاون مع المحافظ العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية باستعمال وثائق إجراءات منسوخة من أجل تحفيظ أملاك مواطنين في اسم الدولة "الملك الخاص".