أكد محمد سعد حصار كاتب الدولة لدى وزير الداخلية، بعد زوال يوم الثلاثاء الماضي بباريس، أن الهجرة لم تعد موضوع خلاف بين الشركاء، ولكن أضحت تحديا مشتركا يستدعي تدبيرا شموليا ومندمجا، يحظى خلاله مكون التنمية بالأولوية. وأكد حصار في كلمة أمام المؤتمر الثاني حول الهجرة والتنمية، أن لقاء باريس يقوم على «روح الرباط»، التي رسخت قيم التضامن بين بلدان الأصل والعبور والاستقبال، وذلك عن طريق تشديد المراقبة على شبكات التهريب، وكذا من خلال تشجيع تدفقات المهاجرين القانونية، والتنمية والتنمية المشتركة. وسلط ، في هذا السياق ، الضوء على الإستراتيجية المغربية في مجال تدبير الهجرة، كما تطرق إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كنموذج متجدد لمكافحة التهميش والإقصاء الاجتماعي، وكذا الجهود المبذولة للمحافظة على مصالح المغاربة المقيمين بالخارج. يذكر أن المؤتمر الأول الأورو-إفريقي حول الهجرة والتنمية الذي احتضنته بالرباط يومي10 و11 يوليوز2006 ، يعتبر بمثابة مرحلة مؤسسة لهذا الحوار الأورو-إفريقي حول الهجرة، الذي يندرج في إطار مقاربة شمولية متوازنة وواقعية وعملية، تحترم الحقوق الأساسية وكرامة المهاجرين واللاجئين. وشارك المغرب في هذا الاجتماع بوفد هام يقوده وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد الطيب الفاسي الفهري، ويضم بالإضافة إلى السيد محمد سعد حصار، الكاتب العام لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون السيد يوسف العمراني، والعامل مدير الهجرة ومراقبة الحدود السيد خالد الزروالي، والعامل مدير التعاون الدولي السيد رشيد الركيبي. وأكد بريس هورتفو وزير الهجرة الفرنسي ، في ندوة صحافية مشتركة مع أعضاء لجنة الإشراف على هذا المؤتمر، أن المؤتمر الأورو-إفريقي الأول بالرباط قد شكل بالفعل «القاعدة» التي أسس عليها عليها «نجاح اجتماع باريس مضمونا وشكلا». ورسخ المؤتمر الأوروإفريقي الثاني حول الهجرة والتنمية، الذي اختتمت أشغاله مساء الثلاثاء الماضي بباريس، مسلسل الرباط الذي أرسى، في يوليوز2006 ، أسس شراكة وثيقة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا، انطلاقا من مقاربة شمولية ومتوازنة وعملية ما بين الدول المعنية بمسار الهجرة بغرب-إفريقيا. وأضاف المسؤول الفرنسي، الذي أشاد مسبقا ب»الانخراط القوي» للمغرب لضمان نجاح الدورة الثانية لهذا المؤتمر، «لقد اتفقنا بسهولة على إعلان-برنامج للتعاون في السنوات الثلاث المقبلة2009 -2011 بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا مع الرغبة تحقيق ما هو ملموس، وذلك مواصلة لما بدأناه في الرباط». وجاء في الإعلان الختامي أن المؤتمر «المؤسس» الذي احتضنته الرباط استجاب للوضع العاجل على طول مسار الهجرة الغرب-إفريقية، من خلال إرساء شراكة بين البلدان الأصلية وبلدان العبور وبلدان الاستقبال كجواب لتحديات الهجرة بين إفريقيا وأوروبا. وأبرز هورتفو بخصوص الأجواء التي سادت المؤتمر الاورو- إفريقي الثاني، «التوافق التام» الذي ميز هذا اللقاء رغم التنوع الترابي، مؤكدا أنه تم التركيز على التقدم الذي تم إحرازه والآفاق المستقبلية، مع إرادة معلنة للانتقال «من الخلاف إلى رغبة في رفع التحدي». من جتهه، أشاد الطيب الفاسي الفهري وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي في كلمة، بفرنسا التي وفت، خلال فترة رئاستها للاتحاد، «بما التزمت به قبل سنتين بخصوص اجتماعنا على مستوى وزاري، مما منح لقاء باريس رؤية واضحة». وأضاف أن كل الدول المعنية قد شاركت في الأشغال التحضيرية للمؤتمر الثاني، سواء تعلق الأمر بالشق المرتبط بتعزيز الهجرة القانونية أو محاربة الهجرة السرية أو الإسهام في تنمية حقيقية للبلدان الإفريقية. وذكر الفاسي الفهري ، الذي ترأس الوفد المغربي المشارك في هذا الملتقى، بأن أكبر تدفق للهجرة هو قبل كل شيء من إفريقيا نحو إفريقيا، مبرزا أهمية إدماج هذا المعطى وتشجيع هذه التدفقات خدمة للمصلحة الإقليمية. وأكد أنه تم الخروج من مؤتمر باريس «باقتراحات ملموسة» من أجل عقد هذه اللقاءات بالتناوب»، مشيدا باحتضان السينغال للمؤتمر الأورو-إفريقي الثالث للوقوف على حصيلة ما تم الاتفاق عليه في باريس. وقال الوزير المغربي إنه توجد اليوم قواعد عمل مدعمة بإجراءات ملموسة، في إطار روح من المسؤولية المشتركة والعمل التشاوري من أجل الاشتغال على ثلاثة محاور تتمثل في تعزيز التدفقات القانونية والتنمية ومحاربة الهجرة السرية. وصادق المشاركون في مؤتمر باريس بهذه المناسبة على برنامج تعاون والذي سيشكل مرحلة جديدة تهدف إلى توضيح محاور التدخل وتحديد الإجراءات التي يمكن تطبيقها على أرض الواقع خلال الثلاث سنوات المقبلة. ويرتكز برنامج التعاون على مخطط عملي يعتمد المحاور الرئيسية لمخطط الرباط حيث يدمج الجوانب المتعلقة بأبعاد الهجرة بين الدول. وحسب البيان الختامي فإن تفعيل هذا المخطط يتطلب إلماما جيدا بتدفقات الهجرة في كل مكوناتها وأخذ ظاهرة تأنيث الهجرة بعين الاعتبار. كما التزم المشاركون بتفعيل عدد من المبادرات بشكل تطوعي، أخذا بعين الاعتبار خصوصية حالات الهجرة والألويات التي تفرضها. من جهة أخرى، أوصى المشاركون بتقييم حاجيات الدول المستقبلة والدول الأصلية بهدف وضع سياسات محددة للهجرة، تهدف إلى مساعدة الدول المستقبلة على تقديم فرص عمل لفائدة المهاجرين، وتمكين الدول الأصلية من تهييئ عمال مؤهلين مرشحين للهجرة. وفي ما يتعلق بمحاربة الهجرة السرية، أوضح البيان الختامي أن هذه العملية يجب أن تتم في إطار احترام الحقوق الأساسية وكرامة الأشخاص ومبادئ الحق الدولي والمعاهدات الدولية. وأكد البيان الختامي أن محاربة الهجرة السرية يجب أن تحترم بشكل تام وضع اللاجئين والضمانات المرتبطة بوضع طالبي اللجوء. وأكد المشاركون في هذا المؤتمر أن على دول الاستقبال والعبور ودول الأصل عدم ترك المهاجرين في وضع غير قانوني ومحاربة تزييف الوثائق وتهريب المهاجرين. وفي محور آخر، أكد المشاركون في مؤتمر باريس أن تعزيز التعاون في مجال الهجرة والتنمية سيمكن من النهوض بسياسات التشغيل وتدبير الهجرة، إضافة إلى انخراط أكثر للجاليات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دولهم الأصلية. ودعوا في هذا الصدد إلى تشجيع النمو وتوفير مناصب الشغل المدرة للدخل في الدول والمناطق الأصلية للهجرة واتخاذ الإجراءات المنسجمة مع أهداف الألفية للتنمية.